"ستيغات لمغرب نون" هكذا ترجم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية إلى الأمازيغية شعاره الانتخابي "اختاروا مغربكم"، وقام بتوزيع العديد من المنشورات والملصقات الانتخابية تحمل هذه الترجمة في المناطق التي تنتشر بها اللغة الأمازيغية. إلا أن خطأ بالترجمة (ستيغات بدلاً من ستييات وهي التي تعني اختاروا) جعل الشعار المترجم يعني "فجروا مغربكم"، ما أثار غضب فعاليات أمازيغية اعتبرت هذا الخطأ استخفافًا بثقافتهم ودعت لمقاطعة الحزب. وشهدت منتديات أمازيغية على الإنترنت مساء السبت 1-9-2007 دعوات كثيرة لمقاطعة الحزب؛ احتجاجًا على هذا الخطأ الذي اعتبرته منتديات أمازيغية "استخفافًا" بثقافتهم. وجاءت إحدى الرسائل تحت عنوان: "عرفت إشنو كتب اليازغي؟"، في إشارة إلى محمد اليازغي زعيم الحزب، في حين دعت رسائل أخرى لمقاطعة حزب "الوردة"، شعار الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية. ولم يتسن حتى مساء الأحد الحصول على تعليق من التحاد الاشتراكي على هذا النبأ. وفي تصريح ل"إسلام أون لاين.نت"، رأى إبراهيم أمكراز القيادي بالحزب الديمقراطي الأمازيغي (علماني مقاطع للانتخابات) أن "هذا الخطأ له مغزاه فهو يعكس مجرد تكالب الأحزاب المغربية في مجملها على تسويق شعارات انتخابية بالأمازيغية؛ أملاً في خطب ود الناخبين الأمازيغ، دون اكتراث أو جدية". واعتبر أن ما يثبت ذلك أيضًا أنه "حين نطلب محاورة هذه الأحزاب في غير أوقات الانتخابات بشأن قضايا أمازيغية لا تبالي بمطلبنا". ويتجمع الأمازيغ بشكل أساسي في جنوب المغرب بمناطق أغادير وتيزنيت وتارودات ومزوضة وتادلا وأزيلال، بالإضافة لبعض المناطق الريفية مثل الحسيمة والناضور ومناطق الأطلس المتوسط مثل خنيفرة وتيفلت والخميسات. ويقاطع الحزب الديمقراطي الأمازيغي الانتخابات احتجاجًا على ما يعتبره "غياب الاعتراف الدستوري بالهوية واللغة الأمازيغية، إضافة إلى انعدام الشروط الأساسية لضمان منافسة شريفة وانتخابات نزيهة"، بحسب أمكراز. ويرفض رئيس هذا الحزب أحمد دغرني بشكل صريح الهوية العربية الإسلامية للمغرب ويعتبرها أمازيغية بحتة. غير أن محمد الطوزي، المتخصص في علم الاجتماع السياسي يشير إلى أن هناك جمعيات أمازيغية أكثر حضورًا بالمغرب، وعلى رأسها جمعية التبادل الثقافي التي تدعو المواطنين للتصويت يوم الجمعة المقبل لصالح الأحزاب التي تبدي اهتمامًا أكبر بقضايا الأمازيغ وتدعو لدسترة الأمازيغية. ووصف دعوة حزب دغرني وجمعيات أمازيغية أخرى لمقاطعة انتخابات 2007 بأنها "تبقى هامشية وغير مؤثرة". أما الأحزاب الرئيسية المشاركة بالانتخابات التشريعية المقبلة، فيتفاوت موقفها من مطالب بعض القوى الأمازيغية بالإعلاء من شأن لغتهم في البلاد، وأن ينص الدستور على اعتبارها لغة رسمية إلى جانب العربية. ويبدو واضحًا أن الأحزاب اليسارية أكثر تقبلاً لهذه المطالب، بينما يبقى البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي "صامتًا" إزاء هذه القضية. ففي الوقت الذي يطالب برنامج كل من حزب الحركة الشعبية الذي يضم قيادات أمازيغية وائتلاف اليسار (تحالف أحزاب الطليعة والمؤتمر الوطني والحزب الاشتراكي الموحد) ب"دسترة اللغة الأمازيغية"، أي أن ينص الدستور على اعتبارها لغة رسمية، يدعو حزب الاستقلال (محافظ) في برنامجه إلى "العناية بالأمازيغية وتراثها وفنونها" فقط، في حين يدعو برنامج الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية إلى "إعادة الاعتبار للغة الأمازيغية" والاهتمام بها كلغة "وطنية" وليست رسمية. غير أن محمد زهاري، عضو قيادي بحزب الاستقلال، صرح ل"إسلام أون لاين.نت" أن حزبه يرى أن "لغة البلاد الرسمية يجب أن تبقى هي العربية بدون جدال". واعتبر أن بعض القوى الأمازيغية المطالبة بدسترة هذه اللغة تنطلق من اعتبار أن "العرب أشخاص وافدون على المغرب ويجب رد الاعتبار إلى سكان البلاد الأصليين وهذا كلام فارغ؛ لأن الكل مغاربة في وطن واحد". وتطالب جمعيات أمازيغية علمانية مثل "تامينوت" بحكم ذاتي للتجمعات الأمازيغية، في حين تدعو جمعية البحث والتبادل الثقافي أكثر الجمعيات الأمازيغية حضورًا للتصويت لصالح الأحزاب التي تنادي بدسترة الأمازيغية. وأعرب زهاري في المقابل عن احترامه لمطالبة جمعيات أمازيغية برفع القيود على تسجيل الأسماء الأمازيغية في دفتر الحالة المدنية. انتقادات أمازيغية للعدالة أما حزب العدالة والتنمية الذي ترشحه استطلاعات الرأي للحصول على أكبر عدد من المقاعد فلم يتضمن برنامجه أي إشارة من قريب أو بعيد للشأن الأمازيغي، وهو ما عرضه لانتقادات من الحزب الديمقراطي الأمازيغي. وأبدى إبراهيم أمكراز استغرابه لتضمن برنامج العدالة والتنمية نقاطًا تتعلق بقضايا خارجية كالقضية الفلسطينية والعراقية، في الوقت الذي "تجاهل فيه أهل وطنه من الأمازيغ"، في حين رأى محمد الطوزي، المتخصص في علم الاجتماع السياسي في تصريح لإسلام أون لاين أن كتابة بعض الأحزاب لمنشوراتها بالأمازيغية (أحرف "تيفيناغ") هو "نوع من الغزل السياسي الواضح". ويعقب "عبد الله بها" القيادي بالعدالة والتنمية في تصريح لإسلام أون لاين قائلاً: إن حزبه دعا في برنامجه إلى تعزيز "الهوية الحضارية الإسلامية المغربية" التي "ينضوي تحتها كل أبناء المغرب"، داعيًا للابتعاد عن "كل عامل يعوق وحدة الأمة، أو يوجد الشقاق الذي يكرس اختراق صفوفها". وأضاف أن حزبه يؤيد عدة مطالب للقوى الأمازيغية، من بينها إعطاء مساحة أكبر للثقافة الأمازيغية في الإعلام المغربي، غير أنه تحفظ على المطالب الخاصة بدسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، معتبرًا أنها "تحتاج إلى حوار ودراسة لمعرفة ما يمكن أن يترتب عليها، وإذا كان المغرب في حاجة إلى ثنائية اللغة، خاصة أن البلدان التي طبقت هذه الثنائية تعيش اليوم مشاكل داخلية". وشدّد "بها" على رفض حزبه ل"استغلال بعض القوى الأمازيغية المتطرفة لهذه المطالب وغيرها ضد الإسلام والعربية". ويستخدم عدد كبير من الأحزاب كحزب الحركة الشعبية بجانب عدد من القوى اليسارية اللغة الأمازيغية في مهرجاناتها الانتخابية في المناطق ذات الكثافة الأمازيغية، خلافًا لحزب العدالة والتنمية الذي يستخدم العربية ويكثف عوضًا عن ذلك من وضع الملصقات الانتخابية بالأمازيغية في هذه المناطق. يودا يودا! وبحسب عبد الجبار القسطلاني مرشح حزب العدالة والتنمية بتزنيت جنوب المغرب، فإن الكتلة الناخبة الناطقة بالأمازيغية تتجاوب مع شعارات الحزب، مثل: "يودا يودا سغات لبما.. نرى تيفاوت تكنداوت"، ومعناها "كفانا كفانا خداع،.. أشعلوا القنديل" (رمز العدالة والتنمية) و"يودا يودا نرا أنفكوا" أي "كفانا كفانا.. نريد الخلاص". وأبدى عاهل المغرب محمد السادس منذ ارتقائه العرش عام 1999 اهتمامًا بالأمازيغية، وتجلت مظاهر هذا الاهتمام في قراره بتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من ميزانية القصر الملكي. كما ينتظر أن تنطلق الشهر المقبل أول قناة أمازيغية في المغرب برعاية ملكية. وينحدر المغاربة من أصول أمازيغية أو عربية، وحدث تصاهر واختلاط كبير بين القسمين منذ الفتح الإسلامي للمغرب قبل 12 قرنًا. ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد من يتحدثون الأمازيغية بالمغرب وأن بقوا أقل ممن يتحدثون العربية.