من المفترض أن يكون مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، في اجتماعه أمس بمقره في العاصمة الأمريكيةواشنطن قد وافق على منح تونس قسطا جديدا من القرض المدد بقيمة 257 مليون دولار، في إطار المراجعة الثالثة لتونس لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد البالغ إجمالي تمويلاته 2,9 مليار دولار بعد توصل الجانبين إلى اعتماد مقاربة مراجعات ربع سنوية. وسحبت تونس إلى حد الآن حوالي 1,2 مليار دولار من إجمالي تمويلات اتفاق التسهيل الممدد الموقع مع صندوق النقد الدولي في 20 ماي 2016 والذي يمتد على 48 شهرا في إطار «تسهيل الصندوق» لإقراض تونس 2,9 مليار دولار. وكان من المفترض أن تخضع تونس إلى 8 مراجعات للاتفاق المذكور أُنجزت منها إلى حد الآن مراجعتان فقط مكنت تونس من الحصول على 3 أقساط مالية كان آخرها قسط تسلمته الحكومة التونسية في 27 مارس 2018 (257,3 مليون دولار) في إطار المراجعة الثانية، علما أن الصندوق وافق خلال المصادقة على المراجعة الثانية لتونس، على طلب السلطات الانتقال إلى مراجعات ربع سنوية بدلاً من جدول المراجعات الحالي الذي يقوم على أساس نصف سنوي. ومن شأن موافقة الصندوق على القسط الرابع أن ينعش خزينة الدولة ويرفع من احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة الذي انحدر خلال الأسابيع الأخيرة إلى ما دون 72 يوم توريد، فضلا عن إعادة الثقة في الاقتصاد الوطني من قبل المتعاملين الدوليين والمانحين الماليين الدوليين. يذكر أن البنك العالمي، منح تونس مؤخرا قرضا بقيمة 500 مليون دولار، أي ما يعادل 2ر1 مليار دينار، لدعم تنفيذ الإصلاحات الأساسية في البلاد الرامية الى تعزيز الاستثمار الخاص وتحسين الأمن الطاقي وتمويل الطاقات البديلة. وأشار البنك، في بلاغ له، أن هذا القرض يهدف كذلك إلى حماية الأفراد والعائلات الهشة وتبسيط إجراءات التصدير والتوريد فضلا عن تمكين المؤسسات الصغرى من الحصول على القروض وتسهيل التحول الطاقي وفتح عديد القطاعات امام الاستثمار. وتأتي موافقة صندوق النقد على صرف القسط الرابع من القرض الممدد في ظرف اقتصادي صعب تمر به تونس رغم تفاؤل الحكومة بتجاوز الأزمة خلال الأشهر القليلة القادمة مع تسجيل بوادر واعدة بتعافي النشاط الاقتصادي. لكن تواصل عجز الميزانية وارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية والأثر السلبي للترفيع في الأداءات من خلال قانون المالية لسنة 2018 عوامل أثرت سلبا على تعافي الاقتصاد وساهمت في سخط المواطن التونسي وتذمره من موجة غلاء الأسعار في جميع المجالات، وزاد الطين بلة ارتفاع نسبة التضخم المتواصل منذ مطلع العام، وارتفاع نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي التي بلغت مستويات قياسية. (الترفيع في أسعار البنزين للمرة الثالثة خلال 2018، ارتفاع نسبة التضخم، ترفيع البنك المركزي للفائدة المديرية ب100 نقطة أساس..). وكان أعضاء مجلس إدارة صندوق النقد قد دعا في بيان أصدره يوم 12 جوان 2018 السلطات التونسية الى دعم «التزامها بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية واتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لضمان تعافي المالية العمومية والحد من التضخم وتراجع الاحتياطي من العملة الى جانب ضمان استقرار الاقتصاد الكلّي». وأشار الى استكمال مجلس الإدارة المشاورات مع تونس بالنسبة لسنة 2017، ودعا السلطات للشروع في تطهير الميزانية. وقال: «من الضروري ان تعطي إجراءات التطهير الأولوية للزيادة في العائدات الجبائية والحد من النفقات الجارية وذلك بغاية دعم نفقات الاستثمار والنفقات الاجتماعيّة». كما أوصى بدعم تحصيل الضرائب وتنفيذ عمليات المغادرة الطوعية للعاملين في الوظيفة العمومية وتفادي أي زيادات جديدة في الأجور إذا لم يتجاوز النمو التوقعات المرسومة الى جانب تطبيق زيادات في أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر. كما أصدرت بعثة الصندوق في ختام زيارتها لتونس بيانا في 30 ماي 2018، أكدت فيه ضرورة أن تتخذ تونس إجراء حاسما هذا العام لمكافحة التضخم وخفض العجز في المالية العامة، وحماية الفقراء.. ووصف الوزير المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي في حوار للعربي الجديد نشر مؤخرا تقرير خبراء الصندوق بشأن المراجعة الثالثة بالإيجابي، وتوقع أن يوافق مجلس إدارة الصندوق على صرف شريحة جديدة بقيمة 257 مليون دولار في أوت المقبل. وكشف بأن تحديد البنك المركزي موعد الخروج إلى السوق العالمية سيكون مناسبا بعد موافقة صندوق النقد الدولي على صرف قسط جديد من القرض المتفق عليه لأن هذه الموافقة ضمانة مهمة للمقرضين، وستساهم في الحصول على تمويل بنسبة فائدة معقولة.