انهت الفنانة نوال غشام اول امس سلسلة عروضها في مهرجانات هذه الصائفة بعرض مهرجان سوسة الدولي الذي كان مناسبة اخرى للتأكيد على قدرة هذه الفنانة على صنع النجاح والخروج من نمط الرتابة والتكرار وامتاع جمهورها العريض بسلسلة من المشاهد الفنية الفرجوية المبتكرة والاغاني الجميلة الخالدة والايقاعات العذبة ولعل هذا الاختلاف والتميّز بين ما تقدمه لهذا المهرجان وذاك تأكيد دائم على ذكائها المعهود وسعة وتنوع تجاربها في الموسيقى والغناء وفي المسرح ايضا وانفتاحها على انماط وألوان موسيقية مختلفة وهو ما مكنها من التحكم بزمام السهرة وامتاع جمهورها الذي فاق التوقعات بما يطرب السمع وينشي العقل والوجدان. المفاجأة والتجديد عنصر المفاجأة والتجديد هما من بين العناصر الهامة التي ركزت عليهما الفنانة نوال ليس في مهرجان سوسة الدولي فقط بل في جميع سلسلة عروضها لهذه الصائقة وطيلة مسيرتها الفنية حتى تتماشى وتستجيب لمختلف الاذواق وتتواصل مع جميع الاجيال. ولأن جمهور سوسة كان له وقع خاص لدى هذه الفنانة فان حلولها بينه وغناءها له لم يمر دون ان يترك بصماته وصوره الفنية محفورة في الذاكرة لدى كل من تابع العرض عن كثب واستمتع بلحظاته الرائقة. مراوحة بين الجديد والقديم راوحت نوال في عرض سوسة بين الاغاني القديمة واخرى جديدة جمعت بين الطربية والخفيفة والوطنية والعاطفية وفي ذلك سعي منها الى ارضاء اذواق جمهورها والاستجابة لتطلعات الشرائح العمرية المختلفة فكانت الانطلاقة ب«يا حلوة الحلوات» الاغنية الوطنية الرائعة التي مست افئدة الجماهير ولاقت استحسانهم ثم تلتها عدة اغاني حفظتها الجماهير عن ظهر قلب ورددتها مع نوال غشام اغنية «عيني يا لالا» و«على لباب سويقة» للفنان فوزي بن قمرة غنتها بأسلوب حكائي مبتكر اعطاها روحا جديدة شدت اليها الجماهير واستحسنها وتفاعل معها هذا بالاضافة الى عدة اغاني جديدة منها «تعدى قدام باب دارنا» و«تكذب علي» التي كان لكلماتها وايقاعاتها هي بدورها وقع خاص لدى الجماهير. وهذه الاختيارات الغنائية تؤكد استعداد نوال النفسي وتحضيرها المسبق وعزمها على امتاع جمهورها وارضائه قدر مستطاعها وسعيها الكبير الى انجاح هذا العرض لترد بكل قوة على المشككين في قدراتها الفنية. جمهور سوسة احتضن نوال غشام بكل حب وتفاعل مع كل ما قدمته بالانصات والهتاف والرقص والتصفيق والمطالبة بالمزيد من مرات عدة فلبت نوال طلباته في عديد المناسبات فاكرمته وامتعته. وقد كان لحضورها الركحي وانسجامها مع فرقتها الموسيقية بقيادة المايسترو نبيل زميط وقدرتها على التخاطب مع الجماهير عاملا جعلها تغني على امتداد السهرة بنفس نبرات الصوت الصادح القوي العذب الشذي وباريحية كبيرة دامت حتى نهاية العرض الذي برغم حيزه الزمني الذي يتجاوز الساعتين لم يشعر به الحضور وعاش مع نوال في لحظات الطرب والصفاء ساعات حسبها لمتعتها ونشوتها لحظات وهي ساعات ود لو أن العرض امتد اكثر. نوال غشام استطاعت هذه السنة وبرغم عديد الالتزامات الشخصية والعائلية ان تتواجد في مهرجانات هذه الصائفة في سبعة عروض مختلفة باستراتيجية محكمة وبانتاجات غنائية قيمة مكنتها من حصاد النجاح تلو الآخر ومن توسيع دائرة شعبيتها وتلميع اسمها وكلها تأشيرات عبور لهذه الفنانة الى محطات ومواعيد فنية قادمة.