تعمل جمعية دنيا الحكاية بصفاقس منذ أفريل الماضي على تنفيذ مشروع رائد وطموح مدعوم من طرف الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج «تفنن – تونس المبدعة»وذلك على غرار الجمعيات الناشطة في مجتمع مدني آمن بدوره في مواجهة ما تشهده البلاد من أخطار لم تعد خافية على احد. اختار المشرفون على هذه الجمعية تجنيد طاقاتهم لمقاومة أربع تيارات خطيرة لا تنفك تتفشى يوما بعد آخر في بلادنا وفق ما جاء في لقاء جمع «الصباح الأسبوعي»بالأستاذ عبد اللطيف معطر المدير التنفيذي لمشروع مهرجان الحكاية بصفاقس الذي أكد أن أول هذه التيارات يتمثل في خطر انحسار التواصل المباشر بين الناس أمام اكتساح التواصلالافتراضي والانغماس في عالم الانترنت بشكل لم يكن يتنبأ به أحد قبل بضعة سنوات فقط دون الرجوع إلى ما كان عليه أجدادنا. ودأبت جمعية دنيا الحكاية بصفاقس منذ تأسيسها سنة 2012 على إعادة الاعتبار للحكاية والحكواتي ولدورهما في التربية والفن والحياة. ولبلوغ هذا الهدف قامت بتنظيم مئات العروض في فن الحكي في عديد الفضاءات والمدارس يقدمها حكواتيون محترفون وبعثت شبكة لنوادي الحكاية منتشرة في عديد المؤسسات التربوية في ولاية صفاقس بالتعاون والشراكة مع مندوبيتي التربية في الجهة. وأشار إلى أن عدد النوادي بلغ هذه السنة العشرون وينشطها أسبوعيا مدرسون توفر لهم الجمعية تكوينا مختصا ليعملوا على صقل مواهب مئات الأطفال في فن الحكي يؤثثون، إلى جانب الحكواتيين المحترفين، برنامج مهرجان الحكاية الذي تنظمه الجمعية سنويا بالشراكة مع مركز الفنون الدرامية والركحية ومندوبيتي التربية ومندوبية الشؤون الثقافية بصفاقس منذ 7 سنوات وهي تستعد هذه السنة لتنظيم دورة استثنائية ستجعله يضاهي كبرى مهرجانات الحكاية في العالم باستضافة أكثر من 20 حكواتيا محترفا من تونس و من الخارج. ويضيف معطر أن التيار الخطير الثاني يتمثل في الانصياع إلى المخلفات السلبية للعولمة وإغراءات الحداثة المغشوشة بشكل أصبح يهدد الذاكرة الجماعية لكل شعب وتراثه الشفوي المخزون في الحكايات والخرافات الشعبية.وحول ما تعتزم الجمعية القيام به في هذا السياق أفاد أن الجمعية ستنظم ندوة علمية في شهر فيفري القادم استدعت لها نخبة من المفكرين والمختصين في التراث الشفوي ليطرحوا على المثقفين في الجهة إجاباتهم على السؤال: «ماذا بقي للحكاية أن تقول؟» العزوف على المطالعة هو التيار الثالث الذي تحاول جمعية دنيا الحكاية التجديف ضده. وارتأت جمعية دنيا الحكاية أن تواجه هذا العزوف بوسيلة أخرى نابعة من ميولات الطفل الطبيعية فهو ميال بطبعه لسماع حكايات تتماهى مع خياله الخصب خاصة حين يرويها له من يتقن فن الحكي. أما التيار الرابع الذي تجدف ضده هذه الجمعية فهو ما نشاهده اليوم من انحسار للأنشطة الثقافية في الحياة المدرسية وإيمانا منها بأن المدرسة هي أيضا فضاء حيوي للإبداع وليست فقط للدراسة تساهم الجمعية في تنشيط الحياة المدرسية ثقافيا عبر نوادي الحكاية المنتشرة في عديد المؤسسات التربوية في مدينة صفاقس وأريافها.