في أعقاب إبطال القضاء التونسي للحظر المفروض على الحجاب بالمدارس والأماكن العامة، تنامت أصوات حقوقية داعية الحكومة للاعتذار للمحجبات وتعويض اللاتي تضررن منهن جراء الحظر المفروض منذ 26 عاما بموجب المنشور 102. يأتي ذلك فيما تتواصل مظاهر التشديد بحق المحجبات والتضييق عليهن بواسطة المسئولين بأجهزة الدولة، حسبما تؤكد تقارير وحقوقيون تونسيون. "الاعتذار عن تلك الممارسات هو أدنى ما يمكن أن تقدمه السلطة لأجيال من المحجبات حرمن من دراستهن وطردن من أعمالهن بسبب التزامهن باللباس الشرعي"، حسبما يقول زياد الدولاتلي القيادي بحركة "النهضة" الإسلامية في تصريح ل"إسلام أون لاين" اليوم الثلاثاء. وشدد الدولاتلي على أن "علاج الجراحات العميقة -التي خلفها ما يقرب من 30 سنة من اضطهاد المحجبات، وخاصة المتعلقة منها بالجانب النفسي- لن يكون إلا بالاعتراف بما تم اقترافه في حقهن والاعتذار لهن عن ذلك ثم تعويض المتضررات منهن". بدوره، شدد محمد النوري رئيس جمعية "حرية وإنصاف" الحقوقية على أن: "القانون يضمن للمتضررات حقهن في التعويض". وأوضح في تصريحات ل"إسلام أون لاين" أن المحجبات "بإمكانهن، وفقا لمقتضيات القانون، رفع دعاوى قضائية يطالبن فيها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهن سواء كانت مادية أو معنوية". وقد ندد النوري، في تصريحات صحفية سابقة، بممارسات السلطة بحق المحجبات، وطالبها بالاعتذار لمن وقع الاعتداء عليهنّ في السنوات الماضية، والإذعان لحكم القضاء. وتقدم وزير التربية التونسي بطلب لاستئناف الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية في الأسبوع الأول من الشهر الجاري ويقضي بأن المنشور رقم 102 لعام 1981 الذي يفرض حظرا على الحجاب "مخالف للدستور"؛ وبالتالي يبطل قرار أصدره وزير التربية عام 2006 استنادا للمنشور بإيقاف مُدرّسة بالتعليم الثانوي تدعى سعيدة العدالي عن العمل لمدة 3 أشهر مع وقف مرتبها لارتدائها الحجاب. تضييق متواصل ورغم صدور الحكم فمازالت كثرة من الدوائر الحكومية تصر على تطبيقه. وفي هذا الإطار، أفادت "لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس" بأن 75 تلميذة بأحد المعاهد -إحداهن تلميذة متفوقة جدا- طردن من الدراسة بسبب ارتدائهن للحجاب، وذلك بعد صدور قرار المحكمة الإدارية. ونشرت اللجنة رسالة للتلميذة المتفوقة، وتدعى زينب بوملاسة، جاء فيها أنها كانت دائما مثالا للانضباط وحسن الخلق وكانت الأولى في معهدها للسنة الماضية، ورغم ذلك قام المدير بطردها لمدة ثلاثة أيام بسبب "سوء الخلق". وذكرت اللجنة أن والدة التلميذة، وهي أستاذة جامعية بارزة، تعاني من صدمة نفسية أرقدتها الفراش بسبب اعتداءات لفظية تعرضت لها عندما حاولت التظلم لدى الإدارة الجهوية للتعليم. وذكرت الأم أنه من جملة ما قيل لها -عندما استشهدت بتفوق ابنتها لدعم طلبها بالتظلم- قول أحد المسئولين "حتى لو كان معدلها أكثر من 20 على 20 فلن تدخل بالحجاب يعني لن تدخل بالحجاب". وسبق لمحمد النوري رئيس جمعية "حرية وإنصاف" أن أكد في تصريحات ل"إسلام أون لاين" أن بعض مظاهر التشديد على المحجبات مازالت متواصلة، معتبرا أن "هذه المظاهر لا تعدو أن تكون اجتهادات شخصية لأناس اتخذوا من مواقعهم الإدارية مطايا لتنفيذ رؤاهم ومواقفهم الإيديولوجية المعادية لهوية الشعب". ويرى مراقبون أن أطرافا يسارية وعلمانية من داخل السلطة وخارجها هي التي تقف وراء تواصل التشديد على المحجبات رغم صدور الحكم بعدم دستورية المنشور 102. وتهدف هذه الأطراف، بحسب المراقبين، إلى تأبيد حالة الصراع بين السلطة والإسلاميين باعتبارها الطرف الوحيد المستفيد من هذا الصراع.