الفن صلاة صامتة عندما التقيتها أول مرة في مكتب أحد الأصدقاء لا أدري لماذا ذكرتني بفلسفة ورؤية الرسام خالد بن طوبال في رواية «ذاكرة الجسد» لأحلام مستغانمي.. فكلاهما ولج أبواب الرسم صدفة، وكلاهما عاد الى وطنه محمّلا بحزم من الذكريات الطافحة وبأكوام من الصلوات الصامتة. إنها التشكيلية التونسية منى عبد الكافي.. هاجرت الى فرنسا منذ عقدين من الزمن لتشتغل في التجارة، لكن بعد تسع سنوات التقت فنانا صينيا استدعاها لزيارة مرسمه.. فكانت اللحظة الفارقة في مسيرتها الفنية.. حيث رحلت بعدها الى اسبانيا وانطلقت في تشكيل أولى لوحاتها التي حملت عنوان «الأرض». * دخلت الى عالم الفن عن طريق لقاء ربما كان عابرا. من هذا المنطلق، هل يمكن للصدفة وحدها أن تصنع فنانا ناجحا؟ الصدفة وحدها لا تكفي فهي توفر الفرصة لا غير، لكن الموهبة تبقى هي الأساس، إضافة الى التكوين الأكاديمي طبعا، فأنا سجلت أولى محاولاتي على المساحات البيضاء منذ عهد الطفولة، لكني لم أكن أعتقد يوما أني سأحترف الفن لولا ذلك اللقاء مع الرسام الصيني ولولا مساعدة زوجي وتعريفه بلوحاتي. * ما هي أهم المرجعيات التي تستمدين منها العناصر التي تشكّل لوحاتك؟ بداية أنا أرسم مشاعري وفلسفتي ومعتقداتي التي تعبر في نهاية الأمر عن رؤيتي للعالم، وهي رؤية تنهل بطبيعة الحال من الإرث الثقافي والحضاري الذي نشأت عليه، فشخصية والدي المؤرخ والكاتب بوبكر عبد الكافي يبدو حضورها طاغيا في أعمالي، فهو يمثل بالنسبة لي المصدر الروحي الأساسي، كذلك والدتي نبيهة التي كثيرا ما استرجع ما انطبع في ذاكرتي من ألوان فساتينها فأجسدها خطوطا عميقة في رسومي. * لاحظنا سيطرة اللونين الأحمر والأزرق في أغلب أعمالك. لماذا؟ فعلا، أركز كثيرا على هذين اللونين ومشتقاتهما، فالأحمر حسب اعتقادي يحيلنا على ثراء الحضارة الشرقية وما تمثله من عشق للحقيقة، أما الأزرق فيحيلنا على عمق الحضارة الغريبة، ومن هنا يتشكل نوع من التمازج الحضاري في أبعاده اللونية والهندسية أيضا. ما هي أهم المعارض التي شاركت فيها؟ أقمت منذ أفريل 2005 عدة معارض بفرساي وباريس وآخرها بمدينة شافي (Chaville) بمشاركة أكثر من 35 فنانا عالميا، وأذكر مشاركة تونسية اخرى في هذا المعرض للرسامة بشيرة العرفاوي، وفي المجمل فقد لاقت هذه المعارض صدى إعلاميا طيبا في عديد الصحف الأجنبية. أهم مشاريعك المستقبلية؟ سأحاول خلال أعمالي القادمة توظيف الحيوانات في رسومي بما يمكن ان تمثله من رموز رسخت في الوعي الجمعي، كما سيصدر لي في كندا اواخر جانفي المقبل كتاب بعنوان «العالم الداخلي» (Le monde intérieur) بلغات ثلاث العربية والفرنسية والأنقليزية. قبل أن نودعك، ماذا يمكن أن تضيفي؟ أشكر جريدة «الأسبوعي» على هذا اللقاء، كما يسعدني بهذه المناسبة أن اعبر عن استعدادي للتبرع برسومي مجانا للمساهمة في إضفاء بعض الأبعاد الجمالية داخل المؤسسات ذات الصبغة العمومية مثل المستشفيات والإدارات أو حتى بعض محطات الحافلات، وقبل أن اختم اريد ان اوجه الدعوة لكل الفنانين التونسيين الراغبين في المساعدة لعرض أعمالهم في اوروبا للإتصال بي عبر موقعي على الانترنات: www.monaroussette.com أو عبر البريد الإلكتروني: [email protected]