تونس - الصّباح: مثل موضوع «ضمانات المتهم في مرحلة ما قبل المحاكمة» محور يوم دراسي انتظم أمس بمقر المعهد الأعلى للقضاء وأشرف عليه السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، كما حضره عدد من القضاة وأعضاء النيابة العمومية وقضاة تنفيذ العقوبات من مختلف المحاكم. أكد الوزير في كلمته التي ألقاها بالمناسبة أن منظومة العدالة الجزائية التونسية عرفت منذ التحول تطورا متواصلا في اتجاه ضمان احترام حقوق الإنسان وحمايتها وذلك بمزيد تدعيم الضمانات التي يوفرها القانون للمظنون فيه قبل المحاكمة وللمتهم أثناء المحاكمة وللمحكوم عليه إثر المحاكمة. ضمانات المتهم وفي سياق حديثه عن تدعيم الضمانات الممنوحة للمتهم تعرض الوزير إلى مشروع القانون المعروض حاليا على أنظار السلطة التشريعية والمتعلق بتطوير وضعية الموقوفين وتيسير شروط الإدماج وذلك بتنقيح مجلة الإجراءات الجزائية لتوسيع إمكانيات الإفراج وتأكيد الصبغة الإستثنائية للإيقاف التحفظي. كما أشار الوزير إلى أهمية الضمانات الممنوحة قبل المحاكمة مذكرا في هذا السياق بجملة من المبادئ يتمثل أولها في أن الأصل هو البراءة وفقا لما أكده الدستور في فصله 12 «كل متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه» ووفقا لما دعمه القانون الدستوري خلال سنة 2002 بالإرتقاء بالضمانات الممنوحة للمتهم في الفصل 12 من الدستور إلى مرتبة الحماية الدستورية في ضوء اخضاع الاحتفاظ إلى الرقابة القضائية وعدم تحويل الإيقاف التحفظي إلا بإذن قضائي.. ويتمثل المبدأ الثاني في أن الإيقاف التحفظي هو وسيلة استثنائية يمكن اتخاذها حسب ما نص عليه الفصل 85 من مجلة الاجراءات الجزائية في حالات معينة.. أما المبدأ الثالث فيتعلق بقيام قاضي التحقيق بمباشرة صلاحياته كاملة وعدم اللجوء إلى الإنابات القضائية إلا إذا تعذر عليه إجراء بعض الأبحاث بنفسه مع الحرص على متابعة ومراقبة طريقة ومراحل تنفيذ هذه الإنابات. ومن خلال تذكيره بالمبدأ الرابع المتعلق بعلاقة التحقيق بدائرة الإتهام، دعا الوزير قضاة التحقيق إلى ضرورة أن لا يكون التركيز على أعمال التحقيق على الكم فقط بل يجب مراعاة نوعية الأعمال اعتبارا إلى أن قرارات ختم البحث التي يحررها قضاة التحقيق هي عمل تأليفي نوعي بالأساس. تفعيل الآليات الجديدة من جهة أخرى دعا السيد بشير التكاري إلى مزيد تفعيل بعض الآليات الجديدة على غرار تفعيل الآليات المتعلقة بالإفراج عن المتهم بضمان أو بدون ضمان كلما أمكن ذلك وكلما كان ذلك مبررا والإستعداد للعمل بآلية تفكيك القضية في بعض الجرائم بهدف تعجيل النظر بشأن الموقوفين مع الأخذ بعين الإعتبار وجود مشاركين بحالة فرار أو تورطهم في قضية أخطر بما يساعد قاضي التحقيق على انجاز أعماله في أحسن الظروف مع مراعاة الضمانات التي وفرها القانون في ظل احترام حقوق المظنون فيه والمتهم واعطاء الأهمية اللازمة لحريتهما. وأكد الوزير على ضرورة توخي التوازن دائما بحيث يتم الإيقاف التحفظي إذا توفرت المبررات لذلك ويتم الإفراج كلما توفرت الشروط القانونية لذلك للحفاظ على سلامة الأفراد وضمان حسن سير البحث القضائي.