مع تصاعد موجة الغلاء التي طالت أغلب المواد وتفشت بشكل جنوني في أسواق الخضر التي تخطت فيها عديد المواد الأساسية الخطوط الحمراء بما باعد بينها وبين قفة المواطن. تعددت في الآونة الأخيرة تحركات السلط المعنية وفي مقدمتها التجارة التي كثفت من نسق الاجتماعات واللقاءات مع الفاعلين الاقتصاديين والمتحكمين في مجالات التسويق والتوزيع وأجهزة المراقبة لتباحث السبل الكفيلة بالسيطرة على الأسعار والحيلولة دون مزيد انفلاتها خاصة مع حلول موسم الشتاء والأمطار الذي يعرف انخراما واضطرابا في مستوى مسالك التزويد بفعل صعوبات الجني ونقل السلع والمواد. كما انتظم بالأمس أكثر من لقاء في مستوى رئاسة الحكومة جمع الأول يوسف الشاهد بأصحاب المساحات التجارية الكبرى لحثهم على المساهمة في المجهود الوطني للسيطرة على الأسعار، وجمع الثاني رئيس الحكومة مع رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك في نفس التوجه الرامي إلى التصدي الجماعي لموجة الغلاء. تحركات متواصلة مع الأطراف المعنية والفاعلة مباشرة في عمليات الإنتاج والتزويد لإحكام السيطرة على الأسعار وتطويق مستويات ارتفاعها وذلك من خلال الدعوة إلى التقليص من هوامش ربح المتدخلين في مسالك التوزيع بما ينعكس مباشرة على وتيرة الأسعار. في تصريح ل«الصباح» أكد سليم سعدالله عزم الحكومة على مكافحة غلاء الأسعار عبر مراجعة هامش الربح للحلقات المتدخلة وتكثيف المراقبة وتشديدها على مستوى الأسواق والطرقات وبالمسالك الموازية. وأردف بأن مراجعة الأسعار بأسواق الجملة سيكون لها الأثر الإيجابي على أسعار الجملة والتفصيل،كما ينتظر انخراط المساحات التجارية الكبرى في هذا الهدف، وستقوم المنظمة بدورها - بحسب تعبيره- في رصد التجاوزات ومتابعة بورصة الأسعار بالأسواق ووضع مرصد إلكتروني على ذمة المستهلك يتابع بشكل يومي أسعار الأسواق المتداولة بمختلف الولايات من خلال شبكة مكاتبها الجهوية والمحلية. فريق إطفاء مشترك تتجه الأنظار في كل مرة تلتهب فيها الأسعار إلى وزارة التجارة أملا في حلول ناجعة لإطفاء حريق الأسواق والتصدي للمتسببين في إشعالها من مضاربين ومحتكرين من المتلاعبين بقوت المستهلك، وهي مهمة أساسية تعود إلى هذه الوزارة التي عليها البحث عن آليات وحلول عملية في هذا الصدد ودعم خطط المراقبة والمتابعة والسيطرة على مسالك التوزيع والتزويد، ليس فقط باللجوء إلى التوريد الذي يبقى في مثل هذه الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة أبغض الحلول، إنما بتسخير كل الإمكانيات لتعديل الأسواق واللجوء إلى السحب من المخزونات ومقاومة التهريب وتنظيم المسالك وتكثيف العمل بأسواق البيع من المنتج إلى المستهلك. إلى هذا تبقى المسؤولية مشتركة والعمل جماعيا ومتكاملا بين كل الأجهزة والجهات المعنية في الحرب على غلاء المعيشة وما يفرضه من تنسيق التدخلات ومتابعة مسالك توزيع المنتوجات الفلاحية وتنسيق البرمجة الزراعية. وتعد مسؤولية وزارة الفلاحة كبيرة في هذا الجانب على اعتبار أهمية عنصر توفر الإنتاج في ضمان توازن العرض والطلب، وهو ما يقتضي إحكام برمجة الإنتاج وتوجيهه نحو المواد الأساسية التي تشهد نقصا في العرض بالأسواق. كما يتعين إحكام التنسيق مع وزارة الداخلية في تنظيم حملات المراقبة والتصدي للمخالفين بالحزم اللازم وفي مقاومة التهريب، وعلى المزودين تحمل مسؤولياتهم وكذلك التجار والمنتجين من خلال تقاسم التضحيات في هذا الظرف الصعب. إن المطلوب اليوم هو تجاوز العمليات والإجراءات الظرفية إلى خطط وسياسات هيكلية في الحرب على غلاء الأسعار حتى لا تظل قفة المواطن رهينة سماسرة الأسواق. ◗ منية اليوسفي هذه الإجراءات المتخذة للحد من ارتفاع الأسعار أشرف رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أمس، بقصر الحكومة بالقصبة على جلسة عمل حضرها أصحاب المساحات التجارية الكبرى ومديروها العامون خصصت للحد من ارتفاع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن، وفق بلاغ أصدرته رئاسة الحكومة. وتعلقت الاجراءات، التي تم إتخاذها خلال الجلسة، على مستوى أسعار الخضر والغلال بإعتماد الأسعار المرجعية بسوق الجملة مع إضافة هامش ربح لا يتعدى 15 في المائة بالمساحات التجارية الكبرى. كما تعلقت هذه الإجراءات بتخفيض الأسعار بالفضاءات وتجميد أسعار اللحوم والبيض والاسماك والخضر والغلال ومشتقات الحليب والمياه المعدنية والمشروبات الغازية والعصير والزيوت والمصبرات والسكريات والحلوى الشامية ولمجة الاطفال ومواد التنظيف ومواد الصحة الجسدية والفواكه الجافة والبقول الجافة والقهوة. وأعلن رئيس الحكومة أن الحملات الرقابية العادية ستدعم بحملات استثنائية ومكثفة تنطلق بداية من يوم غد 9 نوفمبر 2017 في جميع مناطق الجمهورية لمراقبة مسالك التوزيع بهدف الضغط على الأسعار والتصدى لمظاهر الاحتكار، التي لن تتوانى الحكومة عن مجابهتها. وأكد أن ذلك لن يتحقق الا بجهود جماعية ودعا أصحاب المساحات التجارية الكبرى الى معاضدة جهود الدولة من أجل الضغط على الأسعار.