مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة المحامي بهياكله المهنية
نشر في الصباح يوم 07 - 04 - 2009

من البديهي التذكير بأن قانون 7 سبتمبر 1989 المتعلّق بتنظيم مهنة المحاماة وضع من أجل تنظيم مهنة المحاماة تماما كما تدل عليه التسمية وهو يكتسي طابع النظام العام بين أشخاصه:
المحامين وهياكل تسير المهنة وذلك سواء في علاقة المحامين مع بعضهم أو في علاقتهم مع هياكل التسيير فأحكام الفصلين 48 و49 من قانون تنظيم المهنة تشير إلى أن هيئة المحامين، التي تضم وجوبا جميع المحامين بالبلاد التونسية وتتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي تتألف من أجهزة وبان هذه الأجهزة هي العميد ومجلس الهيئة ورؤساء الفروع ومجالس الفروع.
ومن يمعن النظر في أحكام قانون تنظيم المهنة، يتضح له أن العلاقة بين المحامين وهياكلهم المهنية ولئن كانت في ظاهرها علاقة ديمقراطية فهي في جوهرها علاقة نظامية وهو ما سوف نبينّه تباعا من خلال المبحثين المواليين:
المبحث الأول: علاقة المحامي
بهياكل تسيير المهنة علاقة ديمقراطية
إن ما يؤكد ديمقراطية هذه العلاقة يظهر من خلال عديد العناصر كانتخاب الهياكل المذكورة من طرف الجلسة العامة العادية للمحامين المباشرين والمتمرنين الذين قضوا سنة كاملة في التمرين وأيضا الدور الرقابي الموكول للجلسة العادية على عمل تلك الهياكل مدة ولايتها المهنية وكذلك الصلاحية الموكولة لهذه الجلسة العامة في تحديد الاشتراك السنوي المستوجب على المحامين لصندوق الهيئة وأخيرا الصلاحية المخولة للجلسة العامة الخارقة للعادة في وضع النظام الداخلي وتنقيحه.
1- انتخاب هياكل تسيير المهنة:
يتم انتخاب هياكل تسيير المهنة من عميد ومجلس هيئة ورؤساء فروع ومجالس فروع طبقا للشروط المنصوص عليها في المواد 51 و55 و56 و58 و59 من قانون تنظيم المهنة.
ولا بدّ من التذكير في هذا المجال بأن انتخاب هؤلاء يتم بالاقتراع السري من طرف الجلسة العامة للمحامين المباشرين والمتمرنين الذين قضوا سنة كاملة في التمرين مع الإشارة إلى أن انتخاب كل من العميد ورئيس الفرع يتم على حدة من طرف الجلسة العامة المذكورة وبالأغلبية المطلقة للحاضرين بها.
أما أعضاء مجلس الهيئة ومجالس الفروع المنتخبون فهم المحرزون على أكثر الأصوات بالجلسة العامة خلال دورة واحدة وعند تساوي الأصوات يقدم المحامي الأقدم في الترسيم لدى التعقيب أو لدى الاستئناف حسب الحالة وعند التساوي في الأقدمية يقدم الأكبر سنا.
والملاحظ أن انتخاب الهياكل المذكورة يحصل لولاية حددها المشرع بثلاث سنوات وهذه المدة القانونية لا يجوز وقفها أو قطعها ويبدأ حسابها من اليوم الموالي للانتخاب وهي تنقضي مبدئيا بانقضاء اليوم الأخير منها من السنة الثالثة.
وما تجدر ملاحظته أيضا هو خلو قانون المهنة من قواعد توضح الإجراءات العملية التي تحكم صيرورة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها والتي عادة ما يوردها النظام الداخلي وفي غياب ذلك تعتمد المبادئ العامة للقانون الانتخابي ضمان لصحة وسلامة العملية الانتخابية ورغم ذلك تبقى انتخابات المحامين وذلك بشهادة الجميع أكثر الانتخابات شفافية وديمقراطية.
2- الدور الرقابي للمحامين على عمل هياكل المهنة مدة ولايتها المهنية:
يمارس المحامون هذا الدور الرقابي من خلال الجلسة العامة العادية السنوية المنصوص على تكوينها واختصاصاتها وانعقادها ورئاستها وشروط المشاركة فيها والأعمال التي تتناولها في المواد 50 و51 و52 من قانون تنظيم المهنة.
وبمقتضى المادة 51 من القانون السالف الذكر يدخل ضمن اختصاصات الجلسة العامة العادية السنوية تقديم التقريرين الأدبي والمالي المتعلقين بنشاط مجلس الهيئة أو مجلس الفرع في تلك السنة ومناقشتهما.
وهذا الاختصاص رقابي بالأساس لأنه يمنح المحامين من خلال الجلسة العامة العادية السنوية حق الرقابة على أعمال وقرارات هياكل تسيير المهنة في كل ما يتعلق بإدارة شؤون المهنة وأموالها ومحاسبتهم وقد فرضت المادة 51 المذكورة على هياكل تسيير المهنة عرض التقريرين السالف الإلماح إليهما على الجلسة العامة العادية السنوية لمناقشتهما وذلك من أجل ممارسة اختصاصها القانوني الرقابي المقرر بهذا النص.
ويلاحظ من ألفاظ هذه المادة أن اختصاصات الجلسة العامة العادية السنوية محددة حصرا في متن المادة 51 لجهة المواضيع التي تتناولها الأمر الذي يفيد بعدم جواز التطرق إلى أي مواضيع أخرى غير المنصوص عليها في النص المذكور.
وهذا الاختصاص المنوط بالجلسة العامة المذكورة ولئن كان إلزاميا فهو ليس تقريريا باعتبار أن قانون المهنة لم ينص على أن أمر هذا الاختصاص لا ينتهي إلا بإقرار التقريرين المذكورين مثلما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لقانون المحاماة اللبناني الأمر الذي يدل على أن اختصاصات الجلسة العامة العادية لها الطابع الاستشاري Cachet consultatif بشكل عام.
إلا أن هذا الطابع الاستشاري لا يحجب علينا أن المحامي يتمتع بحرية كاملة في مناقشة المواضيع المدرجة بجدول أعمال الجلسة العامة ولا شيء يجب أن يعرقل تفكيره وإبداء آرائه ولكن هذه الحرية التي يتمتع بها المحامون يجب أن لا تتحول إلى الإساءة في الاستعمال ولذا، فإن هذه الحرية تتضمن حدود عديدة ناتجة عن نصوص أو عن تقاليد.
فالحرية المذكورة محددة بالاحترام الواجب لهياكل المهنة، فالمحامي عندما يناقش أو ينتقد يتوجب عليه أن يفعل ذلك بعبارات لبقة وصحيحة وباعتدال وأن يتجنب العبارات الدنيئة والمداعبات السمجة والشتائم وذلك لانه مقيد بواجب النزاهة الذي هو واجب أساسي للمحامي إذ أن ضميره وشعوره بالشرف والكرامة واحترامه المتوجب لزي المحاماة توجب عليه الابتعاد عن الادعاءات التي لا يمكن دعمها وعدم تصوير الوقائع على غير حقيقتها وعدم تأكيد أشياء غير صحيحة فروح المهنة L'esprit de la profession تمجّ هذه السلوكيات والعبرة من ذلك تكمن في الحفاظ على حسن التعامل والالتزام بالتعاون والتضامن بين المحامين وهياكلهم المهنية.
3- صلاحية الجلسة العامة العادية في تحديد معلوم الاشتراك السنوي للمحامي في صندوق الهيئة:
لقد أوكل المشرع بمقتضى المادة 51 من قانون تنظيم المهنة للجلسة العامة العادية السنوية صلاحية تحديد معلوم الاشتراك السنوي للمحامين العائد لصندوق الهيئة.
وبما أن هذا الاشتراك هو مساهمة إلزامية من المحامين فقد أوكل المشرع لهم من خلال الجلسة العامة العادية تحديد مبلغه لهياكل المهنة والعمل على تحصيله وهو ما يؤكد ديمقراطية العلاقة بين المحامين وهياكلهم المهنية في هذا المجال أيضا.
4- صلاحية الجلسة العامة الخارقة للعادة في وضع النظام الداخلي وتعديله:
إن هذه الجلسة العامة متميزة عن الجلسة العامة العادية في طبيعتها وفي اختصاصاتها وفي حالات وأسباب انعقادها وهي مسائل محددة حصرا في متن المادة 53 من قانون تنظيم المهنة وتنعقد الجلسة العامة بصفتها غير العادية بناء على دعوة من العميد أو رئيس الفرع حسب الحالة وذلك بمبادرة منهما أو بقرار من مجلس الهيئة أو مجالس الفرع الجهوي أو بطلب كتابي صادر عن ربع المحامين المباشرين غير المتمرنين وهي تنظر في أمور معينة تتعلق بمسائل متأكدة وطنية أو جهوية منها وضع النظام الداخلي وتنقيحه ولا يحق لها النظر في غير هذه الأمور على أنه في مثل هذه الحالة يتوجب مسبقا تحديد الموضوع أو المواضيع المطروحة للبحث في الجلسة العامة الخارقة للعادة وموعد انعقادها ولا تكون الجلسة قانونية إلا إذا حضرها ثلث المحامين الذين لهم حق التصويت وفي صورة تعذر ذلك يكتفي بأغلبية الحاضرين وذلك في جلسة موالية تقع الدعوة لانعقادها في أجل لا يقل عن خمسة عشر يوما ولا يتجاوز الشهر. ويتضح من أحكام الفصل 53 السالف الذكر أن الجلسة العامة الخارقة للعادة تضطلع في مادة وضع النظام الداخلي وتنقيحه باختصاص ترتيبي Fonction réglementaire يرمي إلى تنظيم أمور المهنة من الداخل باعتبار أن النظام الداخلي هو مجموعة أحكام وقواعد تحدد دقائق تطبيق قانون تنظيم المهنة وتهدف إلى حسن تنظيم الأمور الداخلية في المهنة وهو ما ينسجم تماما ومبدأ استقلالية المهنة الذي يقضي ذاتية تسييرها ويؤكد ديمقراطية العلاقة القائمة بين المحامين وهياكلهم المهنية من خلا تشريك أهل المهنة في تنظيم شؤونها.
غير أن هذه العلاقة ولئن هي في ظاهرها تبدو ديمقراطية فهي في جوهرها تبقى علاقة نظامية.
المبحث الثاني: علاقة المحامي بهياكله المهنية علاقة نظامية
مثلما سلف وأن قدمنا تشير المادتان 48 و49 من قانون تنظيم المهنة إلى أن الهيئة الوطنية للمحامين التي تضم وجوبا جميع المحامين بالبلاد التونسية وتتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي تتألف من أجهزةOrganes وبأن هذه الأجهزة هي: العميد ومجلس الهيئة ورؤساء الفروع الجهوية ومجالسها ويظهر جليا من خلال مضمون المادتين المذكورتين "التمايز" بين الهيئة الوطنية للمحامين كشخص معنوي وبين أجهزتها التنفيذية.
وقد أنشأ قانون تنظيم مهنة الهيئة الوطنية وجعل المحامين ينتظمون وجوبا فيها كما أوكل إلى هياكلها واجب رعاية شؤون المهنة وحق إدارتها وبالمقابل فرض على المحامين واجبات معينة تجاه الهيئة الوطنية كشخص معنوي وتجاه هياكلها المكوّنة لأجهزتها التنفيذية، وهي واجبات عديدة منصوص عليها في قانون تنظيم المهنة.
ولئن تجلّى من خلال أحكام هذا القانون أنّ العلاقة القائمة بين المحامين وهياكلهم المهنية هي علاقة في جوهرها نظامية «statutaire» فإنّ هذه العلاقة يجب أن تكون موسومة دائما بالمراعاة والمجاملة وروح النضال، لأن وحدة المهنة وقوتها تستندان إلى روح النضال الموجود لدى أفرادها وتضامنهم الدائم.
ومما يؤكد الطبيعة النظامية في العلاقة القائمة بين المحامين وهياكلهم المهنية وهي الاختصاصات الموكولة تشريعيا إليها والتي تختلف حسب أهمية كل هيكل في إدارة شؤون المهنة.
1) اختصاصات العميد:
لا مناص من التذكير أن عميد المحامين هو رأس المهنة وبمقتضى المواد 48 و62 و63 و69 و72 من قانون تنظيم المهنة يتمتع العميد بصفة تمثيلية وهذا اللقب الذي تحمله مؤسسة العميد ظهر أول ما ظهر في القرن الرابع عشر وأخذ يترسخ تدريجيا وقد اعتمده المشرع التونسي بصراحة وبوضوح.
ومما لا شكّ فيه أنّ مركز عميد المحامين لدى معشر المحامين هو الأرفع والأسمى وما الدليل على ذلك سوى كلام أحد رؤساء جمهورية فرنسا ريمون بوان كاريه الذي بعد توليه رئاسة فرنسا وانتهاء ولايته الرئاسية عاد مجددا إلى صفوف المحامين وترشح لمنصب عميد وفاز بالانتخابات فقال بعد فوزه: "الآن نلت أرفع منصب في حياتي".
فرئاسة الهيئة رئاسة فذة لمركز فذ رئاسة لمهنة هدفها تحقيق رسالة العدالة والدفاع عن الحقوق تحمل في طياتها وفي كنفها أرفع القيم الإنسانية وهي رئاسة لأفراد يمثلون نخبة المجتمع ورسل العدالة وحماة الحقوق والمدافعين عن الحريات العامة وسيادة القانون والقضايا الوطنية.
والعميد يمثل الهيئة الوطنية في جميع أعمالها وهذه الفكرة تجسد اختصاصاته التمثيلية وجلها تهم الشخص المعنوي الذي يمثله وهي مبعثرة ومذكورة في عدة نصوص. وإذا كان العميد يمثل هيئة المحامين كشخص معنوي بشكل عام وأولي وبديهي فله على الأخص صلاحيات أخرى إدارية مسلكية توفيقية دفاعية عن الهيئة وأشخاص المحامين
2- اختصاصات مجلس الهيئة:
يمكن تقسيم اختصاصات مجلس الهيئة إلى اختصاصات عامة واختصاصات خاصة:
أ- الاختصاصات العامة:
مجلس الهيئة يدير الهيئة من خلال ممارسته اختصاصات ذات طابع إداري ومالي وتمثيلي في المجالات المذكورة ومن اجل ممارسة هذا الاختصاص الإداري لشؤون الهيئة يتمتع مجلس الهيئة بسلطة Pouvoir وهذه السلطة خاصة ومتميزة عن سلطة بقية هياكل المهنة يمارسها على أصعدة متعددة. ومن اختصاصات مجلس الهيئة الإدارية تلك المتعلقة مثلا بمسألة الترسيم وتنظيم التمرين والتدرج وتنظيم جدول المحامي.
ب- الاختصاصات الخاصة:
لقد خصّ المشرع مجلس الهيئة بالتأديب والتأديب مؤسسة رافقت نشأة المحاماة فكانت عاملا لحفز التوازن الأخلاقي وصمام الأمان للسلوكيات السليمة وقد ظهرت منذ القدم وقد نصت عليها القوانين منذ بداية تنظيم المهنة وسلطة مجلس الهيئة التأديبية ممنوحة له صراحة بالمواد 64 و65 و66 و67 و68 و69 من قانون المهنة.
ويتوجب على مجلس الهيئة عندما يمارس سلطته التأديبية أن يبقى في حدود الصلاحيات الخاصة به ويعمل مجلس التأديب كمحكمة عائلية وهو غير ملزم باتباع أصول التحقيق المنصوص عليها في المواد القضائية سواء في قانون المرافعات المدنية أو في قانون الإجراءات الجزائية.
3- اختصاصات رئيس الفرع:
عمليا يضطلع رئيس الفرع الجهوي للمحامين باختصاصين هامين ومؤثرين في مسيرة المحامي المهنية: هما الإحالة على مجلس التأديب وتقدير أتعاب المحامين.
أ - الإحالة على مجلس التأديب:
إنه بمقتضى الفصل 67 من قانون تنظيم المهنة لا يحال محام أمام مجلس التأديب إلا بناء على قرار يصدره رئيس الفرع الجهوي المختص بمبادرة منه أو بطلب من الوكيل العام أو بناء على شكاية مقدمة له. وهذا يدل على أن هذا الإجراء هو امتياز Privilège خص به المشرع رئيس الفرع الجهوي بصورة حصرية. وعلى هذا الأساس لا مجال للإحالة أمام مجلس التأديب إلا بقرار من رئيس الفرع يسمى "قرار إحالة" ولا يمارس هذا الامتياز من قبله إلا في الحالات التي تكون فيها المخالفة "تأديبية".
والعبرة من هذا الامتياز تكمن في أن رئس الفرع حسب منطوق المادة 62 من قانون تنظيم المهنة يسهر على صيانة مبادئ الاستقامة والاعتدال ومراعاة واجبات الزمالة التي تقوم عليها مهنة المحاماة وشرفها ومصلحتها بحيث وطبقا لنص الفصل 64 من قانون تنظيم المهنة فإن كل فعل يرتكبه المحامي في أعماله المهنية أو خارجها يخل بواجباته المهنية أو ينال من شرف المهنة أو يحط من كرامتها يتحرك رئيس الفرع وصلاحياته لإحالة المحامي المخالف على مجلس التأديب بعد الاستماع إليه.
ب- تقدير أتعاب المحامين:
أشارت المادة 40 من قانون تنظيم المهنة إلى أنه إذا وقع خلاف بين المحامي ومنوّبه في أصل الأتعاب أو مقدارها أو ما بقي منها بالذمة فلكل منهما رفعه إلى رئيس الفرع الجهوي المختص قصد تقدير أتعاب المحاماة بعد إجراء البحث والتدخل ... وعلى المحامي تسعير أتعابه بواسطة رئيس الفرع الجهوي المختص إذا كان ينوب مولى عليهم ولو لم يكن هناك نزاع.
والواضح من أحكام المادة المذكورة أن رئيس الفرع الجهوي يتمتع بسلطة تقديرية في هذا المجال وهو ما يندرج ضمن مفهوم دوره والحق الممنوح له قانونا في ممارسة الرقابة على أعمال المحامي وحمايته في ذات الوقت.
ويزداد دور رئيس الفرع في هذا المجال أهمية بالغة أمام خلو قانون تنظيم المهنة من المعايير التي يُستند إليها والعناصر التي يتوجّب مراعاتها في تقدير أتعاب المحاماة ولذلك يتعين عليه عند ممارسته هذه السلطة أن يبقى في حدود الصلاحيات الخاصة به وأن لا يسيء استعمال النفوذ الذي اكتسبه بفضل السلطة المذكورة. وعلى كل حال وما يمكن أن ننتهي له هو أن تراعى سلطة هياكل المهنة وخاصة سلطة العميد كما تراعى سلطة رب الأسرة لان العميد يتحمل مسؤولية الهيئة التي يرأسها وكل كلمة تصدر عن المحامي أو كل وضعية أو كل عمل يقوم به من شأنه أن يمس بالعميد كسلطة أبوية يقلل من اعتبار المهنة تجاه المحامين والرأي العام.
ومن واجب أعضاء الهياكل المهنية كل في حدود اختصاصه أن يكون حازما وأن لا يتردد في أن يتدخل في حال عدم التقيد بأحكام قانون المهنة وبالتقاليد المسلكية وأن لا يقبل أي تراخ كان في التقيد بقواعد النزاهة واللياقة والتضامن والتعاون التي تعززها الهياكل المهنية دائما كما يتوجب على المحامين أن يلتزموا بالمحافظة على روح الوحدة والتضامن وعليهم عندما يوجهون رسائل أو خطابات إلى العميد أو إلى بقية هياكل المهنة أو يحرروها دائما بعبارات محترمة ولائقة وأن يظهروا دائما احترامهم للعميد المباشر أو للعمداء القدامى وأيضا لكل عضو من أعضاء الهياكل المهنية في علاقاتهم بهم ومن واجب هؤلاء بمن فيهم العميد أن يضعوا تجربتهم في خدمة جميع زملائهم وأن يشدوهم كلما التجئوا إليهم فكم خطإ وقع اجتنابه وكم صعوبة زالت بفضل تدخلهم الودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.