بلغ الجدل حول التعديلات الدستورية في مصر ذروته، أمس، بعدما اقر البرلمان التعديلات «من حيث المبدأ»، تمهيداً لإقرارها غداً بصورة نهائية. وقاطع المناقشات نواب المعارضة الذين يشكلون نحو ربع البرلمان. وارتدوا أوشحة سوداء مكتوب عليها «لا للانقلاب الدستوري، في مقابل نواب الحزب الحاكم الذين رفعوا شعارات مثل: «التعديلات الدستورية تؤيدها الغالبية». وتتضمن التعديلات استحداث قانون لمكافحة الإرهاب يعطي الأجهزة الأمنية صلاحيات أوسع، إضافة إلى تعديل صيغة الإشراف القضائي على الانتخابات وحظر أي نشاط سياسي على أساس ديني. واعتبرت المعارضة أن التعديلات «تفتح الطريق أمام الدولة البوليسية وتلغي ضمانات أساسية للحريات ونزاهة الانتخابات». وأعلن النواب المستقلون ونواب «الإخوان المسلمين» أمس مقاطعة الجلسات والاعتصام داخل مقر المجلس. ودعا الناطق باسم كتلة «الإخوان» الدكتور حمدي حسن، الشعب المصري إلى مقاطعة الاستفتاء على هذه التعديلات التي اعتبرها وزملاؤه بمثابة إعلان وفاة الحريات الشخصية والانتخابات الحرة. وقال في مؤتمر صحافي أمس إن «نحو 102 نائب قرروا مقاطعة الجلسات التي تناقش تلك التعديلات، احتجاجاً على عدم إدراج التعديلات التي تقدموا بها للمجلس أو الأخذ بها». وفي بداية الجلسة، أكد رئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور أن «التعديلات الدستورية تمثل لحظة تاريخية في تاريخ مصر وتحولاً مهماً في تاريخ النظام الدستوري، وتستهدف تعميق الممارسة الديموقراطية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية ودعم دور الأحزاب في الحياة العامة والعمل من أجل تغيير شكل الحياة السياسية». لكن النائب المستقل الدكتور جمال زهران رد على سرور، معتبراً أن «التعديلات ردة عن التطور الديموقراطي وخطوات للخلف وليست للأمام». وأعلن رئيس كتلة «الإخوان» الدكتور سعد الكتاتني أن كتلته قررت مقاطعة الجلسات «لإبراء ذمتنا وغسل أيدينا من هذه التعديلات التي يتحمل وزرها حزب الغالبية كما يتحمل المسؤولية أمام الشعب». وعلق سرور على إعلان «الإخوان» والمستقلين مقاطعة الجلسات، قائلاً: «من يريد الخروج من القاعة، فليتفضل». فخرج جميع نواب «الإخوان» وزملاؤهم المستقلون، عدا مصطفى بكري والرفاعي حمادة وكمال أحمد ومحمد أنور السادات، فيما بقي رئيس حزب «الوفد» محمود أباظة ونائبا الحزب صلاح الصايغ وطارق سباق ونائب حزب «التجمع» عبدالعزيز شعبان. وردد النواب خلال خروجهم: «باطل... باطل». وشن ممثل نواب الحزب «الوطني الديموقراطي» الحاكم الدكتور عبدالأحد جمال الدين هجوماً شديداً على النواب المنسحبين من الجلسة. إلى ذلك، أصدر نحو 80 من المثقفين والشعراء والكتاب بياناً أعلنوا فيه رفضهم التعديلات الدستورية بصيغتها المطروحة، وطالبوا ب «إطلاق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف واستقلال السلطة القضائية وإلغاء حال الطوارئ والإبقاء على الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات وفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لكل المصريين».