عديد التحفظات أعرب عنها الخبراء تجاه الفرضيات التي بني عليها قانون المالية لسنة 2018 أهمها اعتماد 54 دولارا لسعر برميل النفط في حين أن سعر البرميل عند إيداع مشروع قانون المالية لدى مجلس نواب الشعب قد بلغ 53 دولارا وهو ما دفع الخبراء إلى التحذير من إمكانية تواصل ارتفاع أسعار النفط إذ رجحوا بلوغ سعر البرميل أكثر من 60 دولارا ما من شأنه أن يؤدي إلى انخرام الموازنة المالية للسنة. وتعرف أسعار النفط ارتفاعا مضطردا من يوم إلى آخر إن لم نقل من ساعة إلى أخرى حيث ناهز سعر البرميل في الأسواق العالمية أمس الأول حوالي 63 دولارا ليعود خلال حصص التداول أمس إلى قرابة 58 دولارا للبرميل أي بزيادة بحوالي 4 دولار مقارنة بتوقعات قانون المالية للسنة المقبلة. وحسب مؤشرات رسمية فإن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار يكلف خزينة الدولة 100 مليون دينار إضافية إذا ما بقي سعر برميل النفط في حدود 58 دولارا لكن هذا الرقم سيشهد ارتفاعا قد يحطم كل التوقعات خاصة وأن السعر كما ذكرنا وصل إلى حدود 63 دولارا في حصص سابقة. وقد عرفت أسعار النفط أعلى مستوياتها منذ 2015 وسط حديث عن تواصل خفض الإنتاج من قبل كبار المنتجين لا سيما أمام دعم تمديد اتفاق خفض الإنتاج العالمي حتى نهاية عام 2018، كل هذا أدى إلى جعل المخزونات العالمية تعرف تراجعا لا سيما بعد ما ظهرت بيانات في الولاياتالمتحدة تشير إلى انخفاض فاق التوقعات لمخزونات الخام لدى أكبر مستهلك للنفط بالعالم تصل إلى 6.4 مليون برميل نفط، كل هذا يرجح تواصل ارتفاع الأسعار العالمية مما سينعكس سلبا على الموازنات المالية للسنة القادمة 2018 . وتبقى كل هذه الأرقام نسبية خاصة وأن سعر صرف الدولار يعرف بدوره ارتفاعا هاما منذ بداية السنة الجارية إذ ارتفع صرف الدولار مقابل الدينار ب10 بالمائة منذ انطلاق 2017 حيث بلغ سعر الصرف أمس 2.489 دينار ومن المرجح أن يواصل على هذا النسق لا سيما وأن الوضع الاقتصادي في بلادنا ما زال صعبا إذ لم تسترجع محركات النمو نسقها المعتاد. ولئن تم التغاضي عن تحديد سعر صرف الدينار مقابل الدولار ضمن قانون المالية للسنة القادمة، وهو من بين الأخطاء التي عرفها القانون و اعتبرها الخبراء سابقة خطيرة، فإن تراجع سعر صرف الدينار ب10 مليمات مقابل الدولار من شأنه أن يكبّد خزينة الدولة مصاريف إضافية ب30 مليون دينار وهذه المصاريف ستنتج عنها وضعية صعبة للتوازنات المالية للدولة ما يحتم وضع فرضية سعر الدولار بما يتماشى مع التوقعات العالمية لا سيما من قبل المؤسسات المالية الدولية بشأنه توقعات تطوره خلال السنة القادمة 2018. وبالنظر إلى الفرضيات التي بني عليها قانون المالية والتي لاح، منذ الآن، ضعفها فإن وجوب مراجعتها بات اليوم، وقبل عرض القانون على الجلسة العامة، أكثر من ضروري حتى لا تجد الحكومة نفسها أمام مأزق انخرام موازنات السنة القادمة وما يحتم إدخال تعديلات عليها مع ضرورة المحافظة على التوازنات المالية.