«سنعود للعمل بنظام التأشيرة السابق.. وستكون للخطوط الجوية البريطانية رحلات يومية إلى تونس» تونس الصباح : "اغادر تونس وفي مخيلتي اجمل الذكريات عن تونس وعن شعبها الذي خبرت الكثير من خصوصياته طوال اربع سنوات من العمل الديبلوماسي اتوج بها مسيرة اربعة عقود من النشاط والتنقل بين دول العالم..." هكذا كانت بداية هذا الحديث الذي خص به السيد الان غولتي السفير البريطاني "الصباح" قبل ايام على مغادرته تونس في اعقاب اربع سنوات من العمل الديبلوماسي بكل ما حملته من محطات مختلفة من اتفاقات الشراكة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والثقافية ولكن بكل ما حملته ايضا من ترقبات وتحديات تتعلق بمستقبل العلاقات التونسية البريطانية. في مكتبه المطل على البحيرة كان السيد الان غولتي يتحدث الينا ليتوقف بين الحين والاخر مشيرا الى جمال المنظر والى تطور اشغال جسر رادس الذي يتابعه يوميا من هناك... كان في حديثه الكثير من الانفتاح ولكن الكثير من التحسر والحنين ايضا الى زيت الزيتون والعسل والغلال التي تعود على الحصول عليها سنويا حسب المواسم من حديقة القصر الذي يقيم فيه بالمرسى... من المسؤولية الديبلوماسية الى مد الجسور بين الشعوب وما يمكن ان يواجه هكذا مهمة من تعقيدات او مفاجات تحدث الينا سفير المملكة المتحدة وهو الذي تميز بانفتاحه على الاعلاميين واحترامه للاعلام واستعداده للرد على مختلف تساؤلاتهم دون تردد وذلك لإلمامه بالقضايا الدولية الراهنة وهو الذي امضى مسيرته كمسؤول عن شؤون الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية قبل ان يجوب العالم العربي باستثناء موريتانيا والعراق والصومال وجزر القمر وهو الى جانب كل ذلك ملم بالعربية لا تكاد تفوته كبيرة او صغيرة في الصحف الوطنية ...قد تختلف معه في الكثير من المواقف والاراء لا سيما في القضايا الشائكة كالحرب على العراق وسياسة الغرب الانانية ازاء قضية السلام في الشرق الاوسط ولكنك لا يمكن الا ان تحترم فيه استعداده الدائم للدفاع عن ارائه ومواقفه و فيما يلي نص الحديث: * أربع سنوات من العمل الديبلوماسي في تونس ونهاية مسيرة اربع عقود من النشاط السياسي فما الذي تحملونه في الذاكرة وهل من مجال للحديث عن مسيرة اخرى بعد التقاعد؟ - الديبلوماسيون عموما اكثر مسؤولية واهمية مما يمكن للناس العاديين ان يعتقدونه لانهم جسر تواصل بين المجتمعات والشعوب قد لا اشعر بالرضاء التام عن اربعين عاما من العمل الديبلوماسي ولكن اعتقد انها كانت مثمرة في عديد جوانبها خاصة فيما يتعلق بمهمتي في السودان .ان تكون مفيدا في عملك يعني ان يكون لديك بعض التفويض المسؤول من جانب الحكومة التي تمثلها وبعضا من حرية التصرف والتحرك في البلد الذي تعمل فيه وفي هذا الاتجاه اعتقد اني كنت محظوظا في عملي. وقد حرصت خلال السنوات الاربع الماضية على دفع العلاقات بين بريطانيا وتونس على عدة مستويات من خلال اطلاق عديد المبادرات وتنظيم اللقاءات في اجواء ايجابية بين الاطارات السياسية والاقتصادية كما بين رجال الاعمال والمستثمرين في مجالات الطاقة والمبادلات التجارية والتعليم بحثا دوما عما يمكن ان يفيد البلدين ويمكنني ان اجزم بان كل ذلك ادى الى ارتفاع عدد المؤسسات البريطانية في تونس لدعم القطاع الخاص من ذلكbritish gaz "بريتش غاز" و"كلارك للطاقة" والمهم في كل ذلك اننا بادماج كلارك فقد اقتحمنا السوق العالمية كما ان لدينا التزامات مع سما دبي ونحن فعلا نشعر بالفخر ولا نتحرج مما توصلنا الى تحقيقه في الشراكة مع تونس كما بدأنا سلسلة من المشاريع الصغيرة المتعلقة بتاهيل العمل الاداري وتحسين الخدمات والعلاقات مع المواطن وهذه الارضية الجديدة المتعلقة بتطوير وتحديث الخدمات امر مطلوب بالنسبة لبلدينا ولذلك نحن نتشاور ونتبادل الاراء في هذا الشان. انا مرتاح ايضا للتطور الذي سجلناه في مستوى المبادلات التجارية والارقام مشجعة جدا خلال النصف الاول من العام الحالي وتقدر نسبة ارتفاعها بحولي 251 بالمائة وكذلك فيما يتعلق بما يحققه المركز الثقافي البريطاني في مجال نشر وتدريس اللغة واتفاقات الشراكة الموقعة مع وزارة التربية. هناك ايضا اجراءات ايجابية اود الاعلان عنها وهي متعلقة بالتاشيرة حيث انه تقرر العودة الى اجراءات منح الفيزا التي كان معمول بها من قبل وسنعود الى منح الفيزا كما كان في الماضي من تونس خلال خمسة ايام وهذا في اعتقادي رد ايجابي على الانتقادات التي رافقت الاجراءات الاخيرة لا يمكنني ان اعد بان الامر سيستمر طويلا ولكني سعيد باننا قطعنا مع خيار لم يجد القبول وهذا امر ايجابي نحن نستمع للاخرين وهذا جزء من عملنا. هناك ايضا اخبار اخرى جيدة مرتبطة بالخطوط الجوية البريطانية التي سترفع عدد رحلاتها من خمسة الى سبع رحلات في الاسبوع بمعنى انه ستكون هناك رحلة يومية بين تونس وبريطانيا لقد عدت لتوي من لندن واعتقد ان الخطوط البريطانية لن تجد مشكلة في عدد الزائرين البريطانيين الى تونس * اشرتم في بداية اللقاء الى جوانب اقل ايجابية في العمل الديبلوماسي فهل من توضيح حول ابرز العراقيل التي قد يواجهها اي مسؤول؟ - طبعا لا احد سيتفق معي او يصدقني لو اني قلت ان كل شيئ كان على ما يرام، علي مثلا ان اقر بان هناك تراجع في عدد السياح البريطانيين خلال السنتين الماضيتين والرقم لا يزال يرواح حولي الربع مليون سائح وربما يكون للازمة المالية انعكاسات مرتقبة ولكن مع ذلك اعتقد ان القطاع السياحي قابل للتطور خاصة مع تطور السياحة الطبية ورياضة الغولف الا انه لا يزال بالامكان القيام باكثر من ذلك فيما يتعلق باستقطاب السائح البريطاني الذي بحث عن استكشاف المواقع الاثرية والسياحة الثقافية التي تمنحه المزيد من فرص الاطلاع على المزيد من خصوصيات تونس التي تتمتع بالعديد من المواقع الاثرية والتاريخية وغيرها التي ازالت الستار عنها النقطة الاقل ايجابية الاخرى التي اود الاشارة اليها هي الاحساس بان الحصول على موعد او ترتيب بعض الامور حتى في القطاع الخاص قد يحتاج الى ضوء اخضر وهذا يمكن ان يعقد حياة الديبلوماسي ولكن ومن جهة اخرى لقد كنت محظوظا بالعمل في تونس التي احمل في مخيلتي اجمل الذكريات عن شعبها وانا فعلا حزين لمفارقة الكثير من الاصدقاء هنا لقد كنت محظوظا ايضا بالاقامة في بيت له موقعه الاثري والتاريخي واستمتعت طوال السنوات الماضية مع عائلتي بجني ثمار الزيتون والغلال والعسل الحر وكنت اشعر بالفخر عندما كنت اقدم لبعض من الاصدقاء والمسؤولين في تونس ما ننتجه من زيت الزيتون من "غابة " البيت واقتسام تلك اللحظات مع الاصدقاء ,اعود للاستقرار في واشنطن مع زوجتي ليليانو التي حققت بدورها الكثير من التقدم في بحوثها وتمكنت من اصدار كتابها في تونس عن ضحايا الحرب العالمية. لا اعرف بالتحديد ما الذي ساقوم به بعد مرحلة التقاعد فهناك تحولات كبيرة في واشنطن وربما اقدم بعد الندوات مقابل بعض المال * مالذي سيتغير في اعتقادكم بعد الانتخابات الامريكية؟ - انها فعلا فرصة للتغيير بالنسبة للجميع سيكون هناك بالتاكيد فريق جديد ومن الضروري انه سيعيد النظر في كثير من السياسات وبالتاكيد سيكون هناك في واشنطن اقبال مثير وشهية واسعة لمزيد الاراء الجديدة تماما كما كان الحال خلال الحملة الانتخابية * هناك انباء بشان استعداد الحكومة البريطانية لسحب قواتها من العراق قبل نهاية العام فما هو تعليقكم على ذلك؟ - منذ البداية اوضحنا انه ليس لدينا اهداف احتلالية في العراق وان جهودنا هناك تتمثل في دعم الحكومة العراقية حتى تتمكن من الاخذ بزمام الامور ومن ثمة اعادة المسؤولية للعراقيين. * وماذا تقولون في الانباء القادمة من افغانستان الا تعتقدون بان الاوضاع تزداد تعقيدا وان التحالف بصدد التاكل هناك امام ضربات طالبان؟ - هناك انباء جيدة واخرى سيئة من افغانستان عسكريا ليس من الخطا التفاؤل هنا ايضا نحن لسنا قوات احتلال ولا نريد احتلال البلد افغانستان فعلا تشكل تحد كبير اعتقد انها مرحلة عصيبة فعلا لا اعرف بالتحديد ما الذي يمكن لباكستان تقديمه في هذا الاطار * بعد ست سنوات تعود اسرائيل لتدعو الى احياء المبادرة العربية كيف تنظرون الى ذلك؟ - لست متاكدا من النوايا الاسرائيلية ولكني ادرك في المقابل اهمية المبادرة العربية التي قدمتها السعودية التي تدعو في جزء منها الى التطبيع بين العرب واسرائيل. ولو ان الاسرائيليين فكروا جيدا وبعمق بشان المستقبل فانه سيكون بامكانهم العمل بطريقة بناءة في هذا الاتجاه نحن اليوم امام حكومة جديدة في امريكا واخرى في اسرائيل ايضا وسيكون من الصعب بالنسبة لاي حكومة مغادرة في هذه المرحلة تغيير سياساتها قبل ان تتضح رؤاها وتوجهاتها وسيكون من الاسهل على أي حكومة جديدة ان تقبل بالتغيير او على الاقل باعادة مراجعة ما سبق واقول مرة اخرى انه لوفتح في اسرائيل نقاش مفتوح جريء ومسؤول حول كيفية اقامة علاقات جيدة مع الجوار فربما يكون هناك مناخ يقود الى طريق جديد. الخطر الاكبر الذي يمكن ان يحدث في هذه المرحلة هو ان تعود تفجيرات الشارع لان ذلك سيدفع الناس الى اتجاه معين وهو البحث عن حماية النفس قبل كل شيئ. اعتقد ان مبادرة السلام يمكن ان تكون خطة جيدة جدا ونظرة مستقبلية لكل من العرب والاسرائيليين واللبنانيين والسوريين * ساعود الى العراق فهل ما زلتم على الاعتقاد بعد كل هذه السنوات وبعد ما الت اليه الحرب في العراق ان قرار الحرب كان قرارا عادلا؟ - ادرك جيدا سؤالك الذي تجادلنا بشانه اكثر من مرة والواقع ان الانباء والمعلومات بشان عدم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق ومارافق ذلك من انتقادات لا يعني بان الحرب لم تكن قرارا صائبا بل يعني وجود اخطاء كثيرة ارتكبت في الاستراتيجيات المعتمدة بعد الحرب، الوضع الراهن في العراق يجب ان يكون مصدر انشغال كبير للجميع وان يكون دافعا لتطوير الاوضاع الى ما هو افضل حتى يتمكن العراقيون من تحمل مسؤولياتهم كاملة وهذا اختبار للمجموعة الدولية مرة اخرى لا نريد البقاء الى ما لانهاية في العراق ولكن نريد مساعدة الشعب العراقي * كيف تفسرون اذن هذا الاصرار الامريكي على الحصول على الاتفاقية الامنية مع العراق قبل مغادرة الرئيس بوش البيت الابيض؟ - الواقع انه ليس هناك من خيار اخر فالتاشيرة التي يمنحها قرار الاممالمتحدة للقوات الدولية هناك ينتهي بنهاية العام والاحداث تفرض التوصل الى اتفاق الى غاية ان يتمكن العراقيون من الطريق الصحيح وهذا ما يردده المسؤولون العراقيون انفسهم ايضا...