نفذ موظفو قطاع الوظيفة العمومية أمس، في مختلف ولايات الجمهورية، إضرابا عاما حضوريا عن العمل، وذلك بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل. وشهدت ساحة باردو بالعاصمة توافد عدد كبير من النقابيين والعمال وسط تعزيزات أمنية مشددة. وتعالت أصوات أعوان قطاع الوظيفة العمومية المطالبين بإقرار زيادة في أجورهم على غرار القطاعين العام والخاص محتجين على رفض الحكومة التحسين في مقدرتهم الشرائية ورفعوا شعارات تنادي بالدفاع عن المقدرة الشرائية والتمسك بالزيادة في الأجور. من جهته قال الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في الكلمة التي ألقاها أمام حشد العمال والنقابيين: «المنظمة الشغيلة ستعقد الهيئة الإدارية القطاعية غدا، وستتخذ جميع الأشكال النضالية التصعيدية، واليوم نضرب موعدا جديدا مع التاريخ لتعديل بوصلة تونس نحو الاتجاه الصحيح، ألا وهو مصلحة الشعب» و»تجسيد شعارات الثورة: شغل حرية كرامة وطنية» و»استقلالية القرار التونسي والسيادة الوطنية»، مؤكدا أن الإتحاد «سيد نضالاته ولن يستسلم للإملاءات الخارجية». وأضاف إن «المضربين من قطاع الوظيفة العمومية يطالبون بتحسين قدرتهم الشرائية والزيادة في الأجور، وهي ليست منة من أحد وإنما هي استحقاق والحق يفتك». وبيّن الطبوبي أن «الإتحاد متأكد من حصول قطاع الوظيفة العمومية على زيادة مجزية لأنها استحقاق، رغم ما تم تجنيده من منابر إعلامية وكتائب فايسبوكية وتجييش ضد الإتحاد». ولفت أمين عام المنظمة الشغيلة إلى أن «من يريد أن يهين الإتحاد والشغالين لم يولد بعد» وتوجه إلى نواب الشعب الذين أسماهم ب»المراهقين السياسيين»، قائلا «انتخبكم الشعب حتى تُحسّنوا أوضاعه ففقّرتموه وحطمتم آماله وسرى الإحباط فيه وإن الشعب لن يستسلم لخياراتكم المدمرة». وأشار أيضا إلى أنّ السياسيين يتسارعون اليوم إلى الخضوع لتنفيذ أوامر الأطراف الخارجية وإرضائها وفق تعبيره، معتبرا ذلك «عارا» على السياسة في تونس، مضيفا «لقد فكرتم في بيع القطاع العام وتصدى الاتحاد لذلك لأن القطاع العام خط أحمر»، مجددا موقف الاتحاد الرافض للتفريط في مكتسبات الشعب التونسي التي هي «ليست للبيع ولن نفرط في أي مكسب من هذه المكاسب». وبين أن المنظمة الشغيلة هي قوة قادرة على تجميع الشعب التونسي لا تفريقه خاصّة من خلال قوّة المقترحات التّي تُقدّمها، داعيا الشغالين إلى المشاركة بكثافة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة الرئاسية والبرلمانية والبلدية على اعتبار أنها تهم العملة والشغالين بصفة عامة، لافتا إلى أن الإتحاد سيشارك فيها، حسب قوله. على صعيد متصل، أكد الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل، منعم عميرة أن نسبة نجاح الإضراب في قطاع الوظيفة العمومية بلغ 95 بالمائة، مشيرا إلى أن الحكومة لم تجلس إلى حدّ اليوم إلى طاولة الحوار ولم تكترث بمطالب أعوان الوظيفة العمومية التي وصفها ب»غير المجحفة»، ولا بتدهور القدرة الشرائية للأجراء التي تدهورت بنسبة 40 بالمائة. وأوضح أن تنفيذ إضراب أعوان الوظيفة العمومية «جاء نتيجة رفض الحكومة تحسين المقدرة الشرائية لأعوان الوظيفة العمومية، على ما تم إقراره لفائدة موظفي القطاع العام والقطاع الخاص»، مؤكدا أن «هذا الرفض جاء نتيجة لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي رفض الزيادة في كتلة الأجور». ولفت إلى أن المفاوضات الاجتماعية اقتصرت على لقاءات ثنائية بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي في 3 مناسبات، لم يلق الاتحاد فيها تجاوبا من الطرف الحكومي.. يذكر أن الأمين العام للاتحاد كان قد صرّح يوم الثلاثاء الماضي بأن المنظمة الشغيلة أغلقت نهائيا باب التفاوض مع الحكومة بشأن الزيادة في أجور قطاع الوظيفة العمومية بعد فشل الجلسة، التي جمتعه برئيس الحكومة، وماضية في تنفيذ الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية . وأوضح في تصريح إعلامي إثر انتهاء اجتماع المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة، أنه خلال اللقاء مع الشاهد لإيجاد الحلول بخصوص مطالب العاملين في قطاع الوظيفة العمومية لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، معلنا أن المكتب سيدعو نهاية الأسبوع الجاري إلى هيئة إدارية لاتخاذ أشكال نضالية تصعيدية، من أجل الدفاع عن مطالب أعوان الوظيفة العمومية لتعديل مقدرتهم الشرائية. ولفت الطبوبي إلى أن الحكومة لم تقدم أي مقترح جديد يتعلق بنسبة أو مبلغ الزيادة في أجور الوظيفة العمومية في إطار المفاوضات الاجتماعية، مضيفا قوله «مع الأسف قرار تفعيل الزيادة في أجور الوظيفة العمومية لم يعد قرارا سياديا وطنيا بل في انتظار الضوء الأخضر من وراء البحار»، في إشارة إلى إملاءات صندوق النقد الدولي.