اليوم: أعوان الصيدليات الخاصة يحملون الشارة الحمراء    19 مليار دينار استثمارات متوقعة.. الهيدروجين الأخضر طاقة تونس للمستقبل    عاجل/ "المالديف" تحظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى أراضيها..    انتصر على الافريقي...الترجي يقترب من اللقب    وسط تفاعل جماهيري كبير ...أنس تترشح إلى ربع نهائي بطولة رولان غاروس    إدارة الترجي الرياضي تحيل حارس مرمى على لجنة التأديب و الانضباط    بطولة ايطاليا : صعود فينيتسيا بعد فوزه على كريمونيزي    غرفة تجار المصوغ : البنك المركزي غير قادر على توفير الذهب لأصحاب المعامل    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى..#خبر_عاجل    سمها قاتل وانتشرت مؤخرا .. أخصائي يحذر من تناول هذا النوع من السمك    الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة الخامسة و العشرين    الجزائر: اصطدام شاحنة وقود بسيارة يخلف ضحايا    المرصد التونسي للإقتصاد يدعو إلى إرساء سياسة فلاحية تكرّس مبدأ الاستقلالية الغذائية    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    الهند: 25 ألف ضربة شمس ووفاة العشرات بسبب موجة حر    حرب الاحتلال على غزة في عيون الصحف العربية والدولية...الاحتلال قبل مناقشة إنهاء الحرب    مدرب الترجي معلقا : ''ما شاهدته في الدربي لم يكن كرة قدم، بل حرب وفوضى ''    بداية من اليوم: رئيس الحكومة يؤدي زيارة عمل إلى كوريا الجنوبية    طقس الاثنين: الحرارة تصل الى 42 درجة بهذه المناطق    وزيرة التربية: لهذا السبب تم منع ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال امتحان البكالوريا    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    رغم نجاحات أطبائنا...مستشفياتنا تعاني... والصحة «مريضة»    تونس الأولى عربيا في التدخين والسيجارة الإلكترونية بديل قاتل    مع الشروق .. يرومون الدفء العائلي.. لكن !    الكاف: 3457 مترشحا لامتحان الباكالوريا    الطبوبي: نواصل دورنا النضالي    تيسير ولوج ذوي الإعاقة الى المعارض    مع الشروق .. يرومون الدفء العائلي.. لكن !    قريبا شركة اللحوم تشرع في بيع الأضاحي    سريلانكا.. فيضانات وانهيارات طينية تخلف 10 قتلى ومفقودين    أولا وأخيرا...إلى الوراء در    إما صفقة جيوسياسية تاريخية كبرى أو مواصلة الحرب الخاسرة...نتنياهو في ورطة!    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    عاجل/ جريمة قتل شاب بعد رميه من طابق علوي..وهذه حصيلة الايقافات..    هذه أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    الترجي يفوز على الافريقي 2-1 ويصبح على بعد نقطة من التتويج..    مكتب منظمة الصحة العالمية بتونس: معدّل عمر متعاطي أول سيجارة في تونس يناهز 7 سنوات    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    الليلة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 26 درجة    رياح قوية الليلة وغدا بهذه المناطق..    المخرج التونسي الشاب محمد أمين الزيادي في ذمة الله    شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بداية من 8 جوان الجاري    ولاية تونس في المرتبة الأولى من حيث عدد حوادث المرور    إحالة اللاعب أصيل النملي على لجنة التأديب والانضباط    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    قربة: وفاة تلميذ ال13 سنة غرقا    رئيس الجمهورية يختتم زيارته للصين بزيارة عدد من الشركات    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر وأفكار بين نازك الملائكة و الفاروق
نشر في الوسط التونسية يوم 29 - 06 - 2007


*
بعد هبوط حاد في الدورة الدموية التي لم تقاوم سنوات اليأس و الغربة و الألم ,و بعد المنفى الاختياري أو القهري بمصر منذ سنة 1990 ;فاضت الروح إلى ربها راضية مرضية و وريت التراب بالقاهرة هذا الخمس 22 جوان من نهاية الأسبوع الماضي الأديبة و الشاعرة نازك الملائكة عن عمر يتاهز 84 سنة ,و قد كان مولدها ببغداد سنة 1923 من أسرة محافظة و متعلمة ورثت عنها الكثير من التواضع حسبما ظهر في كثير من سلوكاتها و في تفاصيل حياتها التي كانت بعيدة عن المتعة التي أضحت اليوم الدين الجديد من جيل المبدعين المزيفين ,وأسمح لنفسي أن أصف هذه الطينة بلقطاء الإبداع من الذين يكثرون الضجيج من حولهم حتى يلتفت إليهم و تسوق سيرتهم في كل مكان و يذكرون على طرف كل لسان لأن من وراء ذلك منافع كثيرة بالتأكيد ليست في خدمة قضايا الوطن و الأمة بل على حساب ثوابته و قيمه, كما هو الحال مع ياسمينة خضره و آسيا جبار و غيرهما من ذكر و أنثى دون أن أنتقص من إبداعات أي كان فهذا ليس من مهمتي.
إلى غاية هذه الأيام التي نقلت لنا نبأ وفاة نازك الشاعرة المتحررة من تقاليد الشعر الكلاسيكي منذ صدور ديوانها "عاشق الليل" سنة 1947 كنت أعتقد أنها لم تعد من عالم الشهادة و قد كان نفس الانطباع لدى العديد من متتبعي الشأن الأدبي ممن قرأت لهم في العديد من الصحف الدولية , و إن كنت لا أحسب نفسي أحدهم لاشتغالي أصلا بالسياسة التي أحاول أن ألقحها من حين لآخر بالأشياء الجميلة حتى لا تبقى بالنسبة للذين فقدوا الثقة في أصحابها شيئا مخيفا .
و على كل حال,كم هو الأمر صعب و قاسي أن تعد من عالم الأموات و أنت حي ترزق, و لكن لا ضير قد يكون في الأمر خير كثير لا نعلم حكمته .وقد ينطبق هذا على كثير من خلق الله ,و في مواقف و صور مختلفة كما قال تعالى في حق طائفة من الشرفاء الذي رضوا بحالهم الذي ارتضاه الله لهم و ما كتب لهم من رزق دون طمع و مذلة لأحد " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" فهكذا يكون العظماء و هم يتكلمون و هم صامتون و هم معنا فوق التراب و هم بين يدي الملائكة تحت التراب.
كثيرا ما كان يثار في نفسي الفضول حول الاسم الذي كانت تحمله شاعرتنا ,إلى أن اطلعت على بعض المصادر التي كفتني عناء السؤال ,و لا باس أن أنقل ذلك للقارئ لعله يتقاسم معي هذا الفضول الجميل، فالملائكة راجع للهدوء و السكون الذي كان يسود بيت أهلها أما اختيار الإسم التركي نازك كونها ولدت عقب الثورة التي قادتها الثائرة السورية " نازك العابد" على السلطات الفرنسية ,و كانت الصحف آنذاك تطفح بأنبائها فرأى جد الطفلة أن تسمى نازك إكراما للثائرة و تيمنا بها ,و قال " ستكون ابنتنا نازك مشهورة كنازك العابد إن شاء الله" ,و لكن أي شهرة حققتها الراحلة إلى جنب ما حققته نانسي عجرم و أليسا و وهيفاء وهبي و روبي و ما تعمل على تحقيقه هذه الأيام بعض الأقلام و بأي ثمن من مثل صاحبة"اكتشاف الشهوة" فضيلة الفاروق الشاوية المقيمة ببيروت ,و التي كانت من ضيوف الملتقى الدولي الأول للأدباء العرب في المهجر الذي دامت أشغاله من 24 إلى 28 جوان بالمكتبة الوطنية ,و قد حرصت على متابعته ما استطعت إلى ذلك سبيلا ,و كم كان الأمر مقززا و أنا استمع للمداخلة التي تفظلت بها الروائية و التي مكنتني اكتشاف أنها لا زالت تتمتع ب"مزاج مراهقة" تعاني الأرق ,و بالخصوص عندما تصرح ب" أنها غير راضية على جسدها لأنها لم تختره و من أنها منزعجة من هذا المجتمع أي المجتمع الجزائري لأنها لم تختره , " فكان تعليقي على هذا الكلام السمج عبارة عن استفهام لم أجد له جوابا و ذلك لأن مسير الجلسة الأستاذ الجراح الذي لم بكن مجاملا لأحد أوقف الفاروق على المتابعة في الحديث لأنها انحرفت عن الموضوع المخصص للنقاش الذي تحول إلى تسوية حسابات مع السلطة و المجتمع المحافظ ,و لو لا تدخل ضابط إيقاع الملتقى الدكتور الزاوي لانتهت الجلسة بما لا تشتهي الحكمة للحساسية المفرطة التي ظهرت عليها الفاروق أمام كل من يقابلها برأي مخالف إلى حد أنها همت بمغادرة القاعة كأي صبية نزعت من بين أيديها دمية تسليها.
أعود فأقول كان تعقيبي أن من حق فضيلة أن تنزعج من جسدها ربما لأنه لم يكن من الجمال الذي يشبع غرورها و بالخصوص و هي تقيم بين حسنوات بيروت و هذا ليس تجن مني, بل قد اعترفت في أكثر من مناسبة من أن شكلها يشكل لها قلقا ، ربما إلى حد أن دفعها ذلك إلى متابعة طبيب للأمراض العصبية ، هذا من جهة و من جهة أخرى لا يمكن أن نفهم ما الذي يزعجها في هذا المجتمع ؟ هل هو هيمنة الأصولية كما تدعي إلى حد معارضتها لميثاق السلم و المصالحة الوطنية الذي لم يكن عادلا حسب تحليلها و تقييمها للأوضاع ؟ ,هل هو خوفها من التحرش الجنسي و هي ليست من الفتنة التي تغري سوى اكتنازها بالشحم و اللحم و هذا أضحى متوفرا إلى حد التخمة في شوارعنا؟ , و يا ليت الأمر توقف عند هذا الحد بل اشتكت صاحبتنا من الحقرة في الجزائر ربما لأنها لا تعامل كسيدة من الدرجة الأولى كما تحب ,و هي التي لا تأتيها إلا زائرة لبضعة أيام بعدما اختارت الإقامة إلى جنب المجنمعات المخملية و نسيت أو تناست أنها أوفر حضا من غيرها من عالم الرجال و النساء معا في الجزائر و في غيرها من الأوطان.
إذا كان الأديب عز الدين ميهوبي قد أوجد مقاربة تكاد تكون صوفية بين نازك و جميلة بوحيرد في" أنهما تتشابهان في الصمت المقدس حتى يحتفظن بذلك التوهج الآسر و الحب الكبير في وجدان الناس" , فلقد اهتديت من جانبي إلى مفارقة بين نازك و فضيلة ,وهي : أن الأولى كانت تحمل قضية و غادرتنا و بلادها العراق يتمزق و أهله يموتون كل دقيقة ,دون أن تسمح لها ظروفها من أن تلتفت لجسدها الذي لم يزعجها رغم افتقاده للحسن , أما فضيلة فهي تختلق لنفسها قضايا وهمية كأن ترمي مجتمعنا بأنه معقد جنسيا ,لا تستطيع فيه المرأة التمتع بزينتها لافتقاد الأمن ,و من أن العربية في الجزائر هي قرار سياسي تورط فيه المرحوم بومدين ,و تدعي أنها إذا نطقت بكلمة بالشاوية تحرك المعربون رعبا ..
هذا و أعود بكم إلى ما كتبته في إحدى الصحف سنة 2004 ,حين أبدت أسفها و هي تتحدث عن والدها الذي استشهد في الثورة الجزائرية فتقول ".. كان من أول أطباء الثورة و استشهد في سبيل الوطن بطريقة مأساوية جدا ,حيث ألقي به حيا من على الطائرة ,و مع هذا لقد كافأنا الوطن بالتهميش و اللامبالات" ,و في هذا المقام يحظرني الصمت المقدس الذي تحلت به المجاهدة البطلة بوحيرد كما أشار ميهوبي ,و لا نملك إلا أن نقول رحم الله نازك و بوحيرد في الدنيا و الآخرة و نسأل الله لفضيلة الهداية ...
إن الخوف كل الخوف أن يتحول معشر المهاجرين كتابا مبدعبن كانوا أو مفكرين أو سياسيين أو حتى فنانين إلى مشروع جاهز في يد الآخر لتسويق نماذج غريبة عن حضارتنا و عن هويتنا تحت غطاء الإصلاح المزعوم ,لأن الدهشة لازالت ترافقنا منذ الطهطاوي إلى سعد الدين ابراهيم , حيث لابد من وضع الأمن القومي للبلاد فوق كل اعتبار و لاسيما لدى مزدوجي الجنسية .
29 جوان 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.