رئيس الجمهورية يأذن بعرض مشروع نتقيح الفصل 411 من المجلة التجارية على مجلس الوزراء بداية الأسبوع المقبل    عضو هيئة الانتخابات: حسب الاجال الدستورية لا يمكن تجاوز يوم 23 أكتوبر 2024 كموعد أقصى لإجراء الانتخابات الرّئاسية    تونس حريصة على دعم مجالات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( أحمد الحشاني )    مسؤول باتحاد الفلاحين: أضاحي العيد متوفرة والأسعار رغم ارتفاعها تبقى "معقولة" إزاء كلفة الإنتاج    تونس تشارك في الدورة 3 للمنتدى الدولي نحو الجنوب بسورينتو الايطالية يومي 17 و18 ماي 2024    المنستير: إحداث اول شركة أهلية محلية لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين بجرجيس مخبأة منذ مدة (مصدر قضائي)    الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    كاس تونس - النجم الساحلي يفوز على الاهلي الصفاقسي 1-صفر ويصعد الى ربع النهائي    الحرس الوطني: البحث عن 23 مفقودا في البحر شاركوا في عمليات إبحار خلسة من سواحل قربة    طقس... نزول بعض الأمطار بالشمال والمناطق الغربية    المنستير : انطلاق الاستشارة لتنفيذ الجزء الثالث من تهيئة متحف لمطة في ظرف أسبوع    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    مهرجان «بريك المهدية» في نسخته الأولى: احتفاء بالتّراث الغذائي المحلّي    عمر الغول.. الولايات المتحدة تريد قتل دور مصر بالميناء العائم في غزة    ملتقى وطني للتكوين المهني    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    ليبيا: اشتباكات مسلّحة في الزاوية ونداءات لإخلاء السكان    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهالي يحتجون.. وزارة الدفاع تفند.. والطب الشرعي ينفي تسلّمها: ما حكاية جثث ال60 «حارقا» وأين اختفت؟
نشر في الصباح يوم 13 - 10 - 2017

موجة غير مسبوقة من الهجرة السرية شهدتها بلادنا خلال الايام القليلة الماضية.. شباب وكهول.. نساء وأطفال يركبون يوميا «قوارب الموت» ينطلقون من المدن الساحلية خاصة صفاقس ونابل باتجاه السواحل الجنوبية الايطالية وقد وصل ايطاليا خلال الفترة الممتدة بين شهري جويلية وسبتمبر من السنة الجارية 2700 مهاجر تونسي غير شرعي «احرقوا» هوياتهم ووصلوا الضفة الاخرى من المتوسط محملين بالأحلام الوردية آملين في حياة جديدة بهويات جديدة لكن البعض رحّلوا مباشرة وعادوا من حيث اتوا والبعض الآخر اودعوا السجون ولكن هناك من كان اسوأ حظا من كل هؤلاء وانتهى به المطاف في قاع البحر والبعض الاخر يصارع الأمواج من اجل البقاء.. و»حارقون» ظل مصيرهم مجهولا و»احترقت» قلوب عائلاتهم واحتجوا وهددوا و»احرقوا» الاخضر واليابس.
موجة من الهجرة السرية ذكرتنا بالموجة التي عرفتها الشواطئ التونسية ابان الثورة حيث تمكن 6 آلاف مهاجر غير شرعي تونسي من بلوغ الجزر الايطالية.
أكثر من 5 آلاف تونسي حاولوا الوصول الى ايطاليا «حرقا» خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة وفق ما أكده مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وصول أكثر من 2700 مهاجر تونسي لا يحملون وثائق هوية إلى السواحل الإيطالية خلال الفترة من جويلية الماضي حتى شهر سبتمبر الفائت، وذلك حسب ما ذكر مسعود رمضاني رئيس المنتدى التونسي كما تمكنت قوات حرس السواحل الايطالية من ايقاف الف منهم.
هذه الموجة غير المسبوقة لاقت قلقا كبيرا من الجانب الايطالي حيث عبر وزير الداخلية الايطالي عن قلقه ازاء ظاهرة ازدياد قوارب الهجرة غير الشرعية التي تتدفق يوميا على سواحل وجزر البلاد.
وذكرت وزارة الداخلية الايطالية في بيان لها ان الوزير اكد على تعزيز اجراءات المراقبة عرض البحر لمكافحة الهجرة غير الشرعية كما اعلن عن وضع خطة الدعم الكامل لمدينة بوتسالو باعتبارها في مقدمة المدن التي تستقبل المهاجرين السريين وتتمثل تلك الخطة في توسيع ميناء المدينة بالإضافة الى اجراءات اخرى لتطوير اقتصادها.
التصدي للظاهرة..
من جهتها تعمل تونس على التصدي للظاهرة وقد تمكنت وحدة تابعة لجيش البحر الثلاثاء الماضي من انقاذ 12 مهاجرا غير شرعي ثمانية منهم تونسيون وأربعة من المغرب كانوا على متن مركب صيد توقف عن الابحار بسبب نفاد الوقود على بعد 63 كلم من جزيرة قرقنة.
وقالت وزارة الدفاع الوطني انه تم نقل هؤلاء المهاجرين الى القاعدة البحرية بصفاقس وتسليمهم للحرس الوطني بالمكان لأخذ الاجراءات القانونية في شانهم. كما تمكنت وحدات الحرس الوطني امس الاول من إيقاف شخص وبتفتيشه عُثر لديه على مبلغ مالي من العملة الأجنبيّة وبالتحرّي معه أفاد أنه سلم مبلغا ماليا لأحد متساكني الجهة (منظم عمليات إبحار خلسة) قدره 3000 دينار قصد مساعدته في عملية الاجتياز، وبعد نصب كمين لهذا الأخير تمّ إلقاء القبض عليه وحجز لديه مبلغ مالي من العملة التونسيّة.
كما ضبطت الفرقة المذكورة اربعة أشخاص وحجزت لديهم مبلغا ماليا من العملة الأجنبيّة ودرّاجة ناريّة وبالتحرّي معهم اعترفوا أنهم كانوا يعتزمون المشاركة في عمليّة اجتياز الحدود البحريّة خلسة.
وتمكّنت فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بسوسة من إلقاء القبض على عنصر تكفيري مفتش عنه لفائدة فرقة الإرشاد البحري للحرس الوطني بسوسة من أجل سرقة مركب بحري وتكوين وفاق يهدف إلى اجتياز الحدود البحرية خلسة.
تفاعلات..
على اثر حادثة اصطدام خافرة تابعة للجيش الوطني بمركب «حارقين» يوم 8 اكتوبر الجاري والذي اسفر عن وفاة 8 اشخاص في حين تم انقاذ 38 اخرين ومازال 40 اخرين في عداد المفقودين.
ابان الحادث عبرت وكالة الأمم المتحدة عن قلقها ازاء هذا الحادث المأساوي وأشارت الوكالة في بلاغ لها أنها تتابع رصد أوضاع المهاجرين المفقودين.
وصرّحت لورينا لاندو، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في تونس وقالت «إننا نشعر بحزن عميق إزاء هذه المأساة التي تؤثر على الكثير من المهاجرين والعائلات» مضيفة أنّ «المنظمة الدولية للهجرة ملتزمة بدعم ومناصرة الهجرة الآمنة والتي تحفظ كرامة الأفراد. نحن نشعر بالقلق إزاء تصاعد وتيرة حوادث الهجرة غير النظاميّة من الساحل التونسي، ونعمل بشكل وثيق مع جميع الأطراف الفاعلة لتطوير حلول طويلة الأمد».
وعلّق فيديريكو صودا مدير مكتب تنسيق البحر الابيض المتوسط التابع للمنظمة الدولية للهجرة، على التطورات الأخيرة قائلاً:»ازداد عدد المهاجرين التونسيين الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر».
اكثر من 1300 «حارق» تونسي
وقال مدير مكتب تنسيق البحر الأبيض المتوسط انه بين شهر جانفي وأوت 2017 وصل 1357 تونسيا إلى الساحل الإيطالي في حين تشير تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى وصول أكثر من 1400 مهاجر خلال شهر سبتمبر 2017 بينما تعد هذه الزيادة في سبتمبر غير عادية إلا أنها تبقى منخفضة جداً مقارنة بعدد الوافدين المسجلين في إيطاليا خلال السنة الجارية.
كارثة..
من جهته اصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيانا ذكر فيه أنه «تعرض مساء يوم الاحد قارب للهجرة غير النظامية انطلق من جزيزة قرقنة لحادثة تصادم إثر مطاردته من الخافرة العسكرية «صدر بعل» من أجل اجباره على العودة ليخلف 8 قتلى ونجاة 38 شابا وعددا غير محدد من المفقودين والذي قد يجعلنا أمام كارثة أكبر في فاجعة بحرية تذكرنا بما وقع في فيفري 2011 حيث خلف حادث اصطدام الخافرة العسكرية «»لحرية 302» بمركب للهجرة خمسة قتلى و17 مفقودا.
وقال المنتدى في البلاغ «وقد جدّ الحادث حسب البلاغ المقتضب لوزارة الدفاع الوطني على بعد 54 كم من قرقنة في حين أكّدت مصادر إعلامية إيطالية ان الحادث جدّ في المنطقة المائية للبحث والإنقاذ التابعة للبحرية المالطية التي شاركت في عمليات الإنقاذ الى جانب البحرية الإيطالية والتي لولا تدخلها لكانت الكارثة أكبر حسب نفس المصادر».
وقال «إن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي نبّه مرارا وتكرارا من عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وكلفتها المتواصلة والنفق المظلم الذي تدفعنا إليه وآخرها موجة الهجرة غير النظامية والتي بلغت الآلاف خلال الثلاثية الثالثة من سنة 2017 في مشهد يذكرنا بموجة 2011».
وعبر المنتدى عن استغرابه من «البطء في رد الفعل من السلطات التونسية لتقديم المعلومات وكشف ملابسات الحادث للرأي العام المحلي وكافة العائلات والتي اكتفت ببلاغ مقتضب وهو ما يجعلنا نشك اننا إزاء كارثة تجتهد السلطات الرسمية في إخفاء معالمها والتحقيق الجدي في الفاجعة. ويدعو الى تقديم المعلومات سريعا للعائلات حول الضحايا والمفقودين والإحاطة النفسية والمعنوية بالناجين».
مراجعة..
طالب المنتدى الحكومة التونسية بمراجعة المقاربة الأمنية في التعامل مع الهجرة غير النظامية وتفكيك شبكات التهريب ومحاكمة المشتغلين بها ومراجعة مسارات التعاون الجارية مع الاتحاد الأوروبي والتي تعطي الأولوية للمقاربات الأمنية وتعتمد سياسات غلق الحدود من اجل الحد من الهجرة غير النظامية دون مقاربة تنموية شاملة تستجيب لتطلعات شباب تونس نحو الكرامة والعدالة الاجتماعية».
ونبه من «خطورة المواصلة في نفس السياسات الاقتصادية ومن خطورة إحساس فئات واسعة من الشباب بالإحباط وغياب افق للكرامة والتشغيل والعدالة الاجتماعية ومما يعمق من الرغبة في الهجرة لدى فئات واسعة من الشباب ويعرضهم للبحث عن حلول يائسة».
حقيقة ال60 جثة
تداولت بعض المواقع والصحف الالكترونية خبرا مفاده ان تونس تسلمت من السلط الايطالية أمس الأول 60 جثة ل»حارقين» تونسيين وهو خبر نفاه العقيد بلحسن الوسلاتي الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني.
مصير بقية الجثث..
«الصباح» كان لها اتصال مع الدكتور سمير معتوق رئيس قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس الذي افادنا ان قسم الطب الشرعي تسلم 8 جثث فقط وتم تشريحها جميعها واذنت النيابة العمومية بدفنها وأخرجت من قسم الطب الشرعي يوم 10 اكتوبر الجاري.
كما تحدث الينا الدكتور سمير معتوق عن مصير بقية الجثث من الناحية العلمية وقال إن إخراج جثث الغارقين صعبة من الناحية العلمية في هذا الوقت لان الجثث يجب ان تظل بضعة أيام في البحر حتى تنتفخ وتطفو على السطح لا سيما وان الغرق تم في عرض البحر وليس قريبا من الساحل.
مشيرا الى أن البحر يحتوي على طبقات واحجار وقد تعلق الجثة بين الاحجار ويصعب خروجها.
واشار الدكتور سمير معتوق الى ان الجثة ومن الناحية العلمية بإمكان التيارات البحرية ان تحملها 90 كلم في اليوم لذلك لا يتم العثور على كل الجثث بمكان واحد.
من جهته نفى قسم الطب الشرعي بتونس ان يكون تسلم اية جثة ل»حارقين».
عن حادثة اصطدام الخافرة العسكرية بمركب يقلّ «حارقين»..لا للصّمت.. حتّى لا تتكرّر المأساة!
بعض التّحرّكات الاحتجاجيّة الشّعبيّة الّتي سجّلت أمس الخميس بعدد من المناطق الدّاخليّة مثل قبلّي وسيدي بوزيد على خلفيّة الحادثة الأليمة الّتي جدّت بتاريخ 8 أكتوبر الجاري في عمق مياه جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس وتحديدا بالمنطقة المعروفة بشاطئ "العطايا" والّتي تمثّلت في "اصطدام" خافرة عسكريّة تابعة لجيش البحر بمركب يقلّ مهاجرين سريّين (حارقين) ممّا أدّى الى مقتل 8 وفقدان العشرات..
هذه الاحتجاجات وعلى الرّغم من صبغتها العنيفة والمنفلتة قد تبدو وبشكل من الأشكال "مفهومة" ولا نقول مبرّرة لا فقط اعتبارا للطّابع المأساوي للحادثة الّتي ذهب ضحيّتها عدد من الشبّان "الحارقين" أصيلي عديد الولايات ولكن اعتبارا أيضا ل"الغموض" الّذي لا يزال يكتنفها ويحيط بها.. اذ والى غاية يوم أمس الخميس لا معلومات دقيقة وشافية من مصادر رسميّة خاصّة سواء كانت عسكريّة أو قضائيّة حول "حيثيّات" الحادثة و"ملابساتها" و"ظروف" وقوعها.. ما فتح المجال بالمقابل الى سريان وشيوع حزمة "معلومات" و"أخبار" متناقضة تناقلتها ولا تزال منابر ووسائل ومحامل اعلاميّة مختلفة زادت جميعها في تأكيد وترسيخ طابع "الغموض" بالمعنى "لاستفزازي" وربّما "التّحريضي" للكلمة..
اعلام عسكري «شحيح» و«متردد»
لنبدأ أوّلا بالتّعرّف على "الكيفيّة" الّتي تعاطت بها اعلاميّا المؤسّسة العسكريّة ذاتها (وزارة الدّفاع الوطني) وتحديدا مكتبها الاعلامي والنّاطق الرّسمي باسمها مع حادثة "الاصطدام".. اذ ومن خلال بيان رسمي مقتضب أصدرته بتاريخ الاثنين الماضي أفادت فيه حرفيّا بأنّ "احدى الوحدات البحريّة التّابعة لجيش البحر اصطدمت بمركب مجهول الهويّة أثناء الاقتراب منه لمحاولة التّعرّف عليه وذلك على بعد 54 كلم من شاطئ "العطايا" بجزيرة قرقنة من ولاية صفاقس ممّا أدّى الى غرقه ووفاة 8 من راكبيه" لم يكن هناك لا حقا وعلى مدى الأّيّام الأخيرة القليلة الّتي أعقبت "الحادثة" المزيد من "التّوضيحات" الرّسميّة من قبل المؤسّسة العسكريّة.. توضيحات قاطعة من شأنها أن "تقف" في وجه أخبار أخرى "موازية" و"مثيرة" و"خطيرة" و"مشكّكة" سرت ووجدت طريقها عبر منابر ومحامل اعلاميّة مختلفة الى الرّأي العامّ الوطني الّذي بقي متعطّشا للمزيد من الأخبار والحقائق حول ظروف وقوع هذه المأساة الوطنيّة..
بل انّ ما يمكن أن نطلق عليه "الخلل الاتّصالي الرّسمي" الّذي شاب تعاطي المؤسّسة العسكريّة وتحديدا جهازها الاعلامي مع حيثيّات الحادثة نجده قد "تفاقم" تصاعديّا وازداد غموضا و"ريبة" نتيجة مداخلات اعلاميّة متفرّقة ظهر من خلالها لاحقا النّاطق الرّسمي باسم وزارة الدّفاع الوطني وهو يقول "الشّيء ونقيضه" تقريبا من ذلك قوله مثلا في تصريح لوكالة الأنباء الألمانيّة بأنّه "لم يحصل اصطدام بين الخافرة العسكريّة والمركب المتضرّر" وهو ما كرّره أيضا أثناء ظهوره لاحقا على قناة "التّاسعة" التّلفزيّة الخاصّة في حين أنّ بلاغا رسميّا مكتوبا سابق الصّدور عن وزارة الدّفاع الوطني "يقول" و"يقرّ" بوقوع هذا الاصطدام..
نفسه العقيد بلحسن الوسلاتي النّاطق الرّسمي باسم وزارة الدّفاع الوطني نجده قد عاد ليقول و"يقرّ" بوقوع هذا الاصطدام بين الخافرة العسكريّة والمركب المتضرّر وذلك من خلال تصريحه أمس الخميس لإحدى الصّحف اليوميّة ردّا على ما ورد على لسان أحد الاعلاميّين عبر احدى القنوات التّلفزيّة الخاصّة قال فيه (الاعلامي محمّد بوغلاّب من بين ما قال ) أنّ بحوزته "معلومات تفيد أنّ اصطدام الخافرة العسكريّة بالمركب المتضرّر كان نتيجة وقوع "الرّايس" أو قائد المركب للتّهديد من طرف ثلاثة من "الحارقين" أشهروا في وجهه السّكاكين وأمروه بأن يواصل الابحار وألاّ يمتثل لدعوات الجيش الوطني بالتّوقّف وتسليم أنفسهم"
النّاطق الرّسمي باسم وزارة الدّفاع الوطني نفى علمه أو علم مصالح الوزارة بهكذا "معلومة" مكتفيا بالقول "أنّ الموضوع الآن بين أيدي القضاء".
الوضوح.. حتّى لا تتكرّر المأساة
لسنا في وارد "التّقريع" أو "التّحامل" على "طرف" بعينه أو "جهة" بعينها.. ما نريده هو التّأكيد على ضرورة أن يكون "التّعاطي" وطنيّا مع "حادثة" أو بالأحرى فاجعة اصطدام الخافرة العسكريّة بمركب "الحارقين" تعاطيا واضحا وشجاعا وغير "موارب" ولا "مرتبك" لا اعلاميّا ولا سياسيّا ولا قضائيّا ذلك أنّ "أحداثا" مأساويّة من هذا "النّوع" تظلّ وفي المطلق قابلة لأن تقع وحتّى لأن "تتكرّر" لا قدّر اللّه خاصّة في ظلّ فوضى ظاهرة الهجرة السريّة الّتي اجتاحت فضاء "الأزرق الكبير" (البحر الأبيض المتوسّط) بل والمنطقة عموما برّا وبحرا فضلا عمّا قد يسبّبه بدوره "معطى" الارهاب العابر للحدود من ارباك قد يؤثّر سلبا على جهود و"تدخّلات" القوى العسكريّة الوطنيّة الحارسة لحدودنا البريّة والبحريّة عند الاقتضاء..
انّ بعض "الدّعوات" الّتي تريد اليوم أن "تحرّض" ربّما أو أن "تركب" سياسيّا على "الحدث/الفاجعة" لم تكن بالتّأكيد لتجد الفرصة لأن تفعل لو أنّ "الجهات" الرّسميّة عرفت كيف تتعاطى اعلاميّا واداريّا مع "الحادثة" بشجاعة وبروح من المسؤوليّة الوطنيّة كأن تبادر مثلا بالإعلان عن أنّها فتحت تحقيقا اداريّا فوريّا صلب وزارة الدّفاع وليس تحقيقا قضائيّا بطيئا وحلزونيّا تريد على ضوء نتائجه أن تتدارك أيّ "خطأ" غير مقصود ربّما يكون قد ارتكب حال مباشرة الدّوريّة العسكريّة البحريّة لواجبها في "التّعاطي" مع "حالة" مركب "الحارقين" في منطقة شاطئ "العطايا" بجزيرة قرقنة..
انّ هكذا أسلوب اعلامي شجاع ومتحضّر في التّعاطي مع مثل هذه "الفواجع" من شأنه لا فقط أن يقطع الطّريق على كلّ "الأطراف" "المتربّصة" بالوضع الأمني والاجتماعي الهشّ في الجهات المهمّشة ولكن من شأنه أيضا أن يحول دون تكرّر الأخطاء والمآسي.. فضلا عن أنّه يطمئن أيضا عائلات الضّحايا أنفسهم على حقوقهم وحقوق الضّحايا فلا يشعرون بالظّلم ولا بالحيف ولا بالحقرة..
◗ محسن الزّغلامي
«الصباح» ترصد احتجاجات اهالي «حارقين»
بئر علي بن خليفة.. عائلات المفقودين تطالب بكشف الحقيقة عن مصير ابنائها
تعيش معتمدية بئر علي بن خليفة من ولاية صفاقس احتقانا كبيرا على خلفية فقدان الجهة لعدد من أبنائها في الفاجعة البحرية الاخيرة، وقد عمد الأهالي أمس الاول الى إغلاق الطريق الوطنية عدد 2 على مستوى منطقة الكرايمة وسيدي الظاهر، كما تعطلت الدروس بالمؤسسات التربوية بمنطقة بئر علي بن خليفة، وذلك للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم المفقودين، وبملابسات الحادث والأسباب الكامنة وراء غرق المركب.
حرق مقر معتمدية سوق الاحد
عمد صباح أمس عدد من شباب معتمدية سوق الاحد الى حرق مقر المعتمدية والمنزل الوظيفي لمعتمد المنطقة المحاذي لهذا المقرّ وذلك بعد ان قاموا بإغلاق الطريق في منطقة «أم الصمعة» ثم احتجوا أمام مقرّ المعتمدية على وفاة اثنين من شباب المنطقة في حادث التصادم الاخير.
المحتجون طالبوا بحضور مسؤول جهوي لعرض مطالبهم المتعلقة أساسا بتعطّل عجلة التنمية في المنطقة الأمر الذي يدفع بأبنائهم الى «الحرقة» وطالبوا في نفس الوقت بفتح تحقيق جدّي لكشف الحقيقة الكاملة لعملية الاصطدام بين الوحدة البحرية والمركب المقلّ للمهاجرين غير الشرعيين.
مع العلم ان مواجهات حصلت خلال الاحتجاجات بين المواطنين والوحدات الامنية.
القصرين.. تزامنا مع دفن جثة «حارق».. أهالي 4 مفقودين يغلقون الطريق ويحتجزون حافلة فريق قوافل قفصة
في اجواء خيم عليها الحزن والاسى بعد ان تسلمت احدى عائلات منطقة « القساسمية» من عمادة القرعة الحمراء التابعة لمعتمدية سبيطلة جثمان ابنها، تم عشية الاربعاء دفن جثة الشاب محمد القسومي الذي غرق في حادثة اصطدام خافرة للجيش الوطني بأحد مراكب «الحراقة» وقد تمت مواراة جثمانه بمقبرة بمسقط راسه.
واثر الانتهاء من مراسم الدفن عبر اهالي المنطقة عن انشغالهم عن مصير 4 آخرين من شباب القرية فقدوا في نفس الحادثة وهم: ماهر بن نور الدين سعودي الذي يبلغ من العمر 18 سنة وياسين بن عبد الحكيم سعودي (22 سنة) وماهر بن الفاهم سعودي (20 سنة) وأسامة بن محمد الصالح سعودي (18 سنة )، وصباح أمس الخميس توترت الأوضاع بالمنطقة ودخل أقارب المفقودين في حركة احتجاجية اغلقوا خلالها الطريق الرابطة بين قريتهم وقفصة جنوبا والقيروان شمالا وعمدوا الى حجز حافلة فريق كرة القدم لجمعية قوافل قفصة كانت متجهة الى المرسى لإجراء مباراة مبرمجة اليوم الجمعة مع نادي مستقبل المرسى في اطار بطولة الرابطة الثانية، وقالوا انهم لن يفتحوا الطريق ولن يسمحوا للحافلة المحتجزة بالانطلاق الا اذا جاءهم والي القصرين للحديث معهم حول مصير ابنائهم المفقودين.. وفي الاثناء بقي مستعملو الطريق المذكورة الذين تعطلت مصالحهم ومنعوا من مواصلة سيرهم نحو مختلف المناطق التي يقصدونها في حيرة من امرهم، وحاول بعضهم التفاوض مع المحتجين من اجل فتح الطريق لان لا علاقة لهم بالأمر ثم اتصلوا بوحدات الحرس من اجل التدخل.
◗ يوسف امين
جندوبة.. وادي مليز تشيع احد ضحايا اصطدام خافرة بمركب «حراقة»
شيعت امس منطقة سيدي عبيد التابعة لمعتمدية وادي مليز من ولاية جندوبة اثنين من أبنائها في حادث اصطدام قارب هجرة غير شرعية بخافرة عسكرية وهما أنيس العبيدي البالغ من العمر 34 سنة ومحمد بن صالح عبيدي.
ولازالت ثلاث عائلات أخرى من منطقة سيدي عبيد في انتظار أبنائها المفقودين في نفس الحادثة وهم ماهر الماجري يبلغ من العمر 25 سنة وهاني عبيدي والبالغ من العمر 24سنة ورامي عبيدي البالغ من العمر 17 سنة. وللإشارة فانه لم ينج من هذه الحادثة من أبناء سيدي عبيد إلا ‘'حارق'' واحد يدعى جهاد الماجري وهو من أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل.
وقد طالب أهالي الضحايا بالكشف عن ملابسات الحادثة ومصير المفقودين.
◗ عمار المويهبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.