تحول ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى مرض شعبي يثير القلق من تبعاته وتقوم الجمعيات المتخصصة بمحاولة توعية الرأي العام بمضاره. توصل باحثون في جامعة زيورخ إلى علاج جديد لمرض ارتفاع نسبة السكر في الدم، يتميز بالوصول إلى الأسباب مباشرة وليس التعامل مع الحالة العارضة فقط. ويرى الأطباء أن هذا العلاج الجديد يدشن مرحلة جديدة في التعامل مع هذا المرض وصولا للشفاء التام، حيث يوصف بأنه أكثر الأمراض الشعبية في سويسرا والعالم، والوباء الذي يصيب الأثرياء والفقراء على حد سواء. يعتمد العلاج الجديد على عدم تعاطي الأنسولين الاصطناعي، وإنما إعادة تحفيز وتنشيط بعض الخلايا لإعادة إنتاج هذا الهرمون الهام، إذ يشير الباحث مارك دونات أستاذ الغدد الصماء وأمراض السكر في مستشفى جامعة زيورخ إلى أن زيادة نسبة الدهون في الجسم ترفع نسبة السكر فيه، ما يدفع خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين للعمل أكثر من طاقتها للتفاعل مع هذه النسبة المرتفعة، لكن هذه الخلايا المتخصصة تفشل في القيام بدورها فتموت، وبالتالي يفتقر الإنسان إلى مصدر الأنسولين الطبيعي، فيضطر إلى الحصول عليه اصطناعيا، للتغلب على مضاعفات ارتفاع نسبة السكر في الدم. وقد تمكن دونات مع فريق بحثه من مراقبة سلوك الخلايا وصولا إلى المواد التي تتسبب في موتها، ومن ثم معرفة المادة التي بسببها لا يتم إنتاج هرمون الأنسولين، حيث وجد الباحثون أن لجزيء (انترلويكين –1 بيتا) دور هام في عرقلة مسار الإنتاج الطبيعي، إذ يتم افراز هذا الجزيء داخل بعض الخلايا المتخصصة في جهاز المناعة البشري، كرد فعل على خلل وظيفي في عملية التمثيل الغذائي نتيجة كمية الدهون الهائلة في الجسم وما تسفر عنه من ارتفاع نسبة السكر في الدم، فيقوم جزيء(انترلويكين –1 بيتا) بالتعجيل بموت الخلايا أو وقف نشاطها في إنتاج الأنسولين. وباء شعبي بين الأغنياء والفقراء وعلى مدى 3 أعوام كاملة قام دونات بمتابعة فريقين من مرضى ارتفاع نسبة السكر في الدم، الأول تم حقنه بعقار (اناكينرا – المستخدم في علاج بعض أنواع الروماتيزم) بواقع 100 مللي غرام يوميا على مدى 13 أسبوعا، والثاني تعاطى مستحضرات طبية عادية لا تأثير لها على الجسم، حيث لوحظ أن العقار الأول تمكن من وقف نشاط وإنتاج جزيء (انترلويكين –1 بيتا)، ثم عادت نسبة السكر في الدم على معدلاتها الطبيعية بشكل تلقائي، ما يدل على أن الخلايا تمكنت من استعادة نشاطها وأنتجت الأنسولين اللازم للتفاعل مع السكر الذائد في الجسم بشكل طبيعي. ويتعمد الباحثون في مجال الأدوية والعقاقير استخدام مستحضرات لا تأثير لها ضمن مجموعات البحث التي يقومون بتجربة أي دواء عليها للتأكد من أن تأثير العقار جاء بشكل طبيعي فسيولوجي وليس بتأثير إيحاء نفسي. وقد اكتشف الباحثون أن عودة إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي داخل جسم الإنسان قد حال دون ظهور المضاعفات التي كانت متوقعة عادة لمرضى ارتفاع نسبة السكر في الجسم، لاسيما في الجهاز الدموي والمفاصل والعضلات، إلا أن استخدام العقار (اناكينرا) أظهر بعض الآثار الجانبية التي يعتقد البروفسور دونات أنه يمكن التغلب عليها. ومن مميزات هذا العلاج الجديد أن استخدام العقار سيكون عن طريق الحقن لفترات تتراوح بين مرة واحدة إلى 3 مرات في الشهر، على عكس العلاج الحالي المتبع بحقن الجسم يوميا بنسبة معينة من الأنسولين. ويتوقع دونات أن يستغرق الأمر ما بين 3 و5 سنوات حتى يتم طرح العقار في صورته النهائية للتداول في الأسواق، ليكون أول علاج مباشر لمرض ارتفاع نسبة السكر في الدم، إلا أن هذا لا يعني عدم إتباع الإرشادات الطبية في الغذاء السليم والعناية بالجسم في جميع مراحل العمر، حسب قوله لسويس انفو. وقد اهتمت الدوائر العلمية بهذا الكشف الجديد ونشرته دورية The New England Journal of Medicine المتخصصة في عددها الصادر بتاريخ 12 ابريل 2007. عواقب صحية واقتصادية ومن المعروف أن غدة البنكرياس تقوم بإفراز هرمون الأنسولين الذي يساعد على نقل السكر من الدم إلى الخلايا، لتحويله بعد ذلك إلى طاقة، إلا أن أسبابا مختلفة يمكن أن تؤدي إلى فشل انتاج هذا الهرمون ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الجسم، مخلفة ورائها أثارا مرضية خطيرة. ويتخوف العلماء من انتشار هذا المرض على جميع المستويات في المجتمعات، ولذا وضعته المنظمة على خريطة اهتماماتها كأحد الأوبئة التي يجب مكافحتها. إذ تقول تقديرات منظمة الصحة العالمية إن عدد مرض ارتفاع نسبة السكر في الجسم من النوع الثاني يصل إلى 246 مليون نسمة، ومن المحتمل أن يصل هذا العدد إلى 380 مليونا خلال العقدين القادمين، ونصفهم تتراح أعمارهم بين 40 و59 عاما. ويعتقد البروفسور دونات أن انتشار ارتفاع نسبة السكر في الدم سيؤدي إلى ظهور تاثير سيء على الاقتصاد، إذ يصل نسبة المصابين به في المرحلة العمرية ما بين 40 و 59 عاما إلى 49% من إجمالي المصابين، مما سينعكس سلبيا على أدائهم المهني والوظيفي، فضلا على تكاليف العلاج الباهظة التي تثقل كاهل شركات التأمين الصحي، إذ يبلغ عدد المصابين بمرض ارتفاع نسبة السكر في الدم بسويسرا حوالي نصف مليون شخص. 21نيسان/أبريل2007 وصلات متعلقة بالموضوع: موقع الأستاذ مارك دونات المتخصص في أمراض السكري بجامعة زيوريخ البيان الصحفي لجامعة زيوريخ حول الموضوع - بالألمانية ملخص البحث منشورا في مجلة انجليزية