في خضم الصراعات السياسية والجدل القائم حول التحوير الوزاري وانكباب الاحزاب على إعداد العدّة للانتخابات البلدية المرتقبة يدفع المواطن ضريبة تلهي مسؤولي الدولة عنه حيث يلفحه لهيب الأسعار ويحمله مكرها على التنازل عن عديد المواد التي من شأنها ان توفر له ولأبنائه وجبة متوازنة وهو ما يهدده بسوء التغذية وما يصاحبها من امراض. المعروف أن الاستقرار السياسي يؤدي إلى أسعار معتدلة، وايضا الى ارتفاع تدريجي فيها والمعروف ايضا ان الاسعار هي المحك الرئيسي الذي يحدد به المواطن مدى رضاه عن أداء الحكومة خصوصا بعدما انعشت الثورة آمال وطموحات المواطنين في تحسين أحوالهم المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية.. لكن مع وجود الازمات كما هو الحال في بلادنا اصبحت اثمان السواد الاعظم من المواد الاساسية تمارس رياضة القفز العالي وبات التجار يتحكمون في الاسعار مستغلين انشغال المسؤولين بحل الازمة السياسية وممعنين في تجويع الطبقات الشعبية والفقيرة بشكل خاص. هذه الطبقات التي كان ومازال مطلبها الرئيسي هو القضاء على غول الاسعار الذي توحش بشكل مفزع ولم يعد يتفق مع امكانيات المواطن المادية ومستوى دخله مما خلق فجوة شاسعة بين عائدات المستهلك ومتطلباته المعيشية الاساسية، وهو ما يؤكد ما جاء في تصريح ادلى به في وقت سابق رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي الى احدى الاذاعات حيث ذكر أن تكلفة قفة المواطن أسبوعيا تبلغ 140 دينارا أي 560 ديناراً كل شهر هذا طبعا دون اعتبار ما تبقى من مصاريف الكراء والماء والكهرباء والنقل وسائر النفقات العادية او المفاجئة لافتا الانتباه الى ان 78 % من المواد حرة وان الدولة لا تريد التحكم فيها وان المضاربين والفضاءات التجارية الكبرى هم من بيدهم أداة التحكم في الاسعار. المهتمون بشؤون الاستهلاك والمستهلكين ما انفكوا يدقون ناقوس الخطر حيال الارتفاع الجنوني للاسعار وتأثيراته على المقدرة الشرائية للمواطن خصوصا ونحن على ابواب شهر رمضان حيث يتوقعون مزيدا من الانفلات في أسعار الكثير من المواد الاساسية ما لم تتدخل الحكومة لاحتواء هذا الارتفاع وفرض رقابة دائمة على التجار واتخاذ قرار يحدّد أعلى سقف لهامش الربح إذا لم تتدخل الحكومة لإنقاذ جيب المواطن من الاستنزاف وبطنه من الجوع فتوقعوا مزيدا من شطط الاسعار ومزيدا من الفقر ومزيدا من الجوع ومزيدا من الاحباط ومزيدا من الاحتجاجات.