عزيزي زهير الشرفي: تحية طيبة، وبعد: تألمت، واستغربت، وحزنت، عندما قارنت بين الإسلاميين التونسيين والحركات الفاشية والنازية. أنت كتبت ذلك في سياق الرد على دعوتي لتمكين الإسلاميين التونسيين من حق العمل السياسي القانوني في تونس. تعلم أخي زهير كم نالني من الهجوم والأذى من قطاع واسع من الكتاب والنشطاء الإسلاميين منذ 1992، تاريخ استقالتي من حركة النهضة. وقبل شهور فقط، لا أشك أنك قرأت المقالات القاسية الحادة التي كتبها ضدي كثير من الإسلاميين ردا على العرض الذي طرحته للمصالحة بين حركة النهضة والحكومة التونسية. أذكر ذلك، لأبين لك أن لدي الدافع الشخصي إن أردت لمجاراتك في حملتك على الإسلاميين التونسيين وتشبيهك لهم بالنازيين والفاشيين، فهم آذوني معنويا لسنوات عديدة ومازالوا، ولعلني أكثر التونسيين تعرضا لهجمات الإسلاميين في مواقع الإنترنت خلال السنوات الماضية، أكثر حتى من الحكومة التونسية فيما يبدو، وافتح منتديات "الحوار نت" اليوم تجد حملاتهم القاسية مستمرة. لكن الحق أولى بالإتباع. والموضوعية مقدمة على العواطف الشخصية. والله تعالى يأمرنا بالعدل وقول الصدق. لذلك، أشهد، وأؤكد لك، من موقع تراكم الخبرة والتجربة الشخصية، والدراسة الأكاديمية، ومن موقع السجال الطويل الذي دخلت فيه مع الإسلاميين لعدة سنوات، أؤكد لك أن التيار الرئيسي للحركة الإسلامية التونسية، تيار حركة الإتجاه الإسلامي ثم حركة النهضة، تيار وطني معتدل مستنير، يتبنى الروح التجديدية في الفكر، والنهج المعتدل في السياسة، ويرنو للديمقراطية كهدف كبير له وللبلاد التونسية. إن مؤاخذاتي على سياسة قيادة الحركة تجاه السلطات، وإعراضها عن خيار التقارب مع السلطات منذ السبيعينيات والثمانينيات، وعدم نجاحها في الفصل بين النشاط الدعوي الموجه لعموم المسلمين، والنشاط الحزبي الذي يستهدف كسب المزيد من الأنصار للحركة، والتعويل على العمل السري في بعض المراحل.. هذه المؤاخذات معروفة، لكنها لا ترقى لدرجة تبرير اتهام الحركة الإسلامية بالفاشية والنازية. وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. أخي زهير: المرجعية الإسلامية أصلا لا تبرر التوجه النازي والفاشي. وتاريخ المجتمعات الإسلامية هو في قسم كبير منه تاريخ التسامح والتعددية. لذلك لم يعرف تاريخنا الهولوكوست، ولا النازية ولا الفاشية ولا العنصرية. والحركة الإسلامية التونسية حركة معتدلة وديمقراطية، وهي اليوم قوة مهمة معتبرة للخيار السلمي في العمل العام. لذلك، أناشدك ألا تظلمها وألا تتجنى على إخوانك ومواطنيك الإسلاميين التونسيين. وبدل التبرير لإقصائهم، وسجنهم، والتضييق عليهم، أدعوك بحق الأخوة الوطنية، والمبادئ الديمقراطية، أن تدافع عن خيار تطبيع أوضاعهم، وإدماجهم في الحياة السياسية القانونية، وتسوية الخلافات المتبقية بينهم وبين السلطة قبيل السابع من نوفمبر المقبل. أخي زهير: ماذا نفعل بآلاف الإسلاميين التونسيين، وبالمعتقلين السابقين، وأنصارهم: هل نرميهم في البحر، أم نستمر في حبسهم، والتضييق عليهم في أرزاقهم، وإخضاعهم للمراقبة الإدارية؟ هل يتفق هذا السلوك مع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والأخوة الوطنية؟ أليس الأفضل، أن نتسامح، وأن نقبل العيش معا كتونسيين، كل منا بأفكاره التي يتبناها طوعا من دون اكراه. السياسة. ما هي السياسة؟ إنها في أفضل معانيها تنافس في خدمة الناس. فلنسمح بالتنافس بين الحركات والأحزاب في خدمة مجتمعنا والرقي باقتصادنا، ولنكن مثل فرنسا، إن لم يعجبنا اليمين انتخبنا اليسار!! أخي زهير: الإسلاميون التونسيون ليسوا فاشيين ولا نازيين. هم تونسيون منا وفينا. قوة للخير والديمقراطية إن شاء الله. أرجوك أن تضم صوتك لصوتي وتناشد الرئيس بن علي تطبيع أوضاعهم بالكامل قبيل السابع من نوفمبر، فقد آن لصفنا الوطني أن يجتمع ويلتئم من دون اقصاء أو تهميش. واسلم لأخيك.