استطاعت المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أن تفتك مكانة عملية في الأوساط الثقافية في تونس في السنوات الأخيرة مما مكنها من النفاذ داخل عديد المؤسسات والهياكل المعنية بعد أن دخلت بعض الآليات القانونية حيز العمل. ويرجع الفضل في ذلك إلى المجهودات المبذولة من أجل توسيع دائرة نشاط وعمل هذه المؤسسة بما يضمن رعاية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لأصحاب تلك الحقوق فضلا عن استخلاص وتوزيع العائدات المتأتية من ممارسة التصرف الجماعي في حقوق المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة وذلك لصالحهم أو لصالح مستحقيهم وضبط الشروط المالية والمادية لاستغلال المصنفات إضافة إلى إدارة جميع الحقوق التي يحول محصولها إلى الصندوق الاجتماعي والثقافي وغيرها من المهام الأخرى التي تهدف لتنظيم الحقل الثقافي وتطوير آليات التعامل والتعاطي مع المنجز الفني والثقافي بشكل عام. وأكد مدير عام هذه المؤسسة يوسف بن ابراهيم ل«الصباح»، في نفس السياق، أن المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تغلبت على قدر هام من الصعوبات والعراقيل في مستوى جمع المستحقات المالية بعد أن أوفت بعض الجهات بالتزاماتها المالية في الغرض وذكر من بينها مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين. وبين أنه سيتم خلال الأشهر القليلة القادمة تنظيم سهرة خاصة تؤثث تفاصيلها بمؤلفات هؤلاء ويتم فيها الإعلان عن توزيع المستحقات المالية على أصحابها إضافة إلى تكريم بعض المؤلفين الذين تحتفي بهم هذه المؤسسة في خطوة أولى في برنامج عملها «الاحتفائي» التكريمي الموسع، حسب تأكيده. يأتي ذلك بعد تنظيم تظاهرة «أسبوع حقوق المؤلف في مدينة الثقافة» في شهر أفريل القادم. اتفاقية تنظيم "النسخ" في سياق آخر من حديثه نزّل يوسف بن إبراهيم الاتفاقية التي أبرمتها مؤخرا المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية في خانة برنامج عمل المؤسسة لإرساء منظومة متطورة في مجال التصرف الجماعي وحقوق النسخ تحديدا بما يوفر مستحقات مترتبة عن نسخ الأعمال والمصنفات بجميع أنواعها. وأكد أن هذه الاتفاقية تخول للمؤسسة التونسية ضمان عائدات مالية لأصحاب الحقوق من مؤلفين وناشرين في ميدان الطباعة والنشر مقابل أعمال النسخ الواسعة النطاق التي تمارس بالأساس من قبل المؤسسات العمومية والخاصة في كل القطاعات وتشمل الكتب والصحف والدوريات والمجلات وغيرها. وبين أنه تم الاستئناس في هذا الجانب بعديد التجارب الناجحة والنافذة. وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وبالشراكة مع خبير دولي في هذا المجال من المنظمة العالمية للملكية الفكرية، حددت خارطة طريق تضبط مراحل إرساء منظومة التصرف الجماعي في حقوق النسخ وأصحاب الحقوق المعنيون وكذلك آليات المتابعة والإنجاز. كما أفاد مدير عام نفس المؤسسة أن المسألة لا تقتصر على النسخ وحصر الأمر في «آلة النسخ» فقط بل تشمل أيضا مجالات أخرى باعتبار أن هناك محامل تقنية وورقية سيتم العمل على تنقيح النصوص القانونية المنظمة لعملية التعاطي معها بما يضمن حقوق الكاتب والمؤلف بدرجة أولى. موضحا أن هذه العملية لا يمكن إنجازها في فترة وجيزة وإنما تتطلب وقتا باعتبارها ان تتم عبر مراحل. ونزل محدثنا الاتفاقيات التي أبرمتها هذه المؤسسة في الغرض مع كل من اتحاد الكتاب التونسيين واتحاد الناشرين وغيرها من الهياكل ذات علاقة بالمجال، في إطار المساعي العملية لتنظيم عملية النشر وحفظ حقوق المؤلف وذلك في إطار التشاركية بين هذه الهياكل. وأوضح في سياق متصل ان هذه المؤسسة تركز في توجهها في هذه المرحلة الأولى على الجامعات ومعاهد التعليم العالي وصندوق التشجيع على الإبداع باعتبارها الجهات المعنية بالأساس بهذه المسألة في انتظار توسيع دائرة هذا التمشي القانوني في مراحل قادمة. واعتبر ما تقوم به المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة من نشاط ومبادرات وبرامج بهدف نشر ثقافة الملكية الأدبية والفنية واحترام حقوق النسخ والتحسيس والتعريف بأهدافها وفوائدها وجدواها هو جزء من البرنامج العملي المسطر في برنامج عمل المؤسسة. وذلك عبر سعي الجميع لإيجاد توازن عادل بين المصلحة المشروعة لأصحاب الحقوق ومصلحة المستخدمين لتيسير النفاذ إلى الثقافة وتوفير عائدات مالية للمؤلفين والناشرين. وأضاف في نفس السياق قائلا: «سنعمل على إبراز هذا الحدث الأول من نوعه في شهر مارس القادم وذلك بتنظيم ورشات بمشاركة خبراء ومنظمات دولية تعنى بحقوق المؤلف بما في ذلك الهياكل المهنية في تونس المعنية بهذه المسألة». وأكد أن المؤسسة تقترح تدعيم الصندوق بآليات وأدوات عمل جديدة من قبيل النسخ والمحامل الرقمية. فهو يعتبر في «إصلاح» منظومة التأليف والنشر في هذا الجانب مؤشرا إيجابيا لتهيئة مناخ إبداعي يضمن حقوق المؤلفين والناشرين والمبدعين ويدفع المستثمرين لدخول هذا المجال.