انتهت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية مؤخرا من إعداد مشروع «مجلة الأملاك الوطنية» وهي حاليا معروضة للاستشارة على العموم قبل أن يتم لاحقا تعديل بعض فصولها بناء على نتائج الاستشارة والمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء ثم احالتها إلى مجلس النواب. وتضمنت المجلة 149 فصلا موزعة على أربعة عناوين (مكونات الملك الوطني، التصرف في الملك الوطني، أحكام خاصة بالأراضي الدولية الفلاحية، أحكام انتقالية) من بينها فصول تنص على إصدار 7 أوامر تطبيقية.. ويهدف مشروع المجلة وحسب وثيقة شرح الأسباب المصاحبة إلى «تجميع النصوص القانونية والمنظومة القانونية الراهنة للأملاك العامة والخاصة للدولة وتطويرها وجعلها قادرة على تتبع تلك الأملاك وحصرها وضبطها ومواكبة نسق تحرك وضعياتها المادية والقانونية ومراقبتها والتصرف فيها وردّ الاعتداءات عنها.» وتقترح المجلة في باب الرقابة والأحكام الجزائية «إقرار استعانة هياكل المراقبة على أملاك الدولة بالقوة العامة وعدم المجابهة بالسر المهني، وتجميع الأحكام الجزائية وتفصيلها من حيث الأركان والعقوبات بإقرار عقوبات بدنية ومالية مشددة وإجراءات معاينة المخالفات وتتبعها وسحب صفة مأموري الضابطة العدلية المنصوص عليها بالفصل10 من مجلة الإجراءات الجزائية على أعوان أملاك الدولة المكلفين بمعاينة المخالفات لإكساء محاضر معاينة المخالفات التي يحررونها حجية لدى المحاكم مع إقرار إلزام المخالف بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليها بمقتضى نفس الحكم الصادر بإدانته وتجريم المحاولة في الجنح والرجوع إلى العقار بصفة مستقلة.» من ذلك أن بعض الفصول تقترح عقابا بالسجن5 اعوام وبخطية 5 آلاف دينار على كل من يشغل دون صفة ملكا من أملاك الوطنية العقارية، أو كل من يعتدي على ملك من الأملاك الوطنية سواء كانت منقولا او عقارا او يتصرف فيها دون صفة رغم التنبيه عليه بالطرق القانونية.. كما تهدف المجلة إلى تطوير النصوص التشريعية والترتيبية المتبعة في المجال والتي أثبتت نقائص المنظومة القانونية لأملاك الدولة وأضحت عبئا بيروقراطيا يعطّل توظيفها في مجهود التنمية الاقتصادية، كما بات جزء من تلك النصوص غير مستجيب لتطور حاجيات الاستثمار العام والخاص وأنماطه المستجدة وغير منسجم مع ضمانات حق الملكية ومعايير الحوكمة والتصرف الرشيد في المال العام التي أقرها دستور جانفي2014. ويقترح مشروع المجلة حماية قانونية وجزائية لأملاك الدولة التي تعرضت للاعتداء والنهب والحرق والتخريب بعد سنة 2011 خصوصا الضيعات الفلاحية والمقاطع الدولية والتي ارتبط توظيفها بالاستبداد والفساد في حقبة النظام السابق، واجتياح البناءات الفوضوية مساحات شاسعة من أراضي الدولة، مستفيدة من ضعف منظومة الرقابة والحماية الجزائية لملك الدولة.. ووفقا لوثيقة شرح الأسباب، يرتكز مشروع المجلة على مقاربة إصلاحية تقوم من حيث الشكل على تجميع أحكام الملك الوطني في نص إطاري على منوال مجلة الحقوق العينية يشكّل أداة للإدارة والمستثمر والباحث والمحاكم ويستجيب للمتطلبات الاقتصادية والمعايير الدستورية، وفق التمشي التالي: الأحكام العامة - الاعتناء بتنظيم الملك الوطني الخاص للدولة والمؤسسات العمومية والمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية دون أملاك الجماعات المحلية التي تناولتها مجلة خاصة بها. - اعتماد قائمات تعريف مفتوحة للملك العام والملك الخاص للدولة التي تحول دون إحداث أصناف جديدة من الملك الوطني الخاص أو العام بمقتضى نصوص تشريعية ضمانا الاستقرار المجلة. - إقرار المبادئ العامة الحمائية للملك الوطني العام كعدم قابليته للحوز المكتسب للملكية أو التفويت أو العقلة وتنظيم بعض أوجه التصرف فيه والإحالة فيما سوى ذلك من مسائل كالتحديد إلى النصوص التشريعية القطاعية المنظمة لها والتي نص المشروع على عدم المساس بها. الاكتساب - وضع أحكام مغايرة للفصل 25 من مجلة الحقوق العينية خاصة بالكنوز والأشياء المخبوءة التي يعثر عليها داخل ملك وطني - تبسيط إجراءات الاكتساب عن طريق التبرع (التخلي عن اشتراط الحجة الرسمية والتسليم لصحة التبرع التحديد والضبط - إقرار حماية قانونية للعقارات موضوع الاستقصاء والتحديد من خلال إجراءات خصوصية لتسجيلها - تنظيم الانتقال بين الملك الوطني العام والملك الوطني الخاص من خلال تقنية الإدماج في الملك العمومي والإخراج منه والتي لم تقنن سابقا - تنظيم مبادئ ضبط الملك الوطني ودفاتر الحقوق العينية المرتبطة به. التصرف - تنويع صيغ التصرف في الملك الوطني الخاص قصد تطويعه لمختلف الأنماط والمتطلبات المستجدة للاستثمار العام والخاص من خلال تقنين بعض المؤسسات التي لم يتم تنظيمها في النصوص السابقة ّ كالإشغال الوقتي والتخصيص والوضع تحت التصرف واللزمة والشراكة بين القطاع العام والخاص. - تكريس مبادئ الشفافية والمساواة والمنافسة وحماية حقوق الغير مع إقرار اعتماد الظروف المغلقة إلى جانب المزاد العلني - توضيح بعض إجراءات خاصة بالمعاوضة وإجراءات إسقاط الحق في العقار غير الفلاحي. - تعزيز قاعدة تحرير الاستثمار المقررة بقانون الاستثمار عدد 71 لسنة 2016 من خلال تحفيز الاستثمارات الكبرى أو ذات قدرة تشغيلية عالية المصادق عليها بإقرار الترخيص في التفويت بالمراكنة في العقارات الدولية الضرورية لإنجازها. - إقرار منع العقلة والشفعة في الملك الوطني الخاص وقابلية اكتساب الملك الوطني بالتقادم مع اعتماد مدة طويلة قدرها 40 سنة واشتراط نفس الأجل نظير ذلك عند تمليك الدولة بالملك الشاغر. العقارات الفلاحية الدولية - إفراد هذه الفئة من العقارات بعنوان في المجلة لكونها تشكّل رصيدا استراتيجيا للتنمية والتشغيل وضمان الأمن الغذائي، مع الاستئناس بمخرجات الاستشارة الوطنية لتطوير أداء الأراضي الدولية الفلاحية التي أنجزت خلال سنة 2016. - الحفاظ على أبرز خيارات القانون عدد 21 لسنة 1995 كمبدأ منع التفويت في هذه العقارات وصيغ التصرف فيها وأنماط استغلالها وهي الكراء خصوصا للفنيين الفلاحيين وشركات الإحياء والتنمية الفلاحية والتخصيص مع مزيد توضيح أحكامها مع إدخال صيغ تصرف جديدة هي الاستغلال المباشر واللزمة والإشغال الوقتي وتوظيف حقوق الارتفاق مع التخلي عن مؤسسة حق الانتفاع التي أظهرت التجربة محدوديتها وعجزها عن استقطاب التمويلات اللازمة لإحياء والتنمية. - إقرار مدة دنيا للكراء ب6 أعوام تراعي استقرار الوضعيات وديمومة الاستثمار وتمكينه من فرص التمويل والإحاطة. - تبسيط إجراءات توظيف هذه العقارات وإنهاء العالقة التعاقدية المبرمة في شأنها واسترجاعها ومراجعة موجبات إسقاط الحق وإجراءاته وآثاره وتنظيم إجراءات التخلي الإرادي عن العقار كإحدى صور إنهاء العلاقة التعاقدية. - توسيع حالات الكراء بالمراكنة لتشمل الأراضي الكائنة بالبادية والمناطق الحدودية وتمتيع العاطلين من حاملي الشهائد العليا بمعاليم كراء تفاضلية بقرار وزاري مشترك، تكريسا لمبدإ التمييز الإيجابي. - ربط الترخيص في الكراء بأمر حكومي بالمشاريع الاستثمارية الفلاحية ذات الأهمية الوطنية والمصادق عليها والمستجيبة خاصة لمتطلبات التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي. - الإبقاء على مبدأ تسوية الأوضاع العقارية القديمة وتبسيط إجراءاتها مع حذف شرط الاستغلال بصفة قانونية الذي عاق تسوية عدة ملفات طبق الأمر عدد 1870 لسنة 2015 نتيجة تأخر صدور هذا النص منذ قانون 1995 وانتقال ملكية جزء هام من تلك العقارات في الأثناء إلى الغير وهو إجراء سيمكّن من تصفية وضعيات مزمنة لعقارات فلاحية خارج تصرف الدولة عمليا وتحرير المبادرة وجباية مبالغ مالية هامة لخزينة الدولة من استخلاص أثمان البيع. الأحكام الانتقالية - ضبط آجال للخواص للتصريح بما تحت أيديهم من الملك الوطني العام والخاص للدولة وطلب تسوية وضعية تصرفهم، وهو إجراء سيحقق ثالث فوائد الأولى الكشف بصفة تفاعلية عن أملاك لم يسبق للدولة حصرها أو تحديدها بما فيها المحلات المتأتية من أملاك الفرنسيين بتونس والتي مازالت عملية إحصائها وتصفيتها متعثرة والثانية هي قطع مدة التقادم على من يدعى الحوز المكسب للملكية والثالثة تحصيل مبالغ هامة بعنوان غرامات تصرف أو أثمان لقاء التسوية. - سحب إجراءات التسجيل المقررة بالمجلة في مادة الاستقصاء والتحديد على العقارات الصادرة في شأنها أوامر مصادقة على استقصائها وتحديدها في ملك الدولة الخاص قبل دخول المجلة حيز التنفيذ. - سحب مدة الكراء الدنيا الجديدة المحددة بستة أعوام على المدد الكرائية المحددة في الأصل بثلاث سنوات والجارية في تاريخ دخول المجلة حيز التنفيذ.