دعوة التونسيين الى ترشيد استهلاك المياه يوم عيد الأضحى    بطاقة ايداع بالسجن في حق سنيا الدهماني    فتح الطريق الشعاعية X 4 بين الحزاميتين X وX20    Titre    سيدي بوزيد: تنظيم يوم جهوي حول قطاع الأعلاف في ظل التغيرات المناخية    صادم/ جماهير غاضبة تقتل حكم المباراة!!    بطولة نوتنغهام للتنس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 77 عالميا    قفصة : الإحتفاظ بالكاتب العام المكلف بتسيير بلدية المظيلة    عاجل/ بكالوريا: هذا ما تقرّر في حق أستاذ وابنه ساعدا تلاميذ على الغش    عاجل/ تونس تسترجع قطعا أثرية من فرنسا    تراجع نمو الاقتصاد الياباني ب %0.5 في الثلاثي الأول من 2024    مكرم بن رمضان يتوج ببطولة الدوري البرتغالي لكرة السلة    ألمانيا تستعد لأخطر مباراة    السكك الحديدية: محطة غار الملح ستكون دولية    هجوم طعن يستهدف 4 مدرسين أميركيين في الصين    عاجل : اختيار 3 طلبة تونسيين لمتابعة أبحاثهم بجامعة أكسفورد البريطانية    قابس: توفّر العرض وزيادة في أسعار الأضاحي مقارنة بالسنة الفارطة    القصرين: رفع 256 مخالفة اقتصادية وحجز أطنان من المواد الغذائية الأساسية    المسدي الغاية من قانون الجمعيات الحد من التمويلات المشبوهة.    كأس العالم 2026: برنامج الدفعة الأخيرة لمنافسات الجولة الرابعة الخاصة بالقارة الإفريقية    رئيس الفيفا يعلن انطلاق العد التنازلي لضربة بداية مونديال 2026    اختفاء طائرة نائب رئيس هذه الدولة.. تفاصيل جديدة..#خبر_عاجل    دمج تطبيق '' تشات جي بي تي '' على هواتف آبل    بن سليمان: نسبة إدماج خريجي منظومة التكوين المهني في سوق الشغل يبلغ 80 بالمائة    الكشف عن محل لتعاطي البغاء السري في المرسى..وهذه حصيلة الايقافات..#خبر_عاجل    عيد الاضحى : خلية احباء الافريقي تعلن إقامة حفل '' شواء''    وفاة الطفل ''يحيى'' أصغر حاجّ بالأراضي المقدّسة    غدا.. جلسة عامة للنظر في مشروع قانون وتوجيه أسئلة شفاهيّة للحكومة    وزارة الصحة: جلسة عمل لختم وتقييم البرنامج التكويني لتنفيذ السياسة الوطنية للصحة في أفق 2035    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    الحماية المدنية: تسجيل 4 وفيات و451 إصابة في حوادث مختلفة    موعد التصريح بالحكم ضدّ الغنوشي في قضية الإشادة بالإرهاب    يهم المسافرين : 3 نصائح أساسية لتجنب الغثيان على متن الطائرة    هام/ تراجع ملحوظ لأسعار لحوم "العلوش" بالمساحات التجارية ومحلات القصابين..    تصفيات كأس العالم 2026: غانا تفوز على أفريقيا الوسطى وموزمبيق تتغلب على غينيا    إجراءات إستثنائية فيما يخص ''حالات الغش'' لتلاميذ الباكالوريا ..وزيرة التربية توضح    مقترح قانون صناعة المكملات الغذائية على طاولة البرلمان و هذه التفاصيل    تألق في المسابقة الوطنية «التدخين يسبب أضرارا» يزيد الرقيق يحرز جائزة وطنية ويحلم بالعالمية !    مجلس الأمن يوافق على مشروع قرار أمريكي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة..#خبر_عاجل    الأردن يستضيف مؤتمرا دوليا للاستجابة الإنسانية في غزة    طقس الثلاثاء: الحرارة تصل الى 46 درجة مع ظهور الشهيلي    اليوم: حرارة مرتفعة ومرتفعة جدّا وقويّة    مبادرة نموذجية في تنظيم اختبارات مادة التربية البدنية    تحذير مرعب.. النوم أقل من 7 ساعات يزيد من خطر الوفاة..    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..    "احمدي ربك".. رد مثير من مستشارة أسرية سعودية لامرأة ضبطت زوجها يخونها مع 6 نساء!    ظهور لافت للمجندات السعوديات خلال استعراض قوات أمن الحج لهذا العام    بالفيديو.. عاصفة بردية تتسبب بأضرار جسيمة في طائرة نمساوية    انطلاقا من يوم العيد في القاعات: فيلم يروي تفاصيل "اخفاء صدام حسين"    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    مونديال الأندية : ريال مدريد ينفي و يوضح    في حادثة صادمة: سيجارة إلكترونية تتسبب في انفجار رئة مراهقة..!!    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواقع بلا قفّازات
الدراما التونسية الرمضانية:
نشر في الصباح يوم 05 - 10 - 2008

نقلة نوعية شهدتها الأعمال الدرامية التونسية لموسم رمضان 2008.. هذه النقلة هي أشبه بالانتفاضة على السائد والتحوّل الدراماتيكي من مواضيع تدخل في خانة طاحونة الشيء المعتاد كمشاكل الأرض والإرث وثنائية الريف والمدينة والمشاكل الأسرية العادية والمألوفة
إلى قضايا حساسة لم يسبق التطرّق إليها على غرار التحرش بالمرأة العاملة والحمل خارج رباط الزواج ومعاناة الطبقة الكادحة في سبيل توفير لقمة العيش والمتاجرة بالمخدرات وما لف لفه من القضايا التي تطرقت إليها مسلسلات هذا العام وجرّدتها من لحاف التستّر... هذه القفزة النوعية التي اصطبغت بلون الجرأة والخطاب المباشر جعلت الآراء تنقسم بين "أنا مع" و"أنا ضد" تعرية الحقائق وتقديم الواقع دون "روتوش" وبلا قفازات.
واقع موجود... إذن دعونا نعرّيه
المعروف أن كل عمل جريء يغوص في هموم المجتمع وقضاياه خاصة المسكوت عنها غالبا ما يثير جدلا واسعا ويؤثث لانقسامات بين قابل ورافض للمسألة... شق يقبل بالأمر لإيمانه بأنه واقع موجود قد نعيشه أو نلحظه أو نسمع عنه... واقع مقرف يحيلنا إلى التخوّف مما يمكن أن يعقبه من انعكاسات سلبية على المجتمع الذي نعيش فيه ولا يمكننا الانفصال عنه فهو يحاصرنا في البيت والشارع والمدرسة ومقرات العمل لذا لا بد من أن يصل صداه إلى كل بيت.. وحتى يدخل كل منزل فلا سبيل إلى ذلك سوى التلفزيون وتحديدا المسلسلات التي تشد إليها المتفرّج ذلك أن الملفات الطارحة لمثل هذه القضايا قل أن يجتمع حولها الكبير والصغير لذلك فهي قد تفقد دورها في تقويم سلوك المجتمع بعكس الأعمال الدرامية الرمضانية التي يكاد لا يفلت من قبضتها أحد.. وفي المقابل يقف فريق آخر يرفع شعار لا للجرأة ولا للمساس بالقيم النبيلة على خلفية أن مثل هذه الأعمال - من منظوره الخاص- يمكن أن تمس من سمعة المجتمع وتسيء لصورته لذا يفترض عدم الاقتراب منها.. وقد فات هؤلاء الذين يخجلون من رؤية وجه المجتمع من خلال المرآة التي هي التلفزيون أنه آن الأوان لنؤثث لدراما تتعمّد تعرية حقيقتنا وحتى وإن كانت مرّة وتنفض الغبار عن المشاكل الاجتماعية الواقعية التي ظلت لسنوات طويلة مغمورة تحت غطاء "الحشمة" و"العيب".
اليوم لم يعد هناك مجال للسكوت عن حقائق متغلغلة في مجتمعنا وآخذة في الاستفحال لذا فلا بد من كشف المستور ولا بد من الاعتراف بأن التحرش الجنسي ولا سيما بالمرأة العاملة موجود فلماذا نغيّبه.. وبأن الحمل خارج إطار الزواج موجود فلماذا ننفيه... وبأن التكالب على المادة وإفساد الشباب بسموم المخدرات والخيانة الزوجية وخيانة المؤتمن و"التفييس" ورفض الاختلاط على خلفية الطبقة الاجتماعية أو اللون والقتل والانتحار وتخفي النساء على اختلاف مستوياتهن الاجتماعية والفكرية وراء المبررات المتعدّدة لدرء فضيحة التحرش الجنسي وأشياء أخرى نعيش على وقعها كل يوم نراها ونسمعها وأحيانا تدخل بيوتنا عنوة ..موجودة فلماذا ننكرها أو نكتمها؟ إذن لماذا نرفض الخوض في ما أسميناه "تابوهات" ونرفض أن تقوم الدراما - على الرغم من كونه دورها- في إزاحة الستائر عن عيوب المجتمع... إلى متى نتعامل مع واقعنا ب"القواندوات" ؟ أي إصلاحات نرقبها وأي تقويم للسلوك المعوج نرجوه من الدوران في فلك "المشيكلات" الأسرية التي لا تخرج عن نطاق هموم الزواج والطلاق والسعي لاسترداد الإرث المسلوب أو استرجاع الحبيب المفقود... إن العمل الذي يمر مرور الكرام ولا يخلد منه سوى جمال هذه الفنانة و"فصالة" فستان تلك و"ذخامة" هذا البيت وديكور الآخر ويرحل دون ضجة أو جدل هو عمل فاشل... كثيرة هي الأعمال التي عرضت علينا في السابق ولم تترك في نفوسنا أي أثر اللهم إلا القليل منها الذي يعد على الأصابع والذي تطرق إلى بعض القضايا الاجتماعية الساخنة ولكن دون تعمّق أو توغّل
افضحني... وأصلحني
الجميل في دراما هذا المرسم أن فيها رسالة مباشرة وعميقة وفيها صراحة وشفافية بما يفتح آفاقا أرحب في طريقة تناولنا مستقبلا لهمومنا ومشاكلنا بواقعية ودون التفكير في فرض خطوط حمراء على هذا الموضوع أو ذاك لأن مجتمعنا لا يخلو من العلل ونحن لا نعيش في المدينة الفاضلة الخالية من الشوائب فالمشاكل الحساسة تحاصرنا من الميمنة والميسرة وثمة ما شاء الله من المواضيع الهامة التي من الواجب التطرق إليها وتناولها وبعمق عبر سيناريوهات تحمل خطابا قويا وصادما للمجتمع ليحاسب نفسه ويتّعظ ويقرأ العواقب قبل أن ينغمس في هذا التيار أو ذاك فالدراما التي لا تفضح العيوب ولا تعرّي العلاّت لا يمكنها أن تقوّم المجتمعات وعليه فلا بد أن نشجع ونؤيّد هذا الانفتاح الدرامي على القضايا الساخنة وصنّاع الدراما الحقيقيون هم الذين يبرزون بحق سلبيات محيطهم ولا يركزون فقط على إيجابياته لأنها واضحة للعيان وليست في حاجة لمن يضعها في الصورة.. ما هو في حاجة إلى الطرح هو تلك المشاكل وأحيانا "المصايب" التي لا يكاد يخلو منها بيت ? وبدرجات متفاوتة- والتي كثيرا ما تخضع لفلسفة ركيكة تعتمد على مبدأ "أس... يزي بلا فضايح" فلسفة مبنية على الزيف و"الماسك" وهما ظاهرتان لا تخدمان مطلقا مصلحة المجتمعات لذا فلنسقط الأقنعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.