الاسبوعي - القسم القضائي كانت الساعة تشير الى السادسة الا خمس دقائق من صباح أحد الأيام الفارطة عندما دوّت صرخة تلتها صرخات قطعت السكينة المخيمة على حي التضامن- غرب العاصمة- تلتها صرخة أخرى من مكان غير بعيد عن مكان الصرخة الثانية فهبّ من بلغ أذنه صدى الصرخات الى حيث تجمّع من سبقه الى المكان.. كانت فتاة ملقاة أرضا والدماء تنزف من أنحاء عديدة من جسمها.. من فمها، من بطنها، من رقبتها، من ظهرها تعرّف البعض على هويتها إذ لم تكن سوى سهام الرطيبي أبنة حي 2 مارس بالتضامن التي يشهد لها جلّ من تحدثنا اليهم بطيبة السلوك وحسن السيرة.. سهام صارعت الموت طيلة أيام ثم ماتت شقيق الضحية: «أنا فخور بشقيقتي لأنها صانت شرف العائلة» لم يكن أحد يتوقع أن تنجو سهام من مخلفات الطعنات.. ولكنها قاومت النزيف ..قاومت الآلام والأوجاع وتحدثت وهي داخل المستشفى الى أهلها وروت لهم أطوار الحادثة ووصفت لهم ملامح المعتدي وحددت هويته «إنه (فلان) ولد (فلانة)..» كانت هذه آخر الكلمات التي رددتها الفتاة الطيبة تفقد وعيها وتفارق الحياة إثر إقامة ببضعة أيام بقسم العناية المركزة بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة ويوارى جثمانها الطاهر الثرى في منتصف الاسبوع الفارط. صدمة «أختي كانت بمثابة الرجل في تحملها مسؤولية العائلة الوفيرة العدد.. أنا معتز بها وهي التي صانت شرفها وشرف عائلة الرطيبي... وقاومت من حاول العبث بجسدها وتلطيخ سمعتها وصدته.. بكل رجولة» ..بهذه الكلمات بادرنا السيد المنذر الرطيبي شقيق المأسوف عليها بالحديث قبل أن يواصل القول: «ماذا سأقول لك؟ ماذا سأروي؟ من أين سأبدأ حديثي عما جرى لشقيقتي وما خلفه رحيلها بتلك الطريقة المؤلمة؟ هل أبدأ الحديث من نقطة البداية.. من لحظة تعرضها للطعن وسط الطريق وما خلفه مشهد الدماء التي كست جسمها ولطخت ثيابها من ألم في نفوسنا أم من النهاية.. من الموت.. من الفناء.. من صدمة العائلة من النار المشتعلة في قلوبنا إثر وفاة سهام؟ لست أدري من أين أبدأ...» كابوس أم....؟ خففت عنه وطأة الألم الساكن في قلبه وتركت له حرية الاختيار فتحدث عن المأساة.. عن الألم ..عن القلب «اللي يوجع » يقول المنذر: نهضت شقيقتي كعادتها باكرا وغادرت المنزل على الساعة الخامسة والنصف صباحا للالتحاق بمعمل للخياطة تعمل به منذ سنوات ولم يمض على خروجها سوى نصف ساعة حتى سمعنا طرقا على الباب وصياحا «سهام قتلوها.. سهام قتلوها».. كنت أعتقد أنه مجرد كابوس ولكنني فوجئت بزوجتي توقظني وتطلب مني التوجه نحو مقر البلدية حيث شقيقتي فتوجهت على جناح السرعة الى هناك.. كانت المشهد مؤلما جدا.. سهام طريحة الأرض.. دماء تنزف لتكسو وجهها وتلطخ ثيابها ومواطنون ملتفون حولها في حالة فزع وحيرة حتى حلّ أعوان الحرس الوطني والاسعاف وتم نقلها الى المستشفى في حالة صحية حرجة». استفاقت وتحدثت كانت القلوب تخفق خوفا من كلمة «سهام ماتت» وأيادينا مرفوعة للخالق ندعو لها بالنجاة.. مرت الساعات الاولى ببطء شديد.. عصيبة حتى كانت المفاجأة»..يتابع محدثنا: لقد فتحت شقيقتي عينيها وتحدثت لي .. روت لي تفاصيل الحادثة وحددت لي هوية الفاعل.. دافعت عن شرفها فخرب جسدها ويضيف المنذر الذي كان في حالة نفسية متدهورة للغاية شأنه شأن نحو 15 فردا من عائلته الذين يقطنون بنفس المنزل: «لقد أعلمتني بأن هذا الشاب الذي غادر السجن حديثا بعد سنوات قضاها خلف القضبان إثر تورطه في قضية مخدرات ظلّ يقتفي أثرها حال وصولها الى السوق وهو في حالة سكر ولكنها تجاهلته وعلى مقربة من البلدية نشل حافظة نقودها فأمسكت به وافتكت منه الحافظة وأعلمته بأنه عرفته فشعر حينها المتهم بالاهانة لذلك حاول تحويل وجهتها وإدخالها الى أحد المنازل للاعتداء عليها غير أنها تحدت اختلال موازين القوة ودافعت عن شرفها وشرف العائلة وحاولت الافلات من قبضته وهي تصيح ولكنه عالج الامر بطعنة أولى استقرت في رقبتها فثانية في ظهرها فثالثة في بطنها ورغم ذلك كانت تجري للهرب منه ولكنها أنهارت وسقطت أرضا بسبب قوة الطعنات فقرر حينها تشويه وجهها حتى لا يتعرف عليها أحد غير أنها حمته بيدها التي نالت نصيبها من الطعنات وعندما شاهد الدماء تخرج من أنفها وفمها لاذ بالفرار على صدى صرخات أطلقتها امرأة تعمل بمحل هاتف عمومي». تدهور صحي ووفاة وذكر محدثنا أن شقيقته (من مواليد 1977) وبعد أن روت ما تعرضت له أغمي عليها مجددا وظلت طيلة عدة أيام في غيبوبة قبل أن تفارق الحياة متأثرة بمخلفات نزيف دموي حاد في الكبد والرئتين جراء الطعنات. في الاثناء كان أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالتضامن أوقفوا المشبوه فيه الذي أعترف بما نسب اليه. وضعية اجتماعية وفي الختام لابد من الاشارة الى الوضعية الاجتماعية لعائلة الضحية التي تستحق لفتة من السلط المحلية والجهوية فوالدا سهام مصابان بداء مزمن ويعيلان عددا كبيرا من الابناء بينهم تلميذان وستتضاعف مسؤوليتهما بعد وفاة ابنتهما التي كانت خير سند مادي لأفراد العائلة كما ترجانا الجميع أن نبلغ نداءهم الى السلط القضائية للقصاص من القاتل. صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: