أنهى مساء السبت معارضان تونسيان عن الحزب التقدمي الديمقراطي إضرابا عن الطعام استمر لشهر خاضاه من أجل البقاء في مقر حزبهما. وتم وذلك بعد أن تراجع صاحب المقر عن ملاحقة الحزب قضائيا بسبب ما اعتبره استعمال غير قانوني لمحله لأغراض تتنافى وبنود عقد الإيجار. ومساء السبت 20 أكتوبر أعلنت مية الجريبي ومدير الموقف لسان الحزب، أحمد نجيب الشابي، إيقاف الإضراب عن الطعام الذي انطلق يوم 20 سبتمبر الماضي بعد أن تم التوصل إلى تسوية مع صاحب المحل يتخلى بموجبها عن الملاحقات القضائية مقابل عقد إيجار جديد يسمح باستخدام المقر لأنشطة الحزب. ومباشرة بعد الإعلان عن إنهاء إضراب الجوع نقلت وكالة "فرانس براس" عن الشابي قوله "إن مالك العقار حضر بعد ظهر السبت إلى مقر الحزب برفقة محام لكي يقترح علينا عقد إيجار معدلا على أساس تسوية تتضمن إعادة نظر ببدل الإيجار والتخلي عن الملاحقات القضائية وإلغاء قرار الإخلاء". و قال الشابي للصحافيين في وقت لاحق مساء السبت "هذا انتصار لكلّ من ساندنا ولكلّ المناضلين في الداخل والخارج". وتابع بالقول "لم نضرب عن الطعام من أجل التشويش وإنّما دفاعا عن وجودنا السياسي و[مواجهة] الخطر الذي يتهدّد غلق مقرّنا". أما ميّة الجريبي فقد اعتبرت "قرار عدم إخراجنا من مقرّنا الانتصار الأوّل من نوعه للديمقراطيين والأحرار بتونس في معركتهم من أجل الحرية". وكان الاعتصام قد بدأ في سبتمبر لما رفضت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديموقراطي التقدمي ونجيب الشابي مؤسس الحزب ومدير صحيفة الموقف الناطقة باسم الحزب إخلاء المقر معتبرين أن صاحبه يتحرك بطلب من السلطات التونسية "لضرب آخر مربع للحرية في تونس"، وهو ما نفاه متحدث باسم الحكومة الذي أعلن في حينه أن ما يجري هو قضية مدنية عقارية لا علاقة للسلطة بها. ولاحت نهاية الأزمة صبيحة يوم الجمعة بعد أن نشرت صحيفة الشروق اليومية خبرا يكشف بأن "رئاسة الجمهورية اتصلت بصاحب المقر محل النزاع بينه وبين الحزب الديمقراطي التقدمي وجرى حديث حول خلافه مع قيادة الحزب المذكور وإمكانية إيجاد تسوية ترضي الطرفين" وفي نفس اليوم أعلنت الجريبي والشابي خلال ندوة صحفية عن استعدادهما لوقف الإضراب عن الطعام "في حال تم التوصل إلى تسوية يتم بموجبها تفادي طرد الحزب من مقره". ووفقا لمصادر مطلعة فإن هيلين فولتير النائبة الأوروبية ورئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي التي التقت مية والشابي يوم الجمعة في تونس كان لها دور في في إنهاء الأزمة. وخلال ندوة صحفية عقدتها يوم السبت قالت إنها جاءت إلى تونس خصصيا للتعبير عن مساندتها للمعارضين "في معركتهما الشرعية" وأعربت فوليتر عن الأمل "في رؤية السلوكيات التونسية تجد مخرجا سريعا لهذا الوضع غير العادي". وفي أول رد فعل على نهاية الأزمة قال مرسل الكسيبي رئيس تحرير صحيفة الوسط الالكترونية والمعروف عنه انتقاده اللاذع للسلطة وفي تعليق له "المعالجة الايجابية التي انتهت إليها أزمة مقر الحزب التقدمي [قد يُنظر إليها على] أنها مؤشرات ايجابية تكون قد أعطتها السلطة كتطمين للمجتمع المدني قبيل أيام قلائل من انطلاق أكبر احتفالات رسمية ستشهدها البلاد منذ عشرين سنة". وختم الكسيبي تعليقه "وينتظر التونسيون، مع اقتراب موعد ذكرى [اعتلاء بن علي السطلة في 7 نوفمبر 1987]، إخلاء السجون التونسية...ودخول تونس في حقبة جديدة من الإصلاحات السياسية الواسعة".