الأزمة تشتد بين المحامين والداخلية .. إيقاف المحامي المهدي زقروبة    دعا رئيس الجمهورية الى التدخّل العاجل ...عميد المحامين : لسنا ضد المحاسبة... لكن    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    القيروان: حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم    الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ترفع عقوباتها عن تونس    حالة الطقس ليوم الأربعاء 15 ماي 2024    6 علامات تشير إلى الشخص الغبي    يوميات المقاومة .. قتلت 7 جنود للاحتلال بعملية نوعية في جباليا .. المقاومة تكبّد الاحتلال خسائر جديدة    هام/ مجلس وزاري مضيّق حول مشروع قانون يتعلق بعطل الأمومة والأبوة    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    ذبح المواشي خارج المسالخ البلدية ممنوع منعًا باتًا بهذه الولاية    بن غفير يطالب باعادة الاستيطان في غزّة وطرد الفلسطينيين    اختفى منذ 1996: العثور على كهل داخل حفرة في منزل جاره!!    شوقي الطبيب يُعلّق اعتصامه بدار المحامي    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    عاجل : مطار القاهرة يمنع هذه الفنانة من السفر الى دبي    دراسة : المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    عاجل/ إصابة تلميذتين في حادث دهس بقفصة    عاجل/ فرنسا: قتلى وجرحى في كمين مسلّح لتحرير سجين    سليانة: القبض على عنصر تكفيري    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    عاجل/ السيطرة على حريق بمصنع طماطم في هذه الجهة    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    تأجيل النظر في قضية ''انستالينغو''    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    منحة استثنائية ب ''ثلاثة ملاين'' للنواب مجلس الشعب ...ما القصة ؟    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    أخبار المال والأعمال    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    عشرات القتلى والجرحى جراء سقوط لوحة إعلانية ضخمة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام المعتدل يُدخِلُ تركيا في عصرٍ جديدٍ
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 10 - 2007

من الصعب جدا عدم تقدير صعود إلى قمة الدولة التركية ،و في تطابق مع القواعد الديمقراطية ووفقًا لدستور البلاد، عبد الله غول ، الإسلامي المعتدل القريب من أوروبا ، والقادم من الحركة الإسلامية التركية .
قبل أربعة أشهر من هذا الاستحقاق الانتخابي ، كانت تركيا تعيش في أزمة عندما تدخلت المحكمة الدستورية العليا بطلب من أحزاب المعارضة في 26 نيسان / أبريل الماضي ، للفصل في مدى صحة انعقاد الجلسة البرلمانية الأولى للاقتراع والتي فشل فيها عبد الله غول في الحصول على النصاب المطلوب في أكبر «بازار سياسي» كما وصفته الصحافة العربية، حين حصل غول على 357 صوتاً هي أصوات نواب حزب العدالة والتنمية جميعاً، وأخفق في استقطاب 14 صوتاً ليكمل نصاب الثلثين، كما أخفق الحزب في استمالة 6 نواب لإكمال النصاب المطلوب لعقد الجلسة التي أصر رئيس البرلمان على عقدها لأنه من وجهة نظره ليس مطلوباً أي نصاب خاص لعقد الجلسة بينما النصاب المطلوب فقط لنجاح المرشح من الجولة الأولى. وكانت أمام غول جولة ثانية ستكون مثل الأولى ثم جولة ثالثة حاسمة يحتاج فيها إلى 50 في المئة + 1 فقط وهو مضمون.
وعندما أبطلت المحكمة الدستورية دستورية جلسة الانتخاب ،أصدر الجيش بيانا تهديديا ، قال فيه :«: إن القوات المسلحة ضد هذه المناقشات (حول أسس العلمانية بين الإسلاميين والعلمانيين) وستعلن موقفها عندما يصبح ذلك ضرورياً، ينبغي ألا يشك أحد في هذا الأمر، وأن القوات المسلحة هي حامية العلمانية بكل تصميم («الحياة» 27/4).
وجاء الرد ء سريعاً وحاسماً من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رافضاً تدخل الجيش وقال الناطق باسم الحكومة «إن الحكومة هي المسؤولة أولاً عن حماية نظام العلمنة، وأن الجيش يتبع لها وليس العكس». وهاتف أردوغان قائد الأركان يشاربيوك أنيط، وأبلغه رفضه للأسلوب الذي صيغ به البيان («الحياة» 29/4).
آنذاك تدخلت أميركا والاتحاد الأوروبي لتعلنا رفضهما لتدخل الجيش ودعوا إلى احترام الدستور والديموقراطية العلمانية، وأعلن مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي (في إعلان تهديدي) أن الاتحاد الأوروبي يدرس بيان الجيش ليحدد موقفه النهائي. إذاً الضغوط الغربية التي مورست على قيادة الجيش التركي اليوم لكي يحترم المسار الديمقراطي، حتى لو أفسح في المجال لوصول إسلامي إلى سدة الرئاسة في تركيا،تختلف في حالة الجزائر قبل 15 سنة حين حصل الجيش الجزائري على ضوء أخضر للانقلاب العسكري على الديموقراطية التي جاءت بالجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1991/1992 إلى سدّة الحكم في انتخابات نزيهة ونظيفة.
فنتاح الإنقلاب على الديمقراطية دخلت الجزائر بعدها في دوامة الحرب الأهلية طيلة عقد التسعينيات من القرن الماضي ، التي راح ضحيتها قرابة 200000 قتيلا، والتي لا تزال تداعياتها قائمة إلى اليوم ، يشهد على ذلك اليوم ، عودة الأعمال الإرهابية في صورة جديدة التي تشهدها عدة مدن جزائرية ، لتجدد أزمة الحياة السياسية، حيث يواجه الحكم أزمة المشروعية بعد فشل المصالحة في احتواء الجميع، إذيشعر الجزائريون أن الجيش ما زال هو المسيطر، خصوصاً بعد مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتفاقم أزمة الخلافة وفشل الحلول الموقتة التي تم تجريبها خلال ال 15 سنة الماضية.
وكان حزب العدالة و التنمية الحاكم قد سمى وزير الخارجية عبدالله غول لمنصب رئاسة الدولة التركية ، وقد أثارت هذه التسمية مخاوف الليبراليين الأتراك الذين يخشون على التراث العلماني الذي تركه مصطفى كمال أتاتورك من الاندثار.
قبل خمس وثمانين سنة من اندلاع الثورة التركية الأولى ، أسس مصطفى كمال أتاتورك على أنقاض الإمبراطورية العثمانية ، مقر الخلافة الإسلامية ، الجمهورية التركية او تركيا ما بعد العثمانية المؤسَّسة عام 1925، وحافظ عليها ورثائه من خلال الإعتماد على الجيش، في إطار بناء دولة علمانية قومية وتسلطية. ذي مرجعية سياسية – ثقافية هي النمط العلماني الفرنسي . . لقد أراد مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، أن تكون الدولة التركية الجديدة ذات هيكلية وهوية علمانيتين أشد تعصباً من البلاد التي اخترعت العلمانية كفرنسا.
مبادىء أتاتورك العلمانية
أصبحت مبادىء مصطفى كمال أتاتورك في العلمانية التي التزم بها حزبه :حزب الشعب الجمهوري، بمنزلة المرجعية المقدسة للدولة التركية الحديثة، التي لايجوز لأحد المساس بها، وهي على النحو التالي:
1 النظام الجمهوري هو النظام النهائي لتركيا.
2 الشعب التركي يشكل أمة واحدة قائمة بذاتها، وذات قومية متميزة، وتركيا هي صاحبة السيادة المطلقة على أراضيها كافة ضمن حدودها الجغرافية المعترف بها دولياً.
3 تركيا دولة علمانية وأمور الدين منفصلة عن أمور الدولة، لذلك غير مسموح لرجال الدين التدخل في أمور الحكم والإدارة والقضايا العامة.
4 النظام التركي الجمهوري العلماني نظام شعبي يقوم على التمثيل النيابي الديموقراطي، وجميع المواطنين متساوون أمام القانون.
5 نظام الدولة الاقتصادي هو نظام الحرية المراقبة، وهذا يعني أن للدولة الحق في مراقبة نشاطات القطاع الخاص والتدخل بالقوة، إذا لزم الأمر، لوقف هذه النشاطات إذا كانت ضارّة بالمصلحة العامة.
6 طبيعة النظام طبيعة ثورية، لذلك يجب ان يكون نظاماً متطوّراً باستمرار تبعاً لتطوّر مشاكل الحياة حتى يُقضى نهائياً على الفقر والجهل والتخلف.
و بناء على إقامة هذا النظام العلماني التسلطي بقيادة الجيش التركي ، تم قمع التيارات الدينية ، ومنعت من التعبير عن نفسها في شكل أحزاب سياسية طيلة المرحلة الممتدة من تأسيس الجمهورية التركية الحديثة وغاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي.
ولكن في عام 1945، فُتح الباب أمام التعددية الحزبية، مع بقاء حظر الأحزاب الدينية طبعاً، وهذا ما مكّن أحزاباً (تحمل شعار الديموقراطية في الظاهر والإسلامية في الباطن)، من التغلغل في المشهد السياسي وفق خطوات طويلة وشاقة، شملت الكثير من قطاعات المجتمع، أبرزها المؤسسات التربوية والبلديات والجمعيات الخيرية، والى حد ضئيل المؤسسة العسكرية نفسها.
وبالغ الجيش في تطبيق ذلك من خلال منع المظاهر الدينية، ليس فقط في الدوائر الرسمية والسياسية، بل أيضاً في بعض قطاعات المجتمع. لذلك بقيت «تركيا الحديثة» ولعقود ثلاثة منذ تأسيسها، خاضعة لحكم الحزب الواحد وتحت حماية المؤسسة العسكرية، التي تضمّ كبار الضباط الأوفياء لأتاتورك.
وفي العام 1951 اجتازت المؤسسة العسكرية التركية أول اختبار لها وحرصت خلاله على تأكيد الدور الذي آلت على نفسها الإضطلاع به، فبعد نجاح الحزب الديموقراطي الإسلامي بزعامة عدنان مندريس في انتخابات عام 1950، أصدرت الجمعية الوطنية العظمى ما عرف وقتها ب «قانون أتاتورك» لإطلاق يد حماة العلمانية في التعاطي مع مناهضي العلمانية والأتاتوركية، وذلك في مسعى جاد لسد الطريق أمام الحكومة الإسلامية الجديدة.
وتتمتع المؤسسة العسكرية التركية بإستقلالية واضحة وصلاحيات رقابية وتنفيذية واسعة، إذ يرأسها رئيس الأركان، ولا ترتبط بوزارة الدفاع، بل برئيس الوزراء من الناحية الشكلية والنظرية فقط، وتقوم باتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالجيش (شراء أسلحة، تعيينات، ترقيات، إقالات) من دون أن يكون لوزير الدفاع أو لرئيس الوزراء أي علاقة أو تأثير في هذه القرارات، فقد طرد الجيش قرابة 1000 ضابط من أكفأ الضباط بسبب ميولهم الإسلامية، وكون زوجاتهم محجبات، في إطار عمليات التطهير السنوية التي تجريها المؤسسة العسكرية ضد «الرجعيين» من العسكريين!
ومع أن دستور البلاد والنظام الداخلي للجيش يمنعان العسكريين من التدخل في السياسة، إلا أن شيئاً من هذا لا يطبق عملياً، حيث يستند العسكريون على تفسير خاص من جانبهم لبعض مواد في الدستور يزعمون أنها خولتهم مهمة الدفاع عن الأمن الخارجي والداخلي للبلد وعن العلمانية والمبادئ الأتاتوركية، إذ تقرر المادة الثانية من الجزء الأول من الدستور بوضوح، وهي من المواد الدستورية الثلاث المحظور تغييرها بل تقديم مقترح بتغييرها، على أن تركيا جمهورية علمانية تدين بالولاء للقومية الأتاتوركية، وأن الجيش هو المسؤول عن الدفاع عن أمن البلاد ضد الأخطار الخارجية، كما يقوم بالتصدي لأي حركة عصيان مسلحة داخلية. وقد وسعت المؤسسة العسكرية مفهوم «الأمن الداخلي»، وجعلته يشمل تقويض جميع الحركات السياسية التي تحمل أفكاراً وأهدافاً تعدها خطراً على «العلمانية» وعلى «الكمالية».
لكن الحدث الأبرز الذي حصل في تركيا في عقد الخمسينيات من القرن الماضي ، تمثل في تمكّن الإسلامي عدنان مندريس من الفوز في ثلاث دورات انتخابية نيابية متتالية، سمحت بإعادة بعض المظاهر الإسلامية إلى البلاد، لكن مندريس أُعدم في 1960 عندما قام الجيش بأول انقلاب عسكري ضد محاولات الالتفاف على النظام العلماني.
الأحزاب الإسلامية التركية
و على الرغم من القمع الشديد الذي مورس ضد التيارات الإسلامية ، فإن هذه الأخيرة استطاعت أن تؤسس أحزابا سياسية. وكانت الأحزاب والحركات الإسلامية في تركيا ذات منبع صوفي في الأصل، حيث كانت الطرق الصوفية هي الملجأ الوحيد للباحثين عن هويتهم الدينية في ظل نظام أتاتورك العلماني. وأبرز هذه الحركات والأحزاب:
رسائل النور: أسسها بديع الزمان سعيد النورسي، في أواسط القرن الماضي. تحوّلت إلى «حزب الرفاه» (إسلامي) بعد انقلاب العسكر عام 1980.
حزب النظام الوطني: تأسس عام 1970 على يد نجم الدين أربكان، وتميّز برنامجُه بالرغبة في توطيد العلاقات بالدول القريبة من تركيا تاريخيّاً وثقافيّاً.
حزب السلامة الوطني: تأسس عام 1972 على يد فريد ملان. خاض الانتخابات البرلمانية واستطاع أن يحقق المركز الثالث في نتائجها، ودخل في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري. قُضي على هذا الحزب عام 1980، بعدما رفع مناصروه في أحد المؤتمرات الشعبية شعار «أنقذوا القدس»، وظهرت دعوات إلى إقامة دولة إسلامية في تركيا.
حزب الرفاه: أسسه نجم الدين أربكان عام 1983، وتحول إلى حزب «الفضيلة» بعد تدخل الجيش في انقلابات في حزيران /يونيوعام(1997) بضغط من الأوساط العلمانية التركية المدنية والعسكرية. وأجبر الزعيم الإسلامي العجوز نجم الدين أربكان على الاستقالة من رئاسة الوزراء، ، وتم حظر حزب «الرفاه» الإسلامي بقيادة رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان، في مطلع 1998.
ودفعت هذه الأحداث عبد الله غول إلى ترك حزب «الرفاه» على غرار العديد من أعضاء البرلمان المنتمين لهذا الحزب، والانضمام الى حزب الفضيلة آنذاك. لكن حزب الفضيلة تعرض بدوره للحل أيضاً بحكم قضائي بسبب «أنشطة مناهضة للعلمانية» في عام 2001. وحلّ محله حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على الغالبية البرلمانية في عام 2002، وأوصل غول في مرحلة أولى إلى رئاسة الحكومة التي انتقلت بعد ذلك إلى رئيس الحزب رجب طيب أردوغان
. ويعتبر حزب العدالة والتنمية: الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، هو أحد نتاجات حزب الرفاه. على رغم صبغته الإسلامية، حافظ على الأداء الديموقراطي والإصلاحي وبقي يعمل تحت عباءة أتاتورك.
اللافت أن الحزب الحاكم الذي برع في تقديم صورته غير الإسلامية على رغم الهوية الملاصقة لأعضائه ومسؤوليه، نجح في ممارسة سياسة براغماتية حافظت على إرث أتاتورك من دون أن تحدث قطيعة مع الموروث الديني المنغرس في المنظومة الاجتماعية منذ قرون.
لكن المؤسسة العسكرية المتطرفة في حماية الدستور والهوية العلمانية للبلاد لا تزال حريصة على عدم وصول شخصية من حزب ذي جذور دينية الى الرئاسة، في جمهورية تمنع النساء المحجبات من ارتياد المؤسسات الرسمية والجامعات.
انتصار أردوغان يعزز موقع الإسلام المعاصر
حقق حزب العدالة والتنمية التركي الإسلامي المعتدل، فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة التي أجريت يوم الأحد 22 يوليو/ تموز ،2007 وواجه فيها أحزاباً مؤيدة لتطبيق صارم لمبدأ علمانية الدولة، الأمر الذي يوفر للحزب الحاكم المؤيد لعالم الأعمال، تفويضاً لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية ومساعيه للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإن يكن يمهد لمزيد من التوتر مع النخبة العلمانية، بعد أشهر من خلاف على اختيار رئيس الدولة أدى إلى تنظيم انتخابات مبكرة.
وقدحصل حزب العدالة والتنمية على نسبة 47 في المائة من أصوات الناخبين متقدماً بنحو 12 في المائة على النتيجة التي حصل عليها في انتخابات عام ،2002 عندما فاز بنسبة 34 في المائة من الأصوات، ما أتاح له الحصول على 351 مقعداً. ومع أن النسبة التي حصل عليها هذه المرة أكبر، فقد فاز بعدد أقل من المقاعد، نظراً إلى دخول حزب جديد مجلس النواب، إضافة إلى نواب مستقلين، ولأن النظام الانتخابي نسبي.
تركيا تتقدم وتعيش حالة تطبيع مع ذاتها. فلأول مرة في هذا البلد، كانت تقديرات استطلاعات الرأي التي تنبأت بفوز كاسح لحزب العدالة والتنمية صحيحة، إذ أصبحت الحياة السياسية التركية أكثر شفافية. وتمثل هذه النتيجة الباهرة لحزب العدالة والتنمية، انتصاراً معنوياً لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي دعا إلى انتخابات مبكرة بعد خسارته معركة مع المؤسسة العلمانية التي تضم جنرالات الجيش الذين لا يريدون وصول حليفه ذي الجذور الإسلامية وزير الخارجية عبدالله جول إلى رئاسة الجمهورية.
وبالمقابل شكلت هذه الانتخابات هزيمة مدوية للأحزاب العلمانية القريبة من المؤسسة العسكرية: حزب الشعب الجمهوري برئاسة دنيز بايكال والحزب القومي برئاسة دولت بهجلي. وهما مختلفان لأن الأول حزب ينتمي إلى يسار الوسط، والثاني حزب قومي محافظ. وكان لديهما الهدف نفسه: وضع حد لسلطة أردوغان.
وتقف تركيا أمام منعطف ربما يكون الأهم في تاريخها منذ انهيار امبراطوريتها العثمانية، وسقوط الخلافة فعلاً من طرف كمال أتاتورك في 3/3/،1924 الذي أسس الجمهورية التركية الحديثة، وغيّر هويتها الإسلامية، وأحل العلمانية الأوروبية منهاجاً للحكم. ففوز حزب العدالة والتنمية الحاكم مكنه من تشكيل الحكومة بمفرده، ومن دون أي ائتلاف مع أحزاب أخرى، وسهل مهمته في انتخاب أول رئيس إسلامي للبلاد.
لا شك أن هذه النتائج ستثير موجة من القلق ليس في أوساط العلمانيين الأتراك فقط، وإنما في أوساط المؤسسة العسكرية التي نصبت نفسها حامية لإرث أتاتورك، ومعارضة عودة الإسلام مجدداً إلى البلاد، والحفاظ على هويتها العلمانية بكل الطرق والوسائل. فالعسكر تدخلوا أربع مرات، وبمعدل مرة كل عشر سنوات، لضبط إيقاع الديمقراطية، وبما يؤدي إلى عدم هيمنة الإسلاميين على مقدرات البلاد في نهاية المطاف.
الزعيم التركي أردوغان أعلن بوضوح أنه يريد «الاستمرار في الطريق الأوروبية»، رافضاً بذلك اتخاذ أي خطوة من خطوات الأسلمة، قد تُثير ردود فعل غاضبة أيضاً لدى فئات من تلك البلاد التي نشأت أجيالها على العلمانية منذ ثمانين عاماً. ويريد أردوغان أن يبقى حزبه في السلطة ثلاثة عشر عاماً بعد. أي بطول المدة التي قد تستغرقها المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وإذا أراد هذا الرجل الخمسيني تحقيق هذا الهدف فعلاً، فهو لا يستطيع تجاهل آراء وتوجهات نُخب البلاد التي تتبنى العلمانية: من رجال الأعمال ووسائل الإعلام الكبرى، والجامعات والطبقة الوسطى بالمدن، والتي دخلت في المجتمع الاستهلاكي العصري. هذه الدوائر كلها لن تسير مع أردوغان إذا أعرض عن الطريق التي توصل للاتحاد الأوروبي والدخول فيه. وكان نجم الدين أربكان، معلم كل الإسلاميين الأتراك، ومعلّم أردوغان أيضاً، والذي نشأ في أحياء اسطنبول الفقيرة، قال لأردوغان قبل شهور: لا تسلك سلوك ذوي العقول المقفلة! أدرك أردوغان أن المسلم المتدين، هو الذي يستطيع أن يكسب أكثريات في تركيا، وأن ينتهج سياسة معتدلة تدخل الإسلام إلى عالم الحداثة، وتدخل في الوقت عينه الحداثة إلى عالم الإسلام.
أدرك أردوغان ان المسلم المتدين، هو الذي يستطيع أن يكسب أكثريات في تركيا. وقد تعلم ذلك لا من أربكان، بل من تورغوت أوزال، الذي حقق ذلك واتجه بقوة نحو أوروبا. تعلم أردوغان الطموح الدرس مبكراً، حين كان لا يزال مدرس الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة اسطنبول صاعداً الى فوق من أصوله الفقيرة. عام 1994 فاز برئاسة البلدية باسطنبول. وقد شكرت له المدينة المليونية المليئة بالمشاكل جهوده التطويرية الكبيرة.وفي العام 1998 بدا كأنما حياته السياسية تتجه لنهاية قريبة، فقد أدلى بتصريح مخالف للقانون كلفه فترة في السجن، ومنعه من المشاركة في الحياة العامة مدى الحياة. لكن هذا الحكم (الجائر) زاد من شعبيته وعزيمته، وشجعه بعد انتهاء الأزمة على اجراء اصلاحات قانونية بسرعة قياسية.
قال أردوغان مرة انه لن يدع النجاح يصيبه بالتسمم! لكنه ليس بعيداً عن الاعتداد بالنفس. عندما يذهب الى أن المشروع الأوروبي لتركيا يقوم معه أو يسقط. لكنه من جهة ثانية يحيط نفسه بمستشارين درسوا بأوروبا وأميركا، ولا يتجاهل رأي احد من الذين تتوافر لديهم الخبرة، وإن لم يكونوا من اتجاهه السياسي.. وهو يريد الآن ان يُثبت ان المبادرة الفردية لا حدود لإمكانياتها، كما أن تركيا ايضاً لا حدود لطموحاتها. لقد وافقت اللجنة الأوروبية على بدء المفاوضات مع تركيا بشروط صعبة، لكن لا صعب على أردوغان التركي والمسلم المتديّن ورجل القرار والمبادرة.
من الواضح أن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا تقدم لنا صورة مشرقة عن وجه الإسلام المعاصر القادر وحده على محو التهمة الشائعة في الأوساط العلمانية، والمتمثلة في عداء الإسلاميين للديمقراطية، الأمر الذي يتطلب التحذير من دخولهم طرفاً في المنتظم السياسي القانوني إن في موقع السلطة أو المعارضة، وهو اتهام خطير لما يحمله من رسالة تحريضية استعدائية وترهيبية شديدة لأنظمة هي أصلاً ما اعتادت أسلوباً للحكم غير أسلوب الانفراد. ورغم المحاولات المتكررة للعلمانيين المتطرفين لأدلجة النظام الديمقراطي بما يقيم رباطاً لا ينفك بينه وبين شتى ضروب العلمنة وإقصاء الدين من المجال العام وحتى الخاص كلما تمكنوا، إلا أن واقع التطبيقات المتنوعة للنظام الديمقراطي يشهد على توفره على أسس متينة لحيادية آلياته وعدم ارتباطها بأي منظور أيديولوجي، علمانياً كان أم دينياً. إنه نظام يقوم على تسويات يتوصل إليها الفرقاء يستعيضون بها عن الوسائل العنفية بالوسائل السلمية في حل خلافاتهم سواء كانوا من عرق واحد أو دين واحد أو لغة واحدة أو كانوا مختلفين في كل ذلك أو بعضه.
بعد تشكيله الحكومة الإسلامية المعتدلة، استعد البرلمان التركي لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في شهر آب الماضي ، على الرغم من استمرار اعتراض القوى العلمانية ومعها القيادات العسكرية على انتخاب عبدالله جول رئيساً للجمهورية. ويريد أردوغان السيطرة على هذا المنصب الأول في البلاد أياً يكن الثمن، والسبب بسيط جداً، فمن خلال رئاسة الجمهورية، يمكنه إدارة السلطتين العسكرية والقضائية بحيث يعين أشخاصاً قريبين من الوسط الإسلامي لعضوية المجلس الأعلى للتعليم العالي والمحكمة الدستورية العليا والمحاكم الأخرى وهي من أهم ضمانات النظام العلماني القائم في البلاد. القضاء والجيش هما السلطتان الوحيدتان اللتان يعجز عن السيطرة عليهما مباشرة الآن في تركيا.
إسلامي في كرسي أتاتورك
وبالفعل انتخب البرلمان التركي، من دون مفاجأة، وزير الخارجية عبدالله غول في حكومة رجب أردوغان ومرشح حزب العدالة والتنمية، رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس أحمد نجدت سيزر، بأغلبية بسيطة في الدورة الثالثة للانتخابات يوم الثلاثاء 28 أغسطس/آب الجاري. فللمرة الأولى يتبوأ إسلامي رئاسة الجمهورية العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك في العام 1923. ويعود الفضل في انتخابه إلى حزبه الذي يسيطر على 340 مقعدا من أصل 550 مقعدا في البرلمان التركي، إذ انتخب غول بأغلبية 339 صوتاً خلال الدورة الثالثة التي يكفي فيها نيل الأغلبية البسيطة للفوز بالرئاسة 276 صوتاً. ولوحظ ان ثلاثة من نواب حزبه امتنعوا عن التصويت له، فيما أعلن نائبان مستقلان انهما صوتا لمصلحته. وبقيت المعارضة القومية واليسارية على موقفها الرافض لدعم غول، وأصر كل حزب على التصويت لمرشحه.
ولم تحدث «المعجزة» التي لمح إليها البعض، وهي حدوث انقلاب عسكري أو عدم اكتمال النصاب، أو تعرض غول لمكروه، بل نجحت تركيا في امتحان الديمقراطية الصعب، وأكد الشعب انه في النظم الديمقراطية، هو الحاكم الأول والأخير. وتسلم غول مهامه رسميا خلال حفل تسليم وتسلم من الرئيس احمد نجدت سيزر الذي بثت قنوات التلفزة مشاهد لمغادرته قصر تشانكايا في أنقرة. وهتف جمع من المواطنين «تركيا علمانية وستبقى». وكانت زوجة غول المحجبة خير النساء تدخل، ولو بعد الاحتفال الرسمي المغلق على وسائل الإعلام، القصر الرئاسي.
وهكذا،فإن القصر الرئاسي في تشانكايا الذي سكنه للمرة الأولى أتاتورك مؤسس الجمهورية بقي باستمرار «قلعة علمانية»،غير أن مجيء مسلم ملتزم، ومعه زوجته خير النساء التي ترتدي الحجاب، للإقامة في القصر، سيحدث ما يمكن أن يسمى «ثورة» في الحياة العامة التركية.
ديمقراطية تركيا الصلبة تعتبر فريدة من نوعها في العالم الإسلامي. لكن تركيا ليست متفردة في ذلك فقط، بل هي متفردة أيضاً في ازدهار اقتصاد السوق فيها، وهذا ما يميزها حتى على تجارب ناجحة إسلامية أخرى مثل ماليزيا. والعلمانيون المعارضون للرئيس التركي المنتخب ديمقراطيا لا يحبون الحجاب الذي ترتديه زوجته، ولكنهم يواجهون هذا الانتصار للرئيس الإسلامي بقلب غير هياب، وهم لا يعترضون على الكفاءات التي يتميز بها رئيسهم الجديد. هذا الدبلوماسي الودود، الذي حاز ثقة الدول الغربية خلال السنوات الخمس الماضية من توليه حقيبة الخارجية التركية، إذ دافع عن مخطط الأمم المتحدة بشأن إعادة توحيد قبرص، على رغم معارضة الجيش، وهو من المتحمسين لدخول تركيا إلى جنة الاتحاد الأوروبي، وهو مهندس بداية المفاوضات.
عندما نجح رجب طيب أردوغان، ذو الأصول الإسلامية الراديكالية، في كسب الأكثرية في البرلمان لحزب العدالة والتنمية الإسلامي عام ،2002 طُرح عليه السؤال التالي: هل يعوق الإسلام الاقتصاد؟ أجاب أردوغان أنه ملتزم باقتصاد السوق. في عهد حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الوزراء التركي أردوغان حققت تركيا نهوضا اقتصاديا كبيرا، برغم الإشكاليات التي تعاني منها البلاد: الصراع المسلح مع الأكراد، وصعود الإسلام السياسي، والنزعة المعادية للولايات المتحدة، والتوتر تجاه أوروبا، فالصناعة القديمة والحديثة نمت في العام 2005 بمعدل 7 في المائة. وهذا هو العام الرابع الذي يتزايد فيه النمو. أما في هذا العام، الذي يدخل فيه نصف مليون شاب وشابة سوق العمل فسيبلغ النمو نسبة 5 في المائة. وما يبعث على التفاؤل أن الطبقة الوسطى تتصلب وتتسع، والتضخم هو علة تركية قديمة أمكن ضبطها. وتركيا التي لها علاقات خاصة بالسوق الأوروبية منذ العام ،1996 حققت إنجازات متميزة في مجال الصادرات المصنعة. فأكثر من نصف التلفزيونات في أوروبا أنتجت أجزاء منها في تركيا. وقد لاحظ المستثمرون ذلك. ومع أن المسافة بين الدخول الأوروبية ودخل الفرد التركي لا تزال واسعة، فإن الأتراك يسلكون سلوك البرجوازيين إذ اشتروا في العام الماضي سيارات مستوردة ب 5.3 بليون دولار. بيد أن التغيير شامل ويتناول كل المجالات. فإسطنبول العاصمة التجارية، وكذلك الأناضول المحافظ والذي كان يعتمد على الزراعة، كلاهما يدخل عصراً من التصنيع العملاق، فيما صار يعرف بالكالفينية الإسلامية، لدى أحد مراكز الأبحاث.
الرئيس التركي الجديد معروف عنه أنه أكثر تمسكا بالإيديولوجيا من رفيق دربه رئيس الوزراء الحالي أردوغان، لكنه مع مرِّ السنين أصبح أقل دوغائية. ووعد الرئيس غول أن يكون أمينا على العلمانية، ومحايدا، ولكل الأتراك. وقال «إن الجمهورية التركية دولة ديمقراطية وعلمانية واجتماعية تقوم على دولة القانون. سأعمل بتصميم على حماية كل هذه المبادئ وتعزيزها». وأضاف «مبدأ العلمانية يشكل في الوقت نفسه نموذجا يضمن الحرية لمختلف أنماط الحياة وقاعدة للسلم الاجتماعي». وأعلن تصميمه على مواصلة محاربة الإرهاب الانفصالي. وأشاد بالقوات المسلحة، ووصفها بأنها الرادع ورمز من رموز الاستقلال.
في ظل حكم الإسلام المعتدل ازدهرت جمعيات المجتمع المدني، في الوقت الذي بقيت فيه الأحزاب السياسية الأخرى ضعيفة. وهكذا فإنه على الرغم من النواقص والعثرات ما كانت الديمقراطية في تركيا أقوى منها اليوم. وهناك وجه آخر للحكم التركي، ما كان له من قبل في أزمنة الجمهورية، هو الوجه الشرق أوسطي. ويتضمن ذلك جدول الأعمال الاجتماعي للسيد أردوغان، من مثل مساعيه لرفع الحظر عن دخول النساء المحجبات الى المباني والإدارات الرسمية. ومن مثل خطواته في السياسة الخارجية حيث ما عادت تركيا منهمكة في امتداح سياسات الولايات المتحدة والتبعية لها. كما ان هناك اختراقاً كبيراً للنظام العلماني الكمالي، والتغريب القاطع.
وفي حين تلاءمت سياسات السيد أردوغان المحافظة مع شرائح واسعة من المتدينين الأتراك، نشرت بعض المخاوف لدى الفئات الاجتماعية المتغربة بشأن حرياتها الشخصية. ولذلك ليس من غير الممكن أن يتدخل العسكريون، حماة الميراث الكمالي، مرة خامسة أو سادسة لضرب هذه التجربة الديمقراطية الفتية والمتعددة الوجوه، بيد أن التعددية الاقتصادية صلبت التعددية السياسية والحريات، بحيث صار من الصعب الارتداد عليها.
إن مطلب العلمانية الذي ينافح عنه بعض المؤسسة العسكرية التركية ليس إلا إخفاء وتورية لخيار الدولة الشمولية والتدخلية التي تتسلط على رقاب الناس وتتحكم في خيراتهم الثقافية والفكرية، فضلا عن هويتهم الحضارية.
أرسل الى الوسط التونسية بواسطة الكاتب توفيق المديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.