تونس الصباح: شهدت الأسواق الأسبوعية واليومية خلال الاسابيع الاخيرة وفي كافة أنحاء البلاد عروضا مكثفة لبيع العلوش وقد تميزت هذه الظاهرة بالعرض المكثف، حيث إنبرى معظم المربين في التفريط في خرفانهم بالبيع وكأننا على أبواب موسم عيد الاضحى. كما تميزت سوق لحوم العلوش من ناحية أخرى خلال هذه الفترة الأخيرة بتراجع كبير في أسعار لحوم العلوش لدى معظم الجزارين، حتى أنها بلغت مستويات لم تحصل بالمرة خلال العشر سنوات الاخيرة أو حتى أكثر. وتشير مصادر مطلعة من الوسط الفلاحي إلى أن تراجع لحوم العلوش قد بلغ في بعض الجهات حد بيعه ب6 فاصل 5 دينارات للكلغ الواحد. بينما استقر هذا السعر في الجهات الاخرى في حدود 8 الى 9 دينارات. تدني أسعار لحوم العلوش هذه طرحت جملة من الاسئلة في الشارع التونسي الذي لم يكن الى حد وقت قريب مقبلا على شراء هذه اللحوم. وقد فسر البعض هذه الظاهرة بوفرة الإنتاج، وبالعرض والطلب. لكن هناك واقعا آخر قد انعكس على مربي الماشية عامة والضأن بشكل خاص أدى الى هذا الوضع. فما هي الأسباب العميقة التي أدت الى هذا الواقع؟ وما مدى تداعياته على المربي والقطيع؟ وما أبرز المستجدّات التي قادت الى ذلك؟ وكيف تم اتخاذ ما بلزم لحماية الفلاحين المربين والقطيع؟ وماذا عن التدابير التي تمت في هذا الشأن؟ الأزمة في الداخل وعلى مستوى العالم تميزت السنة الجارية بنقص في كميات الأمطار على عديد جهات البلاد، وقد أثر هذا النقص على نماء المراعي التي تؤمن الغذاء لقطيع الضأن في تونس.. وبناء على هذا الواقع الذي اتسم به الموسم في معظم جهات البلاد اضطر المربون الى اعتماد الأعلاف المركبة والخشنة لحماية القطيع، وذلك بتوريدها من الخارج. وشعورا بصعوبة الوضع، وسعيا لحماية القطيع والأخذ بيد المربين الذين عرفوا صعوبات طيلة فصل الشتاء ولحد هذه الأيام، تم اتخاذ اجراءات أولية حماية متنوعة من طرف الدولة لعل أبرزها قرارات 12 ماي الفارط التي تعلقت بجوانب عديدة في هذا المجال، وإنتفع بها كل مربي الماشية وخاصة الأبقار والضأن. لكن وأمام الأزمة العالمية التي ظهرت بخصوص الحبوب، فقد شهدت أسعار الأعلاف هي الأخرى على اختلاف أنواعها إرتفاعا مشطا في أسعارها، وخاصة منها مادتي الشعير والفصة والسداري مما زاد من أرتباك المربين، وأثر على إمكانياتهم في حماية القطيع، وأدى خلال الأسابيع الاخيرة الى تفريط معظم المربين بالبيع في نسبة هامة من العلوش عملا على حماية أمهاتها والحفاظ على أصل القطيع، كما طالت هذه الانعكاسات أسعار لحم الخرفان المعروضة لدى الجزارين، وذلك على مستوى اسعارها التي تدنت كما سبقت الاشارة الى ذلك. إجراءات حمائية أخرى بناء على تطور الظاهرة تبعات أزمة العلف من حيث ارتفاع أسعاره، وقلة المراعي أثرت في هذه المرحلة على العلوش، مما أدى الى صعوبة في المحافظة على القطيع ما قاد المربّين الى التفريط فيه بابخس الاثمان. لكن هذا الواقع والتفريط في بيع العلوش وتدني اسعار لحومه ستؤمن له تداعيات خطيرة على وضع قطيع الضأن والمربين وعلى المراحل القادمة من استهلاك مادة اللحوم خاصة خلال شهر رمضان وعيد الإضحى. هذا الواقع الذي اتسم به قطاع تربية الضأن والسوق من حيث تدني معروضات لحوم العلوش أستوجب إتخاذ اجراءات عاجلة أخرى لحماية المربين والقطيع بشكل عام. فماذا عن هذه التدابير الجديدة وأنواعها؟ وبم أتصلت وماهي الأطراف التي تم تكليفها بها؟ ديوان تربية الماشية يتدخل أفادت مصادر عليمة من وزارة الفلاحة أنه تبعا لظاهرة تفريط المربين في قطيع العلوش من مواليد هذا العام، وما ترتب عنها من مظاهر في تدني الاسعار ومدى انعكاساتها أيضا على المربين صدرت قرارات لديوان تربية الماشية بشراء العلوش من الأسواق وذلك لتربيته والاحتفاظ به الى مراحل قادمة من السنة. وقد باشر الديوان فعليا القيام بعمليات شراء العلوش وذلك بكافة الأسواق وخاصة سوق الفحص المعروف بكثافة عروضه. وأفادت نفس المصادر أن شراء العلوش من طرف الديوان سوف يتواصل خلال الفترة القادمة، وذلك لإمتصاص ظاهرة تدني الاسعار، ومساعدة المربين على تجاوز أوضاعهم وعدم تعرضهم الى خسائر في هذا المجال. وتعتبر هذه الطريقة في التعاطي مع هذه الأزمة مُثْلَى رغم ما قد تكلفه لديوان تربية الماشية في عملية أحتضان آلاف الخرفان، لكنها ولأبعادها التي تهدف الى وقاية القطيع من التلاشي، والأخذ بيد المربين تبقى أساسية وهامة ولا يمكن الا اعتمادها في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها. .. وأيضا على مستوى شركة اللحوم وأفادنا السيد الصحبي الطنوبي الرئيس المدير العام لشركة اللحوم بتونس أن الشركة قد أنطلقت من ناحيتها في تطويق هذه الأزمة التي يمر بها المربون وذلك عبر اقتناء الخرفان وذبحها والقيام بعملية تبريدها لاستهلاكها في مراحل قادمة من السنة. وأكد أن هذه العملية تحصل لأول مرة داخل الشركة، وهي تمثل إجراءا من جملة الاجراءات المتخذة لحماية القطيع والمربين على ضوء أزمة غلاء الاعلاف ونقص المراعي. وأفاد أن عملية اشتراء الخرفان من المربين وذبحها تتواصل بشكل كبير، وقد توصلت الشركة الى حد الان الى تبريد 70 طنا من لحم العلوش، وهي نسبة تعتبر هامة وقياسية على اعتبار انها قد تمت عبر انتاج محلي بالكامل. وأكد السيد الصحبي الطنوبي من ناحية أخرى أنه بناء على هذا الاجراء الوقائي السريع شهدت أسعار الخرفان في الاسواق تحسنا، بعد تسجيلها لتدن كبير في الأسابيع الفارطة. كما تم تبعا لإعتماد هذه الخطة الوقائية إقرار تسعير مرجعي لاعتماده خلال شهر رمضان، وذلك من الآن، وأيضا إبرام عقود مع الفلاحين المربين لشراء العلوش الذي لم يفرطوا فيه بالبيع وذلك بداية من أوائل شهر ديسمبر القادم، وذلك بهدف أخذ كل الاحتياطات لاستمرارية التزويد والضغط عن الاسعار. كما ينتظر في نفس الاتجاه الاستغناء على توريد لحم الخرفان من الخارج وذلك باعتماد 2000 سقيطة من الداخل عوضا عن التوريد. وبخصوص الاسعار المرجعية التي سبق أن أشار اليها الرئيس المدير العام لشركة اللحوم فإنها قد تقررت بأن تكون ب 5 فاصل 5 دينار للكلغ الواحد من الخروف الحي، و9 فاصل 5 و10 دينارات للحوم الضأن. كما أفاد من ناحية أخرى أن شركة اللحوم تتولى مع اتحاد الفلاحين والمجمع مساعدة الفلاحين على إقتناء الشعير المدعم. وأبرز أن هذا التمشي الذي تتخذه الشركة لأول مرة، وقبل 5 أو 6 أشهر من موسم طفرة الاستهلاك خلال رمضان عيد الاضحى يمثل نوعا من الاطمئنان وذلك لخلق توازن في عرض مادة اللحوم داخل السوق ودعم منابعها المتمثلة في المربين والقطيع.