نظم نادي القصة التابع للنادي الثقافي أبو القاسم الشابي بالوردية أربعينية وفاة الأديب التابعي الأخضر يوم السبت 3 فيفري الجاري بمقر النادي بحضور عدد من الأدباء من كتاب رواية وقصة قصيرة وشعراء من رواد النادي ومن أصدقاء الفقيد وأفراد عائلته. وقدم خلالها احمد ممو والناصر التومي ويوسف عبد العاطي شهادات حية عن العلاقة التي ربطتهم بالراحل.والتابعي الأخضر من مواليد نفطة سنة 1921 زاول تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه والثانوي بجامع الزيتونة بالعاصمة ومنه أحرز التحصيل في العلوم سنة 1944. انتدب للتعليم بالمدارس الابتدائية سنة 1945 وباشر المهنة وتدرج في الرتبة إلى أن التحق بالمعهد الثانوي. عمل مدة طويلة في الجزائر وعندما عاد استقر في العاصمة وانتمى إلى اتحاد الكتاب التونسيين والى نادي القصة بالوردية. قرض التابعي الأخضر الشعر وكتب المقالة والقصة القصيرة وقد صدر له «وشم على ذراع مقطوعة (مجموعة قصصية سنة 1985) و»بقية كلام» (مجموعة قصصية 1994) و»مدينة الأسرار» (مجموعة قصصية حائزة على جائزة نادي القصة لسنة(2012. وذكّر الكاتب احمد ممو بتجربة التابعي الأخضر في نادي القصة وقد انتمى له في سنة 1972 وأشار إلى انه نشر كتاباته بانتظام في مجلة قصص إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي وأعطى للقصة القصيرة مفهوما خاصا به وانه كان تواقا إلى الإنسان النموذجي المثالي.. ترك التابعي مخطوطات كثيرة من بينها رواية سلمها للكاتب الناصر التومي على مراحل بدون خاتمة وعندما سأله عنها التومي رواها له شفهيا لأنه وقتها وصل إلى مرحلة من المرض - خسر نظره نهائيا - منعته من الكتابة وإعادة المراجعة ويعمل اليوم كل من احمد ممو والناصر التومي على مراجعتها وتسوية ما علق بها من شوائب أو كما سماها ممو اخلالات. بعد ترميم المخطوط .. الرواية كاملة وتستحق النشر هذه الاخلالات تحتاج حسبما ورد في شهادة الناصر التومي إلى الترميم وفيه مسؤولية كبيرة لأنه كانت للكاتب التابعي الأخضر تقنية صعبة في الكتابة مما يفرض التأكد مما إذا كانت التقنية المتبعة تقتضي تجاوز بعض الأحداث أو انه نسيها، كذلك تغيير أسماء بعض الأبطال )صالح أو ذبابة يصبح اسمه حسين دون اي تبرير) فقد اختلطت عليه الأسماء خاصة عندما تعرض لمرحلة الفتنة اليوسفية. كما ان الراحل كتب روايته بضمير المتكلم وسمح لنفسه بان يخاطب البطل بضمير المخاطب كما تكلم البطل والبطلة خارج الحوار أحيانا. وصارح الناصر التومي الحضور قائلا: «صححت الأسماء أصلحت الأحداث ولكنني لم أتدخل في التقنية الخاصة به وقد اقترحت على الأصدقاء ان نعنون الرواية ب«رغبة من نوع آخر» أو ب«أنا الذي قلت لا». كما أضفت لها ثلاث صفحات كتبت فيها الخاتمة راعيت فيها أسلوب التابعي الأخضر الخالي من الوصف والمتميز بالقدرة على السرد في ظل تعدد الضمائر. اضطررت أيضا إلى حذف حرف «قد» الذي يعرقل البيان والبلاغة وهو مغرم به وكثيرا ما دافع عن وظيفته في الجملة رغم أن أسلوبه مجدد. في نهاية الأمر الاخلالات التي لم نتمكن أنا واحمد ممو من ترميمها بسيطة لان الرواية كاملة وصالحة للنشر بالترميم القليل الذي لا يؤثر لا في الأحداث ولا في السرد». وفي خصوص الصفحات التي أضافها للرواية أكد الناصر التومي على انه راعى فيها قناعات الراحل وهو صديقه ويعرفه جيدا ويعرف انه يريد أن يؤكد في كتاباته على ان النضال لتحرير تونس لم يكن حكرا على فئة دون أخرى شارك فيه شيبها وشبابها الأميون والمتعلمون ويهود تونس وبعض الجاليات الأجنبية وحتى الصعاليك الميؤوس منهم قاموا بادوار بطولية في كل مكان وقد كان بطله الذي رفض الاستقلال الجزئي وإلقاء سلاحه صعلوكا فحاول أن يلبسه تاج النبل والصدق أثناء نضاله مؤكدا على أنها صفات لا يحتكرها المستقيمون وحدهم صلب أي مجتمع إذ يمكن لأي بطل أن ينبت في مستنقع آسن. طرائف.. ضحك ودموع كما تحدث أصدقاؤه وأهله مثل عبد الكريم قابوس واحمد جليط وابنه عن العشرة الطيبة التي كانت تجمعه بكل أهله ومعارفه وعن حبه للحياة ولملذاتها وعن القصائد التي كان يكتبها جماعيا مع أصدقائه في مسقط رأسه نفطة أو في المتلوي وذكر ابنه وقد غالبته الدموع انه كان بالنسبة إليه والدا وليس زوج أم لأنه أحبه وسانده وأحب أبناءه واعتبرهم أحفادا وقال: «شكرا لنادي القصة على هذا الاحتفاء لم أكن اعرف أن التابعي الأخضر يوسفيا لأنني رأيت له دفاعا مستميتا عن بورقيبة وتضامنا معه عندما أزيح من الحكم وصورا معه في المتلوي.. وعندي مخطوطات كثيرة له هي على ذمة كل من يطلبها واعد بالمساعدة قدر الإمكان على نشرها ليستفيد منها القارئ والمكتبة الأدبية التونسية . ليختم الكاتب توفيق العلوي مدير معهد تونس للترجمة بقوله: «حسب ما سمعته اليوم عن الرواية التي تركها الراحل التابعي الأخضر فإنها تطرح قضايا فنية لغوية وقانونية واعتقد أن المخطوط الذي لديكم على غاية من الأهمية لأنه يبين طريقة كتابة الرواية ولعل توقفاته في أزمنة مختلفة سببت اختلاط الأسماء ولعل الأمر كان مقصودا.. ويبدو أيضا من خلال ما سبق من كلام وجود تخطيط وهو «متى أبدأ وأين انتهي» يتم بعدهما الانطلاق في الكتابة لتتوالد الأحداث عن بعضها البعض... الرواية بتراء ربما نهايتها ناقصة ولكن الرواية فيها كتابة وإعادة كتابة والخاتمة ليست هي كل شيء وربما يمكن نشر كل هذه الحيثيات في عتبات الرواية إذا قررتم نشرها.