لا يعني اجتماع قرابة المائة دولة في العاصمة النرويجية أوسلو للتوقيع على معاهدة حظر القنابل العنقودية للرأي العام العالمي سوى أمر واحد هو وجود إرادة جماعية لإضفاء مسحة من الإنسانية على العلاقات الدولية بما يتخللها من فترات توتر وسوء فهم وتفاهم تعتبر عادية نظرا لتشابك مصالح مختلف الأطراف بما أنه يفترض حلها بالحوار والتفاوض. ولقد أبرزت الحروب التي تشهدها البشرية منذ بضعة عقود الخطورة التي تشكلها الأسلحة التقليدية وأيضا الحديثة ولذلك مثل استعمال القنابل العنقودية تحديا سافرا للقانون الدولي وتحديدا من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية وفي الحرب على لبنان عام 2006 حيث أمعنت القوات الإسرائيلية في استهداف المدنيين . ولا شك أن نظرة على البلدان التي لم تشارك في اجتماع أوسلو والتي تعتبر أبرز البلدان المصنعة أو المستعملة للقنابل العنقودية وهي الولاياتالمتحدة والصين والهند وباكستان وإسرائيل وروسيا كفيلة بالتدليل على أن ما تم إنجازه على صعيد الالتزام بتدمير ترسانات تلك القنابل لا يكفي ما دامت أهم البلدان "المنتجة" ترفض التوقيع على الاتفاقية. وإذا كان لكل بلد تعلاته في الرفض فإن إسرائيل التي تعتبر أكثر البلدان لجوءا للقنابل العنقودية تستعمل هذا النوع من السلاح في سياق تنفيذ سياسة تطهير عرقي ضد المدنيين وهو أمر لم يعد خافيا على الرأي العام العالمي الذي يدرك جيّدا أن الاحتلال الإسرائيلي ليس في حالة دفاع عن النفس بالنظر إلى حجم جرائمه. إنه موقف مشرف للبلدان الموقعة على الاتفاقية خصوصا بالنسبة لبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا المتحالفين مع الولاياتالمتحدة فقد فضلوا التوقيع حتى لا يجدوا أنفسهم مجبرين على استعمال أسلحة محظورة دوليا في وقت تتزايد المؤشرات على طول الحرب في أفغانستان واحتمال امتدادها إلى باكستان. وإذا كانت تلك "البلدان الرافضة" أراحت ضميرها فإن وزارة الخارجية الأمريكية نظرت هي الأخرى من زاوية إنسانية قائلة "رغم أننا نشاطر البلدان الموقعة على الاتفاقية الرأي بخصوص المشاغل الإنسانية... فإننا لن ننظم لها" متعللة بأن الحظر الكلي للقنابل العنقودية سيضع حياة الأمريكيين والأمريكيات وحياة الشركاء في التحالفات في خطر.. فهل يعني أن استعمال تلك القنابل سيكون بالوكالة؟؟