ليس من الطوباوية في شيء إذا ما قلنا إنه رغم جبال التحديات المطروحة والمشاكل المتراكمة وتتالي الخيبات والمخاوف فهناك مؤشرات أمل في هذا الوطن تدفعك إلى التفاؤل بأن المستقبل سيكون حتما أفضل. ويعد الاستنفار من أجل حرية التعبير والدفاع عن حقوق الصحفيين وانخراط طيف واسع من المؤمنين بقيم الديمقراطية في جملة التحركات الاحتجاجية الأخيرة التي دعت إليها الهياكل المعنية بقطاع الإعلام رفضا للانتهاكات في حق الصحفيين وأيضا للتشريعات المكبلة للحريات، من بين هذه المؤشرات المحفزة على الأمل لأنها تؤكد بأن قطار الحرية ومكسب حرية التعبير الذي انطلق منذ الثورة له حراسه اليقظون ولن يسمح له بالتوقف مهما كان حجم العراقيل. ولعل ما يبعث على التفاؤل رغم جدية المخاوف هو وجود جيل من الصحفيين الشباب في مقدمة حراس بوابة حرية الصحافة خبروا على امتداد السنوات الأخيرة متعة العمل الصحفي في مناخ من الحريات –رغم ارتكابهم بعض الأخطاء أحيانا- وهم مصرون على عدم العودة إلى مربع الطاعة، وفي الآن ذاته هم حريصون على المضي في استكمال تركيز التشريعات وهياكل التعديل الذاتي وإصلاح القطاع وتخليصه من كل الشوائب والممارسات التي قد يتخذها البعض مطية لتبرير رفعهم شعار التضييق على حرية التعبير. نقطة ضوء أخرى تستحق التوقف عندها هي دور المجتمع المدني منذ 14 جانفي الذي لم يتخلف عن كل المحطات الصعبة من عمر الانتقال الديمقراطي وكانوا يقظين وجاهزين لدق ناقوس الخطر والضغط لتعديل الأوتار وكبح رغبات السلطة وذلك مع كل تهديد للمنوال المجتمعي ولمكاسب المرأة وللحريات ولخيار الديمقراطية. ونجد في صفوف الجمعيات والمنظمات شبابا «رقيبا» عينه على المحطات الانتخابية القادمة وعلى الفساد وعلى المسؤولين، يرصد الإخلالات ويشارك في الضغط الإيجابي من أجل الإصلاح مستغلا ما تتيحه وسائل الاتصال الحديثة، وهم شباب لم يتسلل إليهم الإحباط لحسن الحظ كما هو حال الأغلبية الساحقة من شبابنا للأسف الذي اعتزل الشأن العام حيث تسجل في صفوفهم أعلى نسب عزوف عن التسجيل في الانتخابات والمشاركة في الحياة السياسية. صحيح أن حجم التحديات كبير والمخاوف حقيقية وجدية من فشل مسار الانتقال الديمقراطي والحذر واليقظة واجبان لكن الوعي بنقاط الضوء ومؤشرات الأمل مهم والنظر إلى نصف الكأس المملوء يحفز على الصمود والنهوض والبناء من أجل مستقبل أفضل.