اغلقت مراكز الاقتراع في الجزائر ابوابها بعد يوم أدلى فيه الناخبون بأصواتهم لاختيار نواب المجلس الشعبي الوطني البرلمان وسجلت المشاركة في الانتخابات انخفاضا ملحوظا حيث لم يتجاوز عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حتى الساعة الخامسة من مساء الخميس، أي قبل ثلاث ساعات من إغلاق الصناديق، نسبة 28.39 % من أجمالي ما يزيد عن 18 مليون وخمسمئة ألف ناخب. وكانت توقعات الأحزاب السياسية والمراقبين قد اشارت الى أن النسبة الأكبر منهم لن تتوجه إلى صناديق الاقتراع. وقد تجولت بي بي سي على عدد من مراكز الاقتراع خلال ساعة ونصف الساعة من بدء الاقتراع في الثامنة صباح الخميس وبدا بوضوح عدم وجود إقبال كبير. وتزامن عدم اكتراث الناخبين مع شكاوى من جانب اللجنة السياسية الوطنية المكلفة برقابة الانتخابات أشارت فيها إلى حدوث تجاوزات خلال عمليات التصويت لصالح جبهة التحرير الوطني وهو الحزب الرئيسي فيما يسمى بأحزاب التحالف الرئاسي التي تتبنى برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال سعيد بو الشعير ، رئيس اللجنة في بيان وجهه إلى الرئيس الجزائري "نلتمس من سيادتكم التدخل من أجل وضع حد للتجاوزات الخطيرة المصاحبة للعملية الانتخابية التي تعدت حدود التصرفات المعزولة". وعدد البيان عددا من الانتهاكات وقع معظمها لصالح جبهة التحرير الوطني. وسجلت هذه الانتخابات عددا قياسيا من المرشحين تجاوز 12229 مرشحا يمثلون 24 حزبا و1144 قائمة انتخابية، ويتنافسون فيما بينهم على 389 مقعدا في مجلس النواب. وتجري الانتخابات تحت شعار "من أجل الجزائر" حيث تراهن السلطة والأحزاب السياسية المؤتلفة فيها على أن تمثل خطوة جديدة في السعي نحو مصالحة دائمة في الجزائر، بينما اعتبرت الأحزاب المقاطعة أن الانتخابات لن تسفر عن جديد لأن نتائجها معدة سلفا، كما قال كريم طابو، الرجل الثاني في حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي دعا إلى مقاطعة الانتخابات. وحشدت السلطات الجزائرية جهودا أمنية مكثفة لتأمين سير العملية الانتخابية وتحسبا لوقوع أية اعمال إرهابية خاصة في الجزائر العاصمة ومحيطها حيث انتشرت تعزيزات من الشرطة يقدر عددها ب15 ألف شخص. وكانت مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري قد شهدت تفجيرين الاربعاء خلفا قتيلا واحدا وتسعة جرحى، واعتبر وزير الداخلية يزيد زرهوني أن المشاركة بكثافة في عمليات الاقتراع هي الرد المناسب على الإرهابيين. وفي وقت سابق أعلن وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني ، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية بلغت 28.39% عند الساعة 18.00 (17.00 تغ). وكانت هذه النسبة قد بلغت 19.49% عند الساعة 14.00 بالتوقيت المحلي (13.00ت غ) و 6.75% عند الساعة التاسعة ت. غ. وكان رؤساء الأحزاب السياسية في الجزائر، قد أكدوا أن الإنتخابات التشريعية التي لم تنته بعد تبرهن على مواصلة مسيرة الديمقراطية في البلاد، رغم دعوة تنظيم "القاعدة في المغرب الاسلامي" وجبهة القوى الاشتراكية بزعامة آيت احمد وايضًا القيادات التاريخية للجبهة الاسلامية للانقاذ (منحلة)، إلى مقاطعة الإنتخابات. وقال رئيس الحكومة الجزائرية والأمين العام للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم في تصريحات صحافية، إن الشعب الجزائري حرص على أداء واجبه الوطني لتجديد ممثليه في المجلس الشعبي الوطني. وأضاف بلخادم أنه على الرغم من محاولة بعضهم عرقلة سير الممارسة الديمقراطية، فإن نداء المقاطعة لم يثن الجزائريين عن ممارسة حقهم الدستوري ومساهمتهم في توسيع دائرة القرار السياسي. وأوضح رئيس الحكومة الجزائرية أن هذه الاستحقاقات أثبتت للعالم أن الجزائر بتنظيمها للانتخابات في مواعيدها تعمل على تقوية مؤسسات الدولة الجزائرية واستقرارها. من جهته دعا الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى الناخبين إلى الرد بقوة على الهمجية الإرهابية، مشيرًا إلى أن ما حدث في قسنطينة أمس الأربعاء، يعد استفزازًا للشعب الجزائري، معربًا عن الأمل في مشاركة الناخبين بكثافة في هذه الانتخابات التشريعية. من جهة ثانية أعرب رئيس حركة مجتمع السلم السيد ابو جرة سلطاني عن أمله في أن تعكس الصناديق إرادة الشعب، مؤكدًا أن الانتخابات طريق للتغيير الهادئ نحو السلم والتنمية، وأضاف أن الورقة الانتخابية هي الوسيلة الوحيدة في العالم القادرة على تغيير الأوضاع الداخلية كما أنها تعكس السيادة الكاملة لأي دولة. وقالت الأمينة العامة لحزب العمال السيدة لويزة حنون من جهتها، إن الانتخابات التشريعية تعد انتصارًا لمسار استتباب السلم والمصالحة الوطنية. ومن جهتها ابرزت الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري لويزة حنون أن هذه الانتخابات تجرى في ظروف عادية على الرغم من اعتداءات 11 نيسان (أبريل) والاعتداء الذي ارتكب أمس الأربعاء في قسنطينة. واضافت في الإطار نفسه أن الانتخابات التشريعية هي انتصار للديمقراطية وللسيادة الوطنية. وأشارت حنون إلى أن هذا الاقتراع قد أظهر مدى حس الشعب الجزائري الرفيع بالمسؤولية ومدى إدراكه للرهانات الحاضرة، معتبرة ان هذه الانتخابات يمكن ان تشكل منعطفًا ايجابيًا بالنسبة إلى بلادنا بالإستناد إلى الكثير من المكاسب التي تم تسجيلها منذ سنة 2006. وقال رئيس حزب التجمع للثقافة والديمقراطية سعيد سعدي إن البرلمان يعد فضاء تعبير بحيث يعكس انشغالات المواطنينن، مشيرًا إلى أنه يمكن التفكير في الخروج من الأزمة في هدوء. ومن جانبه دعا وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائرية نور الدين يزيد زرهوني المواطنين إلى أداء واجبهم الانتخابي لأن فيه رفض الإرهاب وتأكيد الخيار الديمقراطي.