إنجازات عديدة للمناضل علي الزليطني لفائدة القضيتين التونسيةوالجزائرية تونس - الصباح: نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي يوم السبت الماضي منتدى الذاكرة الوطنية وتم خلاله التطرق إلى شخصية المناضل علي الزليطني وتداول على المصدح عدد من المناضلين الذين قدموا معطيات ضافية عن مناقب هذا المناضل الذي قضى الكثير من سنوات العمر في المنافي والسجون خدمة للقضية الوطنية وإصرارا على مبادئه في الحياة. وفي شهادته قال المناضل محمد صالح البراطلي إنه عرف الزليطني لما كان في طرابلس وكان ضمن مجموعة من التونسيين اللاجئين هناك وكان علي الزليطني يهتم بهم ويساعدهم وظلوا يقيمون هناك إلى غاية إمضاء اتفاقيات الاستقلال الداخلي التي عارضتها الأغلبية الساحقة وتم التعامل مع الرافضين كما لو أنهم خونة وبعد حل الأمانة العامة تم اتهام كل من ساند بن يوسف ظلما وزج بهم في السجن وكان علي الزليطني أحد هؤلاء المساجين الذين أودعوا في سجن غار الملح وهو أتعس السجون الموجودة في تونس. وقال "لقد زرت الزليطني في سجنه ورأيت بعيني أنه كان في حالة يرثى لها.. ولكن رغم العذاب الذي عاشه ظل إلى آخر رمق في حياته متمسكا بمبادئه ولم يلتمس العفو أبدا ولكن بورقيبة هو الذي بادر بالعفو عنه وتكريمه". وأضاف البراطلي أن الزليطني ولما كان في ليبيا ساعد التونسيين المقيمين هناك كثيرا وآواهم في مزرعة بعيدة عن الأنظار والأخطار. وذكر السيد حمادي غرس أن علي الزليطني كان إطارا حزبيا بتونس وقد تعرف عليه عن كثب وعرف أنه كان رجلا وطنيا بحق ولا هم له سوى الدفاع عن الشعب التونسي وتخليص الوطن من هيمنة الاستعمار الفرنسي كما أنه كان مثاليا في عمله الحزبي. وبين أن اتفاقيات الاستقلال الداخلي.. تلك الاتفاقيات الجوفاء على حد تعبيره فرضت على الشعب التونسي فرضا ولم يكن بإمكان الوفد المفاوض رفضها خاصة وأن بورقيبة أمر المجاهدين بتسليم سلاحهم إلى السلطة الفرنسية.. فقبلت الاتفاقيات. وفهم الزليطني وقتها أن موقف بورقيبة وموقف إطارات الحزب لم يكن في محله. وتسبب له إصراره على معارضة بورقيبة في السجن والإهانة إذ حكم عليه بالأشغال الشاقة وتم إرساله إلى سجن غار الملح الذي كان يسجن فيه مجرمو الحق العام وكان هؤلاء السجناء يشتغلون في السجن في قطاع الحلفاء. اتصالات سرية عن فترة إقامته في ليبيا قال المناضل حمادي غرس إنها فترة صعبة وبين أن انجازات الزليطني في ليبيا كبيرة لا تحصى ولا تعد وكانت أغلب اتصالاته سرية وكان هناك عدد من اللاجئين عمل ما في وسعه لمساعدتهم ودبر لعدد منهم مستقرا بإحدى الضيعات هناك كما ساعد عددا آخر من اللاجئين هناك على الإقامة لدى أقاربه في طرابلس كما أنه وبعد استقلال ليبيا ساعد الكثير من التونسيين على الحصول على اللجوء السياسي وساهم في تكوين شبكة اتصال مع عدد من المناضلين وساعد على تهريب أسلحة من ليبيا وجعل منطقة الحدود التي يقيم بها الرعاة التونسيين والليبيين مراكز سرية لتنفيذ بعض الأعمال الوطنية.. وبعد حصول تونس على استقلالها استعملت هذه المراكز لصالح القضية الجزائرية. كما كان الزليطني على اتصال مستمر مع أساتذة يعملون في إطار التعاون مع ليبيا وكان يستعين بهم لإرسال بعض الرسائل إلى المناضلين بتونس ومن بين هؤلاء الأساتذة نجد الأستاذ عبد الرحمان بن خليفة الذي جعل بدوره من منزله مركزا من مراكز إيواء التونسيين اللاجئين واستضافة الزعماء والمناضلين التونسيين الذي يترددون على ليبيا بين الحين والآخر ولكنه لما عاد إلى تونس تم إيقافه من قبل لجان الرعاية على يد عمر شاشية وقد نال من التعذيب نصيبا كبيرا.. وفي نفس الإطار قال البراطلي إن دار بن خليفة كانت تسمى "دار تونس" فقد فتحت للجميع.. وكان كل من لا يجد مقرا لينام فيه أو يأكل يذهب إلى دار عبد الرحمان بن خليفة. وذكر حمادي غرس أن الزليطني رفض اتفاقيات الاستقلال الداخلي.. وأنه أصر على موقفه.. فدخل السجن وعذب كثيرا. وإجابة عن سؤال يتعلق بمساهمة الزليطني في المؤامرة الانقلابية قال الحبيب اللمسي إن الزليطني لم يكن له ضلع في المسألة.. وفي نفس الإطار قال محمد صالح البراطلي إنه هو الذي كانت له يد في تدبير المؤامرة ولكن زج بعلي الزليطني في القضية ظلما.. وقال: "عذبت كثيرا خلال التحقيق وظربت لكي أقول إن الزليطني شريكي لكنني أكدت على أن الزليطني بريء ولا علاقة له بالأمر". وذكر الحبيب اللمسي أن السلاح كان يمر من ليبيا إلى الجزائر عن طريق المناضلين التونسيين وقد ساهم الزليطني في تكوين شبكة من الاتصالات مع المناضلين من البلدين كما ساعد على توحيد الحركة النضالية التونسيةالجزائريةّ. وقال إن هناك عديد العائلات التي كانت تمثل سندا كبيرا للحركة الوطنية على غرار عائلة شندول التي تقيم ببن قردان ولكن عددا من أفرادها تعرضوا إلى التنكيل وهم حسن وسالم وعمار شندول.. وفي نفس السياق قال أحد الحاضرين إن عائلة شندول من بن قردان ساهمت كثيرا في الحركة الوطنية لكن بورقيبة انتقم منهما حتى أن هذه العائلة لم يوظف أي فرد من أفرادها في الإدارة إلى غاية سنة 1987. ولع بالسياسة قال وزير الثقافة السابق البشير بن سلامة انه عرف علي الزليطني لما كان تلميذا في الصادقية من خلال مدرسه فتحي الزليطني شقيق علي وهو مدرس خط درسه عام 1947 وكانت حصة الخط تدوم 20 دقيقة ولكن فتحي يخصص ما تبقى من الحصة ليحدث تلاميذه عن قضايا وطنية وسياسية. وبعد ذلك ولما سافر المرحوم علي البلهوان إلى الشرق أصبح علي الزليطني يولي اهتماما كبيرا لتلاميذ الصادقية وكان يدعو بعض المناضلين لكي يقدموا محاضرات لفائدتهم على غرار الهادي نويرة ومصطفى الفيلالي. وكانت توجد بالصادقية وقتها ثلاثة تيارات وهي تيار الشيوعية ومن أعلامه محمد حرمل وتيار الحزب القديم وكان فيه خالد ابن المرحوم صالح فرحات وتيار الحزب الجديد وكان بن سلامة من بين عناصره. وذكر أن الزليطي كون مجموعات من التلاميذ لتنظيم الإضرابات والمظاهرات احتجاجا على السياسة الاستعمارية. وذكر السيد الحبيب نويرة انه عرف الزليطني عن كثب وعرف أنه كان رجلا وطنيا دستوريا صميما ولكن ليس لكونه مال إلى الحركة اليوسفية ينال ما ناله من عقاب. وقال إن صالح بن يوسف كان يقول إلى متى سأبقى الرجل الثاني في البلاد وذكر أن بن يوسف ولما كان في القاهرة كان يزوره باستمرار وهو يرى أن بورقيبة إن كان دكتاتوريا فصالح بن يوسف كان أكثر منه دكتاتورية فقد كانا معا يريدان فرض آرائهما بشتى الطرق.. وعن الزليطني بين أنه كان مكلفا برعاية اللاجئين في ليبيا وفيما ما يتعلق بالمزاعم التي تفيد تعرضه إلى التعذيب في السجون قال نويرة إن الدستوريين الوطنيين الذين تم سجنهم لم تقع معاملتهم معاملة المجرمين كأن يتم ربط أرجلهم بالسلاسل بل كانوا يحظون بمعاملات خاصة حتى أنهم يتمتعون بالصحف والمجلات ورسائلهم تدل على نوعية المعاملات التي تمت معاملتهم بها في سجونهم. وقال المؤرخ عبد اللطيف الحناشي إن المرحلة الأولى من حياة علي الزليطني كانت في جربة وقد انتمى الى الحزب بعد رجوع المبعدين عام 1936 وكانت له علاقة مع شخصيات وطنية بشعبة قابس الدستورية وكان الحلقة التي تربط مجموعة الدساترة بجربة وقابسوتونس كما أنه كان رئيسا للجامعة الدستورية بجربة وقد قام بدور هام بعد ذلك في نشر الحزب في حومة السوق وجربة ميدون وكانت له علاقة متينة جدا مع صالح بن يوسف. أما المرحلة الثانية فقد كانت مرحلة وجوده بالعاصمة أي مرحلة المقاومة العنيفة وتم الاعتماد عليه وعلى مجموعة المطاوة (من المطوية) وخاصة الكرارطية الذين يعملون في السوق المركزية وكان هو من القواعد العاملة في هذه المقاومة العنيفة التي تقوم على إلقاء الحجارة على الفرنسيين وتعكير صفو المستعمر فتم سجنه في سان نيكولا. أما المرحلة الثالثة فقد كانت في طرابلس ويسود هذه المرحلة الكثير من الغموض نظرا لعدم توفر الوثائق التاريخية وبين المؤرخ أن هذه الفترة كانت مهمة جدا نظرا لكثرة اللاجئين هناك وكانت المجموعة الموجودة في طرابلس هاربة من أحكام بالسجن أصدرتها السلطات الاستعمارية ضدهم كما أنهم ساهموا في تهريب السلاح من ليبيا إلى قابس ومنه إلى تونس ولعبت هذه المجموعة دورا كبيرا في الدعم اللوجستي لحركة المقاومة في تونس. أما المرحلة الرابعة فقد أمضاها في تونس العاصمة وقت المفاوضات والتوقيع على اتفاقيات الاستقلال الداخلي وقد ساند صالح بن يوسف. وكان الزليطني على حد قول المؤرخ يميز بين اليهودية والصهيونية إذ رفض مقاطعة اليهود ولكن كان له موقفا مغايرا من القضية الفلسطينية فقد كان مثله مثل صالح بن يوسف يعتبران أن تونس أولى من القضية الفلسطينية بالمساندة والدعم. وقال المؤرخ إن الزليطني لعب دورا كبيرا في طباعة المناشير السرية في فترة الكفاح . وبين السيد محمد صالح فليس أن الزليطني اشرف في ليبيا على تدريب مجموعة من الشبان على استعمال السلاح في القاهرة قد أوفدهم إلى مصر للقيام بالتدريبات اللازمة على أيدي ضباط تحسبا للقيام بعمليات نضالية في تونس عند عودتهم فوجود الزليطني في ليبيا كان بهدف نضالي وسياسي وبين أن بورقيبة كان يكن الاحترام الكبير لعلي الزليطني وبعد الحكم عليه بالأشغال الشاقة كرمه. سعيدة بوهلال