لا بدّ من إرساء تقاليد توزيع لا تطالها مظاهر التغيرات المناخية مثلما هو الحال هذه الأيام المستهلك يدفع ضريبة نقص التزويد في مثل هذه الحالات نتيجة ارتفاع الأسعار تونس الصباح: عوامل التغيرات المناخية وخاصة منها تهاطل الأمطار تحد من نشاط الفلاحين نتيجة صعوبة الوضع داخل مزارعهم. وهكذا تتعطل عملية تزويد أسواق الجملة بنسب معينة عما كانت عليه في السابق ولو لأيام محدودة. ولئن يعتبر الأمر طبيعيا، ولا يتحمل أي طرف المسؤولية على اعتبار أن التحولات المناخية والأمطار التي تصاحبها أمر لا مفر منه، وإيجابي في بعده العام على الفلاحة بكل أنواع إنتاجها، فإن الصعوبات التي تحيط بالفلاح وأسواق الجملة وباعة الخضر والغلال بالتفصيل والمستهلك أيضا لا تتحمل هذا النقص في التزويد، وينتج عن هذا النقص مظاهر المضاربات والترفيع في الأسعار، وما إلى ذلك من من مظاهر الشراهة التي يمارسها المستهلك أيضا تخوفا من تراجع التزويد والحاجة من هذه المواد الاستهلاكية اليومية. فماذا عن النقص الذي يسجل في التزويد من الخضر والغلال داخل السوق في مثل هذه الحال؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الصعوبات التي تظهر بين الحين والآخر، ويسلم الجميع بالصعوبات التي تنجر عنها؟ كيف يكون الوضع على مستوى الفلاحين؟ المعروف أنه مع مظاهر التغيرات المناخية وتهاطل الأمطار وتواصلها، يتعطل نشاط الفلاحين لأيام نتيجة ما ينجر عن ذلك من صعوبات في دخول المزارع نتيجة الوحل، ممّا يعود بالضرر على المزروعات بكل أنواعها. وبناء على هذا يُحجم جميع أو معظم الفلاحين عن دخول المزارع وبالتالي على النشاط ولو لأيام، ريثما يتحسن الطقس، وتتيسر عملية دخول المزارع وجني الخضر. وإذا كانت الصعوبات في هذا المستوى معقولة ويمكن تفهما نظرا لصعوبات التعاطي معها وضررها الذي يلحق بالمزروعات، فماذا عن انعكاساتها على أسواق الجملة التي يزودها الفلاحون بشكل يومي؟ وكيف يمكنها أن تتصرف في ضوء مثل هذه الظروف؟ وهل ينعكس النقص في التزويد على الأسعار داخلها؟ في سوق الجملة ببئر القصعة المعروف أن أسواق الجملة تتأثر في العادة على مستوى التزويد عند حصول تغيرات مناخية من هذا القبيل. ولئن كان تأثرها يبقى محدودا ولأيام قليلة، نتيجة النقص الذي يحصل في مجالات التزويد على مستوى الفلاحين ونشاطهم، فإن مصالح السوق أكدت لنا أن التزويد لم يتأثر بشكل كبير، ويتواصل بشكل قريب من العادي. وفي هذا المجال أكد السيد البشير النفطي الرئيس المدير العام لشركة سوق الجملة أن الكميات الواردة على السوق من الخضر والغلال كانت في مستوي 1200 طن، وهو مستوى عادي لحجم الواردات على السوق. وفسر السيد النفطي مستوى تزويد السوق بمستوى الفلاحين الذي باتوا يقرؤون لمثل هذه الظروف حسابا لا تتعطل معه عمليات التزويد. وأشار إلى أن النقص في التزويد خلال اليومين الأخيرين لم يكن إلا على مستوى السمك، على اعتبار الصعوبات التي توجد في مثل هذه التقلبات المناخية. النقص واضح على مستوى باعة التفصيل النشاط في الأسواق اليومية للخضر والغلال بدا متأثرا بالعوامل الطبيعية التي أحاطت بكافة جهات البلاد. ففي السوق المركزية بالعاصمة، والسوق اليومية بأريانة وما يحيط بها من نشاطات موازية يومية لباعة الخضر والغلال، ظهر النقص واضحا خاصة على مستوى الخضر الورقية بكل أنواعها من سلق ومعدنوس وكلافص ولفت، وأيضا في ما يخص الطماطم والفلفل والبصل. ومقابل هذا ارتفعت الأسعار بعض الشيء لجملة أنواع هذه الخضر، ولعل الذي زاد في ارتفاع أسعارها إصرار المواطنين على التزود بها مهما كانت الأثمان. وفي هذه الحال لا يمكننا إلا أن نتساؤل عن هذا التضارب بين ما أشير إليه من تزويد شبه عادي بسوق الجملة، وما قابله من نقص مسجل في الأسواق اليومية والذي لاحظناه لدى باعة التفصيل. إن تساؤلنا في هذا الباب حول اضطراب التزويد في مثل هذه الظروف المناخية التي تنعكس على مسالك التوزيع يجعلنا نعود الى مسألة سابقة كنا قد طرحناها، وتتعلق بالحلقة الوسطى للتزويد المفقودة في تونس والتي يمكن لها أن تلعب دورا هاما في مثل هذه الظروف غير العادية. والحري بالفلاحين التوجه اليها على اعتبار أنها تضمن تسويق انتاجهم من ناحية، ومهما كان حجمه، وكذلك تؤمن استمرارية تزويد اسواق الجملة في كل الظروف. فمتى يتجه الفلاحون الى تكوين شركات في الغرض تكون حلقة وسطى تضمن استمرارية الانتاج والتوزيع في آن واحد؟