بيروت الصباح: حول موضوع المصالحة الوطنية وبعض النقاط الخلافية بين مختلف التيارات السياسية في لبنان على غرار سلاح«حزب الله».. اضافة الى جهود الوساطة المبذولة من بعض الاطراف ووزن الديبلوماسية الاوروبية مقارنة بنظيرتها الامريكية.. كان ل«الصباح» لقاء مع السيد جهاد آزور وزير المالية في الحكومة السابقة، هذا نصه: * الصباح: كثر الحديث هذه الايام عن المصالحة الوطنية وانطلاق اللقاءات بين مختلف التيارات والاحزاب السياسية في لبنان.. هل تحمل هذه اللقاءات في نظركم اشارات مصالحة حقيقية واتفاق منتظر بشأن المسائل الخلافية؟ ... هذه اللقاءات ايجابية لانه لا يمكن ان يكون هناك عمل سياسي منتظم دون حوار بين الاطراف السياسية.. اذن فهذا الحوار اساسي وهذا النوع من المصالحة ضروري.. لكن يجب ان تتم المصالحة الوطنية على مبادئ وقيم وليس فقط على توافق بين احزاب وطوائف وهو ما يعتبر مدخلا للعودة الى العمل الديموقراطي الذي يجب ان يتم من خلال المجلس النيابي الذي هو مصدر السلطة ومن خلاله يتم العمل السياسي.. اني اتطلع الى ان تكون هناك خطوة موالية بعد هذه الخطوة الاولى من التلاقي وان تكون هناك مصالحة حول مبادئ اساسية يمكن ان نبني عليها شراكة حقيقية لبناء وطن يمكن لابنائه ان ينعموا بمستقبل زاهر وان يحيد تدريجيا عن تحوله الى ساحة للصراعات الاقليمية. * الصباح: مبادئ الحوار التي تطرقت اليها تشمل دون شك الاتفاق حول المسائل الخلافية.. ومن بينها سلاح المقاومة.. هذا يحيلنا الى سؤالكم عن مدى تقبّل الاطراف الداعية الى نزع سلاح المقاومة الى ما دعا اليه مؤخرا الرئيس ميشال سليمان لانشاء استراتيجية دفاعية تعتمد على الجيش جنبا الى جنب مع طاقات المقاومة؟ ... الموضوع ليس بهذه البساطة خاصة بعد احداث ماي الفارط حيث تولد شعور لدى بعض الاطراف السياسية اللبنانية بان استعمال سلاح «حزب الله» قد يكون ايضا في الداخل اللبناني مما افقده الكثير من مصداقيته وشرعيته.. لقد تمتع «حزب الله» خلال العقدين الماضيين بحرية في الحركة لانه قوة تدافع عن مناطق محتلة.. فليس مقبولا ان يستعمل سلاحه في الداخل اللبناني. ان اغلب اللبنانيين وحتى السياسيين منهم يعتبرون المقاومة ضرورية مادام هناك اراض محتلة.. لكن اليوم هو كيف نطمئن هؤلاء الذين هم في حالة من الرفض لدور السلاح.. هذه نقطة الخلاف الأساسية.. ومن هنا طاولة الحوار مهمة في ايجاد صيغ توفيقية بين مبدأ المقاومة ومحاربة الاحتلال الاسرائيلي لجزء من الاراضي اللبنانية من جهة وكيف يمكن وضع ضمانات لعدم استعمال سلاح «حزب الله» في الداخل اللبناني كقوة سياسية او كقوة عسكرية في خدمة مشروع سياسي معين او مشروع خارجي من جهة أخرى. * الصباح: سجال اخر ونقطة خلاف اخرى ساهمت في تغذية الاحتقان الداخلي بين «حزب الله» والحكومة اللبنانية، ويتعلق بملف اعادة الاعمار بعد الحرب الاخيرة مع اسرائيل.. ما تعليقكم؟ ... في ما يتعلق بالاشكال الخاص باعادة الاعمار الذي حصل بين «حزب الله» والحكومة اللبنانية فقد كان متعدد الاسباب، السبب الرئيسي في تقديري انه كان هناك صراع بين مبدأين: فالحكومة كانت مع مبدإ ان تكون عملية الاعمار في كنف الدولة في حين «حزب الله» كان يريد ان يكون له الدور الأكثر نظرا لحجم الخسائر التي تعرضت لها مناطق هي شعبيا تدعم «حزب الله».. وهو ما يؤكد التنافس على المرجعية بين الطرفين وهذا مؤسف لانه بالنتيجة يضر بلبنان وبمصالح اهل الجنوب. نحن نتمنى ان تقتنع جميع التيارات السياسية بان الدولة هي لمصلحة الجميع وليس هناك ملاذ آخر لاي قوة سياسية مهما كبرت خارح كنف الدولة. * الصباح: بعيدا عن موضوع تدخل بعض الدول في تحديد السياسة الداخلية للبنان. يبقى لبنان بحاجة الى مساهمة بعض الاطراف الدولية في دفع مسار المصالحة الوطنية.. كيف تنظرون الى الدور الاوروبي في هذا الاطار مقابل الدور الامريكي المهيمن على المنطقة؟ ليس هناك بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي تباينا في وجهات النظر في ما يتعلق بلبنان.. ان دور الاتحاد الاوروبي في لبنان كبير نظرا لطبيعة العلاقات التجارية والتاريخية وبالتحديد بعض الدول مثل فرنسا وايطاليا واسبانيا. نحن نتطلع كلبنانيين الى ان تكون لنا علاقة وطيدة مع الاتحاد الاوروبي الذي نرجو ان يقوم بمساعدة لبنان على الحفاظ على مبادئه وقيمه كالاستقلال والسيادة والتنوع وان يكون مشاركا في تهدئة الاوضاع او تخفيف تأثير ما تتعرض له المنطقة على لبنان، خاصة ان بلدنا يشكل نظاما معقدا نظرا لتنوعه ودوره.. وهذا النموذج يتعرض الى صعوبات في منطقة تتعرض بدورها الى صعوبات وعراقيل كبيرة. * الصباح: في السياق ذاته هل ننتظر دورا ما للديبلوماسية الفرنسية التي حققت نجاحات في قضايا وملفات سابقة للمساهمة في ايجاد حلول داخلية للنزاعات اللبنانية اللبنانية او الخلافات اللبنانية السورية. لا سيما بعد التقارب الاخير الفرنسي السوري رمن ثمة زيارة الرئيس بشار الاسد الى باريس؟ .. ليس هناك شك في ان السياسة الفرنسية تجاه المنطقة قد تغيرت مع التغير الذي حصل في الرئاسة الفرنسية.. ونحن كلبنانيين نتطلع ايجابيا الى اي تقارب ممكن ان يحدث ببين فرنسا او اية دولة عربية اذا كان لمصلحة المنطقة.. نحن لا نريد لهذا التقارب ان يكون على حساب لبنان نظرا للأوضاع المتشنجة الموجودة بين لبنان وسوريا التي هي حاليا تتجه نحو المنحى الايجابي مع قبول البلدين التبادل الديبلوماسي واعتراف سوريا بسيادة لبنان واستقلاله. بالطبع ممكن لفرنسا أن تؤدي دورا ايجابيا في مساعدة لبنان اولا للعلاقات التاريخية الموجودة بين فرنسا ولبنان التي تتخطى كل الحكومات ورؤساء الجمهوريات فهي تعود الى ما لا يقل عن اربع قرون ونظرا كذلك لاهمية لبنان في السياسة العربية الفرنسية ودوره في المنطقة.. من هذا المنطلق يتطلع لبنان الى دور فرنسي من خلال علاقتها بسوريا ودول عربية أخرى لاحاطة لبنان ايجابيا وتحييده عن الصراعات الاقليمية في المنطقة.