رسالة الأخ عبد الكريم الهاروني , السّجين السّياسي التّونسي المناضل من أجل الحرّيّة وصلت الى عائلته بعد شهر من الزّمن /:
الى أبي الحبيب، الأب الفاضل و الرّجل المناضل عمر السّلام عليك و رحمة الله و بركاته الحمد لله الّذي خلقك في أحسن تقويم و أكرمك بزوجة صالحة و أبناء طيّبين و أعزّ ابنك و رفع قدرك بين النّاس. تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة في الذّكرى الخامسة و السّبعين لميلادك المبارك أعادها الله علينا جميعا بكلّ خير. قال الله تبارك و تعالى:"ألا انّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنزن الّذين آمنوا و كانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدّنيا و في الآخرة ,لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و لا يحزنك قولهم انّ العزّة لله جميعا هو السّميع العليم" صدق الله العظيم قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:"احفظ الله تجده أمامك تعرّف الى الله في الرّخاء يعرفك في الشّدّة واعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أنّ النّصر مع الصّبر و أنّ الفرج مع الكرب و أنّ مع العسر يسرا" أبي العزيز:أرجو من الله أن تصلك رسالتي و أنت بخير في صحّة و عافية و معنويّات عالية كما عهدتك خاصّة و أنّي كنت أنتظر زيارتك مع اخوتي الأعزّاء يوم الثّامن من جانفي لنحتفل معا بذكرى ميلادك المبارك و لكن تعذّر ذلك و قد طمأنني اخوتي بأنّك بخير و قد سعدت كثيرا بالهديّة الّتي قدّمها لك أبناؤك بالمناسبة و أنت أهل لكلّ خير فهذا تعبير عن حبّنا و تقديرنا لرجل فاضل و مناضل فنحن عاجزون عن ردّ جميلك و الله ندعو أن يجازيك عنّا كلّ خير في الدّنيا و الآخرة. انّي بشوق للقائك في الزّيارة القادمة ان شاء الله و بشوق أكبر للعودة الى جانبك في بيتنا لنواصل مسيرتنا معا من أجل حياة حرّة كريمة طيّبة حتّى نكون من الّذين رضي الله عنهم و رضوا عنه و أثبتوا أنّهم أهل لنعمة الله بالحياة و أهل لمحبّة النّاس و تقديرهم و أهل لاحترام الأجيال من بعدهم و الله يوفّقنا لما فيه خيرنا و خير بلادنا. فهنيئا بعيد الميلاد و هنيئا بعيد الاضحى و كلّ عام و كلّ يوم و كلّ ساعة و أنت بخير يا "أبو كريم". أبي الغالي: و نحن نحتفل بالحياة و نسأل الله أن يطيل عمرك في طاعته من أجل سعادتنا لا يمنعني ذلك بل يزيد من احتفالنا قيمة أن أترحّم على رفيقة دربك و زوجتك الوفيّة المخلصة و أمّي الفاضلة و المناضلة وابنة تونس البارّة فحزننا عليها ثلاثة أيّام أمّا و فاؤنا لها و لذكراها فعلى مرّ الأيّام و في كلّ أحوالنا رحمها الله رحمة واسعة و انّي بهذه المناسبة أحيّيك و أشدّ على يدك لما رأيته منك من صبر جميل على فراقها و حرص كبير على زيارتها كلّ يوم اثر صلاة الصّبح و قبل أيّ عمل :هكذا الله أوّلا و زوجتك ثانيا و الدّنيا و ما فيها ثالثا. ترتيب من رجل مؤمن وفيّ مسؤول و هذا أمر يسعدني و يرفعك مكانة و قدرا بيننا نتعلّم منك الصّبر و الوفاء و الاستمرار في الحياة مهما اعترضنا من مصاعب و محن.أبقاك الله سندا و قدوة حسنة لأبنائك وأحفادك و أهلك وأسعدك بهم جميعا و بعودتي اليكم غانما سالما في أحسن حال ابي الوفيّ لقد سعدت كثيرا برسالتك في مناسبة تعزّ عليك و عليّ يوم أنعم الله عليّ بالحياة لأجدك تنتظرني بفارغ الصّبر و بحبّ كبير واستعدادا للتّضحية من أجلي واخترت لي اسما من أحسن الأسماء و لم تقصّر يوما في رعايتي أو تتأخّر لحظة عن مساندتي أو تدّخر جهدا في الدّفاع عنّي في أحلك الظّروف و اليوم أجدك تنتظرني بصبر جميل و بحبّ أكبر يوم ينعم الله عليّ بالحرّيّة. ميلاد جديد لحياة جديدة نتعاون فيها على البرّ و التّقوى في وجه الاثم و العدوان و انّي احيّي فيك التّفاؤل الّذي وجدته في رسالتك الجميلة و البليغة فالتّفاؤل من خصال المؤمن الواثق في حكمة الله و رحمته، الواثق في نفسه و الواعي بحقيقة واقعه بعيدا عن الأماني و الأوهام."ولا تيأسوا من روح الله فانّه لا ييأس من روح الله لال القوم الكافرون" و الله أسأل أن يصدّق تفاؤلك في أقرب الآجال و موعدنا الصّبح أليس الصّبح بقريب ؟ كما أكبر فيك و أنت أب حرم من ابنه طيلة خمسة عشر سنة كاملة في قضيّة يعلم الجميع طبيعتها و في محنة تعود جذورها الى أكثر من ربع قرن، أكبر فيك تحرّرك من مشاعر الحقد و الأنانيّة و أنت تتوجّه الى الله عزّ و جلّ لانارة السّبيل أمام بلادنا على طريق المصالحة الحقيقيّة لطيّ صفحة الماضي خدمة لمصلحة البلاد.فهذا الموقف المتسامح و الحكيم و الوطنيّ دليل على أنّ عقلك كبير و صدرك واسع و نظرك بعيد و بذلك تعطي درسا بليغا لكلّ من يقدّم مصلحته الضّيّقة على المصلحة العامّة و تعلم جيّدا يا أبي العزيز انّي رغم السّجن و فقدان العزيزة علينا أمّي رحمها الله فانّي لست حاقدا لأنّ الحقد يعمي عن الحقّ و الحكمة و المصلحة، و انّما أريد اصلاحا يقوم على قاعدة"جميع الحقوق للجميع" و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و عليه فليتوكّل المتوكّلون. لقد تابعت باهتمام ما قلته عن حياتك اليوميّة بما يؤكّد ما أعرفه عنك منذ صغري بانّك رجل منظّم في حياتك و عملك و هذه صفة حسنة تعلّمتها منك و أفادتني كثيرا في حياتي و سجني كما استحسنت حرصك على متابعة أخبار العالم لتبقى دائما في قلب الوطن و الأمّة و العصر و التّاريخ لا على الهامش. مع تحيّاتي و شكري لابنك و صديقك و جليسك أخي المخلص ماهرعلى عنايته براحتك و باخوته و بي على حساب راحته و مصالحه فلا تنس أن تبلّغه تهانيّ الحارّة بذكرى ميلاده أسعده الله في الدّنيا و الآخرة و جازاه عنّا كلّ خير و جعله دائما مثالا حسنا لاخوته و أبناء جيله فيفوز بحبّ الله و حبّ أهله و حبّ النّاس أبي العزيز: حتّى لا تتشابه الأيّام و الأعمال فانّ مقابلة الأصدقاء و زيارة الأقارب و الذّهاب من حين الى آخر الى مكان جميل و مريح لتجديد النّشاط و التّرفيه في النّفس أمر حيويّ فلا تبخل بذلك عن نفسك فذلك يسعدك و يسعدنا. أوصيك خيرا بأحفادك فهم في حاجة الى حنانك و خبرتك و نصحك خاصّة بعد فقدان جدّتهم رحمها الله، ذرّيّة صالحة لرجل صالح و الله معك يحفظك و يوفّقك و يرعاك و كلّ عام و أنت بخير. أرجوك أن تبلّغ تهانيّ الحارّة لأخي العزيز الياس بمناسبة ذكرى ميلاده المبارك و اعجابي بتربيته و برّه بوالديه و احسانه لاخوته و تضحيته من أجلي أكرمه الله بكلّ خير مع سلام خاصّ لأختي الكبيرة كريمة وفّقها الله لما فيه خيرها و خير أبنائها فسعادتهم هي سعادتنا ومسك الختام بقبلة على جبين أختي المناضلة هندة و السّلام-كريم الى أخي العزيز و صديقي الحميم ماهر السّلام عليك و رحمة الله و بركاته قال الله تبارك و تعالى:"اخلفني في قومي و أصلح و لا تتّبع سبيل المفسدين" صدق الله العظيم كلّ عام و و أنت بصحّة و عافية و خير تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و محلّ ثقتي و تقديري و شكري على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ السّنين و تقلّب الأحوال و تتالي المحن فنّاننا الماهر باليد عزفا و بالقدم لاعبا و باللّسان مرحا فجازاك الله عنّا كلّ الخير. أخي العزيز: انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و مساعدتك على كلّ ما يسعدك و ردّ بعض جميلك فعسى أن يكون قريبا ان شاء الله. وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة و السّلام من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك: كريم ******************************************* الى أخي العزيز و صديقي الحميم الياس السّلام عليك و رحمة الله و بركاته كلّ عام و أنت بصحّة و عافية و خير قال الله تبارك و تعالى:" و هذا أخي قد منّ الله علينا انّه من يتّق و يصبر فانّ الله لا يضيع أجر المحسنين" صدق الله العظيم تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و أهل ثقتي و تقديري و شكري الجزيل على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ الأيّام و اختلاف الأحوال و تتالي المحن بطلنا الياس باسم الوجه طيّب اللّسان كريم اليد عميق الايمان فجازاك الله عنّا كلّ خير أخي العزيز انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و ردّ بعض جميلك. وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك:كريم و السّلام ----------------------------------------------- رسالة ثانية وصلت الى عائلته أيضا يوم 15 ماي : أي بعد 3 أسابيع من تاريخ كتابتها
06 ربيع الثّاني 1428 23 أفريل 2007 أبي الحبيب أهلي الكرامر السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته الله أكبر، الله أكبر،الله اكبر، انّا لله و انّا اليه راجعون اللّهمّ اجرنا في مصيبتنا واعقبنا خيرا منها. آمين انّ القلب ليحزن و انّ العين لتدمع و لا نقول الا ما يرضي ربّنا رحم الله العزيز علينا الشّاذلي ابن خالي العروسي و زوجته منّوبيّة رحمهما الله رحمة واسعة و جمع بينهم في الجنّة ورزق أهلهم و ذرّيّتهم صبرا جميلا و حياة طيّبة و جعلهم من الصّالحين. قال الله تبارك و تعالى:"تبارك الّذي بيده الملك و هو على كلّ شئ قدير الّذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا و هو العزيز الغفور" صدق الله العظيم الحمد لله الّذي وهبنا الحياة و خلقنا في أحسن تقويم و يسّر لنا سبل العيش الكريم بما يحقّق سعادتنا و ينفع النّاس و يرضي الله فنكون في الآخرة برحمة الله من الفائزين" يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم"، سبحانه و تعالى يحيي و يميت و هو الحيّ الّذي لا يموت"لا اله الا هو كلّ شئء هالك الا وجهه له الحكم و اليه ترجعون". اقتضت حكمته أن يكون الأجل بيده وحده حتّى يجتهد الانسان في العبادة و العمل الصّالح و الاقبال على طيّبات الحياة فلا يكون من الغافلين أو المقصّرين أو القاعدين"من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني الى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصّالحين، ولن يؤخّر الله نفسا اذا جاء أجلها و الله خبير بما تعملون". كما اقتضت حكمته أن يكون الموت باذنه وحده حتّى لا يخشى الانسان الا الله و لا يخاف في الحقّ لومة لائم فيعيش حرّا متوكّلا على الله مجتهدا أن يلقى الله و هو في أحسن حال مع نفسه و مع أهله و مع النّاس و مع الله و ما كان لنفس أن تموت الا باذن الله كتابا مؤجّلا و من يرد ثواب الدّنيا نؤته منها و من يرد ثواب الآخرة" نؤته منها و سنجزي الشّاكرين". هكذا في موت الآخرين عبرة لنا و تذكرة و موعظة و في حياتنا أمل و عمل و حياة للآخرين. و الله نسأل أن نكون خير خلف لخير سلف و خير سلف لخير خلف. رحم الله موتانا و بارك في احيائنا و أحسن عاقبتنا في الدّنيا و اللآخرة و ختم لنا بحسن الختام" و قل ربّ اغفر وارحم و أنت خير الرّاحمين". أهلي الأعزّاء: لا شكّ أنّ موت الانسان نبأ عظيم و موت القريب أعظم و موت القريب البعيد أعظم و أعظم لأنّ الّذي فرّق بيننا ليس الموت فقط و انّما الحياة أيضا رغم الصّلة القويّة بيننا، صلة الرّحم و أخوّة الدّين الأمر الّذي جعل حزني على وفاة ابن خالي الشّاذلي رحمه الله مرفوقا بأسف شديد وحسرة عميقة في النّفس لأنّني لم أتشرّف بلقائه و لم أسعد بمخالطته و لم أنعم بصحبته فالأقربون أولى بالمعروف فلا محنة السّجن و لا معاناة الغربة و لا مشاغل الحياة تكفي عذرا لضعف الصّلة بين الأقارب فضلا عن انقطاعها، خاصّة في أيّامنا هذه الّتي تشهد فيها وسائل الاتّصال تطوّرا مذهلا و ما أبرّئ نفسي فأنا أشعر رغم كلّ شئ بتقصير في حقّ كثير من أقاربي و خاصّة أبناء أخوالي و خالاتي و أعمامي و عمّاتي و أستغفر الله على ذلك و أرجو معذرتهم جميعا و الله أسأل أن ييسّر لي حياة الحرّيّة بعد طول سجن فاجتهد في تدارك ما فات و أداء الواجب"وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، صلة للرّحم و تعاونا على البرّ و التّقوى بما يرضي الله و ينفع البلاد و العباد فلا خوف و لا طمع. لذلك و بمناسبة وفاة العزيز علينا ابن خالي الشّاذلي رأيت من واجبي و أنا أبلّغكم تعازيّ الحارّة و دعواتي الصّادقة لفقيدنا رحمه الله بكلّ خير و تمنّياتي الخالصة لكافّة أفراد أسرته الطّيّبة بالصّبر الجميل و الحياة الطّيّبة و السّعادة في الدّنيا و الآخرة، بهذه المناسبة المؤثّرة فانّي أدعوكم أيّها الأهل الطّيّبون و في مقدّمتكم اخوتي الأعزّاء الى الاحسان الى أقاربكم ما استطعتم لذلك سبيلا بمناسبة و بغير مناسبة ففي ذلك خير كثير للجميع في مجتمع يعاني من التّباعد بين الأقارب لأسباب ليس هنا مقام شرحها فاجتهدوا و الله يوفّقكم و يبارك سعيكم و يجعلكم قدوة حسنة للقريب و البعيد من النّاس. و كما علّمنا نبيّنا عليه الصّلاة و السّلام:"الخلق عيال الله و أحبّهم الى الله أنفعهم لعياله". أهلي الأحبّة فور اعلامي عند الزّيارة بنبىء و فاة فقيدنا رحمه الله توجّهت الى الحيّ الّذي لا يموت بقراءة ختم للقرآن الكريم ترحّما على ابن خالي و قد استحال عليّ حضور جنازته بحكم السّجن و الله أسأل أن ييسّر لي الوقوف على قبره و قراءة الفاتحة ترحّما على روحه الطّاهرة و زيارة قبر خالي العزيز العروسي الّذي لم يحصل لي شرف لقائه في حياتي رحمه الله و قبر زوجة خالي العزيزة منّوبيّة الّتي فقدناها أواخر سنة أربع و ألفين تلك المرأة الطّيّبة الّتي عرفتها و أحببتها لحسن خلقها و حرصها على صلة الرّحم و ما وجدته لدى أمّي رحمها الله من محبّة و تقدير و تبجيل لها كلّما زارتنا في بيتنا و لا أنسى ابن خالي العزيز عزّ الدّين رحمه الله الّذي فقدناه باكرا مطلع السّبعينات و هو في عزّ شبابه و عطائه الرّياضي في صفوف فريق باب الجديد قريبا من مقرّ سكنى العائلة، هذه الفروع الطّيّبة من تلك الأصول الطّيّبة. جدّتنا الغالية عزيزة الّتي اسعدتنا بوجودها بيننا، بحبّها و حنانها و حرصها على سعادتنا ليخلّف فراقها سنة تسع و تسعين حزنا عميقا في نفوسنا و أخيرا جدّي صادق الّذي سبق اليه الأجل قبل ميلادي رحمهما الله و رحم موتى المسلمين و أحيا ذرّيتهم حياة طيّبة فبلّغوا تحيّاتي و تعازيّ للجميع و شوقي للقائهم و هم في أحسن حال و الله أكبر و السّلام : من كريم عنوان الأخ عبد الكريم الهاروني في السّجن : - السّيّد كريم عمر خالد الهاروني رقم 2795-جناح ح 5 السّجن المدني بالمرناقيّة المرناقيّة 1110 ولاية منّوبة تونس