اتفق محللون سياسيون وقيادات إخوانية على أن الوثيقة التي نشرتها صحيفة "الأهرام" القومية المصرية ووصفتها ب"الخطيرة" بشأن دعوة جماعة الإخوان المسلمين الشعب المصري للخروج في مظاهرات؛ إنما تستهدف وضع الجماعة أمام اتهامات جديدة لتهيئة الرأي للقبول بأي إجراءات قمعية من قبل السلطة ضدها. وشدد هؤلاء الخبراء في تصريحات خاصة لإسلام أون لاين اليوم الجمعة 19-5-2006 على أن المقالة التي نشرتها "الأهرام" هي حلقة في سلسلة من الاتهامات يعد لها النظام تمهيدا لقرارات استثنائية قد يكون من بينها "المحاكمات العسكرية". وقال د. محمد السيد سعيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن "الوثيقة التي نشرت اليوم بالأهرام حلقة في سلسلة من الاتهامات تعدها الحكومة ضد جماعة الإخوان بهدف تفزيع الرأي العام المصري منها". وأضاف: "إن دعوة الإخوان للتظاهر السلمي إما دفاعا عن استقلال القضاء أو لمواجهة الظلم والفساد والقمع الأمني هو شرف لجماعة الإخوان لا ينبغي أن تتهم به أو تحاكم عليه". وأكد على أن "التظاهر حق دستوري ومصادرته من قبل أي سلطة بمثابة انتهاك للدستور". وكتب الصحفي "أحمد موسى" في صحيفة الأهرام في عددها اليوم الجمعة تحت عنوان (جماعة الإخوان تدعو للخروج في مظاهرات): "حصلت الأهرام على وثيقة خطيرة تدعو فيها جماعة الإخوان المحظورة إلى التظاهر وتحرض على الخروج في المظاهرات". وأضاف موسى في مقاله: "تضمنت وثيقة الإخوان التي حملت عنوان (مشروعية الخروج في المظاهرات) 12 بندا توضح أهمية المظاهرات من حيث أثرها على الأعداء وأنها نوع مشروع من إنكار المنكر ولها أهمية كبرى". وتابع: "كما تؤكد الوثيقة على أهمية التظاهر لإظهار قوة المسلمين؛ ليرجع الأعداء عن غرورهم ويراجعوا أنفسهم"، وأشار موسى إلى أن "الوثيقة جاءت لتخاطب الناس بصيغة الجماعة فتقول: إن لم نظهر موقفنا وحميتنا وصوتنا وتعاطفنا مع إخواننا المقهورين فماذا بقي؟". ولفتت صحيفة الأهرام إلى أن الوثيقة ضبطت مع مجموعة من أفراد الجماعة ألقي القبض عليهم في الأيام الماضية. عبد المنعم أبو الفتوح القيادي في جماعة الإخوان اعتبر أن "مقال اليوم بصحيفة الأهرام مكتوب في إحدى دوائر أمن الدولة"، وشدد أبو الفتوح في تصريحات لإسلام أون لاين.نت على أن الجماعة "ليست لديها وثائق أو بيانات سرية أو خفية، وكل إصداراتنا علنية". وأوضح: "الجماعة تدعو بشكل علني القوى الوطنية المختلفة إلى التظاهر عبر وسائل التعبير السلمي التي يكفلها القانون والدستور، واضعين نصب أعيننا أمن وسلامة ومصالح وطننا". أما عبد الجليل الشرنوبي رئيس تحرير موقع جماعة الإخوان على الإنترنت فرأى أن وثيقة الأهرام اليوم تسعى "إلى تهيئة الرأي العام المصري للقبول بارتياح إجراءات الأمن القمعية المزمع اتخاذها ضد الجماعة". محاكمات عسكرية من جهته رجح عمرو الشوبكي المحلل السياسي والخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن تكون "المقالات الأخيرة في الصحف المسماة بالقومية، والتي تستهدف الإخوان، واتهامات النظام المتكررة ضد الجماعة هي تلويح بمحاكمات عسكرية تلاحق أفراد الجماعة في المستقبل". ويسمح قانون الطوارئ الذي مدت الحكومة المصرية مؤخرا العمل به لمدة عامين بمحاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية؛ حيث يكون للماثلين أمامها حقوق أقل. وأضاف المحلل السياسي: "أتوقع إعداد المزيد من الاتهامات والترصد للجماعة في محاولة لتحجيم وتهميش أي دور لها على صعيد المسرح السياسي". وتأتي مقالة أحمد موسى بصحيفة "الأهرام" اليوم الجمعة ضد جماعة الإخوان في وقت تصاعدت فيه حملة أخرى ضد القضاة الإصلاحيين في العديد من الصحف القومية كان آخرها انتقادات "أسامة سرايا" رئيس تحرير صحيفة الأهرام الثلاثاء 16-5-2006 لقضاة مصر واتهامه لهم "باستدراج جماعات محظورة لهم إلى دنيا السياسة" في إشارة إلى جماعة الإخوان. وقد دفعت هذه المقالات وغيرها بالمستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر إلى التأكيد على قيام النادي في الفترة الحالية برفع دعوى قضائية ضد الأقلام السوداء التي أساءت للقضاة الشرفاء ولنادي القضاة. حبس 314 إخوانيا وفي السياق نفسه قال عبد الجليل الشرنوبي رئيس تحرير موقع جماعة الإخوان على الإنترنت عن قيام نيابة أمن الدولة اليوم الجمعة بحبس نحو 314 من الإخوان 15 يوما على ذمة التحقيق من بينهم محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد، وعصام العريان القيادي البارز في الجماعة. وكان المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا قد قرر مساء الجمعة 12-5-2006 حبس 260 من المتظاهرين أغلبهم من جماعة الإخوان ألقي القبض عليهم الخميس11-5-2006 في أثناء تضامنهم مع القاضيين الإصلاحيين محمود مكي وهشام البسطويسي اللذين واجها محاكمة تأديبية انتهت الخميس 18-5-2006 بالحكم ببراءة مكي وتوجيه اللوم للبسطويسى. وتعقيبا على قرار الحبس قال الشرنوبي: "القرار رسالة إلى الجماعة بأنه ليس من حقها أن تطالب بأي مساحة من الحرية والتعبير عن الرأي أو الدفاع أيضا عن استقلال السلطة القضائية". يشار إلى أن وزارة الداخلية المصرية كانت قد أعلنت في بيان الثلاثاء 16-5-2006 أنها لن تسمح بالتجمع أو التظاهر خلال محاكمة القاضيين مكي والبسطويسي إلا بإذن مسبق منها، كما دعت وسائل الإعلام إلى الحصول على تصريح مسبق لحضور جلسة محاكمتهما.