حدث وبعد أكثر من ثمانية أشهر أن منح مجلس نواب الشعب ثقته للوزراء الجدد المقترحين من قبل رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد بمعدل 130 صوتا. هذا التصويت الذي رأى الكثير من السياسيين والمحللين أنه أنهى الأزمة السياسية التي خنقت البلاد والعباد وشلت عمل الوزارات وبسببها ظلت عديد الملفات والمواضيع الحارقة تراوح مكانها. وبالتالي فإن الليلة الفاصلة بين الاثنين 12 نوفمبر 2018 والثلاثاء 13 نوفمبر 2018 بالنسبة لرئيس الحكومة وتركيبته هي الليلة التي ستطوى فيها كل المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي تتخبط فيها البلاد منذ 8 سنوات وستأتي هذه التركيبة الحكومية بما عجزت عنه الحكومات المتعاقبة. وهنا نتساءل: هل رأى الشاهد وكل من في تركيبته الوزارية الجديدة في نفسه المهدي المنتظر لتونس وشعبها أو أن بيده عصا موسى؟ على العموم، فقد حقّق رئيس الحكومة يوسف الشاهد الانتصار على خصومه تاركا كل من وقف في طريقه وحاول التخلص منه كديك جريح بمن فيهم رئيس الجمهورية الذي ولئن عبر عن قبوله لتركيبة الحكومة الجديدة في صورة مصادقة مجلس نواب الشعب عليها فإن لسان حاله يقول للشاهد مستشهدا بقصة الراعي الذي أشفق على الذئب الرضيع الذي فقد أمه "بقرت شويهتي وفجعت قلبي وكنت لشاتنا ولدا ربيبا". غير أننا نهمس لرئيس الحكومة قائلين: هي الحياة كما شاهدتها دول فإن سرك زمن قد تسوؤك أزمان خاصة أن الزمن الذي سرك هو زمن غير أصيل ولم يولد من رحم الشعب وآلامه وأحلامه وتطلعاته، بل هو زمن لقيط لا شرعية له ستلفظه الأيام بسرعة وسيأبقه الشعب بين يوم وآخر فهو زمن ولد من جسم يحمل الآفات والعاهات والأمراض وكان تكوينه عليلا مبنيا على الباطل. سيدي رئيس الحكومة، بإمكانك الإعراض عما قلناه وعما سيحصل في قادم الأيام وحجتنا في ذلك أن كل أصحاب الذاكرة وحتى متوسطة المدى منها واضح أمامهم أن كلّ ما تقوم به هو بمثابة إعادة نسخة ثانية لنداء تونس وللاتفاق المشهور بين الشيخين بباريس ولالتقاء ما كان مستحيلا حيث التقى الخطان المتوازيان ولو أننا لا نراهما خطين متوازيين وإنما وجهان لعملة واحدة وكل وجه لا يعرف للمبادئ والقيم سبيلا بل المناصب والكراسي هي غاية المنى لتنفيذ أجندات النهابين الآكلين عرق جبين و كد يمين أبناء تونس. وفي الحقيقة تلك هي طبيعتهما ولا يمكن إلا أن يكونا هكذا، وفي الحقيقة أيضا ما ظلمنا السياسيون ولكن ظلمنا أنفسنا.