نقل وزير الدفاع الإيطالي إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    بعد قراره المفاجئ.. كروس يتلقى رسالة من رونالدو    وزير الخارجية يلتقي السفير الامريكي ويبحث معه العلاقات الثنائية وبرامج التعاون    رئيس الجمهورية يجتمع بوزير الشؤون الاجتماعية للنظر في مواضيع تهم الشان الاجتماعي في البلاد    تطاوين: ارتفاع عدد الاضاحي مقابل ارتفاع في اسعارها بسبب غلاء العلف    مؤسستا البريد التونسي والموريتاني توقعان اتفاقية لتطوير التعاون في مجال الخدمات البريدية والمالية والرقمية    بلعاتي يؤكد في بالي أهمية تعزيز التعاون ونقل التكنولوجيا حول تداعيات تغير المناخ    بنعروس: حجز كمّية من المواد الأولية المخزّنة بطريقة عشوائية    السفير الصيني بتونس.. "العلاقات بين البلدين تبشر بمستقبل واعد"    مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل ورفاقه في مدينة تبريز    سوريا: تشخيص إصابة أسماء زوجة بشار الأسد بسرطان الدم    فرنسا تدعم سعي الجنائية الدولية والمانيا ترحب..و"النواب الأمريكي" يهدد    سارة الزعفراني الزنزري: نحو ربط مطاريْ تونس قرطاج والنفيضة بخط حديدي    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة 1 (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي يوم الاحد 2 جوان القادم    الترجي يدعو جماهيره لاحترام القوانين الجاري بها العمل في مصر    كيف سيكون طقس الأربعاء 22 ماي 2024 ؟    حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي داخل منزل بالتضامن    في كمين أمني للفرقة الجهوية للشرطة العدلية بقبلي.. القبض على تاجر مخدرات    المنستير: فقرات ثقافية وتنشيطية وسياحية متنوعة في الدورة الأولى لمهرجان عمر بوزقرو للشركاو    المجمع المهني للصناعة السينمائية يكشف عن خطة عمل ويدعو إلى التعاون من أجل حفظ الذاكرة السينمائية    سوناك يعلن "يوم العار" في بريطانيا بسبب فضيحة فيروس نقص المناعة    عاجل/ هذا ما كشفته ايران عن حادث سقوط طائرة "رئيسي"..    مصر.. مصرع 9 وإصابة 9 آخرين في حادثة سقوط حافلة بنهر النيل    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    أوهمهما بالتأشيرة الأوروبية: السجن لشاب تحيّل على طالبين أجانب    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    تونس: القبض على 3 عناصر تكفيرية مفتش عنهم    اسناد وسام الجمهورية من الصنف الاول الى الحائز على جائزة نوبل للكيمياء منجي الباوندي    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    بضائع مهربة بقيمة 145 الف دينار مخفية في اكياس نفايات!!    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    قابس: الشروع في التنظيف الآلي للشواطئ    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    زيادة مشطة في أسعار الحجز.. الجامعة التونسية لوكلاء الأسفار توضح    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوسط في حوار مع والد القيادي الطلابي والسجين السياسي المهندس عبد الكريم الهاروني

من خلال هذه المصافحة الحوارية تحاول الوسط التونسية كما عاهدت قراءها على ذلك كشف النقاب عن معاناة المساجين السياسيين وعائلاتهم داخل البلاد التونسية ,وكعينة بارزة على هذه المعاناة التي شملت المئات والالاف من العوائل التونسية ,حاورت الوسط والد السجين السياسي البارز المهندس عبد الكريم الهاروني .
حاولنا من خلال نص هذا الحوار مع والد المهندس والقيادي السجين السيد ,تسليط الضوء على مظلمة تتواصل منذ 15 عشر عاما دون أن تعرف طريقها الى الحل أو النهاية ,ولعل ماورد في نص هذا الحوار يشكل مساهمة منا في توجيه صرخة عادلة الى أصحاب القرار وكل المنظمات الحقوقية التونسية والعربية والعالمية من أجل فك أسر السجين السياسي التونسي وترتيب وضع قانوني وسياسي جديد يتوج باصدار عفو تشريعي عام يعيد الاعتبار لرجال ونساء دفعوا ضريبة الحرية من أجسادهم وأعمارهم ومن كل غال ونفيس من أجل حرية هذا الوطن العزيز.
الحقيقة أنّ ابني كريم الهاروني المولود في 1960.12.17 المهندس الأوّل في ميدان الهندسة المعماريّة و الأمين العامّ السّابق لأكبر منظّمة طلابيّة عرفتها البلاد خلال الثّماننيات وهي الاتّحاد العام التّونسي للطلبة قد تعرّض إلى عمليّات اعتقال ومحاكمات عديدة كانت بداياتها منذ الإعلان عن تأسيس حركة الاتّجاه الإسلامي في السّادس من جوان 1981 ليتكرّر المشهد نفسه في سنة 1987 و 1991
كانت أوّل ليلة قضاها رهن الاعتقال في زنزانة بمنطقة الشّرطة بقرطاج في إحد الّيالي العشر الأواخر
من شهر رمضان المعظّم عند خروجه من جامع الأحمدي بالمرسى الشّاطئ إثر صلاة العشاء و التّراويح حيث كان سيعود إلى المنزل للسّحور ثمّ العودة مجدّدا للمسجد لأداء صلاة الفجر في عهد الرئيس السّابق الحبيب بورقيبة
وفي سنة 1986-1987 قام وزير التّعليم العالي و البحث العلمي عبد العزيز بن ضياء بمشروع تغيير لمناهج التّعليم العالي قابله الاتّحاد العامّ التّونسي للطّلبة بالرّفض نظرا لعدم تماشيه مع أهداف وطموحات الطالب التّونسي ليطوّق الحرم الجامعي على إثرذلك الرّفض ويتمّ اقتحامه و التّمركز بداخله ممّا ساهم في اندلاع مواجهات داميّة بين الجماهير الطّلابيّة والبوليس التّونسي ، أسفرت عن سقوط عدد من الشّهداء أمام الإستعمال المفرط من طرف البوليس للرّصاص الحيّ واعتقال العديد من الطلبة وتعرّضهم للضّرب والتّعذيب لتليها محاكمة ابني كريم مع قيادي و أعضاء حركة النّهضة من قبل محكمة أمن الدّولة الّتي أصدرت في حقّه - بعد اعتراض قام به بتاريخ 27 سبتمبر 1987 حكما بالسّجن 5 سنوات مع 10 سنوات مراقبة اداريّة.
وقع إطلاق سراحه و بقيّة إخوانه في 06 نوفمبر 1988 بموجب عفو عامّ أصدره الرّئيس زين العابدين بن علي مع إلغاء لمحكمة أمن الدّولة ، لتتمّ محاكمته مجدّدا من طرف المحكمة الابتدائيّة ببن عروس بالضّاحية الجنوبيّة للبلاد ب 9 أشهر سجنا كحكم أوّلي وقع التخفيض فيه من طرف محكمة الاستئناف ليصبح 6 أشهرسجنا نافذة قضاها السيّد عبد الكريم الهاروني في السّجن لتتمّ مقاضاته غيابيّا بعد انقضاء هذه العقوبة من طرف المحكمة الابتدائيّة بمدنين في الجنوب التّونسي لمدّة سنتين سجنا ضمن القضيّة المسجّلة بتاريخ 18 جويلية 1991
و على اثر الانتحابات الّتي أقيمت في 2 أفريل 1989 الّتي شاركت فيها حركة النّهضة وفازت بنسبة قويّة فكّر النّظام و كان ردّه قاسيا جدّا بأن يعزل هذه الحركة محاولا القضاء عليها و اقصائها من السّاحة السّياسيّة و بدأت الحكومة في شنّ حملة كبيرة على هذه الحركة و مهّدت لذلك بأن تبثّ صورة الأخ عبد الكريم و كلّ القياديّين و هي صور أخذت لهم و هم في حالة ايقاف سابقة في التّلفزة و هو انتهاك صريح لمعاهدة جينيف و في كلّ مكان من الأماكن العامّة و غيرها. جنّدت السّلطة و سائل اعلامها كافة لتشويه صورة هؤلاء الرّجال على أساس أنّهم مطلوبون و قد وعدت الحكومة من يدلي بمعلومات حول مكان ابني عبد الكريم بمكافأة قدّرتها بال 10 ملايين أو أكثر اضافة الى الامتيازات الأخرى و كانت فرق الأمن تتردّد على منزلنا و خاصّة في الّليل في ساعات متأخّرة جدّا و لم تعلم عائلته بايقافه الا بعد مدّة من الزّمن. و قع اعتقال ابني عبد الكريم يوم 30 أكتوبر 1991 و مثل بعد 18 يوما امام قاضي التّحقيق و مثل في أوت 1992 و ساير قياديّ و أعضاء حركة النّهضة أمام المحكمة العسكريّة ببوشوشة و أصدرت في حقّه حكما بالسّجن المؤبّد عاى تهم سياسيّة بحتة : الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدّولة و الانتماء الى جمعيّة غير مرخّص فيها و المقصود بها حركة النّهضة و أحكاما أخرى قاسية أيضا في حقّ الاخوة الآخرين مع تفاوت قليل و قد شهدت منظّمات محلّية و دوليّة الى جانب نخبة من خيرة رجال القانون في البلاد و كذلك رجال الاعلام المحلّيّين و الأجانب شهدت جميعها بعدم استجابة هذه المحاكمة لمعايير المحكمة العادلة و سجّل التّاريخ ذلك.
و عندها ازدادت معاناة ابني عبد الكريم في السّجون التّونسيّة شمالا و جنوبا شرقا و غربا.
لم يحدث لابني عبد الكريم أن و قع اعتقاله و هو موجود في المنزل كان دائما يؤخذ من الشّارع و هو الى هذا اليوم ر هينة لدى السّلطات التّونسيّة
انّه رجل متفوّق في دراسته و ناجح في حياته و علاقاته طيّبة جدّا مع النّاس يحضى باحترام الكبير و الصّغير، بارّ بوالديه، قريب جدّا من قلوب و عقول اخوته و عائلته و أصدقائه و كلّ من عرفه من فريب أو من بعيد في كلّ مرحلة من مراحل حياته
رجل مميّز ببلاغته له تأثير كبير على من يستمع اليه من جماهير طلّابيّة و غيرها ، ذو شخصيّة قويّة ' صاحب مبدأ، يؤثر الآخرين بكلّ مايملك، تشعر معه بالصّحبة الصّادقة و الاطمئنان الخالص بسبب اخلاصه و أمانته لا يفرّط في حقّه أبدا و لا في حقّ اخوانه الآخرين، يدافع عن الحقّ و أصحابه يساند بقوّة القضايا البشريّة العادلة، كلّما يصله نبأ شخص قريب منه او يسمع عنه قد توفّى الا و يدعو له و يقوم بختمة القرآن الكريم
و يهديها اليه او اليها من غرفته في السّجن ، عطوف، صريح'يفي بالوعد، يقول ما يفعل يساعد و يساند اخوته في السّجن بكلّ ما أوتي من قوّة، يكره الظّلم مهما كان مصدره، له مواقف وطنيّة وفيّة، يشغل وقته بأعمال مفيدة و كثيرة، شغوف بالعلم و أهله حتّى أنّه قام بتسجيل في جامعة العلوم بتونس لمواصلة الدّراسات العليا للحصول على الدّكتوراه في العلوم و هو مهندس أوّل في ميدان الهندسة المعماريّة الا أنّ اعتقاله منعه من ذلك رغم اصراره على ذلك من داخل السّجون ، منظّم ، صبور صحبته مؤنسة و مفيدة رجل نقابي و سياسي بامتياز، دائم النشغال بأحوال البلاد و العباد و الأمّة الاسلاميّة و القضايا الدّوليّة، يحضى باحترام و تقدير الجميع مهما كانت انتماءاتهم السّياسيّة لأنّه يتحاور مع الآخرين و يحترم الرّأي المخالف لا يقصي أحدا لا يغدر ، لا يخون الأمانة و ، يعترف بالجميل ، متواضع،متخلّق، مبتسم ، و منوّر الوجه-تبارك الله و ما شاء الله- يعالج المصاعب و المحن بحكمة و قوّة ايمان و تبصّر و تروّي، ليس متهوّرا، ، يجيد لعبة الشّطرنج و رياضي في كرة القدم سابقا مع منتخب المستقبل الرّياضي بالمرسى و يلعب رياضة كرة الطّائرة ... و من هواياته أيضا الّّصيد
مازاده السّجن الا إصرارا على المبادئ ولم يقبل أن يبيع نفسه و مبادئه بالرّغم من المغريات التي كانت
تطرح عليه ليواصل مسيرته النّضاليّة المحترمة بصبر وثبات
*و رسائل السيّد عبد الكريم خير دليل على ذلك
عطاؤه تجاه الآخرين لا حدود له، كثير الإنشغال بهموم الآخرين ، كان و ما يزال ثابتا على مبادئه وهو يقول :" أنا ضميري مرتاح
يناضل من أجل "أن يعيش حرّا في بلد حرّ و في شعب حرّ" و مازادته محنة السّجن إلا ثباتا و إصرارا على المبدأ رغم ثقل المعاناة الّتي دامت أكثر من ربع قرن و ماتزال
لا يحقد وهو يقول من سجنه : "لا أحقد لأنّ الحقد يعمي و يولّد حقدا أكبر منه و لكنّي لا و لن أفرّط في حقّي "
يدعو من سجنه:"إلى أن تعيش تونس تجربة فكريّة و سياسيّة تعدّديّة حقيقية متطوّرة لا إقصاء فيها و لا استبداد ، يتمتّع الإسلاميّون فيها بحقّ المشاركة في الحياة السيّاسيّة و خدمة البلاد ضمن مناخ متعدّد تحترم فيه قيم العدالة والحريّة وتسود فيه دولة القانون و المؤسسات في إطار تنافس نزيه و تداول سلمي على السّلطة بلا احتكار و لا حكم مدى الحياة
كما يؤكّد على الخروج من السّجن على أسس صحيحة و ألا يقع إرجاعه إليه مرّة أخرى وتحت أيّ مسمّى مع تمكينه من حقوقه كاملة ضمن عفو تشريعيّ عام يضمن حريّة الرّأي وإنهاء المضايقات
كما يؤكّد على العمل على إطلاق سراح كلّ المساجين السّياسيّين وخاصّة الّذين يشكون من أمراض خطيرة تهدّد حياتهم و هو يساندهم بقوّة و يطالب بالإفراج عنهم و توفير العلاج لهم خارج السّجن لأنّ السّجن لا يوفّر العناية اللازمة لهم كما هو الحال بالنسبة للسيّد رضا البوكادي المعتقل معه في السجن نفسه سجن المرناقية والذي يعاني من أمراض خطيرة ألمّت به في السّجون التّونسيّة نتيجة الإهمال ممّا قد يعرّض حياته في أيّ لحظة للخطر ، كما يؤكّد على العفو التّشريعي العام كمطلب وطني ملحّ
وقد أكّد مرارا أنّ قضيّته هو و اخوانه السجناء السياسيين سياسيّة و لا تحلّ بالطّرق الأمنيّة وبأنّ الحل الامني قد ثبت فشله
كما ان ابني كريم يؤكد على ان ابقاء السلطة له و لاخوانه في السجن اكثر لا يخدم لا مصلحتها كما لا يخدم مصلحة البلاد عموما و اذا ارادت من خلال ذلك الحصول على اي تنازل بانه و اخوانه معه في السجن لن يقدموا اية تنازلات و ان قضيتهم سياسية
و قد رد على الصحفي برهان بسيس على اثر مقاله الذي كتبه في جريدة الصباح بتاريخ 21 فيفري 2007 بان:" المشكل ليس مشكل انسانية
ولا عطف من أحد نحن مساجين سياسيين في قضية سياسية و أنت تعرف الحقيقة و نحن نعرف الحقيقة"
-هل لمست عائلة المهندس الهاروني تفاعلا حقيقيا وجادا من هيئات المجتمع المدني في تونس ودول الجوار مع عدالة مطلبه بالحرية هو وسائر المساجين السياسيين ؟
الحقيقة أنّ عائلتنا لم تلمس ذلك منذ اعتقال ابني المهندس عبد الكريم وخاصّة في العقد الأوّل من اعتقاله و سجنه أمّا في الفترة الأخيرة فقط لاحظت بعض التفاعل الايجابي من بعض هيئات المجتمع المدني في تونس
أمّا عن دول الجوار فليس لدينا علم بذلك لأنّها لم تصلنا معلومات تؤكّد أو تنفي ذلك
-كيف تقيمون تفاعل المجتمع التونسي مع محنة المهندس عبد الكريم الهاروني ومحنة بقية سجناء الرأي ؟
مؤخّرا أصبح ذا وتيرة أقوى حيث أنّ الكثير من التّونسيّين أصبحوا يقاومون الخوف في داخلهم و يعبّرون مباشرة و بصراحة عن مساندتهم لقضية ابني عبد الكريم و بقيّة سجناء الرّأي
ويمكن الحديث في هذا السيّاق عن شرائح متعدّدة في المجتمع التّونسي تتفاوت تفاعلاتها منذ ابتداء اعتقال ابني عبد الكريم :
فهناك شريحة تساند السّلطة ومهي مقصيّة للإخوة جملة وتفصيلا
وهناك شريحة تلهث وراء لقمة العيش و خائفة كانت و لاتزال تبتعد من عائلة الهاروني ،و منها من هوّ من أقرب أصدقاء السيّد الهاروني وحتّى عندما كانوا أحيانا يعترضوا العائلة لا يسألوا عن أحواله و لا حتّى إبلاغه السّلام
و شريحة أخرى مازالت تلازم الصّمت وغير مبالية بما يحدث
وهنالك الكثير ممّن يتعاطفون مع ابني عبد الكريم و ينشغلوا دائما بالسّؤال عنه و عن أحواله موقنين حقّا بعدالة قضيّته و لكنّهم يخافوا التّرجمة عن ذلك
و هناك من الأصدقاء الأوفياء من يعبّرون عن وفائهم لابني عبد الكريم و لبقيّة سجناء الرّأي
و هناك من
لا يقدّمون مساعدة للعائلة ولا يقومون بزيارتها تجنّبا للتتبّعات الأمنية
وكثيرون هم من يدعون له بالفرج و بعودته إلى العائلة و الأحباب في أقرب وقت
أمّا عائلات المساجين السّياسيّين فهي الوحيدة الّتي كانت في وقت ما تجد التّآلف فيما بينها و خصوصا في السّنوات الفارطة
وفي الحقيقة فإنّ الأغلبيّة القصوى من المجتمع التّونسي واثق بعدالة قضيّة ابني عبد الكريم و كلّ سجناء حركة النّهضة ، أمّا تقييم درجات مساندتهم فتختلف من شخص لآخر وقد لوحظ تعاطف العديد منهم مع ابني عند حضوره لجنازة والدتهّ السّيّدة رحمها الله و كم كان
التّعاطف صادقا و الدّعاء له بعودة سريعة لأهله بعد طول المحنة حيث بدت علامات الحسرة كبيرة لكلّ الّذين لم يتمكّنوا من الوصول لرؤيته أو معانقته و تقبيله ممن عايشه في المرسى أو في منطقة الكرم أو الذّين لم يروه منذ 16 سنة باعتبار أنّ زيارته في السّجن غير مسوح بها سوى لوالديه و إخوته و أخواته كما كان التأثّر واضحا على وجوههم حيث اختلط الفرح بالحزن و الإبتسامة بالدّمع و الكلّ يدعو الله بعودة سريعة .
-هل من نداء لديكم لزملاء المهندس عبد الكريم الهاروني داخل تونس وخارجها ؟
أحيي في هذه المناسبة أنا و عائلتي كما نتقدّم بالشّكر و الإمتنان لكلّ من ساند و مايزال من داخل تونس وخارجها لابننا العزيز علينا و ندعوالله أن ييسّر بإطلاق سراحه و جميع المساجين السيّاسيّين وبجمع شملنا بابننا الحبيب عبد الكريم بعد معاناة قاربت عن ربع قرن ونحن ندعو كل الضمائر الحّرة لبذل مزيد من الجهد لوضع حدّ لهذه المظالم وإطلاق سراح كلّ من تبقّى من المساجين السيّاسيّين و مساجين الرّأي في تونس ضمن عفو تشريعيّ عام يعيد الحق الى أصحابه كاملا
و نؤكد أيضا على أنّ ابننا عبد الكريم صديق صادق ووفيّ ثابت على العهد كما عرفتموه قبل السّجن و في السجن و سيبقى ان شاء الله كذلك بعد السجن هو مازال على العهد "لم يبدّل تبديلا" و لا المصالح و لا الأموال ولا الإغراءات و لا التّعذيب و لا السّجون يمكن أن تؤثّر فيه أو تجعله يبيع ضميره يحب و طنه و هو أهل لكل خير و يستحق كل الخير
- هل من الممكن أن تسترجعوا عبر التأمل في ذكرياتكم حادثة خالدة جمعتكم بالمهندس الهاروني ؟
من الذّكريات الّتي عشناها لحظة بلحظة مع ابننا الحبيب عبد الكريم أذكر مايلي : عندما علمنا بخبر إطلاق سراحه يوم 6 نوفمبر 1988
بالرّغم من أنّ جريدة لابراس تعمّدت أنذاك عدم ذكر اسم ابني عبد الكريم الهاروني ضمن قائمة أسماء الإخوة الّذين شملهم قرار العفو العام كانت فرحة الجميع كبيرة عند أوّل خطوة كان يخطوها خارج باب سجن برج الرّومي من ولاية بنزرت و نحن في تلهف لاحتضانه وفد زاد تلك الفرحة قدوم المآت إن لم نقل الآلاف من المهنّنين ، من الجيران و من الأحباب ، من الأصدقاء ومن الطّلبة ، ممن نعرفهم وممن لانعرفهم ومشاركتنا فرحتنا ببيتنا في المرسى الشّاطئ حتى أن زيارات المهنئين دامت أشهرا
كما نستحظر دعوة ابننا السيد كريم الهاروني لوالدته السيّدة رحمها الله لحظور مؤتمر الاتّحاد العام التّونسي للطلبة في سنة 1989 حيث دعاها الى المنصّة في مداعبة لطيفة يقولها دائما لوالدته رحمها الله و تتمثل في المثل التونسي المعروف:" قاّلو منين هاك العريف" فتجيبه هي أيضا من هاك الشجيرة" ليقول لها باعتزاز وفخر تفضّلي يا أمّي قولي ما تريدين قوله ، أيّ شيء تريدين، فأنت هنا حرّة و لك الحرّيّة التّامّة لتقولي ما تريدين وكانت القاعة مايئة بالجماهير الطلاّبيّة
كما نتذكر كيف أنّ ابننا بالرّغم من إلحاح الجماهير الطّلابيّة على انتخاببه مرّة ثالثة كأمين عام للاتّحاد العام التّونسي للطّلبة إلاّ أنّه استجاب لإلحاحهم بأن ترأّس المؤتمر و لكنّه أكّد على إعطاء الفرصة لغيره من الطّلبة للأمانة العامّة للاتّحاد
و الذّكريات الّتي عاشتها عائلتنا مع ابننا الحبيب عبد الكريم كثيرة و عديدة
- هل من كلمة أخيرة توجهونها للسلطة بعد انقضاء مايزيد عن عقد ونصف على محنة سجناء الرأي في تونس ؟
لانطلب من السّلطة شيئا و نقول انّ العفو بيد الله العزيز الجبّار و لكنّنا نذّكر فقط بعدالة قضيّة ابننا السيّد عبد الكريم الهاروني على اعتبار أنّها قضيّة سياسيّة و أنّ مطلب العفو التّشريعي العام هو مطلب وطني ملح و يخدم مصلحة البلاد
وأخيرا فاني أتوجه اليكم يا أخي العزيز مرسل الكسيبي بأسمى عبارات الشّكرو الامتنان لمساعدتكم لابننا العزيز علينا كثيرا
مع تحيّاتي و تحيّات كافة أفراد عائلة عبد الكريم الهاروني.
ملاحظة : تم تعميم نشر نص هذا الحوار على مجموعة من الصحف العربية والدولية البارزة قصد التعريف بمظلمة القيادي الطلابي المهندس عبد الكريم الهاروني وسائر المساجين السياسيين في تونس.
------------------------------------------------------------------------------------------
الكرم الغربي 2089 -تونس
والد السّيّد عبد الكريم الهاروني السّجين السّياسي و سجين الرّأي المعتقل في السجن المدني بالمرناقيّة
تحت رقم 5 2795
جناح-ح-
المرناقيّة 1110
.ولاية منّوبة
تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.