المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    تقليد السيّد منجي الباوندي المتحصّل على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 2023.    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    في لقاءه بالزاهي: سعيد يدعو لتسوية وضعية هؤلاء واتخاذ هذه الاجراءات    ارتفاع نسبة السيّاح البريطانيين الوافدين على المنطقة السياحية سوسة القنطاوي    التوقعات الجوية لهذه الليلة    التضامن: حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي    تونس: القبض على 3 عناصر تكفيرية مفتش عنهم    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    نواب الشعب يدعون الى استغلال الأراضي الفلاحية الدولية المهدورة لتجاوز أزمة الحبوب    يُخفي بضاعة مهربة داخل أكياس نفايات !!    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    بسبب مذكرة الاعتقال ضدّ نتنياهو: المدعي العام للجنائية الدولية يتلقى تهديدات    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    نقابة الصحفيين تحذر من المخاطر التي تهدد العمل الصحفي..    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزم ثابت على مواصلة التقدم بالحياة السياسية
خطاب الرئيس بن علي في الذكرى ال21 للتحوّل
نشر في الصباح يوم 08 - 11 - 2008

دعوة وسائل الإعلام وخصوصا المرئية والمسموعة إلى الحفاظ على سلامة اللغة العربية
تونس (وات) في أجواء احتفالية كبرى وفي نخوة الاعتزاز بما تحقق لتونس من انجازات رائدة منذ التغيير اشرف الرئيس زين العابدين بن علي امس الجمعة بقصر الرياضة بالمنزه على اجتماع كبير بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لتحول السابع من نوفمبر.
وخص رئيس الدولة لدى حلوله بساحة قصر الرياضة باستقبال شعبي حار من قبل المواطنين والمواطنات والتشكيلات الشبابية الذين تجمعوا على حافتي الطريق المؤدية للقصر رافعين الاعلام وصور سيادة الرئيس وهاتفين بحياة تونس وحياة قائدها.
وترجل رئيس الدولة هذه الطريق التي ازدانت بالالوان الوطنية وباللافتات المتضمنة لعبارات الترحيب برئيس الدولة والتاييد لسياسته الاصلاحية الرشيدة والولاء للوطن ليرد على تحيات الجموع الغفيرة من المواطنين وهتافاتهم وترحيبهم الحار الذي ترجم مدى تعلق التونسيين بسيادته وتمسكهم به مرشحا للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 ليواصل قيادة البلاد نحو المزيد من التقدم والنمو.
وصافح رئيس الجمهورية مستقبليه من اعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي ومفتي الجمهورية والامناء العامين للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية وعديد الشخصيات الوطنية.
وألقى الرئيس زين العابدين بن علي بالمناسبة خطابا اكد فيه ان احتفال تونس بالذكرى 21 للتحول يتزامن مع بداية مرحلة مليئة بالمحطات البارزة من اهمها احياء الذكرى الخمسين لصدور اول دستور للجمهورية التونسية واستعداد البلاد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.
واكد سيادة الرئيس في هذا الصدد العزم الثابت على مواصلة التقدم بالحياة السياسية في تونس لمزيد ترسيخ الديمقراطية ودعم التعددية وتوسيع مجالات المشاركة وتعزيز دور المجتمع المدني، مبينا ان الخيار الديمقراطي يعد من الثوابت التي اقام عليها مشروعه الاصلاحي.
واوضح ان التحول النوعي الذي حققته البلاد في جميع المجالات هو نتيجة لمسيرة تنموية شاملة متوازنة الابعاد اكسبت الاقتصاد الوطني مقومات الارتقاء الى مستوى الدول المتقدمة بجدارة واقتدار ملاحظا ان تونس توفقت بفضل منوالها التنموى الذي يراعي الخصوصيات الوطنية ويعتمد النجاعة والتلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي الى ضمان توازناتها الكبرى والى مجابهة التقلبات الخارجية.
واضاف ان ما بلغته تونس اليوم من ازدهار وتقدم يؤكد سلامة الخيارات والسياسات التي اعتمدت بما يدعم الاصرار على كسب الرهانات ورفع التحديات وادراك الاهداف المرسومة للفترة القادمة.
واعلن رئيس الدولة في هذا الاطار عن جملة من القرارت تتصل بالخصوص بمزيد تطوير الحياة السياسية وبالتشغيل والبنية التحتية والقطاع المالي والمصرفي فضلا عن قرارات تهدف الى دفع القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتعزيز التصدير. كما شملت القرارات الاذن بالشروع في وضع استراتيجية لسياسة تونس الشبابية للفترة 2009/2014.
واشار في جانب اخر من خطابه الى ان العناية بالشباب من اسس الرؤية الاصلاحية لرئيس الدولة ومن مقومات بناء مستقبل البلاد مؤكدا ان واجب اعداد الشباب ليعيش ايقاع العصر وتحولاته ينبغي ان يتكامل مع تعميق الحس الوطني في صفوفه واذكاء روح الانتماء والاحساس بالمسؤولية لديه ازاء تونس اولا واعتبار التفاني في خدمتها واجبا مقدسا واولوية مطلقة لديه.
وقد تميز هذا الاجتماع بتلاوة نص ميثاق الشباب التونسي امام الرئيس زين العابدين بن علي من قبل شاب وشابة قبل ان يفسح المجال لمجموعة من الشباب يمثلون الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والشباب المبدع والشباب التونسي بالخارج لامضاء هذه الوثيقة الهامة التي توجت سنة للحوار مع الشباب تم تنظيمها سنة 2008 تجسيما لقرار رئيس الدولة.
ويعد هذا الميثاق الاول من نوعه في تونس بما يبرز المكانة التي يحظى بها الشباب لدى سيادة الرئيس والاهمية التي يوليها له باعتباره عماد التغيير وعنفوانه المتجدد وبه تبني تونس المستقبل.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي:
«بسم الله الرحمان الرحيم
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
في كنف النخوة والاعتزاز يحتفل شعبنا بالذكرى الحادية والعشرين للتحول وكله ثقة بالمستقبل وعزم على مزيد العمل والبذل من اجل تونس ومناعتها وازدهارها.
احدى وعشرون سنة من الاصلاح المتواصل حققنا خلالها المكاسب والانجازات في جميع المجالات بفضل وفاء شعبنا والتفافه حول خياراتنا وانخراطه في برامجنا وتوجهاتنا وما يحدو التونسيين والتونسيات من ارادة قوية وطموح كبير.
ويطيب لي في هذه المناسبة ان اهنئ الفنان زبير التركي بجائزة 7 نوفمبر للابداع تقديرا لاعماله الرائدة في ميدان الفنون التشكيلية.
وان ما بلغته بلادنا اليوم من الازدهار والتقدم يؤكد سلامة الخيارات والسياسات التي اعتمدناها. وهو ما يزيدنا اصرارا على كسب الرهانات ورفع التحديات وادراك الاهداف المرسومة للفترة القادمة برا بالوطن ووفاء للشهداء وتكريسا متجددا للعهد الذي ابرمناه مع الشعب منذ فجر السابع من نوفمبر.
وستظل مبادئ التغيير ثوابت راسخة في كل ما نتخذه من مبادرات وما نقره من سياسات في ضوء ما يقتضيه تطور مجتمعنا وما تفرضه التحولات العالمية وتغيرات الظروف المحيطة ببلادنا ومنطقتنا.
ويتزامن احتفالنا بذكرى التحول هذا العام مع بداية مرحلة مليئة بالمحطات البارزة ومن اهمها احياء الذكرى الخمسين لصدور اول دستور للجمهورية التونسية. وهي مناسبة تاريخية متميزة سنوليها ما تستحقه من العناية لما لهذا المكسب الوطني من مكانة جوهرية في نظامنا الجمهوري وفي حياة شعبنا.
كما تستعد بلادنا لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة. وتشكل تلك الانتخابات حدثا بارزا سنعمل على احاطته بكل مقومات النجاح ليعكس ما بلغه شعبنا من نضج وما تتميز به الحياة السياسية في بلادنا من تقدم على درب الديقمراطية والتعددية. وسنوفر كل الشروط حتى تنتظم هذه الانتخابات في كنف الشفافية واحترام القانون والسلوك المدني الراقي.
اننا حرصنا دوما على تطوير القانون الانتخابي بما يدعم حقوق المترشحين ويضمن حسن سير العملية الانتخابية وسلامتها.
ونحن ناذن في اطار هذا التوجه الذي دابنا عليه بمراجعة تنظيم حصص تسجيل وبث كلمات المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية بمؤسستي الاذاعة والتلفزة التونسيتين اثناء الحملة الانتخابية وذلك باسناد صلاحية تقويم التساجيل من حيث عدم تضمنها لما يمثل خرقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل الى رئيس المجلس الاعلى للاتصال او من ينيبه.
ويمكن لرئيس المجلس الاعلي للاتصال في صورة رفض حذف العبارات المخالفة للقانون من قبل المترشح اتخاذ قرار فوري مؤقت ومعلل في الاعتراض على بث التسجيل.
ويخول للمترشح الطعن في قرار الاعتراض لدى رئيس المحكمة الابتدائية بتونس حسب اجراءات تضمن حقوق جميع الاطراف وتتماشى مع الاجال المحددة للحملة الانتخابية.
اننا نعمل دوما على مزيد دعم الضمانات التي نحيط بها العملية الانتخابية في جميع مراحلها حتى تكون نزيهة وشفافة وتعكس بحق الارادة الشعبية.
واذ ينص الدستور التونسي منذ اصلاح سنة 2002 على اسناد صلاحية مراقبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاء الى المجلس الدستوري فقد قام المجلس بدوره الجديد لاول مرة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة لكنه تبين في ضوء ذلك ان اجال البت في نتائج الانتخابات التشريعية قصيرة تحتاج الى مراجعة.
لذلك ناذن اليوم بالتمديد في الاجل الاصلي للبت وكذلك في اجل التمديد المخول للمجلس الدستوري. وهو ما سيمكن المجلس من مدة معقولة للبت في الطعون دون النيل من مبدإ وجوب الحسم بلا اطالة حفاظا على مصداقية العملية الانتخابية واستجابة لخصوصية النزاعات الانتخابية.
ان عزمنا ثابت على مواصلة التقدم بالحياة السياسية في بلادنا لمزيد ترسيخ الديمقراطية ودعم التعددية وتوسيع مجالات المشاركة وتعزيز دور المجتمع المدني فالخيار الديمقراطي من الثوابت التي اقمنا عليها مشروعنا الاصلاحي. وهو نابع من تصورنا للبناء الحضاري متكامل الابعاد.
اننا حرصنا دائما على ان تكون مقاربتنا نابعة من واقعنا منسجمة مع المبادئ الكونية للديمقراطية وحقوق الانسان ملائمة لخصوصياتنا وتطلعاتنا في نسق يتطور بثبات بعيدا عن مخاطر التراجع او الانزلاق الى ما وقعت فيه بعض التجارب في العالم.
وقد راهنا على خيار التعددية ايمانا منا بان الاختلاف مصدر ثراء للحياة العامة لا يزيد الثوابت الوطنية الا رسوخا.
فهي الثوابت التي تجمع كل القوى الوطنية وفي مقدمتها الاحزاب السياسية سواء في الحكم او في المعارضة.
كما جعلنا من الحوار ركنا اساسيا في مسارنا الديمقراطي وعملنا دائما على توسيع نطاقه بتنظيم الاستشارات حول القضايا الكبرى في مسيرة بلادنا.
وقد عملنا باستمرار على الارتقاء بالحريات العامة وفى مقدمتها حرية التعبير وتعهدنا الساحة الاعلامية بعديد المبادرات والاجراءات لتطوير المشهد الاعلامي وتحسين مستوى ادائه معولين على وعي اهل المهنة وتمسكهم بحرية الاعلام بقدر تمسكهم باخلاقياته تلك الاخلاقيات التي نعتبرها من ضمانات الحرية ومن مقومات السلوك الديمقراطي الذي يخل به البعض احيانا وخصوصا من الدخلاء على المهنة ومحترفي الافتراء بنشر الاكاذيب والنيل من مصالح البلاد العليا.
وان من مكاسب مسيرتنا نشر قيمة التضامن وارساء اسس المجتمع المتازر المتكافل على اساس تصور يجعل من هذه القيمة الاخلاقية النبيلة منطلقا لتوفير اسباب التوازن والاستقرار والتماسك الاجتماعي ومدخلا لتكريس حق الجميع في ثمار التنمية والعيش الكريم.
كما ان المراهنة على المرأة خيار استراتيجي يتكامل فيه تقديرنا لما بلغته من نضج وتطور لادوارها مع تصورنا لشروط الديمقراطية وحقوق الانسان وكذلك مع رؤيتنا للتنمية باشمل معانيها وابعادها.
واننا نؤكد مجددا ان المرأة شريك فاعل في تجسيم الديمقراطية وتحقيق التنمية. كما نؤكد حرصنا على ان تظل المرأة التونسية وجها من وجوه الحداثة في بلادنا وصورة لتقدم شعبها.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
ان التحول النوعي الذي حققته بلادنا في جميع المجالات هو نتيجة لمسيرة تنموية شاملة متوازنة الابعاد اكسبت الاقتصاد الوطني مقومات الارتقاء الى مستوى الدول المتقدمة بجدارة واقتدار.
واننا اليوم على مشارف السنة الاخيرة من برنامجنا الانتخابي 2004-2009 وقد قاربنا انجازه وتجسيم اهدافه كاملة في اغلب محاوره الواحدة والعشرين قبل انتهاء الفترة المحددة.
وقد كنا اعلنا سنة 2006 في الذكرى الخمسين لاستقلال البلاد عن جملة من الاهداف الاستراتيجية الطموحة لتونس في افق 2016 من اهمها التقليص في نسبة البطالة باربع نقاط ومضاعفة الدخل الفردي مرتين ليبلغ ثمانية الاف دينار وتطوير القطاعات الواعدة وذات المحتوى المعرفي العالي لترتفع حصتها من الناتج المحلي الاجمالي من 20 بالمائة الى 35 بالمائة سنة 2016 وكذلك مضاعفة شبكة الطرقات السيارة ثلاث مرات والارتقاء بالساحة الاقتصادية الوطنية لتصبح قطبا مميزا للاستثمار الخارجي المباشر.
واننا نتدرج نحو تحقيق تلك الاهداف بكل ثبات بفضل تضافر جهود الجميع وفي ضوء الخيارات والبرامج التي اعتمدناها في المخطط الحالي للتنمية والمشاريع والمبادرات التي اتخذناها وفق المعطيات الوطنية والظروف العالمية طوال السنوات الاخيرة.
وقد تمكنا بذلك من مواصلة التقليص في نسبة البطالة لتصبح في حدود 14 بالمائة هذا العام حيث لم تزدد حدتها الا بالنسبة لحاملي الشهادات العليا بحكم التصاعد الكبير لاعداد خريجي المؤسسات الجامعية في كل سنة وهو تصاعد نعتز به رغم ضغطه على سوق الشغل اذ نعتبره عنوانا لتقدم بلادنا وحداثتها خصوصا ونحن نحيي هذا العام خمسينية الجامعة التونسية.
ومثلما اكدنا دوما يظل التشغيل في صدارة اولوياتنا. ولئن توفقنا الى الارتقاء باحداثات الشغل الى 80 الف موطن سنويا بالتوازي مع مضاعفة عدد المشتغلين من ذوي مستوى التعليم العالي قرابة خمس مرات بين سنتى 1987 و2007 فاننا مقرون العزم على مزيد النهوض بالتشغيل لاسيما بالنسبة الى خريجي منظومة التعليم والتكوين.
ولقد تابعنا بكل اهتمام الاستشارة الوطنية للتشغيل التي كنا اذنا بها في الذكرى العشرين للتحول والتي تحظى لدينا نتائجها بكامل الاهتمام والعناية.
وانطلاقا من توصيات هذه الاستشارة نأذن اليوم بالقيام باصلاح عميق للسياسة النشيطة للتشغيل لمزيد تصويبها نحو الفئات التي تلاقي صعوبات ادماج خصوصية الى جانب وضع برنامج للارتقاء بجودة خدمات مكاتب التشغيل الى مستوى المعايير المعتمدة دوليا بما يعزز قدرتها على تيسير عمليات ادماج طالبي الشغل في الحياة المهنية.
كما نعلن قرارنا بوضع برامج خصوصية تستهدف طالبي الشغل من حاملي الشهادات العليا الذين طالت فترة بطالتهم بالشراكة مع المؤسسات الاقتصادية والنسيج الجمعياتي لتاهيلهم وتكوينهم وتيسير انتدابهم او مساعدتهم على بعث مشاريع.
وسيحظى الشبان المنتفعون بهذه البرامج بالمرافقة والاحاطة الى غاية ادماجهم في سوق الشغل. وقد ارتفع معدل الدخل الفردي منذ التغيير ليقارب في سنة 2008 مستوى 000 5 دينار وبلغت حصة القطاعات الواعدة من الناتج المحلي الاجمالي 23 فاصل 5 بالمائة. كما شهدت الاستثمارات الخارجية المباشرة دفعا متميزا حيث فاق حجمها هذا العام ألفين وثمانمائة مليون دينار.
واذ حرصنا باستمرار على تحقيق نقلة نوعية لشبكة الطرقات حتى تستجيب للمواصفات العالمية الحديثة وتواكب مختلف التحولات التي تشهدها البلاد وتعزز القدرة التنافسية لقطاعات الانتاج وتربط بين سائر الجهات بالنجاعة والسرعة اللازمتين في الاقتصاديات الحديثة فقد شهدت الفترة المنقضية دخول الطريق السيارة مساكن صفاقس حيز الاستغلال مما مكن من الرفع في طول الشبكة الى 360 كيلومترا بعد ان كان طولها 115 كيلومترا فقط سنة 2006.
وتدعيما لهذا المجهود وبالاضافة الى قرارنا بخصوص بناء الجزء الرابط بين وادي الزرقاء وبوسالم ومواصلة بناء الجزء الرابط بين صفاقس وراس جدير على اقساط وبعد اذننا بربط مدن الشمال الغربي بالطريق السيارة عبر طرقات سريعة نعلن اليوم عن الانطلاق في انجاز القسط الرابط بين صفاقس وقابس كمرحلة اولى نحو راس جدير. كما ناذن بايصال الطريق السيارة الى كل من ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة.
وبذلك سنتمكن من انجاز حوالي 1200 كيلومتر من الطرقات السيارة وهو ما يتجاوز بكثير الهدف المرسوم لافق 2016 ويوفر للجهات الغربية والوسطى من البلاد بنية اساسية حديثة للنقل تعزز قابليتها للاستثمارات.
وقد مكنت تلك النتائج والمكاسب والانجازات بلادنا من الارتقاء بمؤشر اللحاق بمستوى اقتصاديات بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من 29 بالمائة سنة 2006 الى 35 بالمائة سنة 2008.
وهي نتائج تدعمها مختلف التقويمات الدولية المشهود بمصداقيتها واخرها تقرير منتدى دافوس الصادر في 18 اكتوبر الماضي والذي رتب تونس في المرتبة الثانية عالميا من حيث حسن التصرف في المالية العمومية.
وتتزامن الذكرى الحادية والعشرون للتحول مع خمسينية احداث البنك المركزي وانطلاق العمل بالدينار التونسي وتركيز النواة الاولى من البنوك الوطنية.
ونحن نعطى اليوم اشارة انطلاق الاحتفالات بهذه الذكرى التي تجسم الاستقلال النقدي والمالي للبلاد. وقد ساهم القطاع المالي طوال هذه المدة في بناء الاقتصاد الوطني وذلك بتطوير قطاعات وانشطة حديثة وبعث جيل جديد من المؤسسات وتأمين التوازنات المالية للبلاد وتعزيز مناعتها وحمايتها من الهزات الخارجية.
وقد تعهدنا القطاع المصرفي منذ التحول بالاصلاح وتحديث اطاره القانوني وتعزيز اسسه المالية وتطوير مناهج عمله وتوفقنا منذ انطلاق البرنامج الرئاسي 2004/2009 الى تحقيق نتائج هامة لعل ابرزها التخفيض في حصة الديون المصنفة بما يناهز عشر نقاط كاملة خلال السنوات الاربع الاخيرة والتقدم في تطوير هيكلة مؤسسات القطاع والخدمات التي تسديها.
ومواصلة لهذا التمشي فاننا نؤكد ضرورة مضاعفة الجهد قصد النزول بحصة الديون المصنفة الى ما دون 10 بالمائة في افاق سنة 2011.
ونحن نتدرج بثبات نحو التحرير الكامل للدينار هدفنا في ذلك توفير الظروف الملائمة لمؤازرة المؤسسات التونسية في سعيها الى دخول الاسواق الخارجية واستقطاب المزيد من الاستثمارات. وقد كنا اذنا في هذا الاطار بمراجعة مجلة الصرف بما يتيح حذف مبدا احالة العملات وتوسيع مجال مسك الحسابات بالعملة وارساء امكانية مسك حسابات بالعملة بالخارج في اطار الصفقات خارج بلادنا واعادة النظر في الاجراءات الجزائية بالاتجاه قدر الامكان نحو القانون العام.
كما ناذن في اطار سعينا للارتقاء ببلادنا الى ساحة مالية اقليمية باعادة النظر في قانون 1985 المتعلق بالمؤسسات المالية التي تتعامل اساسا مع غير المقيمين وذلك في اتجاه الرفع من الحواجز بين النظامين والتقريب بينهما بما يمكن من استقطاب مؤسسات مالية ذات صيت عالمي.
وقد تأكد من خلال الأزمة المالية العالمية الراهنة صواب خياراتنا سواء تعلق الأمر بحرصنا على توظيف القطاع المالي في مجال النمو والتشغيل بعيدا عن المضاربة او بالتدرج في برنامج التحرير المالي الخارجي مع إعطاء الأولوية الى تحرير العمليات الجارية المرتبطة مباشرة بالنشاط الاقتصادي أو بتوجهنا منذ سنة 2001 نحو تعميم صنف البنك الشمولي الذي يخضع نشاطه إلى مقاييس محددة وذلك دون الإخلال بأهداف الاستثمار وتمويل المشاريع.
وان من واجبنا العمل على استباق الأحداث في المجال المالي الذي يمر بأزمة عالمية عميقة. لذلك قررنا إحداث مركز للبحوث والدراسات المالية والنقدية بإشراف البنك المركزي التونسي يتولى متابعة التطورات العالمية وانجاز الدراسات والبحوث اللازمة لاستشرافها وتحليل تأثيراتها على الاقتصاد الوطني وتقديم المقترحات اللازمة للغرض.
إن هذه الأزمة المالية امتدت الى عديد الدول وتفاوت وقعها من بلد إلى اخر. وقد تعددت المبادرات والإجراءات للتخفيف من حدتها والحيلولة دون تفاقمها واتساع رقعتها ومعالجة اسبابها. ومنذ بروز المؤشرات الاولى لها عملنا على رصد تطوراتها والتوقي من تداعياتها وتطويق انعكاساتها على المسيرة التنموية الوطنية.
ويندرج في هذا السياق اذننا باحداث لجنة لمتابعة الظرف المالي والاقتصادي العالمي واقتراح التدابير الملائمة عند الاقتضاء لتأمين مقومات مواصلة المسار التنموي وفقا للاهداف المرسومة.
واذ تبرز النتائج المسجلة ان بلادنا توفقت بفضل منوالها التنموي الذي يراعي الخصوصيات الوطنية ويعتمد النجاعة والتلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي الى ضمان توازناتها الكبرى والى مجابهة التقلبات الخارجية الى حد الآن فاننا نحرص على ملازمة اليقظة في ضوء المستجدات الجارية والتوقعات بخصوص تراجع نمو الاقتصاد العالمي. كما نحرص على تفعيل مختلف السياسات والبرامج والآليات الكفيلة بالحفاظ على سلامة الاقتصاد الوطني ودعم قدرته التنافسية ومواصلة حركية النمو والاستثمار والتشغيل.
وقد كنا اذنا في هذا الاطار بالترفيع في الاعتمادات المخصصة للتنمية ضمن مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة الى 3900 مليون دينار مقابل 3200 مليون دينار مدرجة في قانون المالية لسنة 2008 وذلك قصد تعزيز نسق تطوير البنية الاساسية ودعم اليات مساندة المؤسسة الاقتصادية ودفع التصدير والاستثمار بما يرتقي بتنافسيتها ويغذي الحركية الاقتصادية ويعزز احداث مواطن الشغل.
وفي اطار هذا التوجه نأذن باعادة هيكلة منظومة التأمين على الصادرات ودعم مواردها المالية بما يمكن من ضمان تغطية اشمل لصادراتنا وتأمين القروض التجارية الضرورية واختصار اجال التعويض.
ونأذن في السياق ذاته بوضع برنامج جديد لمساعدة المؤسسات على ملاءمة منتوجها مع متطلبات الاسواق الخارجية ومساندتها للمشاركة في المعارض والقيام بعمليات الترويج بما يعزز نفاذ المنتوج التونسي الى اسواق البلدان الشقيقة والصديقة ويغذي الحركية الاقتصادية.
كما نأذن باعداد خطة جديدة لمزيد تحسين مختلف مقومات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني تشمل الجوانب التشريعية والترتيبية والمؤسساتية واللوجستية الى جانب دفع برامج تأهيل الانتاج في مختلف القطاعات.
واعتبارا للمكانة التي نوليها للمؤسسة الصغرى والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للنسيج الاقتصادي الوطني فقد عملنا من خلال عديد الاجراءات على دعم قدرتها على الانتاج والاستثمار والتشغيل والتصدير.
وتعزيزا للجهود المبذولة في هذا المجال ناذن بمضاعفة راس مال بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة واعادة هيكلة منظومة ضمان القروض لهذا الصنف من المؤسسات بما يسهم في دفع الاستثمار وبعث المزيد من المؤسسات.
كما نعلن قرارنا بالترفيع في التسبقة بالنسبة الى الصفقات العمومية المسندة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة من 10 بالمائة الى 20 بالمائة الى جانب دعم مختلف اشكال الاحاطة بوحدات الانتاج بهدف تعزيز قدرتها على مجابهة المستجدات والحفاظ على مواقعها في السوق التونسية والاسواق الخارجية.
اننا عملنا دائما على ان تكون الدولة في مقدمة الفاعلين لمعاضدة المسيرة التنموية للبلاد برصد الاعتماد الضرورية لدعم البنية الاساسية والمرافق العامة والتشجيع على احداث المؤسسات مع المحافظة على التوازنات المالية وهو تمش اثبتت النتائج المسجلة صوابه وجدواه.
ولأن تحقيق هذا الهدف يمر حتما عبر تعزيز مواردنا الذاتية في ظل احترام مبادئ العدالة والانصاف فقد حرصنا دائما على تحديث منظومتنا الجبائية ومواصلة تخفيف العبء على المؤسسة والمواطن.
وقد توالت المبادرات في هذا الاطار من خلال اقرار عفو جبائي وتخفيض نسبة الاداء المباشر على الشركات وحذف النسبة العليا للاداء على القيمة المضافة مع تواصل تبسيط الاجراءات وتدعيم حقوق المطالب بالاداء تجاه الادارة.
وفي نطاق هذا التوجه ناذن باعتماد دفعة اخرى من الاجراءات وادراجها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2009 قصد مزيد تبسيط عمليات احالة المؤسسات لضمان ديمومتها ومواصلة الانتفاع بالامتيازات الممنوحة للمؤسسة شريطة استمرار نشاطها والحفاظ على مواطن الشغل فيها.
كما نأذن في السياق نفسه وفي اطار تيسير اجراءات تنفيذ الاحكام بتمكين المتقاضين من تسجيل الاحكام والقرارات التي لا تتعدى ثلاثة الاف دينار بالمعلوم القار عوضا عن 5 بالمائة من المبلغ المحكوم به واعفاء المنتفعين بهذا الاجراء من كل عملية تسوية لاحقة.
ولمزيد دفع المصالحة بين المواطن والجباية ناذن بادراج احكام جديدة بقانون المالية للسنة القادمة تؤدي الى التخفيض بصفة الية في خطايا المراقبة كلما تضمنت نتائج المراجعة في الوقت نفسه مبالغ لفائدة الدولة ومبالغ قابلة للارجاع لفائدة المواطن والمؤسسة.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن البعد الاجتماعي ركيزة اساسية لسياستنا التنموية. وقد عززنا برامج الاحاطة بالفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخصوصية وسعينا الى اذكاء جذوة التضامن في المجتمع في اطار رؤية تقوم على صيانة كرامة الفرد وتمكين جميع التونسيين والتونسيات من الانتفاع بثمار التنمية. كما يتنزل في الاطار ذاته حرصنا على تحسين اوضاع الاحياء الشعبية ولاسيما منها المحيطة بالمدن الكبرى.
وقد كنا اذنا بانطلاق برنامج متكامل للتدخل لفائدة 26 حيا يقطنها 166 الف ساكن وذلك بهدف تطوير البنية الاساسية وتوفير التجهيزات والمرافق الجماعية ودعم الانشطة المنتجة.
وامتدادا لهذا البرنامج الذي يتواصل انجازه بنسق حثيث ناذن باعداد برنامج اضافي لتهذيب ما يزيد عن خمسين حيا يقطنها قرابة 200 الف ساكن مع ايلاء عناية خاصة بمجالات التكوين وتطوير الانشطة المنتجة وذلك بكلفة تقدر ب150 مليون دينار.
وقد اتجه اهتمامنا باستمرار الى العناية بتطوير الاجور وظروف العمل والارتقاء بالحوار الاجتماعي وفق نظرة تعتمد على تكامل اطراف الانتاج وترابط مصالحها. كما حرصنا على تعهد التشريعات الاجتماعية بالاصلاح والتعديل حتى تواكب التحولات الوطنية والعالمية وسعينا الى اصلاح انظمة التغطية الاجتماعية وتوسيعها ودعم برامج السكن الاجتماعي وتيسير شروط اقتنائه وتعزيز مجهود التحويلات الاجتماعية.
ولئن كانت الانجازات والمكاسب التي تحققت لبلادنا مصدر فخر لنا فان الواجب يقتضى منا في خضم التحولات الجارية في العالم وما افرزته من ازمات وصعوبات مضاعفة الجهد للتوقي من اثار هذه الازمات والحفاظ على المكاسب الوطنية وتجسيم الاهداف المرسومة لتطويرها واثرائها.
ولما كنا حريصين دوما على انتظام دورات التفاوض الاجتماعي حول مراجعة الاجور والاتفاقيات المشتركة فاننا ندعو مختلف الاطراف الى العمل من منطلق ما تتميز به من حس وطني وادراك لاهمية الرهانات والتحديات القائمة على انجاح المفاوضات الجارية حاليا في اطار الجولة السابعة واستكمالها في اقرب الاجال بما يؤمن سلامة المسار التنموي ويحفظ مصالح جميع الاطراف ويراعي امكانيات البلاد والاثار التي يمكن ان تنجم عن الظرف الاقتصادي الدقيق الذي يمر به العالم.
إن في ذلك تعزيزا وتكريسا لمكسب اجتماعي كبير تنفرد به تونس اليوم بين الامم الا وهو انتظام الزيادات في الاجور وتواصلها دون انقطاع كل عام منذ 1988 ان ايماننا راسخ بان لا معنى للتنمية بدون العدل في توزيع ثمارها بين فئات المجتمع كافة.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
لقد تمكنا منذ تحول السابع من نوفمبر من احكام التفاعل مع التطورات العالمية والتاقلم معها واستشراف تحدياتها ورهاناتها وتدعمت مكانة تونس في مختلف المحافل الدولية والاقليمية وتعزز رصيد الثقة والاحترام الذي تحظى به لدى شركائها ولدى مختلف المؤسسات الدولية.
وان تونس ستبقى دائما منحازة الى قضايا العدل والسلم في منطقتنا وفي العالم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعتبرها قضيتنا الاولى.
كما حرصنا دوما على توطيد اسس التعاون والشراكة المتضامنة في مختلف فضاءات انتمائنا الاقليمي سواء المغاربي او العربي او المتوسطي او الافريقي وذلك من خلال مساهمتنا الفاعلة في الجهود الرامية الى تعزيز الاندماج والتكامل داخل هذه الفضاءات.
وإننا نؤكد مجددا بهذه المناسبة ضرورة مضاعفة الجهود من اجل الاسراع في اقامة المنطقة المغاربية للتبادل الحر وانجاز المشاريع المغاربية الكبرى باعتبار اهميتها في تحريك مسار الاتحاد المغاربي وتحقيق الاندماج الاقتصادي والشراكة بين بلدان المنطقة.
وانطلاقا من ايماننا باهمية البعد الاقتصادي والتنموي في علاقات التعاون والاندماج العربيين فاننا نامل ان تسهم القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي ستحتضنها دولة الكويت الشقيقة في مطلع السنة القادمة في دفع مسيرة التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وتوسيع دائرة المنافع المتبادلة بينها.
واعتبارا للاهمية الاستراتيجية لعلاقات تونس مع الفضاء الاوروبي فقد شهدت السنة الجارية دخول اتفاقية منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي حيز التنفيذ.
ونحن حريصون على مزيد دفع علاقات التعاون مع اوروبا على المستويين الثنائي ومتعدد الاطراف. كما عملت تونس على دعم مختلف المبادرات الرامية الى تعزيز التعاون في الفضاء المتوسطي وترسيخ الأمن والسلم والتنمية المتضامنة بين شعوب المنطقة كافة.
وسنواصل سعينا الى مزيد دفع علاقات الصداقة مع دول القارتين الامريكية والاسيوية وتطوير التعاون معها لا سيما في مجالات الاستثمار والتكنولوجيات الحديثة والتبادل التجاري.
ان ما يشهده العالم اليوم من تحديات جسام عمقتها الازمة المالية العالمية وارتفاع اسعار المحروقات والمواد الغذائية الاساسية وانخرام التوازن البيئي يحتم تضافر جهود الجميع من اجل ايجاد الحلول الناجعة لتطويق اثار هذا الوضع. وقد كنا دعونا في شتى المناسبات الى ضرورة اعتماد مقاربات تنموية تكرس الابعاد الانسانية للتضامن وتضفي عدالة اشمل وتوازنا اكبر على العلاقات الدولية.
ونحن نجدد الدعوة اليوم الى تكثيف الجهود من اجل تفعيل الصندوق العالمي للتضامن الذي اعتمدته الامم المتحدة منذ سنة 2002 كآلية لمعالجة ظاهرة الفقر والخصاصة في العالم وتقليص الفوارق بين الشعوب.
وتأكيدا للمكانة المتميزة التي اوليناها للجالية التونسية بالخارج فقد دأبنا على الاحاطة بها ورعايتها ومتابعة مشاغلها في ضوء ما اتخذناه من اجراءات وقرارات لتحسين اوضاعها وحماية حقوقها وصون كرامتها في مختلف بلدان الاقامة وتأمين مساهمتها الفاعلة في المسيرة التنموية للبلاد.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
ان عنايتنا بالشباب من اسس رؤيتنا الاصلاحية ومن مقومات بناء مستقبل البلاد فالحفاظ على مكاسب الوطن وامجاده والذود عن حماه مسؤولية متجددة تتحملها الاجيال المتعاقبة.
وإن الاحاطة بالشباب اليوم من أدق المهام المطروحة على المجتمعات والبلدان بحكم ما يشهده عالمنا من تطور وما تعيشه الحضارة البشرية من تحولات متسارعة تفتح افاقا وفرصا جديدة بقدر ما تحتم حسن تهيئة الشباب للتأقلم معها ومواكبتها والاستفادة منها حتى يكون فاعلا فيها وحتى نجنبه ما قد ينجر عنها من مخاطر الاغتراب وفقدان التوازن وغياب الوعي بالهوية هويتنا التي حرصنا دوما على حماية مقوماتها ومن بينها لغتنا العربية التي ندعو وسائل الاعلام وخصوصا المرئية منها والمسموعة بحكم انتشارها الى ان تكون اول من يحافظ على سلامتها ويعزز حيويتها.
وان واجب اعداد شبابنا ليعيش على ايقاع العصر وتحولاته ينبغي ان يتكامل مع تعميق الحس الوطني في صفوفه واذكاء روح الانتماء والاحساس بالمسؤولية ازاء تونس اولا واعتبار التفاني في خدمتها واجبا مقدسا واولية مطلقة لديه.
ان الشباب عماد التغيير وعنفوانه المتجدد وروحه المتوثبة. من اجله نعمل ومعه نفكر وبه نبني للمستقبل.
شباب تونس لقد دعوتكم الى الحوار واقبلتم عليه بحماس.
وصغتم لانفسكم ميثاقا ضمنتموه القيم التي تجمعكم والمبادئ التي تعملون على هديها. فهذا الميثاق الذي ستمضيه اليوم منظماتكم ونخبة منكم هو ميثاقكم وهو المرجعية التي تشدكم والاطار الذي يجمعكم.
واذ يرفع هذا الميثاق شعار تونس اولا فان في ذلك تكريما لامجادها وتوحيدا لطاقاتها وضمانا لمستقبلها.
وانها فرصة اشكركم فيها مجددا على رسالتكم التي كان لها في نفسي عميق الاثر. فقد لمست فيها عمق الوفاء وصدق الوطنية والولاء لتونس وقوة العزيمة والتحفز للمستقبل.
واني واثق بشباب تونس شبابها من كل الفئات شبابها المتعلم الواعي المتفتح المتضامن الملتزم من اجل عزة تونس.
انه شباب يغار على مكاسبها يحمي حداثتها يعتز بخصوصياتها. شباب يشيع صورتها المتالقة ويعمل من اجل رفعتها. شباب يؤمن بالحرية وباختلاف الرأي. شباب يساهم في بناء الديمقراطية والتعددية بكل مسؤولية وثبات.
اردتم من الحوار ان يكون خيارا راسخا انه كذلك وسنعمل على دعم قنواته ووسائله وفتحها امام كل شباب تونس في الداخل والخارج. ان في ذلك ممارسة للمواطنة ورقيا للمجتمع وعزة للوطن.
واني ادعو الى تطوير هياكلنا الشبابية حتى تتاقلم مع الخصائص الجديدة لشبابنا. فمؤشر التعلم عند شبابنا يرتفع. ومكانته في الحياة الاقتصادية تزداد رفعة وحركيته تكبر داخل تونس وخارجها. واطلاعه على الاحداث في العالم والمامه بالمستجدات الدولية يتسعان تماشيا مع تطور العولمة وكثافة الارتباطات عبر الفضائيات والشبكات الالكترونية وغيرها... عالم اليوم غير عالم الامس وشباب اليوم غير شباب الامس. لذلك يتاكد تعميق النظر في مدى ملاءمة تنظيماتنا الشبابية لما يحتاجه هذا العصر.
واني اذن بان يتم الشروع في وضع استراتيجية لسياستنا الشبابية للفترة 2009/2014 استراتيجية تضبط الاهداف المقبلة وتمكن من تنسيق اكبر للنشاطات القطاعية المخصصة للشباب بتبويب مناسب للتمويلات ياخذ بالاولوليات القادمة. استراتيجية تضع في الاعتبار ما اقترحه الشباب في الحوار وتفتح المجال اوسع لمشاركته في الحياة الجمعياتية والسياسية.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
لقد اقمنا سياستنا على الربط بين التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان وعلى استشارف المستقبل والملاءمة بين الظررف السائدة والوسائل المتاحة وحرصنا على تشريك سائر الاحزاب والمنظمات ومكونات المجتمع المدني في كل القضايا التي تهم مجتمعنا وبلادنا. وهو ما سنثابر على تكريسه وتوسيع مجالاته على اساس احترام مرجعياتنا الوطنية ووضع مصلحة شعبنا فوق كل اعتبار.
ان التوجه الحداثي لمشروعنا الحضاري خيار ثابت يستمد جذوره من الفكر الاصلاحي المستنير ويتاسس على خيارات شعبنا ومكاسبه التاريخية مثلما ينبع هذا التوجه من حرصنا على ان تظل تونس رمزا للتقدم والتطور وامتدادا لارثها الحضاري العريق.
وان انخراطنا في الحداثة يتكامل مع تعلقنا بمقومات هويتنا الوطنية وتمسكنا بخصوصياتنا الحضارية بما يتيح لشعبنا ان يكون دائما في صميم العصر مواكبا لحركة التقدم دون انبتات او ذوبان منغرسا في هويته دون انغلاق او تعصب.
اننا على حب تونس نشأنا ومن اجل عزتها وكرامة شعبها نعمل ونضحي.
هي عندنا فوق كل اعتبار ولا ولاء لنا الا لها ولا وفاء الا لشهدائها ولا غاية لنا الا الارتقاء بها الى ارفع الافاق.
ولن تمنعنا الصعوبات من مواصلة مسيرة الاصلاح والبناء بروح التحدي والعزم على الظفر بالرهانات. واذ نذرنا حياتنا لخدمة بلادنا والرفع من شانها فاننا نجدد العهد لشعبنا باننا سنواصل تحمل هذه الرسالة المقدسة مرجعنا في ذلك مبادئ التغيير وروحه الخالدة وسندنا التفاف التونسيين والتونسيات حولنا وثقتهم في خياراتنا.
عاشت تونس عزيزة منيعة ابد الدهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.