رئيس الجمهورية قيس سعيد ... الشعب التونسي ينتظر «ثورة تشريعية» في كل المجالات    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    اليمن تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: البحر المتوسط ممنوع على الصهاينة    مع الشروق .. عندما تعرّي الثورة الطلابية المبادئ الأمريكية الزائفة    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    رئيس الحكومة يشرف على مجلس وزاري مضيق: التفاصيل    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    جلسة عمل بين ممثلين عن هيئة الانتخابات ووزارة الخارجية حول الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    قرعة كأس تونس 2024.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوعية والردع في مسألة حوادث الطرقات يجب أن يسيرا في خطّيْن متوازييْن لتحقيق النتائج المرجوة
مصافحة: مع المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات
نشر في الصباح يوم 21 - 07 - 2008

خلال شهري جويلية وأوت يسقط 5 قتلى كل يوم وتخسر البلاد فيه 850 ألف دينار جرّاء حوادث الطرقات
تونس - الاسبوعي: تشكل حوادث المرور على مرور أشهر السنة وخاصة خلال الفترة الصيفية هاجسا مخيفا للجميع ..فهذا الغول الذي يحصد الكثير من الارواح ويشرد العديد من الاسر ويلحق الاصابات البليغة والإعاقات بعدد هام من مستعملي الطريق
لايزال يفتك دون هوادة ويكفي أن نذكر أن سنة 2007 سجلت وقوع 10681 حادث طريق نجم عنها سقوط 1497 قتيلا و14559 جريحا.. لكن هل بالامكان لجم هذا الغول ولماذا يتواصل فتكه دون هوادة للإجابة عن هذه التساؤلات وتساؤلات أخرى عدة جمعتنا مصافحة هذا الاسبوع مع السيد رياض دبو المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات.
المهاجرون وبعض زوّار دول الجوار يعتبرون أنفسهم غير معنيين بقانون الطرقات
50 عائلة تكتوي يوميا بنيران حوادث الطرقات
أين إجبارية استعمال رخص سياقة الدراجات النارية ولماذا لا تشتعل أضواؤها نهارا
* باعتبار أننا نعيش خلال هذه الفترة برنامج «عطلة آمنة» وهو برنامج ضخم تسخر له امكانيات مادية وبشرية هامة.. يجوز لنا اليوم التساؤل حول مدى قدرة هذا البرنامج على الحد من فواجع الطريق.. أو لنقل أنه على الرغم من الحجم الهائل للامكانيات المسخّرة تظل طرقاتنا غير آمنة من الحوادث.. ما السبب؟
- هناك تراجع طفيف أو لنقل تحكم في عدد الحوادث للحيلولة دون مزيد تفاقمها خاصة وان حجم الاسطول تضاعف وكذلك عدد الحاصلين على رخص السياقة.. وبحكم المؤشرات المرورية التي عرفتها حركة الجولان ومع تنامي عدد مستعملي الطريق.. فإن ما يتم تحقيقه يعد مكسبا في حد ذاته ولكنه يبقى غير كاف.. واذا ما تأملنا نتائج 2006 - 2007 سنجد اننا حققنا تراجعا على مستوى المؤشرات والارقام ولكنه تراجع ضئيل جدا.. قد لا ننظر له بعين الرضاء ككل الاطراف.. وهو الامر ذاته الذي عبر عنه رئيس الدولة في أكثر من مناسبة كلما التقى وزير الداخلية والتنمية المحلية .
* ولكن مسؤولية الحد من حوادث الطرقات لا تحمل على كاهل وزارة الداخلية لوحدها.. فهي عبء يجب أن تتحمل وزره مختلف الاطراف؟
- شخصيا أعتبرها مسؤولية مشتركة تتداخل فيها الجوانب التشريعية والاجتماعية والمؤسساتية والمناخية والاعلامية والتنظيمية ..وقد ساهمت وزارة الداخلية بجهد كبير في هذا الاتجاه.. حتى أن الوزير أشرف بنفسه على سلسلة من الاجتماعات عقدت للغرض.. اضافة لما تبذله جمعيتنا في هذا الاتجاه.. ولكن هذا الجهد المبذول تعتريه عدة شوائب جراء عدم مشاركة كل الاطراف المعنية فيه.. إذ لا نجد تفاعلا حقيقيا أو انخراطا جديا وفاعلا من قبل بعض الاطراف باستثناء الوحدات المرورية والجمعياتية.. ولهذا أنا أتساءل كذلك: أين بقية الاطراف من حيث القيام بدورها الوطني في الحد من أسباب هذا الغول المخيف.
* هل توضح لنا أكثر هذه النقطة الاخيرة؟
- عندما يتم مثلا الحديث عن طريق روّاد ومآسيه.. ينحصر الحديث فقط عن وسائل النقل الجماعي وحملها أحيانا لاكثر من 25 فردا.. ولكن الحديث يجب أن يدار بالطريقة التالية: لماذا لا يتم توفير الحافلات ووسائل النقل الضرورية لنقل الركاب بما أن المسؤولية مشتركة بين الجميع والهدف واحد.. ذلك أنه وفي غياب هذه المساهمة يستحيل أن نصل الى السلامة المرورية المنشودة اثناء العطلة الآمنة.. مثال آخر، حوادث «اللواج» التي حصدت احداها مؤخرا 9 أرواح بشرية بين مدنين وبن قردان.. وهي مجزرة بكل المقاييس.. لماذا ينحصر الحديث فيها حول سلوك السائق والحال أن عدة أطراف تتحمل المسؤولية.. خاصة وأن المشكل الحقيقي اعمق بكثير من سلوك السائق.. لذلك ينبغي البحث ومحاولة تقصي الاسباب الحقيقية التي أدت الى حصول الحوادث.. هذا رغم اننا لا ننفي دور السلوك المروري لعدد هام من السواق في حصولها.. ولقد قامت جمعيتنا بأكثر من دورة تكوين ورسكلة لفائدة هذا الصنف من السواق قصد تقويم سلوكهم المروري.. لكن لابد من النظر مليا في الظروف المحيطة بعمل هؤلاء.. فسائق «اللواج» الذي ينتظر دوره 48 ساعة في المحطات.. واحيانا اكثر.. بدون توفر المرافق الضرورية الدّنيا كي يرتاح في ظروف لائقة أو حتى بسيطة.. يضاف لها هاجس النفقات اليومية القارة من تأمين وإيجار مالي وبقية المعاليم الموظفة وعدم توقف العداد عن تسجيل المصاريف.. بينما عربة «اللواج» لا تزال رابضة في مكانها لا تغادره.. كيف سنتخاطب معه بعد ذلك وهل سيعيرنا انتباها عندما نحدثه عن السلامة المرورية.
* وما المقصود بالجوانب التنظيمية؟
- تعود أهم اسباب الضغط المروري على طرقاتنا لنظام الحصة الواحدة ففي السابق كان يوجد حيز زمني معقول..يفصل بين ذهاب وإياب العامل أو الموظف من البيت الى العمل.. وتقلّص هذا الحيّز اليوم ليصبح وجيزا جدا.. ويتم خلاله الذهاب والرجوع للعمل.. ليتم الخروج بعد ذلك للشواطئ وفي المساء للسهر الخ..
وبالتالي فإن عدد الكيلومترات التي يتم قطعها في اليوم الواحد قد ارتفع من معدل 20 كلم تقريبا الى أكثر من مائة كلم يوميا.. وعندما يستغرق الذهاب مثلا للحمامات انطلاقا من العاصمة حوالي ساعة ونصفا في حين أن الوقت المطلوب لذلك لا يتعدى نصف ذلك التوقيت.. فإن السائق سيدخل تحت طائلة النرفزة والتشنج.. والمتنفس الوحيد الذي سيجده أمامه هو الضغط بأقصي ما يمكن على دوّاسة السرعة كلما تسنى له ذلك قصد تعويض ما فاته من وقت يعتقد أنه اهدره .
* هل تعتبر أن التوقيت الذي تم الاعلان عنه هذه السنة للخروج من أماكن العمل يدخل في اطار التخفيف من الجوانب التي قصدتها؟
- نعم هي واحدة من عديد الاجراءات الرئاسية التي لا نلمس اهميتها الا على الطرقات... وهي ليست بالعملية الاعتباطية وانما تهدف الى التخفيف من حدة الضغط المروري وخاصة عندما يقترن بالعوامل المناخية الصعبة.
* على ذكر العوامل المناخية.. ذكرت منذ قليل أن من بين أسباب ارتكاب الحوادث نجد العوامل المناخية.. وهو أمر جد مفهوم ولكن ما هي العوامل التي قصدتها تحديدا؟
- نحن نتحدث عن العطلة الآمنة والصيف وبالتالي فإن المقصود هو درجات الحرارة المرتفعة.. وهذا الارتفاع يؤثر حتما على القدرات البدنية للسائق.. حتى أن احد مصنعي السيارات وفي اطار حملة لتسويق المكيفات.. أجرى دراسة علمية تمت المصادقة عليها من قبل المنظمة العالمية للصحة.. وتم التوصل خلالها الى أن البقاء تحت درجة حرارة مائوية تساوي 35 درجة لمدة ساعة فقط داخل سيارة مكيّفة.. يؤثر على السائق فما بالك إذن بركوب السيارات غير المكيّفة.
* وماذا تعني بالجوانب التشريعية؟
- أعني أنه حان الوقت لمراجعة القوانين وتحديدا مجلة الطرقات التي دخلت حيز التنفيذ في غرة فيفري ..2000 والتي جاءت بمسألة النقاط ورغم أن بداية تطبيقها كانت مشّجعة جدا حتى انك وحينما تمر بالشوارع في اليوم.. تعتقد أنك في السويد من حيث الانضباط المروري.. فإن مراجعتها مرة اخرى اصبحت ضرورة ملحة لا مهرب منها سواء لمزيد التشدد إزاء ارتكاب بعض المخالفات أو لتحقيق التناغم بين مختلف القوانين.. وإعادة النظر في مجلة قانون الطرقات من خلال رؤية وصياغة شاملة.. وأعتقد مرة أخرى انها عملية متأكدة وملحة وضرورية.
* ما هي المسائل التي ترى أنها تحظى بأولوية المراجعة؟
- عديدة هي القوانين والاجراءات التي لم يتم تفعيلها ولن تعرف طريقها للتطبيق.. مثل مشكل إثبات الحالة الكحولية.. والحزم في تطبيق الاجراء القاضي باعتماد جهاز تسجيل السرعة وفترات الراحة للشاحنات والحافلات بين المدن.. لنعاين هذه الشاحنات وهي تجول في المناطق ذات السرعة المحددة وسنقف حينها على درجة السرعة التي تجوب بها الطرقات.. هذا فضلا عن الزامية حزام الأمان داخل المناطق البلدية.
* هل توضّح لنا أكثر وجهة نظركم بخصوص إثبات الحالة الكحولية لمستعملي الطريق والزامية حزام الأمان داخل المناطق البلدية؟
- بالنسبة لمشكل الكحول فإن الاشكال القائم يتعلق بكيفية الاثبات.. قانونيا وسيلة الاثبات الوحيدة هي تحليل الدم.. ونحن نعاني من نقص في مخابر التحليل بداخل الجمهورية.. بالاضافة الى نقص الاطار المخول بالاشراف على هذه التحاليل في فصل الصيف بحكم أنه موسم إجازات. لنأخذ مثلا سائقا يتم توقيفه في العلا ويقع نقله الى سوسة وحتى تتم هذه العملية لابد من تسخير سيارة إدارية وعوني أمن وقد لا يصل هذا السائق الى سوسة الا وقد تراجعت نسبة الكحول بدمه.. لهذا أرى أنه يلزمنا مراجعة جذرية وشاملة لمجلة الطرقات.. وأتساءل بهذا الخصوص لماذا لا يتم استعمال الالات الحديثة للكشف عن نسبة الكحول مثل ETHYLOTEST التي يكفي أن ينفخ السائق بداخلها حتى تعطينا نسبة الكحول بدمه.
* وبالنسبة لإستعمال حزام الأمان؟
- بالنسبة لحزام الأمان فقد ازدادت خطورة الحوادث بالتأكيد بعد الغاء الزامية استعماله داخل المناطق البلدية.. وكان بالاماكن التخفيض من عدد الضحايا بمقدار الثلث على الاقل.. تصور بعض البلدان الاوروبية قلقة لانهم لم يصلوا الا لنسبة 90% فقط من حيث استعمال حزام الأمان بالمقاعد الخلفية.. ونحن نرى أنه غير ضروري في المقاعد الامامية بعد أن تم تشريعه منذ 1978 .. لذلك اعتقد أنه حان الوقت اليوم لإعادة النظر في مسألة الزامية حزام الأمان.. وخاصة بالمقاعد الامامية لأن الذي تصدمه سيارة من الخلف وهو واقف ينتظر الاشارة الضوئية لن ينقذه من الاصطدام بالبلور الامامي للسيارة سوى حزام الأمان.. ولو سألت كل الناجين من الحوادث القاتلة سيقولون لك بأنها إرادة الله أولا وحزام الأمان ثانيا هو من انقذهم.. خلاصة القول يجب أن تسير التوعية جنبا الى جنب مع الردع في خطين متوازيين لا ينفصلان ابدا وهو ما أكدته التجارب الناجحة في البلدان الاوروبية.
* يبدو أيضا انكم تعتبرون وسائل الاعلام قد ساهمت في الموضوع إما سلبا أو إيجابا.. من خلال تأكيدك على مسؤولية الاعلام قبل قليل.. كيف ذلك؟
- مساهمة جميع الاطراف في التقليص من أسباب هذا الغول ضرورية.. والعمل على امتصاص تشنج السواق وخاصة في أوقات الذروة وعند الخروج من العمل من خلال العمل الاذاعي أمر مستحب.. لا عبر بث الانماط الموسيقية الصاخبة بل باعتماد برامج هادفة وموجهة من حيث اختيار المادة الغنائية.
* بماذا تفسر تضاعف مؤشرات الخطورة خلال الصائفة مقارنة بباقي أيام السنة؟
- هناك أسباب كثيرة لتضاعف مؤشرات الخطورة خلال فصل الصيف مقارنة بباقي فترات السنة.. حتى أن 22.24% من الحوادث ترتكب خلال شهري جويلية وأوت فقط.. و23% من ضحايا حوادث المرور يسقطون في تلك الفترة بالذات وهذه الاسباب يمكن تلخيصها في عدة نقاط منها التزايد الكبير في كثافة حركة الجولان.. وبروز ظاهرة السهر حتى مطلع الفجر وبالتالي السياقة تحت تأثير النوم والتعب.. اضف لهذا أن الصيف فصل الاعراس والمهرجانات ..وينضاف لحركة الجولان خلال هذه الفترة ما يقارب ربع الاسطول بتواجد عمالنا بالخارج وكذلك الاشقاء والوافدين.. زيادة على اعداد السيارات المكتراة وعوامل الحرارة والارهاق وتزايد حالات السياقة تحت تأثير الكحول.. كل ذلك جعل هذا الغول يزداد هولا في الصيف.. وتزداد نسبه ومعدلاته حتى أن عدد القتلى يصبح اكثر من خمسة خلال جويلية وأوت عوضا عن أربعة في باقي فترات السنة.
* ألا ترى أن المشكل يبرز أكثر في عدد الضحايا ونسب خطورة الحوادث اكثر من عدد الحوادث في حد ذاتها؟
-إذا اخذنا في الاعتبار الاحصائيات الرسمية لعام 2007 سنجد أنه خلال جويلية وأوت فقط تم ارتكاب 1928 حادث مرور نجم عنها 333 قتيلا و2769 جريحا.. منهم أعداد كبيرة صاروا معاقين.. والحديث هنا يقتصر فقط على الحوادث التي خلفت أضرارا بدنية بينما بقية أنواع الحوادث هي اضعافا مضاعفة.. تصور أن اكثر من خمسة قتلى يسقطون يوميا بالاضافة لاكثر من 45 جريحا.
وهي خسارة لا تعوض.. ويذهب المختصون في الانتاج والمردودية الاقتصادية الى تقديرها بحوالي 53 مليار خلال شهرين فقط اي بمعدل 850 مليونا في اليوم الواحد.. هذا بدون الحديث عن الاعباء المالية للاسعاف الطبي الاستعجالي والمستشفيات وشركات التأمين والصناديق الاجتماعية في تعويض ايام العمل المهدورة وما يعنيه ذلك من اخلال بالتوازنات المالية لهذه الصناديق.. ولغة الارقام قد لا تعني شيئا عندما نتكلم عن 50 عائلة منكوبة تكتوي يوميا بنيران حوادث الطرقات وتصطدم يوميا بأخبار هذه الفواجع.
* ثمة شعور عام لدى أغلب مستعملي الطريق بأنهم غير معنيين بمفاجآته.. وأن الاخطار لا تصيب الا غيرهم.. ما تفسير ذلك؟
- هم يعملون بذلك المثل الفرنسي «المكروه لا يصيب الا الغير» ولا يصيب أيا منهم ولكن سأستغل هذه الفرصة لاقول للجميع: انكم معنيون كذلك بهذه المآسي.. حتى الذين قضوا أو أصيبوا بإصابات خطيرة كانوا يقولون نفس الشيء في قرارة أنفسهم.. ولهذا لابد من مزيد التوعية سواء عبر وسائل الاعلام او الحملات الميدانية.. لانه برغم الامكانيات التي تم تسخيرها لهذه الحملات من أعوان مرور وحرس وطني وشرطة مرور.. ورغم تواجدهم المكثف بمختلف النقاط المرورية.. لاتزال الارقام مع ذلك مفزعة.
* هناك من يرى ان فئة من مستعملي الطريق خلال فصل الصيف تظل خارج دائرة الردع رغم انها المتسبب الرئيسي في اغلب الحوادث.. وانه لو عوملت مثلما يتم في البلدان الاوروبية لكان الامر مختلفا؟
- ما نلاحظه وبكل أسف أن هناك من عمالنا بالخارج العائدين أو أشقائنا أو جيراننا - ورغم عدم وجود احصائيات رسمية ترشدنا الى جحم مساهمتهم في ارتكاب الحوادث - من يقود سيارته بسرعة غير معقولة ويعتبرون أنفسهم غير معنيين بقانون الطرقات... رغم أنهم لا يعرفون طبيعة هذه الطرقات وقوانين الجولان.. وقد خصصت لهم الجمعية جزءا كبيرا من حملات التوعية والتحسيس تنطلق من بواخر العودة للوطن.. ثم الموانئ البحرية ونقاط العبور البرية وأماكن الاصطياف.. وهي موجهة أساسا للتونسيين العائدين من الخارج والاشقاء من ليبيا والجزائر وشعارها: «عطلة آمنة في تونس الياسمين» وترتكز هذه الحملة على تمرير رسائل توعوية بصوت نجوم الفن والسينما والتلفزة الخ.. بما يجعل كل نجم من هؤلاء النجوم سفيرا للوقاية من الحوادث.. وقد تم تجميع واخراج هذه الرسائل والومضات التوعوية في قرص مضغوط وشريط كاسيت.. على اساس رسالة واضحة مفادها أن الحادث لا يفرق بين مقيم وغير مقيم.. وتونسي وغير تونسي وحتى ان حصل تسامح في تطبيق القانون معهم فإن «الحديد» لا يفرق بين مستعملي الطريق.
* مساهمة الدراجات بمختلف انواعها غير خافية في حصول هذا الامر.. بالاضافة لمسؤولية المترجل في وقوع الحوادث فهل لديكم دراسات تبين ذلك؟
- بالنسبة للمترجل الذي يقف لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة منتظرا ركوب حافلة قد تأتي أو لا تأتي.. هل سيبصر شيئا بعد ذلك؟ انه يصبح وكأنه تحت تأثير الكحول.. ولذلك نجد أن 42.16% من حوادث الطرقات ساهم فيها المترجل و33.8% من مجموع القتلى من المترجلين و31.2% من مجموع الجرحى من المترجلين.. اما الدراجات النارية فأنا أتساءل : أين اجبارية رخص السياقة من (صنف أ 1) للدراجات الاقل من 50 سم3 .. والتي تقوم على اجراء اختبار نظري في مادة قانون الطرقات.. وأين اشعال الاضواء نهارا؟ وكم هي نسبة مستعملي الطريق من هذه الفئة الذين يرتدون الخوذة؟
* بصراحة هل أنتم راضون عما تحقق على مستوى التحسيس والتوعية؟
- مادامت هنالك دماء تسيل على الاسفلت.. وارواح تموت على قارعة الطريق وعائلات تُشرد وأبناء يفقدون عوائلهم فلن نكون بالتأكيد راضين.. وينبغي ان تكون حملات التوعية وفقا لاستراتجيات متكاملة فيها ضوابط علمية تحدد الهدف المنشود والجمهور المستهدف ونوعية الخطاب الموجه.. سواء من خلال الحملات الميدانية او التوعوية او الاعلامية ..فعبارة «لا تسرع فإن الموت أسرع» أصبحت من الماضي ولذلك أقول حان الوقت لتجديد نوعية الخطاب ومضمونه .
* وهل ساير خطابكم في الجمعية هذا التوجه؟
- تنتهج الجمعية خطابا علميا يقوم على تعريف المتلقي ببعض الاخطاء الشائعة لدى مستعملي الطريق.. كما اعتمدنا خريطة شبكة الطرقات الجديدة والمحيّنة في شكل مطوية كبيرة أعدتها اطارات الجمعية وتتضمن نصائح على الواجهة الخلفية.. نصائح للسلامة المرورية حاولنا فيها تطوير مضمون الخطاب من خلال التركيز على الجوانب العلمية.. اضافة لقافلة السلامة وذلك باعتماد سيارة متنقلة يتم تزويقها وتحمل مضامين توعوية وتجوب مختلف مناطق الجمهورية.. ويتم التركيز خاصة على المناطق الساحلية التي تشهد كثافة مرورية.. وفي السهرة يتم تركيز شاشة عرض عملاقة لبث بعض الكليبات قصد شد الانتباه مع تمرير ومضات تحسيسية منتقاة من مختلف دول العالم بين الاغاني.. هذا بالاضافة لاحداث معرض متنقل للرسوم الكاريكاتورية قمنا بتسميته: الكاريكاتور في خدمة السلامة المرورية.. ولدينا برنامج تحسيسي على متن باخرة قرطاج في إطار تنويع أشكال الخطاب التوعوي.. مع تأثيث بعض الحصص الاذاعية ..وقد لا يكفي هذا المجهود لأن أصعب الامور هو التأثير على سلوك السائق ومحاولة تغييره.
للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.