يضرب التونسيون اليوم موعدا متجددا مع الفعل الديمقراطي عبر تحولهم الى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في اول انتخابات بلدية بعد ثورة 2011 ولانتقاء ممثليهم في المجالس البلدية وكلّهم أمل في ان تصب اختياراتهم في مصلحة الجهة التي ينتمون اليها بشكل خاص وفي صالح الوطن بشكل عام. الذين سينالون شرف الظفر بنتيجة الانتخابات عليهم ان لا ينتشوا بالفوز لأن الملفات الحارقة والوعود التي قطعوها على الناخبين ستكون حبلا ملفوفا على رقابهم وان ما بعد الانتخابات ستكون فترة عصيبة يتوجب على «الرابحين» خلالها الشروع في تنفيذ البرامج التي اغرقوا بها المواطن في سوق الاحلام الانتخابي. ان بعض الوعود التي قطعها المتنافسون في الانتخابات البلدية والتي تشابهت في مضمونها - رغم اختلاف الخصوصيات بين جهة وأخرى – ذكرتنا بحبة الدواء التي توزّع على المرضى في بعض المؤسسات الصحية لعلاج كل الامراض بل أن الكثير من تلك الوعود تجاوز في بعض الحالات صلاحيات وامكانيات المجالس البلدية وبلغ أسقفا عالية رغم ان المترشحين انفسهم يدركون أنهم يحلمون بتشييد اسقف على اعمدة من دخان. التجارب الانتخابية السابقة والوعود العرقوبية (نسبة الى عرقوب وهو رجل من يثرب كان يضرب به المثل في الاخلاف بالوعد) التي ارتكزت عليها بيّنت للتونسيين جدية المترشحين في التعاطي مع مطالبهم ومطامحهم... وجعلت الكثير منهم يتساءل: ماذا تحقق منها على ارض الواقع غير نقيضها؟ ان التونسيين اليوم في حاجة الى من يحيي فيهم املا افتقدوه لسنوات.. في حاجة الى من ينصت الى مشاغلهم والى معاناتهم اليومية في شتى اوجه الحياة العامة والى فقدان الكثير منهم لأبسط المرافق الضرورية التي تضمن لهم العيش الكريم.. هم في حاجة الى من يوسّع مشاركتهم في اتخاذ القرار فلا احد يدرك كنه المشاكل وتداعياتها الا من عاشها واكتوى بلهيبها.. للمواطن حق المشاركة في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالنهوض ببلديته... فكما ان «صوته» مطلوب في الانتخابات يجب ان يكون صوته مسموعا في القرارات. ان السباق المحموم نحو الظفر بكرسي في المجلس البلدي يجب ان يرافقه سباق جاد نحو العطاء فالمسؤولية تكليفا وليست تشريفا كما يذهب في ظن البعض وان ذلك الكمّ الهائل من الوعود والكلام المعسول الذي تدفق من افواه المترشحين هو عهد مع الوطن والتزام مع الناس والايام القادمة كفيلة بأن تخبرنا كيف سيفي صادق الوعد بما وعد به. في انتظار ذلك على التونسيين ان يهبوا اليوم لممارسة حقهم وواجبهم الانتخابي لأن البلدية تهم كل مواطن وتهتم بمصالحه العامة.