على أي شكل ستكون الحكومة الفرنسية الجديدة؟ قد يتضح الجواب الذي يتطلع اليه الكثيرون خلال الساعات القليلة القادمة بعد ان ودع الرئيس شيراك الاليزيه ليفسح المجال لخليفته نيكولا ساركوزي لوضع مخططاته قيد التنفيد والشيء لكن الشيئ الثابت من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد انه سيسعى لتعيين الافضل والاقدر على خدمة فرنسا وان حكومته ستضم خمسة عشر وزيرا وهو نصف عدد الحكومة المتخلية بما يؤكد رغبة في القطع مع الماضي واعطاء توجه جديد لخياراته وتوجهاته بدءا «بالتقشف» في عدد الوزراء وصولا الى الجمع بين اليمين واليسار كخطوة نحو كسب تاييد ودعم الراي العام الفرنسي وتجاوز مخلفات القطيعة التي افرزتها احداث الشغب التي هزت الاحياء الفرنسية قبل اكثر من عام يوم كان ساركوزي وزيرا للداخلية والتي تكررت على نسق اقل بعد ساعات على اعلان فوز ساركوزي في الانتخابات.. اما عن احتمالات دعوته غريمته سيغولين روايا للانضمام الى حكومته فهي تبدو خطوة مستبعدة في الوقت الراهن بعد ان كشفت روايال عن مخططاتها وطموحاتها السياسية المستقبلية لاعادة تنظيم صفوف حزبها استعدادا للانتخابات التشريعية القادمة على ان ذلك لا يلغي وجود نية لدى ساركوزي لدعم الحضور النسائي في حكومته من خلال عدد الوجوه نسائية المرشحة لتحمل مناصب وزارية... والحقيقة انه اذا كان سباق الرئيس الفرنسي الجديد لتشكيل حكومته قد انطلق خلف الابواب الموصدة وفي الكواليس منذ اللحظات الاولى التي تلت اعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية فان الاكيد ان التكهنات والقراءات بشكل هذه الحكومة التي من المرتقب ان يتم الكشف عن وجهها نهاية هذا الاسبوع قد سبقت ذلك بكثير وارتبطت بنسق نتائج استطلاعات الراي التي اجمعت على ترجيح كفة ساركوزي في السباق فكانت بذلك الفائز الاول في هذه الانتخابات. وقبل حتى تدشين نيكولا ساركوزي قصر الاليزيه رسميا بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الفرنسية للسنوات الخمس القادمة بدات القراءات والتوقعات بشان تركيبة الحكومة الفرنسية المرتقبة التي يجري طبخها استعدادا لاعلانها اليوم ولاشك ان الكشف عن الحكومة الفرنسية الجديدة من شانه ان يكشف الكثيرعن توجهات السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي الجديد والتي ظلت حتى الان غير واضحة نظرا لهيمنة القضايا والمشاغل الداخلية المرتبطة بالمجتمع الفرنسي على الحملة الانتخابية كما على المناظرة الوحيدة التي جمعت بين ابرز المتنافسين في سباق الانتخابات الاشتراكية سيغولين رواياتل وغريمها ساركوزي. واذا صحت المعلومات التي سربتها مختلف الاوساط الاعلامية الفرنسية عن سلسلة اللقاءات التي اجراها ساركوزي مع عدد من الوجوه السياسية البارزة على الساحة الفرنسية او غيرها من الوجوه التي تبحث عن فرصتها على الساحة السياسية فضلا عن لقاءاته مع ممثلي النقابات الفرنسية وغيرها فان الرسالة الاولى التي يريد ساركوزي اظهارها انه يريد حكومة تعتمد كل الاتجاهات وتهدف الى تجاوز الانقسامات التي فرضتها لعبة التحالفات الانتخابية. ويبقى اسم فرنسوا فيلون وزير التعليم العالي في حكومة بالادير وحليف ساركوزي وموضع ثقته المرشح الاوفر حظا لمنصب رئاسة الحكومة. وفي امقال تتضارب التوقعات بشان وزير الخارجية المرتقب في الحكومة الجديدة ففيما يذهب البعض الى ان ساركوزي حدد خياره لمنح حقيبة الخارجية لوزير الصحة السابق في حكومة ميتران برنار كوشنر الطبيب اليساري البارز في مجال حقوق الانسان والذي عمل ممثلا للامم المتحدة في كوسوفو فان مصادر اخرى تؤكد ان الخيار لم يحسم بعد وان ساركوزي اقترح المنصب كذلك على هوبير فيدرين احد كبار مساعدي الرئيس الراحل فرانسوا ميتران ووزير الخارجية في حكومة جوسبان بين 1997 و2002. ومن بين الوجوه الاخرى التي شوهدت وهي تغادر مقر اقامة ساركوزي في فرساي في انتظار الانتقال الى المقر الرئاسي الاشتراكي كلود اليغر وزير التربية السابق. كما يرتقب ان ينضم الى الحكومة الفرنسية الان جوبي كوزير دولة بل ان البعض يرجحون تولي جوبيه حقيبة التنمية مقابل حصول جون لوي بورلوو على حقيبة التشغيل والاستراتيجية الاقتصادية فيما يطرح اسم كسافي برتران الناطق باسم حملة ساركوزي لحقيبة المالية . وفيما يتعلق بالترشحات النسائية فهي ايضا لا يستهان بها و بقاء وزيرة الدفاع ماري اليوت في الحكومة الجديدة يبدو شبه مؤكد على راس وزارة العدل اما رشيدة داتي المحامية ذات الاصول المغاربية التي لعبت دورا حاسما في حملة ساركوزي فقد تتولى وزارة الهجرة والهوية الوطنية التي يعتزم ساركوزي تشكيلها. اما بقية «الساركوزيات» على حد تعليق الصحف البريطانية فتشمل كريستين لاغارد وزيرة التجارة الدولية وهي محامية معروفة قد تتولى حقيبة الفلاحة فيما تبقى فاليري بيكريس البالغة من العمر تسعة وثلاثين عاما وزيرة للصحة كما تبقى روزلين باشليو وزيرة البيئة السابقة وكريستين بوتين من الاسماء المطروحة ايضا وكذلك الشان بالنسبة الى ان لوفرنيون المساعدة السابقة لميتران والرئيسة الحالية لاريفا المحطة النووية العملاقة لفرنسا . واذا صحت هذه التوقعات النسائية فان فرنسا قد تتخلص من العقدة التي جعلتها تحتل اخر الترتيب بين الدول الاوروبية في توزيع المناصب النسائية في البرلمان... وفي انتظار الطبخة السياسية النهائية التي سيعلنها ساركوزي تبقى كل التوقعات والاحتمالات قائمة للكشف عن وجه فرنساالجديدة التي ودعت عهد شيراك الرجل الذي سجل اسمه على الساحة السياسية الفرنسية لمدة اربعة عقود لتدخل عهد ساركوزي بكل ما يعكسه من انتماءات وتوجهات جديدة مرتبطة بافكار وطموحات جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية...