هل بامكان العالم ان يتفاءل بعد ان ادى الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدةالامريكية اليمين الدستورية ليصبح اول رئيس أسود في تاريخ هذه البلاد؟ ... لقد أجاب اوباما بمناسبة تنصيبه بالقول: «ان التحديات التي نواجهها حقيقية وكثيرة.. لا يمكن ان نواجهها بسهولة او في وقت قصير لكن اعلموا: أمريكا ستواجه هذه التحديات..». وهذا الاصرار على التحدي قد يعتبر تجاوبا مع حالة الفوران التي عاشها امس ملايين البشر على كوكبنا احتفالا بهذا الحدث التاريخي ولكن حقائق الارض تمثل عقبات جدية يتطلب تذليلها الكثير من الجهد. ومن هذه الحقائق ما تعانيه الولاياتالمتحدةالامريكية من اقتصاد متعثر لم تشهد مثله منذ عقود عديدة اضافة الى حربي العراق وافغانستان تضاف لهما الحرب الاسرائيلية المعلنة ضد قطاع غزة وعديد الملفات الدولية الاخرى ومنها الملف النووي الايراني وازمة دارفور والقرصنة البحرية في القرن الافريقي وازمة التغير المناخي والتوتر بين الهند وباكستان. وهذا الارث الثقيل من مخلفات سياسة بوش طوال ثماني سنوات قد يحد من موجة التفاؤل التي عمت العالم بصعود اوباما الى سدة الحكم. وبناء على ذلك فان الاولوية الملحة حسب استطلاعات للرأي هي العمل على تحسين صورة واشنطن في العالم بعد ان فقدت الولاياتالمتحدة كثيرا من مصداقيتها واخلاقيات العمل السياسي والاستهانة بحقوق الانسان والانتهاكات الخطيرة في حق الشعوب. وفي سياق الالتزام بطي صفحة بوش وبوعوده خلال حملته الانتخابية من المنتظر ان يجتمع الرئيس الجديد اليوم مع كبار المسؤولين في الجيش لمناقشة احتمال التعجيل بخفض القوات الامريكية في العراق بعد ان تعهد بسحبها في غضون ستة عشر شهرا مقابل نشر المزيد من القوات في افغانستان. وفي مسعى لطي صفحة سوداء في تاريخ امريكا يتوقع كذلك التعجيل بغلق معتقل غوانتانامو سيء الصيت، وايجاد مخرج قضائي لاكثر من مائتي سجين هناك. وفي هذا الظرف يتطلع العالم وخصوصا الشعوب العربية والاسلامية الى مبادرة جديدة وجدية للرئيس اوباما بشأن القضية الفلسطينية والحال ان قطاع غزة من الشواهد الماثلة على بربرية اسرائيل بعد أن خلف عدوانها الاخيرة دمارا وخرابا وآلافا من الشهداء والجرحى. ان اجواء التفاؤل السائدة حاليا بصعود اوباما الى الرئاسة هي في جانب منها تعبير عن رفض سياسة بوش وما خلفته من شروخ على أكثر من صعيد كما ان هذه الشعبية الهائلة التي رافقت انطلاقة الرئيس الجديد تعود جزئيا لتدهور شعبية الرئيس المنصرف بشدة بعد 8 سنوات امريكية عجاف.