تونس الصباح: ربما ومنذ وفاة ورحيل المنشط التلفزيوني الشهير نجيب الخطاب لم يحدث أن وجد وجه تلفزيوني آخر قبولا واسعا لدى المشاهد في تونس مثلما وجده المنشط معز بن غربية.. فالرجل، ومنذ اطلالته من خلال قناة «حنبعل» وبرامجها الرياضية بدا وكأنه المرشح الأبرز القادر على ملء الفراغ الكبير الذي تركه الراحل نجيب الخطاب في مجال التنشيط التلفزي. ولعله من غريب الصدف هنا ان تكون الانطلاقة الاعلامية للرجلين (معز بن غربية ونجيب الخطاب) من دنيا الرياضة تحديدا فالراحل نجيب الخطاب انطلق أول ما انطلق تلفزيونيا مذيعا ومعلقا رياضيا ثم مقدم برامج رياضية وذلك قبل ان يتحول الى منشط منوعات تلفزيونية ضخمة (فنية وغير فنية).. وكذلك الشأن بالنسبة لمعز بن غربية.. فها هو وبعد تجربة لامعة مع البرامج الرياضية (برنامج «بالمكشوف» على قناة حنبعل).. ها هو يتحول الى منشط لبرنامج تلفزيوني اجتماعي وخدماتي يحمل عنوان «الحق معاك» بثت الفضائية تونس 7 العدد الاول منه في سهرة يوم الخميس الماضي.. «الحق معاك» ولكن، كيف؟ البرنامج مأخوذ كعديد البرامج الاخرى التي اضحت تبثها قنوات عربية وغير عربية عن فكرة اصلية لبرامج اجنبية شهيرة.. فمسألة او ظاهرة اقتناء حقوق البث و«التصرف» اصبحت متداولة ومعمولا بها عالميا.. انما الدقيق والشائك في المسألة هو مدى التوفق في اصباغ طابع المحلية على النسخة المعَرَّبة (بفتح العين والراء) وجعلها تبدو في مناخاتها الفرجوية و«الدرامية» اذا صح التعبير محلية وقريبة من المشاهد ومن اهتماماته.. الحلقة الاولى او العدد الأول من برنامج «الحق معاك» جاء على مستوى الشكل متوفرا نسبيا على جوانب فرجوية تترجم عن مستوى راق من الحرفية.. فالشكل الدائري ل«البلاتو» والحضور الجماهيري في الاستوديو.. فضلا عن تعدد واختلاف الزوايا التي منها يتم التقاط المشهد و«صياغة» الصورة ساهمت في خلق نوع من الفرجة والجمالية. اما على مستوى المضمون فقد بدا ان هناك رغبة في جعل البرنامج يبدو لا فقط اجتماعيا في طبيعته ومضمونه بل وايضا خدماتيا وحتى ترفيهيا احيانا.. ثلاث حالات.. ثلاثة خطابات وما من شك واعتبارا لحساسية البعد الاجتماعي أو «الرسالي» في البرنامج فقد كان هناك حرصا واضحا من طرف القائمين عليه وبخاصة الثنائي معز بن غربية والأستاذ المحامي فتحي المولدي على ان تكون الكلمات محسوبة والخطاب والتعليقات بحسب المقام وطبيعة الحالة الاجتماعية والقانونية محل النظر.. فمداخلات الاستاذ فتحي المولدي وأكاد اقول مرافعاته في موضوع الخطإ الطبي (اولى الحالات التي عرضت لها الحصة) لم تكن مثلا من حيث طبيعتها والفاظها تشبه مداخلاته وتعليقاته الساخرة في حالة موضوع الترخيص البلدي للمقهى.. وهذا انما يكشف عن توجه مهني يحرص على احترام مشاعر المتظلمين ممن اختاروا بسط ملفاتهم ووضعها بين يدي القائمين على الحصة من أجل مساعدتهم على نيل حقوقهم وليس من أجل «استغلالها» باي شكل من الاشكال او توظيفها لصالح الحصة. كذلك بدا معز بن غربية من ناحيته ذلك المنشط صاحب الحضور وأكاد أقول «الكاريزما» القادر على التحكم في توجيه مسار الحصة والتعاطي بذكاء مع «مفاجآتها» سواء منها تلك التي تأتي عبر الهاتف او التي تحملها مشاهد الربط تلفزيا مع نقاط خارجية والتي من خلالها يحاول القائمون على البرنامج الذهاب ابعد في متابعة ملف الحالة المعروضة.. ان العدد الأول من برنامج «الحق معاك» ولئن جاء في عمومه دسما خدماتيا وحتى «دراميا» وترفيهيا احيانا.. ومثل بداية خرق مهني شجاع لجدار الصمت و«الخوف» الذي طبع طويلا علاقة الفضائية تونس 7 مع هذه النوعية من البرامج الاجتماعية الناجحة والمثيرة والتي لم تعد تخلو منها قناة جامعة عربية او أجنبية.. فانه يبقى في حاجة الى مزيد التعهد والنظر خاصة على مستوى مدته الزمنية فقد بدا لنا انه «ممطط» نسبيا وربما يستحسن الاكتفاء بحالتين او قضيين في كل حصة عوضا عن ثلاثة وذلك حتى لا تفقد الحصة بريقها.