كميّة الألم التّي حملتها مشاهد أولى حلقات مسلسل "حرقة" للمخرج لسعد الوسلاتي إن دلّت على شئ فهي تدلّ على أن القناة الوطنية الأولى ستكون منافسا بارزا بهذا العمل في الغمار الرمضاني لهذه السنة. أبرز الوجوه الدرامية في هذا المسلسل ومن قامت بلعب دور البطولة فيه هي الممثلة الكبيرة وجيهة الجندوبي والتّي استطاعت منذ أولى مشاهدها في هذا العمل أن تجلب الجمهور وتقنعه بأدائها. فمن الصّعب جدّا أن تجد أمّا تدفع بأحد أبنائها وتشجعه على اجتياز عمق البحر خلسة وفي قارب لا يستوعب ربع الحمولة التّي سيحملها، لكنّ الجندوبي أتقنت ذلك خير اتقان ولعلّ فكرة أنّ من يشاهدها يعتقد أنّها لا تلعب دورا دراميا بل هي حقيقة وواقع.. سيناريو المسلسل والقضية التّي يعالجعها ساعدا وجيهة الجندوبي على مزيد الإبداع والتألّق واتقان كيفيّة تصوير شريحة كبيرة جدّا من التونسيين أولئك الذّين تضيق بهم السبل وتقسو عليهم الحياة حتّى أنّهم يخيّرون خوض مغامرة يدركون مخاطرها مسبّقا لكن رغم ذلك فهم يخوضونها هربا من الفقر والخصاصة. يجب التنويه إلى أنّ الجمهور التونسي أحبّ وجيهة الجندوبي خلال السنتين الفارطتين في أحد أدوارها الكوميدية في سلسلتين متتابعتين هما "الحجامة" و"الخياطة" والتين لقيتا نجاحا جماهيريا كبير وأصبحت عبارات رددتها الجندوبي محلّ تندّر بين الكثيرين. فقدرتها على التحوّل من الكوميديا إلى الدراما ليست بجديدة على ممثّلة في رصيدها أعمال ضخمة وهي موازية لإمكانياتها وقدراتها العجيبة على الإبداع في تجسيد دورها وإقناع المشاهد به. ورغم أنّ الأعمال الدرامية مازالت في البداية ولم يشاهد منها المتفرّج إلاّ أولى الحلقات إلاّ أنّ روّاد موقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك" أجمعوا ، منذ بث الحلقة الأولى، في مختلف تعليقاتهم ومنشوراتهم على آداء وجيهة الجندوبي المتميّز وروعة المسلسل الذّي مازال يحمل الكثير. في المقابل ورغم تاريخها الكبير فقد عبّرت وجيهة الجندوبي عن توتّرها وخوفها من ردود الأفعال إثر عرض أوّل حلقة من "حرقة" وأشارت عبر صفحتها على الفايسبوك إلى أنّها تشعر وكأنّ هذا المسلسل هي أولى الأعمال التّي تُعرض لها على الشاشة. وهذا ما يدلّ على رفعة الممثل وتواضعه واهتمامه بعمله، حيث أنّ سنوات الخبرة والنجاح لم يجعلا من وجيهة الجندوبي تستهين بجمهورها وبكيفية تقييمه لآدائها الذّي ما من شكّ أنّه سيزداد جمالية خلال باقي حلقات المسلسل.
