قالت مصادر ديبلوماسية ايطالية مطلعة رفضت الكشف عن هويتها بان احداث الاسبوع الماضي التي شهدتها جزيرة لامبادوزا الايطالية لا يمكنها ان تؤثر باي حال من الاحوال على العلاقات المميزة بين تونس وايطاليا واضافت المصادر في تصريح خاص حصلت عليه «الصباح» بان ما وقع يتعلق بحدث انتقالي يخص عددا من التونسيين الذين يصلون بشكل غير قانوني الى السواحل الايطالية والتي تخضع للاجراءات القائمة والمرتبطة باعادة الترحيل في الوقت المحدد لها. واشار المصدر الى انه لا علاقة لما حدث بتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالهجرة المنظمة بين البلدين التي تبقى حيوية بالنسبة لايطاليا كما بالنسبة لغيرها من الدول الاوروبية والتي تخضع لاتفاقات وتراتيب واضحة بين الاطراف المعنية. واوضح المصدر بان «الكوتا» المخصص للمهاجرين التونسيين الشرعيين ارتفع من 1500 سنة 1999 الى 4000 في 2007 و2008 في مختلف الاختصاصات المطلوبة وكشف عن مفاوضات جارية بين البلدين لتطوير آليات التكوين واختيار المهاجرين التونسيين. وأشار المصدر الى ان ايطاليا عرفت من قبل هذه الظاهرة وانها كانت في السبعينات مصدرا للهجرة وليس قبلة لها وان مائتي الف مهاجر ايطالي حطوا الرحال بارض تونس منذ تلك الفترة فيما انتشر ستون مليون مهاجر من جذور ايطالية في مختلف انحاء العالم... لامبادوزا قبلة المهاجرين الافارقة وعن احداث لامبادوزا اشار المسؤول الايطالي الى ان سنة 2007 سجلت وصول نحو17 الف مهاجر غير شرعي الى الجزيرة مقابل 32 الف خلال السنة الماضية كما ان بعض المصادر تشير الى وجود نحو مليون مهاجر افريقي يسعون للوصول الى الجزيرة ومنها الى مختلف انحاء اوروبا. واوضح ان هذه الارقام على اهميتها تظهر انه ليس كل المهاجرين وصلوا بطريقة غير شرعية وبان بعضهم دخل ايطاليا بتاشيرة قصيرة ولم يغادروا بعد انقضائها واعتبر بان تفاقم الظاهرة تسبب في عديد المشاكل بما استوجب التدخل وتوجيه الرسالة المطلوبة للاطراف المعنية ولاسيما أولئك الذين ينظمون تلك الرحلات حتى يدركوا بان هذا الطريق باتجاه اوروبا لم يعد ممكنا واوضح المصدر بان هذه الظاهرة كانت وراء انزعاج اهالي الجزيرة مضيفا في ذات الوقت بان نقل هؤلاء الى مراكز ايواء خارج لامبادوزا لم يكن ييسر مراقبتهم مما وفر لهم الفرصة للتسلل والتنقل الى مناطق اخرى من اوروبا. واشار انه عندما نتحدث عن وصول كل هذا العدد من المهاجرين فان ذلك يعني ان وراءهم المزيد ايضا... اما عن الاوضاع المزرية لمراكز اعتقال المهاجرين والتي واجهت الكثير من الانتقادات من جانب الاممالمتحدة كما من جانب المنظمات الحقوقية وهيآت الدفاع عن حقوق الانسان فقد اعتبر المصدر بان الامر مرتبط بالاعداد الكبيرة للمهاجرين غير الشرعيين وان الوضع عاد الى طبيعته بعد ان تقلص العدد الى خمسمائة فحسب. بين تونس وايطاليا وفيما يتعلق بمراقبة عمليات نقل المهاجرين غير الشرعيين ذكر المصدر بان التعاون الامني مع السلطات التونسية لمنع تسلل تلك السفن يتم بشكل جيد في اطار التعاون الثنائي كما شدد المصدر على سبل التعاون بين البلدين فيما يتعلق ببرامج التنمية المشتركة لمنطقة الجنوب والصحراء لانشاء مشاريع متعددة بكلفة 315 مليون دولار انطلقت منذ سنة 2000 في منطقة رجيم معتوق لانشاء واحات جديدة وتمكين سبعمائة عائلة من قطعة ارض وبعث مركز للتكوين في مجال الهندسة التقليدية في نفطة وغيرها من المشاريع الثنائية المشتركة التي تعد جزء مهم من التعاون بين البلدين. ما المطلوب لمواجهة الهجرة غير المشروعة؟ وعن دور الاتحاد من اجل المتوسط في المساعدة على الحد من ظاهرة الهجرة غير المشروعة اشار المصدر الى ان العلاقات بين دول الاتحاد الاوروبي وبين دول حوض المتوسط تهدف الى التنمية المشتركة التي من شانها ان تساعد على الحد من الجذور والاسباب التي تقف وراء الهجرة غير المشروعة وقال المصدر بان ايطاليا كانت والى غاية السبعينات مصدرا للمهاجرين وليس قبلة للهجرة وان 60 مليون مهاجر من جذور ايطالية ينتشرون في مختلف مناطق العالم وان بين تلك الدول تونس التي احتضنت في مرحلة من المراحل 200 الف ايطالي وان ايطاليا تكن الاحترام لكل المهاجرين وتعتبر انه لا بد من آلية لتنظيم هذه الظاهرة. وقد نفى المصدر ان يكون للحلف الاطلسي أي دور لمراقبة الهجرة غير المشروعة في منطقة حوض المتوسط. واشار في المقابل الى دور للمنظمة الدولية للعملOIT) ) في اطار تشجيع عملية الترحيل الطوعي مقابل الحصول على نوع من الدعم لمساعدة هؤلاء الا انه اشار الى ان هذا الدور لا يزال محدودا بسبب ضعف الامكانيات... يذكر ان مواجهات وقعت بين مهاجرين تونسيين غير شرعيين موقوفين في احد المراكز بجزيرة لامبادوزا الايطالية احتجاجا على ظروف اعتقالهم الامر الذي دفعهم الى محاولة اقتحام بوابة المعتقل ونشوب حريق في احد مواقع الاعتقال وخلفت تلك المواجهات التي وصفت بانه لا سابق لها ستين جريحا وذلك بعد محاولة وقبل شهر من ذلك تمكن نحو الف من المحتجزين من الهروب الى خارج المعتقل ونظموا مظاهرة احتجاجية امام مقر بلدية لامبادوزا على الاوضاع المتردية داخل مراكز الاحتجاز كما انضم اليهم العديد من اهالي الجزيرة. وكانت السلطات الايطالية حولت مطلع جانفي الماضي احد مراكز الايواء الى مركز لتحديد الهويات والترحيل لتحديد مصير المحتجزين باتجاه العبور أو اعادة الترحيل الى اوطانهم... وتبقى بذلك قضية الهجرة غير المشروعة مسؤولية مشتركة بين اكثر من طرف وفي حاجة لمزيد الجهود لاستعادة ثقة الاف الشبان الحارقين الى الضفة الشمالية للمتوسط هربا من الفقر والخصاصة والبطالة وغير ذلك من القيود الاجتماعية والسياسية اوكذلك بحثا عن فرصة افضل في الحياة والرفاهية والاستقرار وتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في اوطانهم امل قد لا يكون اكثر من سراب عندما يستفيقون على واقع جديد ليس اقل قسوة من الواقع الذي كانوا يعتقدون انهم تركوه وراءهم هذا طبعا اذا ما حالفهم الحظ في الوصول سالمين الى شاطئ الامان على متن قوارب تفتقر لابسط اسباب الامان المطلوب... آسيا العتروس