«صهري» قتل عروسه واتهمني باطلا بمشاركته الجريمة بينما كنت زمن وقوعها في «زردة» «قاضي التحقيق أطلق سراحي بعد 18 شهرا من الاحتفاظ وعندما سافرت إلى فرنسا للتداوي حاكموني غيابيا» «مات والديّ ولم أحضر جنازتهما... وأنا اليوم جسد بلا روح أحنّ إلى وطني تونس» ماذا يقول القانون في مثل هذه الحالة؟ الأسبوعي- القسم القضائي: : «والله مظلوم... والله مظلوم... والله مظلوم...» بهذه العبارة ودون مقدمات بدأ المهاجر التونسي محمد بن مسعود طوايلية (64 سنة) الحديث إلينا عبر الهاتف من فرنسا عن -ما أسماها- ب«مأساة تونسي محروم من تونس»... تدخل بالحسنى يقول هذا الشيخ الذي كثيرا ما اختنقت العبارات والكلمات في حلقه: «أنا متهم في جريمة قتل» وعندما طلبت منه إيضاحات أكثر سرد لنا وقائع مأساته من ألفها إلى يائها... تارة باكيا وتارة أخرى متألما... طورا يطلق تنهيدة من الأعماق تؤكد حجم الألم النفسي الذي يعيشه وطورا آخر... يصمت عن الحديث... قبل أن يتابع: «مأساتي تعود إلى سنة 1989 ففي ذلك العام تزوج صهري (شقيق زوجتي) ولكن خلافات عديدة نشبت بينه وبين عروسه إذ كان يدّعي أنها لم تكن عذراء فيما كانت تزعم هي (العروس) أنه مصاب بعجز جنسي وبناء على ذلك عادت العروس إلى منزل والديها بمسقط رأسنا بغار الدماء -ولاية جندوبة- وبحكم علاقة المصاهرة والقرابة فإنني تدخلت بالحسنى بين الطرفين وتمكنت من إعادة المياه إلى مجاريها بينهما وعادت بالتالي العروس إلى عش الزوجية غير أن الخلافات بينها وبين بعلها سرعان ما طفت على السطح مجدّدا إذ تبادلا الاتهامات والشتائم وغيرها إلى أن عثر على جثة العروس تتدلّى من شجرة بضيعة فلاحية مجاورة لمنزلها...». اعتراف الصهر ورّطه يصمت هنا محدثي وكأني به يستعيد ذاكرة الأحداث التي تعود إلى نحو عقدين من الزمن ثم يقول: «قبل الحادثة توجهت إلى «زردة» أحد الأولياء الصالحين وفي صباح اليوم الموالي سمعنا بالخبر... لقد أعلمونا بأن زوجة صهري انتحرت فتوجهت على عين المكان رفقة بعض الأقارب والأجوار كانت صدمة تلقيناها جميعا... إذ قبل أسابيع قليلة احتفلنا بزواج الضحية... انطلقت الأبحاث الأمنية لاحقا واستدعي زوج الهالكة للتحرّي معه وسماع أقواله فأنكر في البداية مسؤوليته عن هلاك زوجته ولكنه تراجع لاحقا واعترف بقتلها ثم شنقها في شجرة للإيهام بأنها انتحرت وبمزيد التحري معه ادعى أنني شاركته في الجريمة وأنا خالي الذهن من أطوارها إذ كنت ساعتها حاضرا في «الزردة» ولي شهود على ذلك ولكن الأعوان أوقفوني فأنكرت جملة وتفصيلا هذه الادعاءات وتمسّكت ببراءتي». سراح ثم صدمة ويضيف عم محمد: «أحالوني لاحقا على قلم التحقيق وأصرّيت على أقوالي... فأنا بريء... والله بريء وبعض الخلافات بيني وبين صهري هي التي دفعته إلى توريطي في القضية وهو ما أكدته لدى قلم التحقيق فأطلق سراحي بعد 18 شهرا من الاحتفاظ بي دون محاكمة». وذكر محدثنا أنه تعرّض قبل تلك الحادثة لحادث سير تسبّب له في سقوط قدّره الأطباء ب80% وبخروجه من سجن الإيقاف أصيب بوعكة صحية فسافر إلى فرنسا حيث خضع لعمليتين جراحيتين.... «في الأثناء نظرت المحكمة في القضية» - يتابع المهاجر التونسي- «وأصدرت في حقي حكما غيابيا بالسجن لمدة عشرين سنة وقد أعلمني والدي بالحكم الذي صدمني فاحترت في أمري وتداخلت في ذهني أشياء عديدة... لم أقدر على فعل أي شيء... لم أعترض على الحكم ولم أعد إلى تونس... بقيت هائما في فرنسا أموت في اليوم ألف ميتة... لم أصدق الحكم الذي صدر ضدّي لتأكدي من براءتي... بقيت في فرنسا رغم حنيني واشتياقي لوطني ولموطني ولأهلي... والدي مات ولم أحضر جنازته... أمي ماتت ولم أودّعها...» يبكي هنا محدثنا بكاءا مرّا مرارة سنواته العشرين الأخيرة ويقول متلعثما «والله بريء... والله مظلوم... ولو لم أكن كذلك لما اتصلت بكم...» ثم يضيف: «أريد العودة إلى بلدي... إلى تونس... إلى غار الدماء حيث أهلي وأحبتي... مللت الغربة... أريد حقوقي ولكني لست أدري ماذا أفعل؟ وكيف أستردّها.. رجائي ساعدوني فأنا بريء... بريء.. بريء». اعتراض من جانبنا اتصلنا بأحد المحامين الذي أعلمنا بأن هذا المواطن بإمكانه تقديم اعتراض لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية الراجع إليها بالنظر يتضمّن طلبه بإيقاف التتبع بموجب «مقادمة العقوبة» أي مرور الزمن في حالة مرّت عشرون سنة على صدور الحكم غيابيا. صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: