بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    زيت الزيتون ''الشملالي'' يفوز بميدالية ذهبية في المسابقة الاوروبية الدولية بجنيف..    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    المنستير : يوم إعلامي جهوي حول الشركات الأهلية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    فعاليات موكب إسناد الجائزة الوطنيّة "زبيدة بشير" لسنة 2023    الصوناد: نظام التقسيط مكّن من اقتصاد 7 % من الاستهلاك    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    عاجل: قيس سعيد: من قام بتغطية العلم التونسي بخرقة من القماش ارتكب جريمة نكراء    حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    عاجل/ ديلو: قوات الأمن تحاصر عمادة المحامين للقبض على سنية الدهماني..    عاجل/ هذا ما تقرر في قضية سعدية مصباح العضو بجمعية "منامتي"..    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الأولى من مواجهات الجولة 22    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    عاجل/ الهجرة غير النظامية الوافدة على تونس: محور جلسة عمل وزارية    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    عاجل/ فتح تحقيق في واقعة حجب العلم بمسبح رادس    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    عاجل/ إندلاع حريقين متزامنين في جندوبة    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذاعة «الزيتونة للقرآن الكريم» التونسية.. مفاجأة قرأها كل طرف حسب خلفيته

استأثر حدث انطلاق بث إذاعة «الزيتونة للقرآن الكريم» باهتمام كافة التونسيين منذ أول أيام رمضان تاريخ انطلاقها والى الآن، إلى درجة أنها مثلت بالنسبة الى الكثيرين من الفئات الاجتماعية ومن الأحزاب، مفاجأة تمت قراءتها عدة قراءات طبقا لخلفية كل طرف.
وللعلم، فإن هذه الإذاعة ليست الأولى من نوعها بالنسبة الى الإعلام السمعي الخاص في تونس، فقد سبقتها في السنوات الأخيرة إذاعتان هما «موزايك إف إم» و«الجوهرة إف إم» وهي رقم 12 في المجموع العام للإذعات في تونس. ولكن مبعث المفاجأة يتمثل في كونها أول إذاعة دينية متخصصة ولم يعهد لتونس منذ نشأة الدولة الوطنية المستقلة في 20 مارس(آذار) 1956، أن فكرت في إرساء وسيلة اعلامية خاصة بالمسائل الدينية، بل أن حتى نصيب البرامج الدينية في التلفزيون التونسي الرسمي ومختلف الإذاعات، كان تقريبا لا يكاد ولا يزال يذكر؛ وذلك لهامشيته وثانوية المادة الدينية في الاعلام السمعي البصري التونسي، والتي تكاد تقتصر على فقرة تمتد على مدة زمنية قصيرة في يوم الجمعة. بل ان حتى بث الأذان في التلفزيون لم يتم إلا عندما تولى الرئيس الحالي زين العابدين بن علي سدة الحكم.
وعلى مستوى المنشورات لا توجد تقريبا غير مجلة «الهداية» التي تصدر عن المجلس الإسلامي الاعلى؛ وهي مجلة غير منتظمة في الصدور وغير مواكبة للاهتمامات الدينية الجديدة كما يجب.
إذاً في خضم هذا السياق، يمكننا أن نفهم لماذا اتخذ قيام إذاعة دينية في تونس طابع المفاجأة والحدث. وبعد مرور قرابة الشهرين على عمر هذه الإذاعة، فقد اتضحت هويتها بالشكل الكافي: فهي إذاعة مختصة في الذكر الحكيم وفي تعليم ترتيل القرآن وشرح مقاصد الشريعة مع تقديم الأحاديث الدينية وقصص الأنبياء والأدعية والابتهالات. وتهدف هذه الوسيلة الإعلامية التي تبث على مدار الساعة وتغطي 90 في المائة من الاراضي التونسية، وكما ورد في البيانات الرسمية الى التشجيع على إشاعة الفكر النير ونشر قيم الإسلام الصحيحة وفي مقدمتها التسامح والتكافل والاعتدال.
وكما هو واضح اختارت هذه الإذاعة اسم «الزيتونة» الرمز الديني التونسي والعربي العريق. ذلك لأنه يعتبر ثاني الجوامع التي أقيمت بأفريقية (الاسم القديم لتونس) بعد جامع عقبة بن نافع وشكل منارة علمية سبقت الأزهر بمصر، لما تميز به من طرق تدريس ومناهج متطورة في تعاطيها مع المادة الدينية.
والى جانب الاسم ورمزيته، فإن هذه الإذاعة تبث برامجها من ضاحية قرطاج؛ وهي الضاحية السيادية في تونس لوجود قصر قرطاج الرئاسي فيها، وهي بالمناسبة ضاحية بدأت تضع شالا دينيا في السنوات الأخيرة، إذ تم فيها تشييد «جامع العابدين» قبل أربع سنوات فوق إحدى ربوات مدينة قرطاج، ويحمل المعمار العربي الاسلامي ويمتد على مساحة شاسعة جدا إضافة الى تميزه بالقبتين المغلفتين بحجر «الكذال» وبهندسة الصومعة المربعة.
ويعتبر السيد محمد صخر الماطري رجل الأعمال التونسي وصهر الرئيس هو مؤسس المحطة وصاحب ترخيصها، في حين عهدت أمور الإدارة الى الأستاذ الدكتور كمال عمران المختص في الحضارة العربية الاسلامية ويساعده الشيخان محمد مشفر وعبد الرحمان الحفيان.
ولكن كيف تمت قراءة حدث قيام إذاعة «الزيتونة للقرآن الكريم»؟
من الأهمية الإشارة الى أنه على المستوى الجماهيري، استقبلت الإذاعة بإيجابية تلحظ في الكواليس الاجتماعية إن صح التعبير. وفي مقابل ذلك يبدو أن النخبة ذات التوجهات العلمانية في تونس لم تستسغ المبادرة وتعاطى جزء منها بصمت سلبي وآخر رأى فيها خطوة من شأنها أن تعيق قيم اللائكية ومشروع الحداثة، المراد مزيد تجذيرهما في الفضاء السوسيوثقافي التونسي. وهو موقف منتظر خصوصا أن فريقا من النخبة الليبرالية والعلمانية، أعلن قبل أشهر نية تأسيس جمعية للدفاع عن اللائكية. بل أن خطوات فكرية وحقوقية، قد قطعها البعض من أجل حسم مسألة المساواة في الإرث بين المرأة والرجل التونسيين. لذلك قرأ هؤلاء قيام هذه الإذاعة وفي هذا التوقيت، كعقبة تحول دون تدفق المد الحداثي. ومن جهة أخرى، عبرت ثلاثة أحزاب معارضة ومعروفة بقربها من السلطة أي أنها ليست راديكالية في توجهاتها، عن ترحيبها بإذاعة الزيتونة ورأت فيها مكسبا بوسعه قطع الطريق أمام الفكر الديني المتطرف. أما الملفت للانتباه والذي شكل بدوره مفاجأة هو دخول حركة النهضة على الخط ومباركتها إنشاء الإذاعة وتعبيرها عن سرورها بخدمة القرآن، مضيفة على لسان رئيس الحركة السيد راشد الغنوشي، قوله: «يسهم هذا المشروع في تأسيس إعلام جاد.. ويستجيب للطلب المتزايد لدى التونسيين على الدين وعلومه».
وبالنسبة إلى الذين تناولوا مشروع إذاعة «الزيتونة للقرآن الكريم» بالتحليل، فإن هناك من اعتبرها استراتيجية جديدة تهدف الى استيعاب الشباب وتحصينه ضد التطرف، الذي قد يهددهم. ورأت أطراف أخرى أنها رد فعل من قبل النظام التونسي لمواجهة ظاهرتي ما يسمى بالاسلام الاحتجاجي والسلفية الجهادية.
وفي الحقيقة يمكن القول إن كل هذه القراءات مجتمعة صائبة في مقاربيتها للحدث. فلا نستطيع أن نغفل أهمية البعد السياسي للمبادرة، خصوصا أن شذرات نار الإرهاب بدأت تطول البلاد وآخرها أحداث أواخر 2006 وبداية هذا العام والتي انتهت بمقتل 12 عنصرا من المجموعة السلفية واعتقال الكثيرين بالإضافة الى ما تشهده المحاكم التونسية من قضايا ذات علاقة بالارهاب؛ كتسلل بعض الشباب الى مواقع إرهابية ومحاولة البعض مغادرة تراب الجمهورية للانضمام الى تنظيمات جهادية.
زد على ذلك أن هناك من يتهم الفضائيات الدينية العربية ذات الايديولوجيات الدينية الخاصة ويحملها مسؤولية وقوع بعض الشباب التونسي ضحايا الفكر المتطرف؛ الشيء الذي جعل التفكير في الحلول يتجه نحو حل إعلامي أيضا.
ولكن هل تكفي هكذا مبادرة لمواجهة ما هدد بعض شباب تونس وما قد يهدد البقية الغالبة؟ ثم إلى أي حد تبدو مضامين البرمجة الخاصة بإذاعة «الزيتونة للقرآن الكريم»، مصيبة للأهداف المرجوة سياسيا وجماهيريا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.