احتضن معهد باش حانبة ببنزرت مساء أول أمس الجمعة ندوة فكرية حول موضوع «أي شعر نريد ؟» نظمتها رابطة الكتاب الأحرار فرع بنزرت، تخللتها قراءات شعرية لثلة من الشعراء وهم المكي الهمامي والهادي بن هولة وسعيدة السقجي باش طبجي ومنى الماجري وعبد العزيز كمون، وواكبها عدد من تلاميذ المعهد الذين أثروا الحوار بأسئلة قيمة، وتم توشيح اللقاء بمقاطع مسرحية وأغان وإيقاعات موسيقية إضافة إلى قراءة التلميذة مريم المؤدب، وقد جاءت من مدرسة إعدادية، إحدى محاولاتها الشعرية شدت اهتمام الحاضرين ونالت إعجابهم . في البداية وضعت الأستاذة الأديبة والناقدة منية قارة بيبان الندوة في إطارها بطرحها جملة من الأسئلة الحارقة، دعت الحاضرين إلى الإجابة عليها إثر القراءات الشعرية، مثل: لماذا تراجع وهج الشعر وندر قراؤه؟ أما زلنا في حاجة إلى الشعر؟ ما سبب عزوف دور النشر عن طبع الدواوين الشعرية إلا إذا مولها أصحابها؟ هل بات الشعر غريبا عن عالم المتلقي؟ إجابة الشاعرة سعيدة السقجي باش طبجي كانت عبر قصيدة كشفت عن تجربتها الشعرية، تلتها قصيدة غزلية تفاعل معها الحضور. ثم قدم مكي الهمامي، بعد قراءته لقصيدة مطولة بعنوان «قلب العروبة» التي يمجد فيها اللغة العربية ونالت استحسان المتلقين، دواوينه الثلاثة وأشار إلى حصوله على ثلاث جوائز من دبي والسعودية مبينا اهتمام الجامعات العربية بمبدعيها خلافا للجامعة التونسية التي لم تحرص على برمجة أطروحات جامعية لشعراء تونس، وكأن الشعر التونسي المعاصر توقف مع الشابي حتى صار بمثابة الشجرة التي تحجب الغابة، متسائلا عن أسباب تقصير الجامعة التونسية في حق شعراء تونس، مؤكدا أن إصلاح وضع الشعر والشعراء في تونس يجب أن يبدأ من فوق في نظره. أما الشاعرة منى الماجري فقد اعتبرت أن الشعر الذي لا يغمس ريشته في المقاومة ليس شعرا، وان قضية المرأة هي قضية العروبة، وأن الاختناق الفردي يصنع الاختناق الجماعي، بينما أكد الشاعر الهادي بن هولة قيمة الشعر والحاجة إليه بالقول: «إذا كان النثر يمثل ظل الكتابة فالشعر جوهرها»، وأردف القول بقراءة قصيدتين من ديوانه «وجع الحروف». وقبل الاختتام قرأ الكاتب عبد العزيز كمون قصيدة «حب الشباب» من ديوانه «حدائق معلقة»، وكانت مفاجأة للمحاضرين؛ لأنهم يعرفونه باحثا وناقدا، وهي مفاجأة سبق أن تعرض لها مقدم الديوان الأستاذ الشاعر بشير المشرقي بالقول:».. أما كمون الشاعر فإنني لا اخفي على القارئ أنني تفاجأت حقا عندما اطلعت على بستانه الشعري هذا «حدائق معلقة»؛ لأنني لم أكن - رغم صلتي المتينة بالرجل - على علم بأن له تجارب شعرية إلى جانب أعماله النقدية المتميزة التي عرف بها». كلمة الختام كانت للأديبة والروائية حفيظة قارة بيبان رئيسة فرع رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت ثمنت فيها هذا الحوار، وخصوصا صراحة الشباب التلمذي في إبرازه علاقته بالشعر، والحرج الذي تعيشه الفتيات ويحرمهن من كتابة الشعر، مؤكدة أن الشعر هو إثبات للوجود وتحقيق لإنسانية الإنسان، وأنها عرفت قبل عقود نفس الإحساس، إلا أن ذلك لم يمنعها من الكتابة، ولكن تحت اسم مستعار وهو بنت البحر، مبرزة أن المجتمع اليوم أصبح أكثر تفتحا في التعامل مع المرأة .