وزير الخارجية يبحث في العراق فتح خط جوي مباشر ومشاريع اتفاقيات في مجال النقل    أبحاث جارية مع الإعلامييْن برهان بسيس ومراد الزغيدي    تسجيل عودة قرابة 2500 أجنبيا من أفارقة جنوب الصحراء الى بلدانهم منذ بداية السنة (الحرس الوطني)    41 % هي نسبة شعور الشباب بالظلم    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    ماسك يوضح تأثير العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى على أقمار "ستارلينك"    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتجاه الأرض    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    فظيع : تاكسيست يحول وجهة طفل يجرده من ملابسه ويعتدى عليه بالفاحشة داخل سيارته !!    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    كيف قاومت بعض الدول الغش في الامتحانات وأين تونس من كل هذا ...؟؟!!.    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس تشمل اغلبها اجانب (رئيس الجمعية التونسية لجراحة السمنة)    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    سليانة.. يحول مستودع لتخزين الغلال الى مستودع لتجميع محركات السيارات    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    غدا الاحد.. انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المناطق من ولاية المنستير    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    مدير عام المجمع الكيميائي : ''نقل الفسفاط يعدّ المشكل الحقيقي''    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    من الأعماق..الفنان الخالد بلقاسم بوقنة: عاش عزيزا متعففا ... ورحل في صمت !    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    38 مليار دينار ايرادات الضرائب.. الجباية تسعف المالية العمومية    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا مجال للحزب الواحد أو للرأي الواحد
رئيس الدولة في الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية
نشر في الصباح يوم 26 - 07 - 2007

تطوير قطاع الإعلام حتى يكون أكثر جرأة... وأشدّ التصاقا بمشاغل المواطنين وتطلعاتهم
قرطاج (وات) احتفالا بالذكرى الخمسين لعيد الجمهورية انتظم صباح امس الاربعاء موكب رسمي باشراف الرئيس زين العابدين بن علي ألقى خلاله رئيس الدولة خطابا ابرز فيه المعاني الخالدة لاعلان 25 جويلية 1957
واعلن جملة من الاجراءات لدعم المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاتصالية في هذه الذكرى الوطنية المجيدة.
كما تولى رئيس الدولة تكريم ثلة من سامي الاطارات والمسؤولين في عديد القطاعات ومناضلين وشخصيات من المجتمع المدني وذلك تقديرا لجهودهم المساهمة في تثبيت اركان النظام الجمهوري ونشر قيمه ودعم انجازاته واثراء مكاسبه.
وقد اكد الرئيس زين العابدين بن علي في الخطاب الذي القاه في هذا الموكب ان الاحتفال بالذكرى الخمسين لعيد الجمهورية يعد محطة بارزة في اتجاه تعميق منظومة الاصلاح والتطوير والتحديث التي تأسس عليها المشروع الحضاري في تونس مبرزا ان اقامة الجمهورية على مبدا التعددية خيار جوهري من خيارات التغيير.
واعرب سيادة الرئيس عن القناعة الراسخة بان تونس قادرة على رفع التحديات واللحاق بمصاف الدول المتقدمة لاسيما ان تقدم البلدان لايقاس اليوم بعدد سكانها وبوفرة مواردها الطبيعية ولا بامتداد مساحاتها بل بذكاء شعوبها وتحكمها في ناصية المعارف الحديثة وانقطاعها الى العمل والكد وتوقها الدائم الى الافضل والارقى.
وجرى الموكب بحضور النائب الاول لرئيس التجمع الدستوري الديمقراطي والوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين واعضاء الديوان السياسي للتجمع ومفتي الجمهورية واعضاء الحكومة والامناء العامين للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والهيئات القائمة والمجالس الاستشارية. كما دعي لحضوره عدد من الشخصيات الوطنية من بينهم اعضاء من المجلس القومي التاسيسي.
وفي ما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي:
«بسم الله الرحمان الرحيم
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
يحتفل شعبنا اليوم بذكرى تاريخية مجيدة انها الذكرى الخمسون لاعلان الجمهورية وهي مناسبة لاستحضار كفاح شعبنا وتضحيات اجياله المتعاقبة من اجل العزة والكرامة. فقد كان اعلان الجمهورية يوم 25 جويلية 1957 تحريرا لارادة الشعب واستكمالا لمقومات سيادته وحريته التي جاء بها الاستقلال يوم 20 مارس 1956.
واذ اهنىء بهذه المناسبة جميع من سينالهم بعد حين شرف التكريم بوسام الجمهورية فإني اكبر كل الجهود المساهمة في تثبيت اركان النظام الجمهوري ونشر قيمه ودعم انجازاته واثراء مكاسبه.
ان ارساء النظام الجمهوري ببلادنا جسم معاني المواطنة بالنسبة الى كل تونسي وتونسية وجعل من الشعب المرجع والفيصل في تصريف شؤون الوطن وفي مقدمتها الانتخاب الحر المباشر لمن يتولى شؤونه ولمن يمثلونه في السلطة التشريعية والمجالس البلدية.
وانه لمن حسن الصدف ان نحتفل هذه السنة بالذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية وبالذكرى العشرين للتحول ففي ذلك من الرموز والمعاني السامية ما يربط الصلة بين امجاد ماضينا ومكاسب حاضرنا وآفاق مستقبلنا.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
اننا نعتز بان تونس كانت من اوائل دول العالم التي عرفت منذ القدم اشكالا راقية للحكم القائم على المشاركة والمؤسسات. فقد نوه ارسطو في كتابه «السياسة» بدستور قرطاج وبدواليب دولتها ونظمها وطرق تكوينها ولا بد من التذكير ايضا بان الاعجاب بالنظام الجمهوري كان حاضرا في وجدان رواد حركة الاصلاح التونسية وأدبياتهم منذ القرن التاسع عشر فقد تحدث احمد ابن ابي الضياف في كتابه «الاتحاف» عن النظام الجمهوري ووصفه وصفا دقيقا وبين مزاياه.
وكان الفكر الاصلاحي احد منطلقات اعداد بلادنا للتوجه نحو اختيار النظام الجمهوري اضافة الى ما ميز فترة النضال التحريري من اساليب المقاومة وحسن التنظيم وما انجبه شعبنا من قيادات ايقظت نخوته ووحدت صفوفه ودربته على العمل الجماعي وعلى ترتيب حياته الوطنية بما يتناسب مع امكانياته واختياراته وهو ما فسح المجال لاعلان الجمهورية باسلوب سلمي حضاري ودستوري استجاب لمشيئة الشعب في ظل دولة الاستقلال الفتية.
وظلت اركان الجمهورية تتعزز في مختلف مناحي حياة الدولة الوطنية الحديثة في اطار قيم مرجعية وفقت بين مقتضيات التطوير والتحديث وثوابت الهوية الوطنية.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
انها مناسبة نعرب فيها عن وفائنا لارواح الشهداء وتقديرنا لاولئك الرواد الوطنيين الذين زرعوا في شعبنا بذور الوعي الوطني ونظموا صفوفه ليخوض معارك التحرير والتحرر ونتوجه بمشاعر الاكبار الى جيل البناة الذي ركز اسس الجمهورية واقام بناءها وفي مقدمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة اول رئيس للجمهورية التونسية.
وقد جعل دستور بلادنا من الجمهورية قاعدة ثابتة لنظام الحكم لا يمكن المساس بها او التراجع فيها ومكسبا ثمينا تقع مسؤولية الحفاظ عليه على جيل الرواد وعلى سائر الاجيال المتعاقبة ببلادنا باعتباره رمزا لسيادة الشعب ولقيم الحرية والمساواة والعدالة في ظله حكم شعبنا نفسه بنفسه لاول مرة منذ عهود طويلة ونجح في ارساء مقومات الحداثة بابعادها المتكاملة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ان ارساء النظام الجمهوري وانجاز المشروع الثقافي التحديثي جعلا من تونس بلدا عصريا حريا بان يواصل مساره بثبات على درب التقدم والبناء الا انه تم الزيغ بالنظام الجمهوري باعلان الرئاسة مدى الحياة واقرار الخلافة الآلية التي لا دخل للشعب فيها وبذلك مرت البلاد بمرحلة من عدم الاستقرار هددت مكاسب الجمهورية ومنجزاتها بالتراجع والتلاشي.
وكانت الاوضاع المتردية قبل التحول سنة 1987 تتطلب حسما سريعا فاخترنا من منطلق الوعي بالواجب الوطني المقدس واعتمادا على مقتضيات الدستور تحمل المسؤولية التاريخية كاملة لانقاذ الدولة من الوهن الذي اصابها قبل فوات الاوان ورد الاعتبار الى الجمهورية واحياء قيمها. واعلنا منذ فجر التغيير «ان شعبنا بلغ من الوعي والنضج ما يسمح لكل ابنائه وبناته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه في ظل نظام جمهوري يولي المؤسسات مكانتها ويوفر اسباب الديمقراطية المسؤولة وعلى اساس سيادة الشعب».
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
ان تحول السابع من نوفمبر كان مشروعا حضاريا استلهمنا جذوره ومبادئه من حركة الاصلاح ومن مسيرة الحركة الوطنية ومن طموحات شباب تونس وسائر قوى شعبنا الحية.
واردناه تواصلا وتطويرا وتحديثا وازدهارا ورفضنا فكرة ارساء الجمهورية الثانية لمجرد تقليد الغير. وقد اوفينا بما تعهدنا به من اصلاحات في بيان السابع من نوفمبر 1987 وكان في طليعتها اعادة الاعتبار الى النظام الجمهوري وقيمه بوضع حد للرئاسة مدى الحياة والخلافة الآلية لرئيس الجمهورية.
وتتالت الاصلاحات الدستورية لدعم النظام الجمهوري وترسيخ سيادة الشعب وتعددت المبادرات في هذا السياق وتضمنت بالخصوص توسيع مجال الاستفتاء التشريعي واقرار الاستفتاء الدستوري لاول مرة في التعديل الذي ادخل على الدستور سنة 1997 حيث اصبح الشعب هو المرجع في كل ما يتعلق بالقضايا الوطنية وفي المسائل الهامة التي تتصل بمصلحة البلاد العليا.
وترسيخا لسيادة الشعب وضمانا لتمثيل اوسع للجهات ولمختلف مكونات المجتمع بادرنا سنة 2002 باحداث مجلس للمستشارين حرصا على تمثيل المنظمات المهنية والجهات والشخصيات والكفاءات الوطنية. وقد مكن احداث هذا المجلس من تعزيز الوظيفة التشريعية وتطويرها وهو ما ادخل حركية جديدة على الحياة السياسية.
ولما كان تكريس علوية الدستور مقوما اساسيا من مقومات النظام الجمهوري فقد بادرنا منذ الاسابيع الاولى للتحول باحداث المجلس الدستوري وعملنا على تطويره وعززنا مكانته بادراجه في نص الدستور واضفاء الصبغة الالزامية على ارائه بالنسبة الى جميع السلطات العمومية فاصبحت من صلاحياته رقابة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعملية الاستفتاء. وهو اليوم دعامة اساسية من دعائم دولة القانون وضمان لسلامة دستورية القوانين وشفافية الانتخابات وعمليات الاستفتاء.
وإيمانا منا بان الدساتير توضع للحاضر والمستقبل بادرنا بالتعديل الجوهري للدستور سنة 2002 ليتضمن المبادىء التي جاء بها المشروع المجتمعي للتحول والتي تشكل ابرز خياراتنا السياسية ومصدر الاصلاحات والتشريعات التي وقع اعدادها منذ التغيير بهدف تامين حقوق الانسان وكرامة الفرد ودولة القانون والتعددية والتضامن والتآزر والتسامح بين الافراد والفئات والاجيال.
ومن اهم الاضافات التي جاء بها الدستور الجديد الاعلان عن ضمان الحريات الاساسية وحقوق الانسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها. فالحقوق المدنية والسياسية لا تكتمل اذا لم تقترن بتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق الاخرى من الاجيال اللاحقة.
ورسخنا في الواقع دولة القانون الذي لا يعلو عليه احد مهما كانت مكانته وذلك هو المغزى العميق لدولة القانون التي يقوم عليها نظامنا الجمهوري.
واعتبارا لاهمية هذا الاصلاح الذي ارسى دعائم جمهورية الغد بادرنا بعرضه على استفتاء الشعب بعد موافقة مجلس النواب عليه حتى يكون تكريسا لخيار شعبنا وطموحاته.
وحرصا منا على مزيد حماية حقوق الافراد وتاكيد حق الملكية الذي يضمنه الدستور نأذن اليوم باعداد مشروع قانون لتطوير اساليب الطعن في احكام المحكمة العقارية وذلك باقرار الاستئناف او التعقيب حسب الحالة مما يمكن المتقاضين من عرض نزاعاتهم العقارية امام جهة قضائية اخرى دون المساس بنسق تصفية الاوضاع العقارية وتطهيرها.
ان اقامة الجمهورية على مبدا التعددية خيار جوهري من خيارات التغيير. ويعني ذلك تعدد الاحزاب والتنظيمات الشعبية والجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني. كما يعني التعددية الفكرية والاختلاف في الراي والاجتهاد. وان ادراج مبدأ التعددية في الدستور من شروط ترسيخ الديمقراطية فلا مجال للحزب الواحد او للراي الواحد.
ان النظام الجمهوري يقترن بانتخاب رئيس الجمهورية. والانتخاب يعني حق الاختيار ولا يكتسب الاختيار معناه الحقيقي الا في ظل تعدد الترشحات لرئاسة الجمهورية. واذا كان الانتخاب قد اتخذ في السنوات الاولى للجمهورية منحى مبايعة المرشح الواحد فاننا عملنا على تجسيم حق الشعب في اختيار رئيس الجمهورية في اطارالتعددية من منطلق ايماننا العميق بنضج شعبنا وبحقه في اختيار المرشح الاجدر لتسيير شؤون البلاد. لذلك سعينا الى تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وهو ما سمح لأول مرة في تاريخ البلاد بتنظيم انتخابات رئاسية تعددية سنتي 1999 و2004.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
ان ما تحقق من مكاسب وانجازات على امتداد خمسين سنة من قيام النظام الجمهوري قد غير وجه الحياة بصفة جذرية في كامل انحاء البلاد بمدنها وقراها واريافها على حد سواء.
فقد ارتفع متوسط الدخل الفردي الى اربعة آلاف دينار وانخفضت نسبة الفقر الى 8،3 بالمائة مما اسهم في توسيع الطبقة الوسطى في المجتمع التونسي لتصل الى حدود 80 بالمائة وارتفع امل الحياة عند الولادة الى 74 سنة.
ولما كانت بلادنا اليوم من اوائل الدول في العالم من حيث مؤشر نسبة امتلاك العائلات لمساكنها وباعتبار ما للسكن من اهمية في تعزيز مقومات العيش الكريم والرفاه العائلي فاننا ناذن باضفاء مزيد المرونة على قروض السكن وتخفيف الضغط على دخل الاسرة وذلك بالتمديد في مدة استخلاص القروض المسندة الى خمس وعشرين سنة حسب قدرة البنوك المقرضة على تعبئة موارد طويلة الاجل.
كما ناذن ايضا بالترفيع في مدة القروض المسندة في اطار نظام الادخار السكني الى خمس وعشرين سنة بما يسهم من جهة اخرى في مزيد تنشيط هذا الصنف من الادخار.
لقد كسبت بلادنا رهان تعميم التعليم وارتفع عدد الطلبة اليوم الى حوالي 360 الف طالب وانتشرت الاقطاب الجامعية في مختلف جهات الجمهورية وتقلصت نسبة الامية من 85 بالمائة في بداية الاستقلال الى ما دون 20 بالمائة اليوم وتوسعت التغطية الاجتماعية لتشمل كل الفئات. كما تحسن مستوى عيش السكان بتطوير الخدمات الاساسية كالتنوير الكهربائي والماء الصالح للشراب. وتعززت مقومات مجتمع المعرفة بدعم البنية الاساسية الاتصالية والثقافة الرقمية وتكثيف الارتباط بشبكة الانترنات والنفاذ الى التكنولوجيات الحديثة للاتصال.
وشهدت جميع مؤشرات جودة الحياة نقلة نوعية كبرى بوأت بلادنا مكانة متميزة في سائر تقويمات المنظمات والهيئات الدولية من حيث التنمية البشرية والرعاية الصحية والاجتماعية.
وانها مكاسب وانجازات ستتعزز خلال تنفيذ المخطط الحادي عشر للتنمية الذي وقعنا على وثيقته منذ ايام قليلة وذلك في مجالات تحديث البنية الاساسية بالشروع في انجاز الطريق السيارة تونس/راس الجدير على اقساط والجزء الرابط بين وادي الزرقاء وبوسالم واقامة الوصلات لربط مدن باجة وجندوبة والكاف وبوعرادة والفحص والقيروان بالطريق السيارة وانجاز المطار الجديد بالوسط الشرقي والشروع في احداث ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية المرتبطة به علاوة على تركيز شبكة عصرية للنقل الحديدي الحضري بتونس العاصمة وبناء احد عشر منعرجا حول المدن وسبعة وعشرين جسرا وتأهيل شبكة الطرقات المرقمة على طول 2724 كيلومترا ومد شبكة المسالك الريفية على طول 4900 كيلومتر.
ان المجهود الذي سيتم بذله في مجال البنية الاساسية سيشمل جل القطاعات والجهات بما يخدم اولوياتنا الوطنية وفي مقدمتها الرفع من فرص التشغيل ودفع الاستثمار واحداث المؤسسات وتنشيط التصدير.
لذلك سيتم توسيع شبكة المراكز الجهوية للعمل عن بعد لتشمل تدريجيا كل الولايات وتعميم مراكز الاعمال عليها قبل موفى سنة 2009 مع مواصلة برنامج احداث الاقطاب التكنولوجية ومحاضن المؤسسات اضافة الى تهيئة ستمائة هكتار من المناطق الصناعية وانجاز ثلاث عشرة منطقة سياحية بطاقة ايواء تقدر ب81 الف سرير.
وستتدعم هذه المشاريع بمواصلة تنفيذ خطة تعبئة الموارد المائية بانجاز احد عشر سدا وحفر ما يزيد على مائتي بئر استكشافية وتهيئة عشرين الف هكتار من المناطق السقوية الجديدة.
ولكي نحقق ارفع المستويات لمقومات التنمية البشرية بما يستجيب لطموحاتنا ويكرس اهدافنا واولوياتنا الوطنية سيتم خلال فترة المخطط الحادي عشر توسيع وتجديد طاقة التكوين المهني والتدريب بكل الولايات وتعزيز البنية الاساسية للصحة وشبكة دور الشباب والثقافة اضافة الى احداث سبع عشرة مؤسسة جامعية جديدة قادرة على استيعاب مائة وخمسين الف طالب قبل سنة 2009 وسعيا الى النهوض بالاستثمار الخاص في مناطق التنمية الجهوية واستحثاث نسق احداث المؤسسات بها نأذن بإعادة تصنيف مناطق التنمية الجهوية ومراجعة سلم الحوافز والتشجيعات بعنوان التنمية الجهوية وقائمة الانشطة المنتفعة بها وذلك في اتجاه دعم الحوافز والتشجيعات في الجهات الداخلية.
كما ناذن بوضع برنامج اضافي للمخطط الحادي عشر لتهيئة مناطق صناعية على مساحة خمسين هكتارا في الجهات الداخلية والانطلاق في انجاز دفعة اولى من مشاريع الجيل الجديد من برنامج التنمية المندمجة تخص عشرين معتمدية ذات اولوية بكلفة مائة مليون دينار.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
ان من مفاخر نظامنا الجمهوري ما بلغته المرأة التونسية من مكانة رفيعة في الاسرة والمجتمع ارتقت بها من مرتبة المساواة الى مرتبة الشراكة التامة.
وقد نزلنا المبادىء المتعلقة بالاحوال الشخصية منزلة دستورية واصبح الدستور بمقتضى ذلك يلزم الاحزاب السياسية باحترامها.
ويصادف احتفالنا هذا العام بالذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية مرور خمس عشرة سنة على مبادرتنا بتنقيح مجلة الاحوال الشخصية واحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق وما تلاهما من مبادرات رسخت بصورة فعلية مساواة المرأة بالرجل وشراكتها معه. كما رفعت هذه المبادرات مكانة المرأة في الحياة العامة وفي المؤسسات وجعلت من حقوقها واقعا اجتماعيا وتاريخيا وحضاريا ملموسا لا يمكن ان يقدح فيه احد مما بوأ بلادنا في هذا المجال مرتبة متميزة في منطقتنا ومحيطنا الحضاري.
ان المرأة التونسية اليوم عنوان حداثة وضمان اصالة لشعبنا وركن من اركان الجمهورية حيث لا يكتمل مفهوم المواطنة بدون مواطنة المرأة.
كما اننا نخص الشباب بكل عناية ورعاية لينشأ على حب الوطن والغيرة عليه والولاء له دون سواه.
وان للاحزاب السياسية ومختلف مكونات المجتمع المدني دورا اساسيا في تنمية الحس المدني لدى الشباب وترسيخ قيم الجمهورية لديه. كما ان تربية الناشئة على قيم الجمهورية ومبادئها مسؤولية مشتركة بين مؤسسات التربية والتعليم والتكوين والتنظيمات السياسية والاجتماعية ومختلف فضاءات المجتمع المدني ووسائل الاعلام التي من دورها جميعا ترسيخ مبادىء الجمهورية وقيمها وتجذير ثقافة المساواة والعدالة والتضامن والتسامح. كما ان من صميم دورها تربية الاجيال على ممارسة حقوقها والاضطلاع بواجباتها ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح ونبذ كل أشكال التطرف والتعصب.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
اننا حرصنا دائما وما نزال على دعم الاحزاب ومساعدتها على القيام بدورها في تأطير المواطنين لتنظيم مشاركتهم في الحياة السياسية. واتخذنا عديد المبادرات لتعزيز النسيج الجمعياتي وتوسيع اشعاعه والنهوض بدوره في تنمية روح المواطنة والتطوع لخدمة الصالح العام.
وقد عملنا على النهوض بالاعلام الوطني فطورنا التشريعات ودعمنا صحافة الاحزاب وفتحنا القطاع السمعي البصري امام الخواص بما اثرى المشهد الاعلامي والاتصالي وفسح المجال للرأي وللرأي الاخر. ونجدد بهذه المناسبة دعوتنا الى مزيد العمل على تطوير قطاع الاعلام حتى يكون اكثر جرأة في التطرق الى مختلف المواضيع واشد التصاقا بمشاغل المواطنين وتطلعاتهم ويسهم في التبصير بالرهانات والتحديات.
ومواكبة لتطور المشهد الاتصالي العالمي والتوجه الى اعتمادالتقنية الرقمية كتكنولوجيا بديلة عن النظام التناظري نأذن بتوسيع التجربة النموذجية للتلفزة الرقمية بما يضمن نسبة تغطية رقمية للبلاد في حدود 90 بالمائة قبل موفى سنة 2009.
واعتبارا للتطور الحاصل في شبكات الاعلام التلفزي وطنيا ودوليا وشدة المنافسة القائمة على مختلف المستويات فاننا نحتاج الى دعم قطاع الاعلام العمومي ببلادنا وذلك باعطاء دور جديد للقناة الثانية «قناة 21» التي نأذن بتحويلها الى قناة فضائية في صيغة جديدة وببرمجة حديثة انطلاقا من شهر نوفمبر القادم.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
ان رؤيتنا للتغيير رؤية متجددة تنبع من ادراكنا العميق لاهمية الحفاظ على مكاسب الجمهورية وما يتطلب منا جميعا من تميز في العمل والانجاز واستباق للاحداث ومتابعة مستمرة لتنفيذ القرارات حتى تقترن الاقوال بالافعال في كل برامجنا ومشاريعنا.
لقد اصبح الامتياز شرطا ضروريا لكل شعب يريد ان يكون له موقع في هذا العالم المتغير الذي اكتسحته العولمة وجعلت منه قرية كونية لا تكون الغلبة فيها الا للاجدر. لذلك يتعين استغلال ما تتيحه العولمة من فرص واحتواء انعكاساتها السلبية.
ان قناعتنا راسخة بان تونس قادرة على رفع التحديات واللحاق بمصاف الدول المتقدمة لاسيما وان تقدم البلدان لا يقاس اليوم بعدد سكانها ولا بوفرة مواردها الطبيعية ولا بامتداد مساحاتها بل بذكاء شعوبها وتحكمها في ناصية المعارف الحديثة وانقطاعها الى العمل والكد وتوقها الدائم الى الافضل والارقى.
لذلك راهنا منذ التغيير على الاستثمار في الذكاء. ولم تتوان المجموعة الوطنية عن تقديم التضحيات من اجل فتح افاق المعرفة رحبة امام جميع ابنائها وبناتها.
ولقد سبق ان رفضنا الدخول الى الجامعة بالمناظرة واكدنا ان من حق كل متحصل على شهادة الباكالوريا مواصلة تعليمه العالي فالتعليم في ظل الجمهورية كان وسيبقى مجال الرقي الاجتماعي المفتوح امام سائر التونسيين والتونسيات من كل الاعمار والفئات والجهات. ونزلنا البحث العلمي والتجديد التكنولوجي منزلة الاولوية في برامجنا لانهما دعامة اساسية للرقي والمناعة وندعو اليوم الى مزيد العناية بالبحث والتجديد في كل القطاعات وتكثيف الاحاطة بالمبدعين واصحاب الافكار والمشاريع المجددة.
ان اكتساب العلوم والمعارف والابداع في شتى الاداب والفنون والثقافة لا يمكن ان يتحققا الا في ظل مناخ من الحرية والديمقراطية والتعددية تصان فيه حقوق الانسان وتسوده علاقات قائمة على التفاهم والتسامح والوفاق والاحترام المتبادل.
وما الاحتفال بالذكرى الخمسين لعيد الجمهورية الا محطة بارزة في اتجاه تعميق منظومة الاصلاح والتطوير والتحديث التي اسسنا عليها مشروعنا الحضاري.
ايها المواطنون
ايتها المواطنات
ان الجمهورية بقيمها وقوانينها هي الضامن للاستقرار ولكرامة المواطن ومناعة الوطن.
واننا على العهد لصيانة الجمهورية وتعزيز اركانها واثقين بان الشعب الذي اختار لنفسه النظام الجمهوري سيظل ساهرا على حمايته والتمسك به.
ونحن حريصون على تكريس سيادة شعبنا والمحافظة على استقلال بلادنا والدفاع عن حرية قرارها. وهو ما يستدعي من الجميع الالتزام بهذه القيم النبيلة حتى تظل حية متوهجة في النفوس والعقول تترسخ مضامينها على الدوام جيلا بعد جيل.
عاشت تونس حرة منيعة أبد الدهر.
عاشت الجمهورية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.