الوظيفة العمومية في تونس في حاجة إلى تحديث وسائل عملها وتعزيز الدور المحوري للموظف أكد السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان أن الاستشارة الوطنية حول تحديث الوظيفة العمومية تندرج في اطار نظرة جديدة للادارة التونسية منذ التحول وترمي الى تثمين دور الاعوان والاطارات في المنظومة الادارية وفي انجاح توجهات الدولة ودفع مسيرة التغيير والاصلاح. وبين الوزير لدى اشرافه صباح امس الخميس بالمركز الدولي لتكنولوجيات البيئة بتونس على افتتاح أشغال الاستشارة الاقليمية لولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة وزغوان وبنزرت ونابل حول تحديث الوظيفة العمومية والتي تلتئم من 10 الى 12 جويلية الجاري أن الاستشارة الوطنية والتي أذن الرئيس زين العابدين بن علي بتنظيمها يوم 7 نوفمبر 2007 في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين للتحول تعد فرصة لابراز أهمية الادارة في تونس وما أحرزته من تطور على مستوى الخدمات بما أهلها للاحراز على جائزة الاممالمتحدة للتحديث في مجال الادارة العمومية لسنة 2008. وبعد أن ذكّر بدور الادارة التونسية بعد الاستقلال في تدعيم السيادة الوطنية وتنفيذ برامج الدولة سيما من خلال الدور الذي اضطلعت به المدرسة القومية للادارة في تكوين موارد بشرية لسد حاجيات الادارة الفتية الى جانب اصدار قانون للوظيفة العمومية سنة 1956 أوضح السيد البشير التكاري أن دور الادارة في عهد التغيير يشمل انجاح مسيرة الاصلاح التنموي المتواصل ودعم القدرة التنافسية لجلب الاستثمار والاستجابة للطلبات الجديدة للمواطن في ظل الحكم الرشيد بوصفه أحد مقومات الانظمة الديمقراطية. وأكد على أهمية دور المصالح الادارية التي تعتبر تجسيما واقعيا للدولة وللنظام الجمهوري وعلى ما يحكمها بوصفها عنصرا من عناصر الحكم الرشيد منذ التحول من قواعد ومبادئ جديدة للعمل على غرار الشفافية والمساءلة والاحتكام الى القانون وتعزيز المشاركة، حيث أكد الوزير في هذا المجال أن الرئيس بن علي عندما أقر مسيرة الاصلاح أرادها شاملة ومتواصلة وكان دور الادارة في هذه المسيرة ولايزال محوريا، فالمصالح الادارية هي التجسيم الواقعي للدولة وللنظام الجمهوري والموظفون لا يمثلون عند أدائهم لمهامهم أنفسهم بل يمثلون الدولة ومن خلال حسن تعاملهم وشعورهم بالمسؤولية وسرعة الاستجابة لطلبات المواطن فإنهم يعززون النظام الجمهوري ويساهمون في انجاح مسيرة التغيير. ونظرا لهذا الدور أصبحت لنا منذ التحول قواعد جديدة في العمل الاداري: الشفافية والمساءلة: تدعمت شفافية الادارة التونسية منذ التحول في تعاملها مع المواطنين وذلك من خلال اقرار مبدإ الانتداب في المناظرات الوطنية واللجوء الى المنافسة في الصفقات العمومية وتدعمت ايضا المساءلة من خلال تدعيم اجهزة الرقابة مثل دائرة المحاسبات وخاصة الهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية التي تقوم بمتابعة ما تنجزه هياكل الرقابة الاخرى، وتدعمت الشفافية من خلال بعث مواقع الكترونية للتعريف بالادارات واجراءاتها والحصول على الخدمات الادارية عن بعد. الاحتكام الى القانون: إن دولة القانون والمؤسسات هي من مقومات مسيرة الاصلاح وخضوع الادارة للقانون تدعم منذ التحول ويكفي التذكير هنا بالاصلاح الذي عرفته المحكمة الادارية من خلال اقرار التقاضي على درجتين واخضاع كل القرارات الادارية بما في ذلك الأوامر الترتيبية للرقابة، والأهم من كل ذلك حرص رئيس الدولة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الادارة، فهنالك خلية في الوزارة الاولى لمتابعة كل حالات عدم التنفيذ وفي صورة استحالة التنفيذ يقع اقرار تصويت لفائدة المواطن والوزارات مطالبة بتقديم تقارير دورية حول تنفيذ الاحكام حتى تكون دولة القانون واقعا معيشا وثقافة تعامل من قبل الادارة. المشاركة: من خلال الاستشارات العديدة ومنها الاستشارة التي تجمعنا اليوم حول تحديث الوظيفة العمومية بفضل هذا الدور الرشيد للوظيفة العمومية. ولا يخفى الدور المحوري للموظفين في انجاح العمل الاداري، اذ لا تكفي التجهيزات مهما تعددت والقوانين مهما كانت رائدة اذا لم يكن هناك إطارات وأعوان لهم من الكفاءة ومن الحس الوطني ما يجعلهم بمثابة المناضلين لانجاح الاصلاح. فالعمل الاداري هو خدمة الصالح العام ويقتضي شعورا قويا بالمصلحة العامة لا مجرد عمل روتيني. والوظيفة العمومية في تونس في حاجة الى تحديث وسائل عملها حتى تتخلص من الاجراءات التي لا مبرر لها. والوظيفة العمومية في حاجة الى تغيير نظرتها للمواطن، فالمواطن في عهد التغيير أصبح يطالب بخدمات ادارية عصرية بعد أن كان عنصرا خاضعا للادارة. والوظيفة العمومية في حاجة الى تحديث المسار الوظيفي للعون العمومي حتى نشجع الكفاءات وبالتالي كل هذه المسائل ننتظر فيها مساهماتكم حتى تجسموا المشاركة وتساهمون في موقعكم في انجاح الاستشارة. استنتاجات اثر ذلك تواصلت أشغال هذه الاستشارة الاقليمية التي حضرها بالخصوص والي تونس وعدد هام من ممثلي الوزارات والمؤسسات العمومية بالاستماع الى عرض قدمه السيد أحمد زروق المدير العام للمصالح الادارية والوظيفة العمومية حول أشغال اللجنة الوطنية للاستشارة. وأوضح أن هذه اللجنة توفقت الى ضبط عدد من الاستنتاجات الاولية تعكس التطور الهام لهيكلة الموارد البشرية للوظيفة العمومية والذي تجسمه عديد المؤشرات الايجابية من بينها تطور عدد الاعوان ليصل الى 450 الف عون الى جانب بلوغ نسبة الموظفين 84 بالمائة مقابل 16 بالمائة بالنسبة الى العملة وتسجيل المرأة لنسبة حضور تقدر ب38 بالمائة في الوظيفة العمومية. وأكد المحاضر ضرورة اعادة النظر في بعض الآليات المتصلة بالمسار المهني لاعوان الوظيفة العمومية من خلال تأسيسها على مبادىء الكفاءة والحرفية واعتماد مقاربة جديدة في مجال التصرف في الموارد البشرية الذي يحكمه الى حد الان اطار قانوني يعتمد عنصري المساواة والاقدمية في التدرج المهني. كما استعرض المحاور الاساسية لعمل اللجنة الوطنية للاستشارة والمتمثلة في «قيم الوظيفة العمومية واهدافها» و«حقوق الموظف العمومي وواجباته» و«الانظمة الاساسية لاعوان الوظيفة العمومية» الى جانب محاور تتعلق بالتكوين والانتداب وتطور المسار المهني وآليات التصرف الحديث في الموارد البشرية.