◄ جمعية «منامتي» تدعو إلى تجريم التمييز ضد الأجانب ◄ جمعية «تونس أرض الإنسان» تطالب بتعويض العقوبات السجنية بالعقوبات البديلة قررت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية الشروع في التصويت على فصول مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري فصلا فصلا في أول جلسة لها إثر الانتخابات البلدية وذلك بعد الاستماع الى رئيسة الجمعية التونسية لمساندة الأقليات يمينة ثابت. ورغبة في الاستئناس بآراء المجتمع المدني، التقى نواب اللجنة أمس تحت قبة البرلمان ممثلين عن «المفوضية السامية لحقوق الانسان»، ثم عن جمعية «منامتي»، وأخيرا عن جمعية «تونس أرض الإنسان». وقدم هؤلاء ملاحظاتهم حول مشروع القانون واقترحوا تعديل جل فصوله خاصة الفصل الأخير المتعلق بإحداث لجنة وطنية لمناهضة التمييز العنصري. وأجمع المتدخلون على أن سن قانون زجري لن ينهي معاناة ضحايا التمييز العنصري في تونس خاصة ذوي البشرة السوداء، لأن تغيير العقليات على حد اعتقادهم لا يتم عبر التأثيم والعقاب وسلب الحرية فحسب، بل بالتربية على ثقافة حقوق الانسان والمساواة والتسامح وقبول الآخر والتعايش معا. وطالبوا في هذا السياق بتغيير البرامج التربوية واستبعاد القوالب النمطية العنصرية من الكتب المدرسية خاصة الادبية التي تصور السود عبيدا، كما حملوا مؤسسات الدولة مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من جميع مظاهر واشكال وممارسات التمييز العنصري والتصدّي لها ومكافحتها في شتى القطاعات خاصة التربية والرياضة والصحّة والثقافة والإعلام. وهناك منهم من اقترح التخلي عن العقوبات السجنية وتعويضها بعقوبات بديلة في حين قال احدهم «نعم نحن نرفض الطابع الزجري لكن العين الحمراء لابد منها». عمر الفصاطوي ممثل المفوضية السامية لحقوق الانسان في تونس يرى ان مشروع القانون تأخر كثيرا، واقترح تعديل بعض العبارات الواردة فيه في اتجاه ان يشمل جميع الاشخاص الذين يتعرضون الى التمييز ولاحظ ان المشروع لم يتعرض على سبيل الذكر الى حقوق الأمازيغ في تونس ويجب الا يذهب الى اذهان التونسيين ان هذا المشروع يتعلق بالتمييز العنصري ضد السود فقط بل بجميع الاشخاص المعرضين للتمييز. وأضاف انه يجب الا يتم الاقتصار على العقوبات الزجرية لان معالجة ظواهر التمييز العنصري تتطلب تأهيل مرتكبي جرائم التمييز العنصري كما هو الحال بالنسبة لمرتكبي جرائم العنف على أساس النوع الاجتماعي. ومن اهم المقترحات التي قدمها ممثل المفوضوية السامية لحقوق الانسان تعديل الفصل 11 من مشروع القانون وفسر أن اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري التي سيتم احداثها بمقتضى هذا الفصل، من المستحسن ألا تكون تابعة لوزارة حقوق الانسان لأنه لا احد يعرف ماذا سيكون مصيرها في صورة حذف هذه الوزارة مستقبلا واقترح الحاقها برئاسة الحكومة. وتعقيبا على مداخلات النواب التي تمحورت حول اهداف مشروع القانون وضحايا التمييز العنصري، اجاب ممثل المفوضية السامية لحقوق الانسان أنه لا بد على المعهد الوطني للإحصاء من كشف العدد الحقيقي للأقليات في تونس وعلى اساسها يمكن وضع السياسات والبرامج لأن النسبة التي تقدمها الدولة منذ سنوات وهي واحد بالمائة ليست واقعية إطلاقا، كما شدد عمر الفصاطوي على حقوق الامازيغ في التعبير عن أنفسهم وقال ان «لغة الأمازيغ بدأت تندثر والاسماء الامازغية يمنع تسجيلها في دفاتر الحالة المدنية». وعن موقفة من مقترح بعض النواب الحاق اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري بالهيئة الدستورية لحقوق الانسان ابدى ممثل المفوضية عدم اعتراضه على هذا التوجه، لكنه في المقابل دعا الى تمتيعها بأكثر استقلالية على اعتبار ان العنف العنصري هو عنف خاص مثل «الاسلاموفوبيا» وأضاف أنه بالإمكان التنصيص في قانون هيئة حقوق الانسان على احداث لجنة خاصة بمقاومة التمييز العنصري ويقع تحديد مهامها بدقة. وحدث ممثل مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان في تونس نواب اللجنة عن ممارسات عنصرية حصلت وتحصل يوميا في بعض الجهات ونبه الى ان الممارسات العنصرية ضد التلاميذ السود هي من اهم اسباب الانقطاع المدرسي في صفوفهم. معاناة جمعية «منامتي» ممثلة في سعدية مصباح وبية غريسي وخالد بن سعد وفارس مصباح وزياد روين قدمت بدورها لنواب اللجنة عدة مقترحات لتعديل مشروع القانون المتعلق بالقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري. وبين ممثلو هذه الجمعية الحقوقية الناشطة في مجال مكافحة التمييز العنصري أن مشروع القانون لا يعكس جدية كافية في معالجة مظاهر التمييز العنصري في تونس. واكدوا انه رغم الغاء العبودية منذ القرن التاسع عشر فان التونسي الاسود انتقل من عهد الاستعباد الى عهد الشقاء.. وذكروا ان هناك عائلات مازال يطلق عليها الى غاية اليوم «عتيق» و»مملوك» وبينوا ان السود سواء المواطنين او الاجانب يتعرضون الى شتى انواع العنف لكنهم عندما يتظلمون الى القضاء يجدون انفسهم مدانين بينما يفلت المجرمون من العقاب. وعبر ممثلو جمعية «منامتي» عن تمسكهم بتحميل الدولة مسؤولية حماية مواطنيها من الاقليات، وبخصوص مضامين مشروع القانون طالبوا بتعديل الفصل 11 وتوضيح تركيبة اللجنة المراد احداثها ودعوا الى مراجعة الفصل الثاني في اتجاه عدم التمييز بين التونسي وغير التونسي وتجريم التمييز العنصري ضد الاجانب في تونس خاصة الطلبة الافارقة وتمكينهم من نفس الحقوق التي يتمتع بها التونسيون، ومن المقترحات الاخرى التي قدمتها جمعية منامتي اخراج الفصول التي نصت مسائل اجرائية عن الباب الثالث الوارد تحت عنوان في الزجر. العقوبات البديلة قدم عبد الكريم خيري وسرور خروبي ومحمد شهدي الممثلون عن جمعية «تونس أرض الانسان» أمام لجنة الحقوق والحريات قراءة نقدية لمشروع القانون المتعلق بالقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، وطالبوا بإدراج العقوبات البديلة وقالوا انها افضل بكثير من السجن وفسروا ان من تعودوا على استعمال عبارات عنصرية في احاديثهم لن تغيرهم السجون بل المدارس هي القادرة على زرع بذرات جديدة في هذه البلاد. واقترحت الجمعية على النواب تعديل عنوان مشروع القانون ليصبح القضاء على جميع اشكال التمييز والعنصرية، ودعت الى اضافة عبارتي «التوجه الجنسي» أي المثلية و»الجهويات» للفصل الثاني الذي عرف مصلح التمييز العنصري لينص معدلا على ما يلي :» يقصد بالتمييز العنصري على معنى هذا القانون كلّ تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب او التوجه الجنسي او الجهويات أو غيره من أشكال التمييز العنصري».. كما اقترحت الجمعية تعديل الفصل الرابع لان التنصيص فيه على كلمة تتولى الدولة يعني التزام الدولة ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة لذلك من الانسب تغييرها بكلمة «تضمن الدولة» لينص الفصل على ان تضمن الدولة وضع برامج متكاملة للتحسيس والتوعية والتكوين لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري في كافة الهياكل والمؤسسات العمومية والخاصة وتراقب تنفيذها. واقترح ممثلو جمعية تونس ارض الانسان تمكين الجمعيات في الفصل السادس من المشروع من حق رفع الدعاوى ضد كل من ارتكب فعلا أو امتنع عن القيام بفعل أو أدلى بقول بقصد التمييز العنصري وذلك اضافة الى الضحية أو الوليّ إذا كانت الضحية قاصرا أو غير متمتعة بالأهلية. كما لاحظوا ان اللجوء الى العقوبة السجنية فيه بعض الاجحاف خاصة عندما يتعلق الامر بجريمة استعمال عبارات ذات دلالات عنصرية، فالكثير من التونسيين ينطقونها وهم لا يقصدون بها ممارسة تمييز عنصري، وبينوا انه من الافضل اخضاع مرتكبي الافعال والاقوال التي فيها تمييزا عنصريا الى متابعة نفسية واجتماعية عوضا عن الزج بهم في السجون خاصة وان السجون في تونس لا تصلح الانسان بل تخربه، لكن في صورة العود اي تكرار الجريمة يمكن اللجوء الى العقوبة السجنية. ويشار الى ان الفصل الثامن في صيغته الاصلية نص على ان يعاقب بالسجن من شهر إلى عام واحد وبخطية من خمسمائة إلى ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يرتكب فعلا أو يصدر عنه قول يتضمن تمييزا عنصريا بقصد الاحتقار أو النيل من الكرامة وتضاعف العقوبة إذا كانت الضحية طفلا وإذا كانت الضحية في حالة استضعاف بسبب التقدم في السن أو الإعاقة أو الحمل الظاهر أو الهجرة أو اللجوء وإذا كان لمرتكب الفعل سلطة قانونية أو فعلية على الضحية أو استغل نفوذ وظيفه وإذا صدر الفعل عن مجموعة أشخاص سواء كفاعلين أصليين أو كمشاركين. وفي ما يتعلق بالفصل 11 من مشروع القانون الذي اجمع نواب اللجنة على ضرورة مراجعته، اقترحت جمعية تونس ارض الانسان ان تتولى اللجنة الوطنية لمناهضة التمييز العنصري رفع تقرير سنوي الى مجلس نواب الشعب لأن مراقبة البرلمان لهذه اللجنة من خلال مناقشة تقاريرها السنوية فيه ضمانات لحسن سير عملها.